مقالات

سليم البصون

ماذا يعني منح صدام حسين رتبة فريق أول

03/09/2013 21:28
      مما أعلنته بغداد ، ان الرئيس العراقي أحمد حسن البكر منح السيد صدام حسين التكريتي نائب رئيس مجلس قيادة الثورة ، رتبة فريق أول ذات تاريخ رجوعي اعتبارا من الأول من شهر تموز 1973، كما منحه وسام الرافدين من النوع العسكري ومن الدرجة الأولى.
     هذا النبأ الذي أذاعته المحطات ونشرته الصحف جعل الناس هنا، في كل مكان. يتساءلون عما يكمن وراء هذا القرار. وهل هو مجرد إنعام تقديري . على الرجل الأقوى في العراق في الوقت الحاضر؟..
     فالسيد صدام حسين بغض النظر عن انه الرجل القوي في الحكم والذي تسلطت الأضواء عليه منذ الانقلاب على حكم الأخوين عارف في عام 1968 ، يشغل من الناحية الحزبية والرسمية منصب نائب رئيس مجلس الثورة العراقية ، الذي يرأسه رئيس الجمهورية المهيب أحمد حسن البكر.وهو نائب أمين عام القيادة القطرية لحزب البعث الاشتراكي  العراقي ، وهو أبرز الأعضاء في القيادة القومية للحزب .   فضلا عن الكثير من المناصب التي يشغلها بحكم منصبه الرسمي أو الحزبي، في أجهزة الدولة . وفي الجبهة الوطنية والقومية والتقدمية .
     والسيد صدم حسين من تكريت ويمت بقرابة الى الرئيس البكر ومتزوج من ابنة السيد خير اله طلفاح الذي كان محافظا لبغداد  وهو الأن يشغل منصب رئيس مجلس الخدمة العامة. وقد أستطع السيد صدام حسين ان يصعد بسرعة الى أعلى المناصب الرسمية والحزبية ،بأسباب حزبية وشخصية بعد ان أزح الكثير ممن كانوا يعتبرون في مقام الرجل الثاني بعد رئيس الجمهورية كالسيد حردان عبد الغفار التكريتي الذي اغتيل في الكويت وكالسيد صالح مهدي عماش السفير الأن في فرنسا .
     ولربما تنهض في الأذهان تساؤلات عن السر في ان يمنح السيد صدام حسين رتبة فريق أول وهي رتبة عسكرية ـ وهو رجل مدني ـ اعتبارا من الأول من تموز عام 1973. وهل موجود إنعام لرتبة فخرية ولماذا ؟!
     أما ان يكون التاريخ  رجوعيا الى تموز 1973، فهو التاريخ الذي استطاع فيه صدام حسين ان يحبط المؤامرة التي دبرها مدير الأمن العام اللواء ـ وهي رتبة فخرية منحت له ـ كاظم كزاز، لقلب نظام الحكم حين أراد اغتيال الرئيس العراقي احمد حسن البكر في المطار حين عودته من زيارته لبولونيا. وقد أدت عملية إحباط هذه المؤامرة والقضاء على القائمين بها بعد مطاردتهم ، الى مقتل الفريق حماد شهاب وزير الدفاع وهو من اقرباء البكر، والى جرح الفريق سعدون غيدان وزير الداخلية آنذاك ، وهو الأن وزير الموصلات ..وبمحاكمة عاجلة حكم على ناظم كزاز بالإعدام ، وقد نفذ فيه ، وقد جاء منح السيد صدام حسين هذه الرتبة العسكرية اعتبارا من ذلك التاريخ .تقديرا له ، مقرونا بالحادث .
     وبالمناسبة ، كان ناظم كزاز من أكبر جلاوزة الذين ارتكبوا أبشع الجرائم ،   واغتالوا الناس في أوكار الأمن والبيوت السرية لهم وكان بين الذين قتلوا وسرقت أموالهم فريقا من اليهود الأبرياء ، نساء ورجالا.
     أما ما القصد في منح هذه الرتبة العسكرية الى السيد صدام حسين . فيمكن استخلاصه من القول بأنه منذ مقتل وزير الدفاع حماد شهاب ، ظل هذا المنصب شاغرا . وقد اشغله رئيس الجمهورية أحمد حسن البكر.. وهناك ثلاثة احتمالات، أحدها متوقع الحدوث في الأيام القادمة. أولها ان يسند منصب وزير الدفاع الى صدام حسين وهو يحمل هذه الرتبة العسكرية ـ علما انه ليس هناك ما يمنع ان يتولى هذا المنصب
  ـ رجل مدني ـ. أما الاحتمال الثاني فهو ان يسند منصب رئيس أركان القوات المسلحة إليه في حلة إعفاء رئيس الأركان الحالي الفريق أول عبد الجبار شنشل . أما الاحتمال الثالث فهو ان يسند إليه منصب القائد العام للقوات المسلحة، لتوضع كل القوات المسلحة ـ الجيش والشرطة والأمن وتنظيمات الفتوة والكشافة والطلائع تحت إمرته ـ هذا الاحتمال هو أقوى الاحتمالات وأقربها الى التوقيع ، لأنه  ينسجم مع مركز صدام حسين ومع تصاعد قوته ومركزه .
     وبمناسبة الحديث عن العراق أشير الى نبأ أخر كان قد أعلن أخيرا وهو إجراء وزاري اعتيادي إذ قسمت وزارة الاقتصاد الى التجارة الداخلية والخارجية وأسندت الى وزيرها السيد حكمت العزاوي وهو من أقطاب حزب البعث ، واسند منصب وزير المالية الى الدكتور فوزي القيسي ، وكان يشغل هذا المنصب الدكتور سعدي إبراهيم الذي توفى قبل بضعة أسابيع في الولايات لمتحدة .
     ووزير المالية الجديد الدكتور فوزي القيسي ، من الطبقة المثقفة التي تتمتع بمؤهلات علمية واقتصادية على مستوى عال ، وكان قد تلقى علومه في الولايات المتحدة ونال الدكتورة منها ومارس التدريس في جامعة بغداد ، ثم ارتقى المناصب بسرعة .فكان محافظ البنك المركزي قبل ان يسند إليه منصب الوزارة .
     وقد عرفته عن قرب ، إذ نشأ في عائلة ضعيفة الحال ، وانشأ نفسه بنفسه عن طريق العمل الدائب والاشتغال في أثناء دراسته ، وقد كان بين المحررين الذين اشتغلوا في الصحيفة التي كنت أتولى إدارة تحريرها . وعرف بأفكاره المتحررة وبحوثه  الرزينة  وبآرائه السياسية المعتدلة .
                                                        ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتابات "على مسرح الحياة " نشرت في جريدة الأنباء في 13/1/1976

مشاهدة الموقع بالنسخة العادية