بغداد (IMN) - تجاوز فريق المركز الخبري الجدران العالية لدار المسنين في أطراف مدينة الصدر، ودخل غرفة أمل طه، فوجد الفنانة الرائدة مع سرير حديدي ومنضدة طعام وثلاجة وتلفزيون علق على أحد الجدران، فضلا عن طباخ كهربائي يحمل وجبة طعام متواضعة.
أطلقت الفنانة دموعها لكن ما أن بدأت بالحديث حتى تراجعت عن الحزن لتدخلنا بعالم ابتسامتها المعهودة، بعدما طلبت من عاملة في الدار بأن تسرح شعرها، وتلبسها أقراطها ونظاراتها الشمسية لإخفاء إحدى عينيها فاقدة البصر .
وكانت الفنانة الكوميدية أمل طه قد تعرضت إلى جلطة دماغية منذ عام 2009 أصيبت على أثرها بالشلل النصفي في الجهة اليسرى من جسدها .
وبعد استكمال تحضيراتها دار حوار ذكرت فيه أنها تحلم بالمشي على قدميها ولو بضعة أمتار، لكن الأمر يبدو لها صعبا في ظل امكانية العلاج البدائي في دار المسنين، مطالبة الحكومة بمعالجتها خارج البلاد عسى أن تعود لجمهورها،اسوة بالسياسيين الذين يتعالجون على نفقة الدولة في الخارج.
وأدناه نص المقابلة :
IMN : بعد مضي أكثر من خمس سنوات على مرضك كيف تجدين صحتك اليوم ؟
أمل طه : صحتي لم تتحسن ، بل تتدهور يوما بعد يوم، وفقدت عيني اليسرى والأخرى بدأت بالضمور، وحالتي النفسية سيئة جدا ، وبدأت افقد الأمل .
IMN : ماذا يقول الاطباء ؟ هل علاجك في العراق كفيل بشفاءكِ ؟
امل طه : الكثير من الاطباء والتقارير أثبتت أن علاجي ربما يكون في المانيا ، فهناك نجحت حالات أسوء من حالتي ، لاسيما أن طريقة العلاج التي أخضع لها هنا بدائية جدا .
IMN : كيف تقضين وقتك في هذه الغرفة البسيطة ؟
امل طه : أغمض عيني واحلم كيف تتحسن صحتي ، واستطيع الوقوف ، واترك الكرسي المتحرك ، وأعود إلى أهلي ، الذين شغلتهم متطلبات الحياة عني ، وأحلم بالوقوف على خشبة المسرح ، ومشاهدة الابتسامة العفوية على وجوه جمهوري الذي اشتقت له كثيرا ".
بعد ذلك أصيبت الفنانة أمل طه بحالة من الهستيريا ، التي كانت تنتابها بين الحين والآخر خلال اللقاء، بسبب حزنها على نفسها ، مبينة أنها فكرت أكثر من مرة بالانتحار .
وبعد أن لملمت دموعها أكملنا معها الحديث :
IMN : من هم زوارك هنا ؟
أمل طه : إن أخواتي الست انقطعن عني منذ فترة طويلة ، لانشغالهن بمصاعب الحياة ، وقد زارني ابن إحداهن ، وشقيقي يزورني باستمرار. أما أصدقائي فجميعهم يزورونني ، منهم محمد حسين عبد الرحيم وعزيز كريم وإحسان دعدوش وخلف غيدان واخرون ، فضلا عن الصحفيين والاعلاميين ".
IMN : هل صبغتي سبابتك باللون البنفسجي في يوم الانتخابات ؟
أمل طه : نعم أنا شاركت وصوت لشخصين ، أحدهما يرتدي الزي الرسمي ، والآخر يرتدي العمامة السوداء، على الرغم من معرفتي أن ورقتي ستكون باطلة ، لكن أحببت أن أرد لهما جزءا من الوفاء .
IMN : ماهو رأيكِ في السياسة ؟
أمل طه : في اعتقادي أن السياسيين مابعد 2003 ، مثقفون ولديهم خبرة في السياسية ، وهم أفضل بكثير من الحكومة السابقة ، قبل 2003 .
IMN: هل لديك وصية لشخص ما ؟
أمل طه : اتمنى أن تعالجني الحكومة في المانيا على نفقتها ، ومساواتي في المعالجة مثل أي مسؤول سياسي تلقى علاجه خارج العراق ، واتمنى أن أخرج من هذا المكان وأعيش في محافظة واسط ، وأن أعود إلى جمهوري ، وأن يسامحني جميع الناس .
IMN : ماهو الشيء الذي لم تحققه أمل طه في حياتها ؟
أمل طه : أن اكون أمّاً ، لكن حب الجمهور قد عوضني عن ذلك .
بعد ذلك طلبنا الاستئذان للذهاب ، فرفضت حتى نشاركها تناول وجبة غدائها، فاعتذرنا وتوجهنا إلى مدير دار المسنين ، الباحث الاجتماعي صالح الطائي ،الذي قال لـ(IMN ) ، إن " لجنة طبية كشفت عليها لغرض تقديم تقرير مفصل عن حالتها الصحية ، ومدى حاجتها للعلاج خارج البلد ، لكن لم يصدر التقرير بعد" . مبينا أنها " بحاجة ماسة للعلاج في الخارج ".
وأضاف أنها " حاليا تخضع للعلاج الطبيعي من قبل مستشفى مدينة الصدر القريبة للدار ، وقد وضعوا لها برنامجا علاجيا وغذائيا ، لكنها لم تلتزم به بصورة كاملة " .
ومن جانبه قال وزير العمل والشؤون الاجتماعية ، نصار الربيعي لـ(IMN)، إن" الوزارة وبالتعاون مع وزارة الصحة وفرت لها مرافقا طبيا ومدلكة ، ونحن ماضون في تقديم الدعم الصحي والمعنوي لها ".
ومن الجدير بالذكر أن أمل طه ممثلة كوميدية عراقية ،من مواليد 1956 محافظة ذي قار ، التحقت بكلية الفنون الجميلة ، قسم الفنون المسرحية عام 1974 ، وتخرجت فيها عام 1978، وخلال حياتها الفنية قدمت الكثير من الأعمال، فكان لديها ثلاثة أفلام وتسعة مسلسلات وتمثيلية واحدة وخمس مسرحيات وثلاثة برامج تلفزيونية .