ذات يوم جمعتني الصدفة بشاب عراقي لطيف إفتهمت لاحقا أنه كان يعمل ضابط أمن في منظومة خاصة أنشأت حينها لمتابعة المسؤولين وحتى الضباط الأمنيين العاملين في دوائر القيادتين القطرية والقومية. في الحقيقة إفتهمت هذه الخلاصة بعد أن إمتدت بيننا مايشبه الصداقة! لفترة غير قصيرة. كانت لقاؤتنا فقط في سيارتي التكسي حينها، حيث كنت أتنقل به للأماكن التي يريدها. كان فضولي هو الدافع الرئيسي للمغامرة مع ذلك الشاب الذي كان خريجا لكلية الأمن القومي بالإضافة لتحصيله الأكاديمي (من كلية الآداب- جامعة بغداد)؟ المهم في القضية هو أن هذا الرجل كان مُكلّف بمهمة إدارة خلية كبيرة من المومسات "قحاب"- عفوا؟؟ للتجسس على شخصيات معينة؟ الغريب في الأمر أن تلك الخلية كانت تضم شرائح متنوعة وليست بالعادية، فأغلبهن كن جميلات جدا ومحترمات المظهر ولدى أغلبهن تعليما جامعيا؟ وقد شاهدت أغلبهن؟ كان صاحبي يتحدث معي بلغه أمنية: فمثلا يقول أنه يدرس "الهدف"- اي الشخص الذي سيراقبه ويفكر بالطريقة التي ستضمن دخول "الكرة" في الهدف؟ يعني يدرس نقاط ضعف وإحتياج الهدف ثم يختار له "الماجدة" الملائمة-عفوا للمرأة العراقية، فهذه اللغة التي كان صاحبي يتحدث بها؟ ويتم تهيئتها- أي الماجدة بطريقة سلسة: كأن يؤجّروا لها بيتا في منطقة سكن الهدف، أو يتم تعيينها في أحد صالونات الحلاقة، أو الصيدليات التي كان العديد منها تعمل لصالح الأمن؟ المهم أن تكون هناك صدفة تجمع " الماجدة بالهدف؟ أو أن تباشر كمعلمة في المدرسة الإبتدائية للبنات أو للبنين في المنطقة التي يجلب فيها الهدف أولاده... وهكذا. وبعد أن تدخل الكرة في الهدف، يكثف هذا الضابط لقاءاته مع الكرة يوميا في حيث أن الماجدة تزوره في مكتب له في فندق بغداد، أو في غرفة الحرس في السوق المركزي في المنصور. وفي الأيام الأولى تقدم الماجدة خدماتها للهدف لتسهيل إطمئنانه لها؟ على سبيل المثال لو كانت لديه مشكلة في دوائر الطابو، أو النفوس، أو الأسواق المركزية، أو حتى في الحصول على مواد بناء أو حديد تسليح، أو في أي وزارة فأنها تبادر لحلّها؟؟ غيرها على إعتبار أن أخوها أو أقاربها او معارفها يعمل هناك؟ لذلك في الأيام الأولى تقدم له قائمة بطلبات الهدف، وعليه- أي صاحبي أن ينسق لتوفيرها. وهو بدوره يرفع تقارير عمله لمسؤليه.
كان صاحبي مندهش لأحدى "الماجدات" والتي كان يسميّها "ام سرمد" لأنها كانت سريعة ودقيقة في إيقاع "الاهداف". أم سرمد كانت جميلة جدا وعملت كموظفة في دوائر مختلفة ببغداد وكانت بدايتها مضيفة في الخطوط الجوية العراقية. لذلك كان يوكل لها أغلب المهام الصعبة. وهو بدوره كان مستغربا من أحد مسؤوليه؟ لأنه كلما يمدح أم سرمد أمامه كان يرد عليه "أنتم الضباط الشباب أغلبكم غشمة! في عملنا يجب أن لانمدح أحد، خاصة النساء من أمثال ربعك؟".
ذات يوم إلتقيت صاحبي بعد فترة وعلمت منه أنه كان مسجونا، وطرد من دائرته وأحيل كضابط شرطة محلية؟؟ وكانت "أم سرمد" هي السبب؟؟ لأنها إستغلّت تسهيلات صاحبنا وثقته بها وأصدرت جوازين واحدا لها والآخر للشخص الموكلة بالتجسس عليه؟ وهربا معا إلى خارج العراق من دون أن يمسكهما أحد؟ وبعد التحقيق تبيّن أن الهدف كان زميلا لها عندما كانت موظفة في وزارة التجارة قبل سنين؟؟ المهم هنا بعد إكتمال التحقيق تمت إدانته للتقصير في عمله؟ وحينها قال لي صاحبي: سوف لن أنسى ماقاله لي العميد الذي حقق معي "ماحصل شيئا عاديا وممكن أن يحصل من "وحدة ساقطة"! لكن الشيء الغريب هو أن يثق ضابطا متعلما ومؤهلا بـ "أحد القحاب"؟ ماذا كنت تنتظر من أمثال "أم سرمد"؟؟ ياغبي.
