مقالات

د. مهدي كاكه يي

هل العلويون مسلمون أم من أتباع دين خاص بهم؟

05/11/2014 14:20
إن جميع الكُتب والدراسات التي يدّعي فيها أصحابها بأن العلويين هم طائفة إسلامية، هي عبارة عن "دراسات" غير موضوعية ومنحازة. إنحياز وعدم تمسك القائمين بهذه الدراسات بالمهنية البحثية ناتج عن أربع أسباب رئيسة:

1. قسم من الدارسين لجذور المعتقد العلوي يميلون الى الفكر الإسلاموي ومنحازون الى هذا الفكر، لذلك يحاولون تزييف الحقائق وفرض الهوية الإسلامية على العلويين.

2. قسمٌ ثانٍ من الدارسين يحملون الفكر العروبي ويلجأون الى كل الطرق الملتوية ليُثبتوا إسلام العلويين، حيث أن الإسلام والعروبة وجهان لعُملة واحدة. كما أن الهوية الإيزدية تتعرض أيضاً للتزوير من قِبل الكُتّاب الإسلامويين والعروبيين ويحاولون بمختلف الوسائل أن يُرجعوا أصلهم الى  يزيد بن معاوية، أي بكلام آخر يحاولون أسلمتهم وتعريبهم. لو ندرس تأريخ شعوب منطقة الشرق الأوسط الكبير لَنكتشف بأن الغالبية العظمى من  السوريين واللبنانيين وغيرهم من شعوب المنطقة، هم مستعربون وليسوا عرباً، حيث أنهم من أصول كلدانية وآشورية وسريانية وأرمنية وكوردية. السكان في مصر هم من الأقباط وسكان السودان نوبيون وغالبية سكان شمال أفريقيا هم من الأمازيغ، حيث فرض العروبيون إسم "المغرب العربي" على بلاد (ثامزغا).

3. القسم الثالث من الباحثين يقومون بدراسة مجاميع علوية في سوريا التي أسلمتْ و أصبحت مسلمة وإنسلخت عن العلويين. نتيجة الغزو الإسلامي العربي للمنطقة وكَون الإسلام ديناً شمولياً غير متسامح مع الأديان والمعتقدات الأخرى ووقوع المنطقة تحت حكم عربي إسلامي لأكثر من 1400 سنة، فأن أعداداً كبيرة من العلويين و غيرهم من أصحاب الديانات غير الإسلامية أُجبِروا على ترك دياناتهم القديمة وإعتناق الدين الإسلامي، أو إضطروا أن يعتنقوا الإسلام. خلال وقوع أصحاب الديانات غير الإسلامية تحت الحكم العربي الإسلامي والممتدة لأكثر من 1400 سنة، فقدت الديانات القديمة في المنطقة الكثير من معالم هوياتها ومعتقداتها وطقوسها وأُدخلت إليها معتقدات وطقوس إسلامية لِتلافي القتل أو دفع الجزية والتخلص من الإرهاب والتهديدات والضغوط المفروضة على معتنقي االديانات غير الإسلامية من جانب المسلمين. نرى في سوريا، على سبيل المثال،  بأن بشار الأسد العلوي يذهب للصلاة في أحد الجوامع خلال الأعياد الإسلامية. بشار الأسد ينتمي الى الشريحة العلوية المنسلخة عن العقيدة العلوية، حيث أن الدين العلوي لا يؤمن بالشهادة الإسلامية (أشهد ان لا إله الا الله محمد رسول الله) ولا يصوم العلويون شهر رمضان ولا يصلّون ولا يؤدون فريضة الحج في مكة ولا يقومون بدفع  الزكاة، أي أن الأركان الخمس للإسلام لا وجود لها في الدين العلوي، بل أن العلويين يقدمون النذور ويصومون لمدة ثلاث أيام في السنة في منتصف الشتاء الذي يُصادف ميلاد ميترا (ميثرا) وهذا أحد الأدلة على أن الدين العلوي هو إمتداد للديانة الآرية (المثرائية واليزدانية). كما أن إيمان العلويين بِتناسخ الأرواح هو إثبات جازم لإنتمائهم الى الأديان القديمة في منطقة غرب آسيا وهذا الإعتقاد نجده عند الهندوس والبوذيين والإيزديين والدروز والكاكائيين وغيرهم من أتباع الديانات القديمة في المنطقة. إذن دراسات هذه المجموعة من الباحثين هي عن "العلويين" الذين هجروا دينهم وإعتنقوا الإسلام، لذلك لا يمكن تصنيف هذه الدراسات ضمن الدراسات العلوية. من جهة أخرى نجد أن العلويين في شمال كوردستان و في تركيا لا يزالون يحتفظون بالكثير من معتقداتهم وطقوسهم الدينية.

4. المجموعة الرابعة تضم باحثين علويين، يدّعون في "دراساتهم" بأنهم مسلمون، كوسيلة لحماية العلويين من القتل والإضطهاد والتهديد والإرهاب والمضايقة أو أن هؤلاء من الشريحة العلوية المنفصمة عن العقيدة العلوية و الشاعرة بالدونية، ولذلك يحاولون بكل الوسائل أن يجعلوا من العلويين طائفة إسلامية. 

يذكر البروفيسور جمال نبز فيي كتابه المعنبون "المستضعفون الکورد وإخوانهم المسلمون، طُبع سنة 1994"، بأن أصل كلمة "علوي" يعود الى الكلمة الكوردية "هالاڤ" التي تعني بالكوردية بخار الماء المغلي المشبه بالنار المستعرة وكذلك لظى النار نفسها. إقتبست اللغة التركية هذه الكلمة من الكوردية وحورّتها الى "ألڤي" التي تعني "لظى النار". هذا الإسم يتعلق بالنار المقدسة في الديانات الكوردية القديمة. الديانة العلوية و الإيزدية و الدروزية و اليارسانية (الكاكائية) تكاد تكون ديانة واحدة، حيث أنها متشابهة في العقيدة و الشخصيات الدينية و الإيمان بتناسخ الأرواح و النظام الطبقي و الطقوس الدينية من صوم و تقديم النذور و التكايا و الإحتفاظ بالشارب و غيرها. لذلك فأن المصادر الرصينة تذكر بأن الديانة العلوية هي إحدى الديانات الكوردية القديمة. عند المقارنة بين العقيدة الإسلامية و العلوية، نرى أنّ هناك لا رابط يربط  بين هذين الدينَين، حيث لا وجود للأركان الخمسة للدين الإسلامي عند العلويين. عليه فأن الدين العلوي هو دين كوردي قديم و أن قسماً من معتنقي هذا الدين من غير الكورد، هم كورد مستتركون أو مستعربون أو مستفرسون، بينما القسم الآخر ينتمون لقوميات أخرى، غير القومية الكوردية وقد إعتنقوا هذا الدين الكوردي و جعلوه ديناً لهم.

mahdi_kakei@hotmail.com

مشاهدة الموقع بالنسخة العادية