مقالات

علاء هاشم الحكيم

عواقب فكرة التقليد على العقل والنفس والتفكير الصحيح

09/02/2014 21:13
يقول الدكتور دانيال آمين وهو من اشهر الاطباء النفسيين والأساتذة في العالم وحاصل على شهادة دكتورا في الطب وله من المؤلفات العلمية  28 كتاب ومقالات عديدة  لآكثر من ستون مقال.
 يقول دماغك هو الحكم وهو ما يمثل شخصيتك وهو المبدع المبتكر، فعندما يعمل دماغك صحيح، ستعمل الصحيح أي ستفكر صحيح . هكذا بدأ حديثه عن الدماغ بعد ان تم تصوير أكثر من 63000 دماغ خلال مدة 20 عام.
ويتحدث مستعرضا شكل الدماغ الصحي والغير صحي، فتشاهد الدماغ الغير صحي الذي يعرضه بالصورة كيف حالته المرضية قياسا بالعقل الصحي وماترتب عليه من نتائج ، ويبين الفرق بينهما من حيث الابداع والقابلية على التفكير والذكاء. كما يقول ، بيدك أن تُعجِّل أو لاتُعجِّل  شيخوخة سلوك  عمليات العقل في كل وظائفه من تحليل وتفكير وتذكر.. وحفظ الخ. لذا يستوجب عليك حمايته من التللف والشيخوخة، من خطر عدم رعايته واستخدامه الصحيح. ثم يستعرض النقاط المهمة لأنقاذ العقل، ومنها التعليم والعلاقات الاجتماعية، أي علاقات مع أناس لهم عادات عقلية صحيحة،  ومن المهم ان تقضي وقتك مع أناس مهمين، فكلما تعلم العقل  اكثر كلما نمى وتوسعت إتصالاته مع وظائفه الداخلية لخلاياه،  وبعكسها يتوقف عن النمو في الإتصال.  ولهذا من المهم جدا ان يستخدم الإنسان عقله صح، وان يستخدمه بمايجعله في تواصل مستمر مع وضائفه، فالعقل يحيى بالتفكير والتعلم ويموت بغيره لان هذه هي وظيفته فمن شرع إيقافها بالتقليد قتل الاحياء وأوقفها عن النمو لتمرض ثم لتموت. فالحياة دون العقل ليست بحياة. والسؤال كيف يعيش العراقي اليوم ومع من يختلط وكيف يفكر وماهي حالته النفسية بشكل عام.؟؟؟
وهذا اللينك..لمن يرغب    https://www.youtube.com/watch?v=MLKj1puoWCg#t=35

من فطرة العقل المحاكات ، وإلا كيف سيتعلم الإنسان؟ لكن هل غفل الله عن خلقة  أو نسي هذه الفطرة، وهو يحثهم على إستخدام عقولهم؟؟؟ كرامة الإنسان في عقله وثروة تفكيره؟؟؟
ويقول الله في كتابه..
لايغير الله قوما حتى مايغيروا بأنفسهم. وتغيير النفوس لاتبدأ دون المحاكات أولأ فالعقل يستلم بالمحاكات  ليفهم وليشكل مسارات ترابطية تعينه على التنقل بين الوظائف العقلية ثم  منها تشتعل فيه جذوة التفكير، فإشتعالها لايتم بحث الناس على الاستمرار بالتقليد.!! هنا الكارثة والتدمير لشخصية الإنسان وسحق كرامته.
الكل يقول التقليد مقتصر على مجال معين من العبادات وماشابه وليس ترك العقل بالكامل للمرجع فمن أين لك بهذا؟؟؟ صحيح والله التقليد هو بهذا الشكل، ولكن الحاصل من المفهوم والتطبيق يخالف الحقيقة  لجوهر التقليد المراد منه أن يكون.
وهذا ليس بشيء بدعة  مني ولا أمر غريب. فالواقع ينطق بأن الناس إنجرت على ترك العقل كنتيجة ملازمة ترتبت عليها من جراء تربية الناس في الحث على التقليد، وكما يقول المثل العراقي المشهور (لاتفكر لها مدبر ) خليها على الله، إن شاء الله يخرج القائم بالحجة، وينصرنا على القوم الظالمين. كلها إشارات واضحة على غياب العقل وقابلية التفكير، والإنكباب على الإنتظار كما هو في الزراعة وعقلية الفلاح بإنتظار المطر.

