مقالات

سليم البصون

الجواهري يتمنى لو ان هناك من تحدثه نفسه ان يكون هو!

30/07/2013 21:36
    ما زالت قصيدة عميد الشعر العربي الأستاذ محمد مهدي الجواهري الساخرة في الملاكم العالمي محمد علي كلاي ،"حديث تضيع المقاييس"، ما  زالت أصداؤها تتردد في الأوساط الثقافية العراقية ، وكنت قد نقلت بعض أبياتها في حلقة سابقة .
     وحيث يقضي الجواهري الشتاء في داره بجانب الكرخ من بغداد، أجرى حوار صحفي قصير معه ،فسأل الجواهري : قصيدتك الأخيرة عن "كلاي" لماذا أثارت كل تلك الضجة ؟ رد الجواهري: توقعت ذلك لأني أتحدث فيها عن المدى الذي وصل إليه  ضياع المقاييس في هذا العالم .. ان كلاي مجرد حجة لانطلاقة .  سئل  الجواهري : هل تعتقد ان إعجاب الناس بالجواهري يمكن بإعجابهم بكلاي؟..رد الجواهري: ليس تواضعا مني، فأنا واثق بنفسي ، لكن إعجاب الناس بأكبر عبقرية بيننا محدود بحدود مجتمعنا .حتى طه حسين بعظمته لم يخترق كل العالم !..في بيتنا نحب كل أنوع الرياضة والسباحة والكرة و.. إلا الملاكمة ، حين أراها أغلق التلفزيون .
     ويستبعد الجواهري ذكرى كبته لقصيدته عن كلاي فيقول: قبل ثلاث سنوات تقريبا كنت مسافرا على الطائرة العراقية الى براغ ، وعندما وزعت المضيفة علينا بعض الجرائد قرأت خبرا بارزا عن نزال كلاي المرتقب آنذاك . فتناولت اقرب ورقة الى يدي . وكانت ورقة نشاف صغيرة وبدأت اكتب مطلع القصيدة ..
                  يا مطعم الدنيا وقد هزلت       شحما بلحم  منه مقطوب
     ومشيت بها بيتا بعد بيت، حتى حطت بنا الطائرة فنسيتها تماما ..الى ما قبل فترة قصيرة حين طلبت مني اللجنة المكلفة بإعداد ديواني كل قصائدي غير المكتملة فعثرت على تلك الورقة المهملة التي قرأها احد الأصدقاء فقال لي: هل هذه  قصيدة تترك ؟.. وعدت للبيت، وسهرت الليلة مع انفعالاتي، ودون أي تعب وبكل سهر لذيذ أكملت القصيدة مع الضحى.. وظهرا كنت اتلوها على مسامع ذلك الصديق..
     ويطفئ الجواهري سيكارته ويقول ان الجزء السابع من ديوانه سيضم أكثر من عشرين قطعة تصلح ان تكون قصيدة طويلة!..
     وسأل الجواهري : والشعراء الجدد هل تتوسم في أحدهم ملامح الجواهري حين كان شابا؟..
     ويجيب الجواهري : لا أتوسم فيهم الجواهري ولكن ليس معنى هذا انه لن يطلع .. فقد يكون في المخاض واسأل الله ان أكون حيا واراه ويسد المسد.
     ويتذكر الجواهري قصيدة كتبها في مطلع شبابه يقول احد أبياتها :
        كلما حدثت عن نجم بدا        حدثتني النفس ان ذاك أنا
ويقول: أتمنى لو هناك، على الأقل،  من تحدثه نفسه بان يكون أنا !!
                       ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتابات "على مسرح الحياة " نشرت في جريدة الأنباء في 16/3/1977

مشاهدة الموقع بالنسخة العادية