ولد علي الأكبر عليه السلام في يوم الحادي عشر من شهر شعبان عام 33 هجري ، وقد عاش مع جده أمير المؤمنين عليه السلام حوالي سبع سنين ومع عمه الحسن عليه السلام حوالي 17 سنة ، وقد نهل من علم و أخلاق جده وعمه وأبيه حتى ذاب في الإسلام ، فقد جمع علي الأكبر عزاً تفتخر العرب بالإنتساب إليه ولكنه أبى بأن لا يفتخر إلا بالإسلام ونبيه الكريم وبني هاشم ، فقد كان يكنى بأبي الحسن وأمه ليلى بن مرة بن عروة بن مسعود الثقفي وأمها ميمونة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية وتكنى أم شيبة وأمها بنت أبي العاص أبن أمية وهو أول من قتل في الواقعة (كربلاء) . وإياه عنى معاوية عندما قال : من أحق الناس بهذا الأمر( الخلافة) ؟ قالوا أنت قال : لا أولى الناس بهذا الأمر علي بن الحسين بن علي ، جده رسول الله (ص) وفيه شجاعة بني هاشم وسخاء بني أمية وزهو ثقيف ... (1) ، فقد ذاب علي الأكبر في الإسلام الحق ( ولاية أهل البيت عليهم السلام ) حتى أصبح عنده الذهاب الى الموت أو إقبال الموت إليه كله سيان إذا كان في محبة أهل البيت عليهم السلام لأنهم الحق الذي يجب أن يتبع في حديث لعقبة بن سمعان قال: لما كان السحر من الليلة التي بات الحسين عليه السلام فيها بقصر بني مقاتل أمرنا بالاستسقاء ثم ارتحلنا، فبينا هو يسير إذ خفق الإمام الحسين عليه السلام برأسه خفقة وانتبه وهو يسترجع ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين كرر ذلك ثلاثا ، فأقبل إليه ابنه علي الأكبر وكان على فرس له، وقال له جعلت فداك مم استرجعت وحمدت الله؟ فقال الحسين عليه السلام خفقت برأسي خفقة فعرض لي فارس يقول: القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم، فعلمت أنها أنفسنا نعيت إلينا. قال علي الأكبر عليه السلام يا أبت ألسنا على الحق؟ فقال الحسين عليه السلام: بلى والذي إليه مرجع العباد: فقال علي الأكبر عليه السلام: إذاً لا نبالي أن نموت محقين فقال الحسين عليه السلام جزاك الله من ولد خير ما جزى ولدا عن والده ...(2)
وقد أظهر علي الأكبر عليه السلام الشجاعة العلوية في واقعة الطف الأليمة على الرغم من إعطاءه الأمان لقرابته من يزيد ولكنه أبى إلا أن يدافع عن الإسلام الحق المتمثل بإمام زمانه أبيه الإمام الحسين عليه السلام ، ففي واقعة الطف أخذ أصحاب عمر بن سعد ينادون علي بن الحسين وقالوا له : إن لك قرابة من أمير المؤمنين – يعنون يزيد اللعين- يريدون أن ميمونة بنت أبي سفيان جدته لأمه أم ليلى بنت مرة وأمها ميمونة بنت أبي سفيان ، قالوا فإن شئت آمناك وصرت الى الدنيا ، قال لهم علي ع : قرابة رسول الله (ص) أحق أن ترعى ثم حمل فيهم وهو يقول شعرا :
أنا علي بن الحسين بن علي أنا وبيت الله أولى بالنبي
أضربكم بالسيف أحمي عن أبي تأ لله لا يحكم فينا أبن الدعي
ضرب غلام هاشمي قرشي ......(3)
فقد كان الإمام الحسين عليه السلام يحب أبنه علي الأكبر حباً جما عن زفير بن يحيى عن كثير بن شاذان قال شهدت الحسين ع وقد أشتهى عليه أبنه علي الأكبر عنبا في غير أوانه فضرب يده الى سارية المسجد فأخرج له عنباً وموزاً فأطعمه فقال: ما عند الله لأوليائه أكثر ......(4) ، وقد أمتاز علي الأكبر بصفة لم يشاركه بها أحد قط من أهل البيت عليهم السلام وهي شبهه لجده رسول الله (ص) ، فهو الوحيد الذي يشبه جده في كل صفاته فقد قال الحسين ع يوم عاشوراء في حق أبنه علي الأكبر : اللهم أشهد على هؤلاء القوم فقد برز إليهم غلام اشبه الناس خلقاً وخلقاً ومنطقا برسولك وكنا إذا اشتقنا إلى نبيّك نظرنا إليه....(5)، من هو أشبه الناس برسول الله (ص) : عن الكافي : عن أبي عبد الله (ع) قال : النبي (ص) : ألا أخبركم بأشبهكم بي ؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : أحسنكم خلقاً وألينكم كنفا وأبركم بقرابته وأشدكم حبا لأخوانه في دينه ، وأصبركم على الحق وأكظمكم للغيظ وأحسنكم عفوا وأشدكم من نفسه إنصافا في الرضا والغضب ...... (6) ، فقد جازى الله سبحانه وتعالى علي الأكبر عليه السلام على إيمانه الصلب ودفاعه الشديد عن الحق بأن سقاه من ماء الكوثر في الحياة الدنيا وهذه المكرمة لم يسبقه إليها أحد من أهل هذه الدنيا فهو الوحيد الذي تذوق طيب وعذوبة ماء الكوثر من يدي رسول الله (ص) في هذه الدنيا الفانية حيث قال قبل أستشهاده يا أبه هذا جدي قد سقاني شربة لن أضمأ بعدها أبدأ .......(7) ، وهكذا ختم علي الأكبر عليه السلام حياته بكأس من ماء الكوثر من يد سيد الكائنات وسيد الرسل محمد (ص) ، بعد أن سمى في سماء الإسلام الذي تسلق إليها بحبال أهل البيت عليهم السلام تاركاً خلفه صفات الجاهلية وزهوها ، فسلام عليه يوم ولد في بيت النبوة ويوم شرب من ماء الكوثر ويوم أستشهد على رمضاء كربلاء ويوم يبعث حيى .
(1) مقاتل الطالبين – أبو فرج الأصفهاني ص52(2) لواعج الأشجان للسيد محسن الأمين ص98(3) شرح الأخبار – القاضي النعمان المغربي ج3 ص152(4) نوادر المعجزات- محمد بن جرير الطبري ( الشيعي) ص108 ، مدينة المعاجز – السيد هاشم البحراني ج3ص452(5) اللهوف للسيد ابن طاووس ص 63 (6) مستدرك سفينة البحار- الشيخ علي النمازي الشاهرودي ص345(7) شجرة طوبى- الشيخ محمد مهدي الحائري ج1ص54
خضير العواد