 وبسبب الإعتقاد بثقافة التقليد ، يصبح الفقيه هو الخبير، واليه يحج الناس اجمعين.
إن كان التقليد لضبط الدين من صلاة وصوم وحج وزكاة، للزم الأمر لكل مكلف يومها سنة او سنتان  تكفيه للتعرف عليها وضبطها وإذا لزم الإمتحان بها أيضا لا إشكال فيه. لأن الكثير من الامور تنتظرنا فالحياة ليست هي فقط تدين فيجب أن نعمل لدنيانا أيضا كاننا نعيش ابدا.
. لذا يجب أن ينتهي التقليد بعدها، ليتخذ  الإنسان طريقه في التفكير أو يصاحبه حق التفكير، فلايكفر إن ترك أو يجبر على التقليد. فالمؤمن المتردد هو لايحتاج الى توصية إن عجز عن فهم امر مايعلم هو أن المراجع الفقهية المتخصصة موجودة ومتيسره بذاتها أو بكتبها.
أي أن يفهم عليه مسؤولية التفكير والفهم والتقرير، لانه ليس بقاصر، وهو من سيحاسب، فالفقيه ينصح بما إتيح له من معرفة وعلم، والذي يختمها دائما بقوله والله أعلم.
هنا الإنسان يشعر أنَّ له كرامة وعقل وليس هنالك من ثقافة إجتماعية دينية تضغط عليه إن قال بغير ماقال الفقيه، فيبدأ الناس إحترام آراء بعضها البعض  وتشيع ثقافة التفكير ومنها ثقافة التقدير لكرامة الإنسان واحترام الرأي الأخر، وبالتأكيد الناس لاتأخذ برأي يعد غير موزون ، وانما بهذا الشكل من التقدير والإهتمام تتنمى ثقافة القيمة الإنسانية وتُعِدْ بتغيب العقد النفسية التي إجتاحت القلوب وخربت العقول، وامرضت النفوس، وفسدت الأخلاق وكل هذا بسبب عقلية التسخيف والتحقير للبشر والتي اليوم الكل يعاني منها، ولكنهم سائرون عليها، وكلها من تبعات فكرة التقليد، فلو إتبعوا ما اقول من رأي وهو لايلزمهم بالطبع ولايلزم أحد، سيتعلمون ويعلِّمون ثقافة الإصغاء والتفكير بدل الصراخ، والإستعداء وعدم قبول الرأي الآخر، ومنها يُقَّوم المجتمع بالكامل بعد اقل من سنة وليس لألف سنة لننتظر الطفرة لأن الطفرة هي هي الكود وهي بمعنى الفكرة هنا، إن إستوعبتها نفذتها وهي لاتحتاج الى فلاسفة الكلام وعلماء الذرة في لغة الحروف  الأرقام.
الثقافة السائدة دينية بالتمام..ومن عواقبها...
الناس تتدخل في تفكير وافكار الناس فتكفر هذا وتحقر ذاك، ثم تحاسب  من فطر في الشارع، اومن لم يتبع أية مراسيم مذهبية أو دينية لايعتقد هو بصحتها ، فيتدخل الاشاوس ليصححوا لك الدين بالنصيحة والضغط الإجتماعي.
فهل التقليد سلطة وسيف وبالإكراه أم فقط في الفروع بما يخص الفرد المؤمن لضبط عبادته ومعاملاته مع الناس  دون إعتداء ولا إكراه.