الحكاية أعلاه من الواقع الذي علينا أن نوظفه لفهم مَن حولنا وفي كيفية التعامل معهم: فعلى سبيل المثال ماذا تنتظر الحكومة العراقية والعراقيين من الأردن؟ من الحكومة الأردنية التي لم تتوقف من إحتضان كل ما من شأنه أن يهدد أمن بلدنا؟ ماذا ننتظر من الشعب الأردني الذي بلغ من الوقاحة في أن يسمي العراقيين بـ"أولاد المتعة"؟ ماذا نتوقع من الملك الأردني الذي حذر من تشكيل ماسماه بالهلال الشيعي خوفا على أمن إسرائيل؟ أعتقد أن كل شيء أصبح واضحا وجليا: فالكل يعرف أن للسي آي أي معسكرات لتاهيل مخابرات صدام ومأبوني الجهاد قبل إدخالهم للعراق؟؟إضافة إلى تبيضهم أموال سرّاق المال العراقي، وإحتضان قيادات الإرهاب البعثي، والتنسيق لمشاكسات الساسة الأكراد. والتنسيف والتخطيط لدخول داعش للموصل؟ اما إحتضان الأردن لمؤتمر العار الأخير؟ فهو فعلا جوابا على السؤال: ماذا ننتظر من أم سرمد؟ على الحكومة العراقية أن تخصص جزءا من مبالغ صفقات السلاح لإنشاء سواتر وخنادق ومعرقلات على طول الحدود، وإغلاق منفذ طريبيل حالا. على الحكومة العراقية أن توقف العمل بإنبوب العقبة؟ وأن يُباع نفطنا لهم بالسعر الرسمي كي تفهم "أم سرمد" لان الدم العراقي غال الثمن؟
كذلك الأمر مع تركيا! ماذا تنتظرون من "أم سرمد" رقم 2. أتذكر أن الأتراك بعد حرب الكويت حاولوا أن يغلوا أسعار منتجاتهم وبالأخص البطاطا! فما كان من صدام إلا أن أغلق انبوب نفط جيهان لإسبوع فقط. حتى بدأ الأتراك يفرغون شاحنات البطاطا عبد الحدود "بلاش" ؟؟
الكويت والسعودية تنطبق عليهما أيضا فرضية "ام سرمد" لذا لا أظن من الحكمة أن نثق بهم مطلقا. وعلينا أن نعمل بجد وحرص ليفهموا أنهم أمام العراق العملاق الجريح.
أما في وضعنا الداخلي فالمشتكى لله نجد الكثير من الكتل السياسية العراقيين التي تعمل لتخريب العملية السياسية والعبث بوحدة وأمن العراق؟ خاصة بعد الأحداث الاخيرة من دخول داعش التي خطط لها الغرب والأمريكان لتمكث طويلا على وزن "حروب داحس والغبراء" ! نجد ان كل شيء صار واضحا وعليه إليكم قائمة بالجهات السياسية والسياسيين اللذين هم جديرون بلقب "ام سرمد" :
عمار الحكيم، مقتدى الصدر، جبر صولاغ، ألحنقباز أحمد الجلبي، فائق الشيخ علي، كتلة متحدون للتخريب، ظأفر العاني، الساسة الأكراد، صالح المطلك، أياد علاوي، العلامة اللطام جلال الدين الصغير، أسامة النجيفي، وأثيل النجيفي، والإعلامي فخري كريم، وكاظم حبيب، وقناة البغدادية، أحمد الساري. وميسون الدملوجي ، بهاء الأعرجي، حاكم الزاملي، الشيخ أحمد الكبيسي والقائمة طويلة ومفتوحة.
الغريب أننا- أي العراقيين قد خضنا الأنتخابات للمرة الثالثة، لكن التشكيلات السياسية القحابية الفكر والقذرة زالت موجودة ومنتفذة، وفي أعلى سلطة تشريعية في البلد، لذلك لا أرى هناك بارقة أمل لعراقنا في المستقبل! لأن كل هؤلاء ضد تشريع القوانين التي تحفظ وحدة العراق وتحترم دماء ابناؤه.
مهدي المالكي
2014-07-21