لم نتخيل ان تبلغ بالكثير من العراقيين هذه القسوة والادعاء الزائف بالشرف ازاء فتاة مسكينة جريمتها الوحيدة انها لم تكن قوية ووقحة بما فيه الكفاية لكي تقف بوجه شلة مقدمي برنامج (عرب ايدول) الذين سخروا منها واهانوها بكل صلافة لانها (عراقية مسكينة وبريئة) ليس لها شعب ونخب ودولة تدافع عنها. انا على كل اليقين لو كانت خليجية او مصرية لما تجرأ اولئك السفلة بالسخرية منها بهذه الوقاحة وقلة الادب واللياقة المفترضة من مقدمي البرامج.
والامر الاكثر ايلاما وخزيا ولا انسانية، ان يبادر الكثير من (الفحوليين ومدعي الشرف) بما فيها كتاب ومثقفين الى شن هجمة شعواء عليها والتنكيل ليس فقط بقيمتها الفنية والاجتماعية بل حتى بانسانيتها، بل تبلغ القسوة والوحشية انهم يتمنون انتحارها!!!!!
(لقد وضعنا في نهاية الموضوع جميع الروابط التي تفيد بمعرفة تفاصيل موضوع هذه الفتاة الضحية).
لكن الحمد لله هنالك اقلية من (اصحاب الرجولة والفروسية) من العراقيين الذين وقفوا بوجه هذه الهجمة ودافع عن هذه الشابة المبدعة الطيبة.
الفرق بين الرجولة والفحولة
ان المشكلة الكبرى التي يعاني من العقل العراقي والشرقي عموما، ذلك سوء الفهم والخلط بين هذين المفهومين المختلفين بل المتناقضين تماما:
ـ الرجولة، تعني الفروسية والثقة بالنفس والشجاعة دون غرور وقسوة واحتقار للاخرين. الرجولي هو من لا يخاف ابدا على قيمته ورجولته ان يبدي ضعفه امام الضعفاء، وحنانه للاطفال، واحترامه ورقته امام النساء.
الرجولي ان يكون مثل (النبي محمد)(ص) الذي كان لا يخجل من استشارة زوجته (خديجة) وطلب نصحها، واللعب مثل الاطفال مع زوجته (عائشة). وان يدعو بكل جرأة الى : ((ما أكرم النساء إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم)) و((من ابتلي من البنات بشيءٍ فأحسن إليهن كن له ستراً من النار))..
الرجولي ان يكون مثل (السيد المسيح))(ع) الذي كان لا يتوانى عن غسل اقدام تلاميذه، وان يقف بكل شجاعة بوجه الرعاع ويصرخ بهم بهم دفاعا عن (ماجدولين البغية): (من كان منكم بلا خطيئة ليرجمها بحجر)!
ـ الفحولة، تعني بكل بساطة الادعاء الزائف بالمرجلة والفخفخة الفارغة والترداد الاجوف للشعارات الحربية والبطولية التي ليس لها أي اساس تطبيقي في الواقع.
ان الفحولة هي التي جعلت ولا زالت غالبية العراقيين(للأسف) متعلمين ومثقفين واميين، يقبلون ويخضعون ويتفاخرون بأشخاص فحوليين رعناء مثل (صدام حسين) وبعثه الاجوف، الذي قادهم دائما الى حروب خاسرة وانتصارات وهمية جلبت لهم الخراب والدمار.
ان الفحولة الرعناء هي التي لا زالت تجعل غالبية العراقيين يقبلون ويتفاخرون ويصوتون الآن لهؤلاء القتلة والسراق من رجالات الحكومة والمعارضة والمقاومة والنواب والصحفيين المطبلين، الذي يمارسون فحولتهم ضد اخوتهم في الوطن باسم القومية والطائفة والحزب، ولكنهم يتلحسون مثل الكلاب الوفية لاسيادهم من امريكيين وبرزانيين وطلبانيين وجميع الدول والمخابرات المحيط ببلادنا.
الفحولة الرعناء هي التي ظلت ولا زالت تجعل العراقي يمارس المرجلة ويقمع ويهين ويسخر غيرة وحسدا اخيه العراقي الذي يتميز عنه بأمر ما، بدلا من ان يتضامن معه ويشجعه ويفتخر به. وبنفس الوقت يطبل ويزمر لكل مبدع عربي واجنبي لمجرد انه ليس عراقي!!