ومن عواقبها...
عين الزعيم عبدالكريم قاسم البروفيسور الفيزيائي عبد الجبار عبد الله، الصابئي رئيسا لجامعة بغداد ، بعد منافسة ثلاثية ضمت عبد الجبار عبد الله مع عبد العزيز الدوري والطبيب البيطري صادق الخياط  فإعترض الباشا الفريق الركن محمد نجيب الربيعي على هذا القرار  لأنه صابئي . فرد عليه وزير الداخلية العميد احمد محمد يحيى..بقوله نحن نبحث عن عميد للجامعة وليس إماما لجامع. ولكن مع هذا إعترض واستمر باعتراضه وعدم توقيعه على البروتكول ، لكن الزعيم عبد الكريم قاسم  هدده  بحل مجلس السيادة واعادة تركيبه.(من مصدر صفحة المندائيين ) ويتفق على هذا القول موقع عين كاوة أيضاً.
هذا الرجل الذي قيمه آينشتين وأهداه قلمه الباركر كما يقال، وكما قلده الرئيس الأمريكي ترومان وسام مفتاح العلم. ونحن في عقليتنا التقليدية الإسلامية  نقيمه على اساس ديني, رفضوه لانه صابئي. الفقه التقليدي ليس فقط في الفروع بما يخص العبد ليصح إسلامه وإيمانه، كما يحاولون مدافعين أن يقنعوا الناس منطقيا نظريا بهذا القول، والمثل المصري  يقول( أسمع كلامك أصدقك، أرى أعمالك أستغرب!!)،  لانه في الحقيقة، التقليد ساري ويواكب كل جديد ليفتي به ، في المعاملات والعبادات والعهود والعقود والاقتصاد والسياسة، وكل العلوم وحتى علوم الفضاء، ويتدخل في كل مفاصل حياة الناس والدولة، ولهذا هو مستمر ماسك بكل خيوط الحياة في اي مكان وزمان ولامكان بالنسبة لمقلديه. فهو يتدخل ويحرض مقلديه، وهم سلتطه الوحيدة التي أمنت به وبقدسيته وبصدقة لعلمه ولعظمته وزهده، كمرجع ديني، ولهذا، فلابد من صحة اقواله في كل أمر دنيوي، لأن كل شيء مفصل في القرآن والعالم ادرى به من المقلِّد، ولهذا المقلد لاينبت ببنت شفة ولايحق له ذلك عقلاً، بل يدافع ويقاتل مستميت عن مايأخذ منهم. ، فعقلية الإهتمام بعلم  غير العلم الديني هي وليدة ثقافة المراجع التي تنعكس على مقلديه سواء في اشارع  أو في مؤسسات الحكم أو في أي حوار، ، لأن العلم  الطبيعي في أي علم  هو يزع للدنيا والثاني الفقيه يزرع للأخرة، ويذكرونا بهذا في كل لحظة لكي لاتغيب عن أعيننا فيغيبون معها،  لهذا هكذا حالنا اليوم ، لادنيا ولا آخرة.
ماذا يقصد بالتقليد..؟
التقليد في كل معانيه اللغوية والفقهية والاصطلاحية لايخرج عن معنى قبول قول الغير دون السؤال عن السند أو الأدلة والبراهين التي صاغت ذلك القول. فيعلقه  كقلادة في عنقه، وهو بالطبع لايعلم إن كان حقا اوباطلاُ، وكيف يعلم وهو يقلد ولايفكر ولايسأل، بل فقط يلزم نفسه بقول الغير، إستنادا على ظاهر وسمعة القائل العلمية والزهدية في الدين.
وغالبا مانسمع ان التقليد في مسائل الواجب والمحرم والمكروه والمباح، والمستحب.
مفهوم التقليد...من كتاب العروة الوثقى الجزء الول باب التقليد. للسيد الخوئي رحمه الله   واغبلها بالمضمون. وبعضها بالنص. .
وفي تحرير الوسيلة ج الاول* ص 5 * يُعرَّف التقليد، على أنه العمل مستندا الى فتوى فقيه معّين.
ولعز الدين بحر العلوم رأي في ص3 من كتاب التقليد في الشريعة الاسلامية،  إذ يقول فيه
**المراد به السير في الاحكام الدينية على طبق ما وصل اليه اجتهاد شخص آخر بعد ان وجدت فيه كافة الشروط التي تخول العوام من الرجوع اليه ومن دون الوقوف على مدارك الحكم.**.... إنتهى..