سيطرة الفحولة وغياب الانوثة العراقية!
ان الفحول مرض نفسي خبيث يصيب رجال الشعوب التي تعاني الهزائم والاخصاء الروحي. وقد سادت الفحولة تماما لدة العراقيين منذ اعوام التسعينات بعد الهزائم والنكسات المريرة والحصار المذل والوحشي والقصف الامريكي الدائم، الذي ظل يذكر الرجل العراقي بأنه مسكين مخصي عاجز مهان وخاسر. وليس صدفة ابدا ان (صدام حسين) وحزبه الارعن، كان كلما عاني من اهانة الامريكان وخنوعه لشروطهم حتى بتفتيش غرفة زوجته، كان بنفس الوقت يقوم بالتعويض واعادة الثقة الى فحولته المسلوبة من خلال زيادة القسوة الوحشية والقمع الذي لا يرحم ضد اخوته وابناء وطنه من العراقيين.
وليس صدفة ابدا، انه منذ اعوام التسعينات، وتعويضا عن الرجولة المهانة المسلوبة لدى رجال العراق، راحوا يميلون اكثر واكثر الى التعويض عن ذلك من خلال اهانة بعضهم البعض وممارسة الغيرة والحسد واخصاء ألآخرين والمبدعين بالذات، لكي يشعروا بنوع من التعويض والارتياح (لاننا كلنا بالمذلة سوى)! وبنفس الوقت ازداد تنكرهم لوطنهم وتواطئهم وعمالتهم للاقوياء من القوى الاقليمية والعالمية.
وليس صدفة ابدا، انه منذ اعوام التسعينات، غابت تماما(الانوثة العراقية) في الحياة الاجتماعية والثقافية. واكبر تعبير عن هذا الغياب، انه حتى الآن ليست هنالك(مغنية عراقية) واحدة تعيش في العراق! فكل المغنيات، اقول جميعهن، يعيشن خارج العراق. ابدا ليس بسبب العنف السياسي، بل بسبب هيمنة الفحولة الرعناء على المجتمع والثقافة. ان آخر المغنيات مثل (انوار عبد الوهاب) و(سيتا هاكوبيان) هجرن العراق منذ اعوام الثمانينات!!
اخيرا يتوجب التنبيه الى اعتراضنا على فكرة سائدة لا تخلو ايضا من الفحولة والعنصرية المحتقرة للذات: اعني بها فكرة الفحولي الشهير(علي الوردي) الذي دوخنا بارجاعه كل مظاهر الفحولة الى (البداوة)!! ولا ادري هل اهل العراق اكثر بداوة من اهل الكويت والخليج الذين يتفاخرون بمغنياتهم ويبجلون نسائهم ويمارسون السلم الاهلي والتضامن الوطني والتطور الحضاري بكل اريحية ورجولة!
ونعود ونكرر ونذكر بمبدأنا في الحياة والفكر:
أن تغيير الخارج يبدأ بتغيير الداخل. ان تغيير الواقع يبدأ بتغيير العقلية، بتغيير الثقافة والنفسية. وان(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)..
ــــــــــــــ
لمن يرغب بمعرفة تفاصيل موضوع(رغد الجابر) ليطالع:
http://www.youtube.com/watch?v=yJy9k64Np0s
http://www.youtube.com/watch?v=g8Qkjn7DEK0
http://www.albawaba.com/ar/%D8%AA%D8%B1%D9%81%D9%8A%D9%87/%D8%B1%D8%BA%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D8%A8%D8%B1-%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%8A%D8%AF%D9%88%D9%84-2-477987
انظروا الى هذه التعليقات الساخرة القاسية:
http://www.shakwmakw.com/%D8%B1%D8%BA%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D8%A8%D8%B1-%D8%B5%D9%88%D8%B1-%D8%AA%D8%AD%D8%B4%D9%8A%D8%B4-%D9%85%D8%B6%D8%AD%D9%83%D8%A9/
انظروا الى هذا الكاتب الفحولي:
http://kitabat.com/ar/page/17/03/2013/9918/%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%B1%D8%BA%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D8%A8%D8%B1-%D9%85%D8%AC%D9%86%D9%88%D9%86%D8%A9-%D9%87%D9%8A%D9%81%D8%A7%D8%A1-%D9%88%D9%87%D8%A8%D9%8A.html
سليم مطر/جنيف
آذار 2013
http://www.salim.mesopot.com