فالتقليد بالمفهوم السائئد المعروف هو محاكات الأخرين في أاي قول وحركة، وتمثيل دور ما هو تقمصها وتقليدها ولهذا تذوب شخصية الممثل فيها، فلم يعد هو من يقول،لأنه لايقول كا هو يفكر ويريد وإنما كما يريده المخرج وصاحب القصة أن يقول، وإلا فلا يمكنه أن يكون ممثلاً. وعليه يطرد من ساحة التمثيل ، لأنه  يفعل ويقول بما هو يريد، والتمثيل غير هذا.
ولكن حياة عقل الإنسان ليس تمثيل..!!
وهناك من قال إنظر الى الشارع لتعرف معنى التقليد.
وكما هو شائع من ثقافة.....
مرة أخرى في  باب التقليد للسيد الخوئي نقرأ....
أن من أفتى بغير علم فعليه وزر من عمل به.. ورد بهذا المضمون في وسائل الشيعة 27 : 20 / أبواب صفات القاضي ب 4
وحتى  التقليد  يتدخل في تقليم الأظافر....
من أن كفارة تقليم الأظافر على من أفتى به كما ورد هذا المضمون في  وسائل الشيعة 13 : 164 / أبواب بقية كفارات الاحرام ب 13
  أنتهى....
فما الذي لايتدخل به الفقيه او الدين من اجل أن يتبع المقلد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
والنتيجة هي  ...هي من ترك التقليد يجب ان يكون عارف بالواجب والمحرم  ومن لايعرف يجب ان يعتمد على المختص والرجوع اليهم. كما هو شان باقي المراجع المتخصة العليمة.
فألامر متعلق امور العبد الدينية وكل عمل سيقوم به يضع عمله كالقلادة على رقبة المجتهد. جتى وان قال المجتهد بجواز السرقة أو بجواز التوقف عن الأكل والشرب 7 ايام، او عدم النوم إطلاقاُ.
فالتقليد هو المنهج الآجتهادي النقلي للروايات لأستنباط الأحكام من ناقليها رجال السند عبر تاريخ ولايمكن التحقق من صحتها كما نتحقق من أي عناصر كيميائية لتعيد التجرية فنثبت صحة المعادلة، واليوم نشاهد التصوير الحي للأقوال والافعال ومع هذا يقول القائل لم اقل بهذا، وينكره يمجمله، أو يقول أن كلامي كان قول ليس لي ذكرته أو ...هذا الكلام سبقه كلام او ماشابه.. فالأحاديث والأقوال تنتج منها أحكام ظنية متأخرة عن عصر المعصوم واحكام المعصوم احكاما شفاهية تصدر من الوجدان وكل هذا التصديق بالأئمة بدافع الإيمان أيضا وليس اليقين. وليس كل الناس مؤمنين باقوال الأئمة فهي ملزمة لمن يؤمن بها كما يؤمن بالدين. والتقليد لغير المعصوم هو عين الوقوع بالظن، فمن هو أعلم من غيره هو أعلم بالظن وليس باليقين الإيماني.
فالتقليد بالفروع العشرة عند الشيعة وليس بالخمسة من الأصول... لان الأصول هي أركان الإيمان فلاإيمان دونها أولاً ولامذهب ولاهم يحزنون، الاصول وهي التوحيد، العدل ، النبوة  ، المعاد والإمامة.

لكل فكر عواقب ومن عواقب فكرة التقليد، شعب ميت فقد القدرة على التفكير، وخمدت فيه روح الثورة وحسن التقدير، شعب لايقرأ بغالبيته، بعد أن كان شعبا يفكر للشعوب ويضبط التقدير، فنخرت عقله إرضة فكرة التقليد ، فعم  الضباب فيه وتهرأت جدره، وهي آيلة اليوم للسقوط في أي لحظة ٍ على أقل تقدير. شعب بغالبيته يلتقط انفاسه بالتلقين، برز من بيئته ممثلون لايقيمون وزنا لليتيم ولا  يحضون على طعام المسكين ، فمن اين اتوا هؤلاء النواب الممثلين  والسياسيين وبعض المتدينين ؟ هل من كوكب المريخ؟؟؟
او ليس الشارع ينطق بالتقليد في كل شيء ويجسد هوية الطائفة والدين؟؟

من المسؤول عن خدر العقول والنفوس والرضا بالتذمر، فكل الشعب يتذمر من الشعب، والحكومة من الحكومة، فما هو السبب؟؟ كيف وصلنا الى هذا ومن هو السبب؟؟
الرسول ص وآله.. يقول... كما تكونوا يولى عليكم..!
فكيف أصبحنا لانفكر ومن لايفكر كيف يتحرك وكيف يكون له تفكير صحيح كما يقول الدكتور دانيال.

أضع القلم
علاء هاشم الحكيم
2014-02-09

مشاهدة الموقع بالنسخة العادية