لأن ما ينشر على الإنترنت يحوي الكثير من الكذب والإفتراء والتدليس وأنصاف الحقائق وأرباعها وأعشارها فإني أحاول تحري الخبر قبل تصديقه ، وعلى الرغم من المعرفة السابقة بحقيقة الوهابيين وجميع المسميات التي خرجت من تحت عباءتهم مما هو معرفة متاحة لجميع الناس ، وعلى الرغم من المعرفة بهم بناء على ما يحملون من عقائد تجمع بين خفة العقل والاستهتار بالدماء والحرمات ، وعلى الرغم من توالي الأخبار عن أفعالهم في الموصل وغيرها من مناطق احتلوها ( في المؤامرة التي أشرت منذ البدء بأصابع الإتهام إلى الجهات المختلفة الضالعة فيها ) فإني أرى أن اليوم لم يعد هناك مجال للشك عند أحد أن الطبيعة العدوانية الهمجية الظلامية التكفيرية لهؤلاء المجرمين عامة شاملة ولن ينجو منها أحد ، وعليه فلا بد من تحديد الموقف . اليوم ، وليس أمس أو قبله ، لورود الأخبار المؤكدة الموثقة عن أمرين : تفجير مرقد النبي يونس (ع) ، والأمر بختان النساء .
(1) تفجير مرقد النبي يونس عليه السلام
لم يزل الوهابيون ، منذ بدء دولتهم الثالثة قبل تسعين عاماً ، يحاولون تجنب ما أثار عليهم المسلمين جميعاً في دولتيهم الأولى والثانية ، لا سيما الأولى التي أسستها
" شركة الإمامين " ( كما سماها المعارض السعودي المعروف ناصر السعيد ، الذي سلّمه
" المناضل " الفلسطيني أبو الزعيم ، بناء على أوامر من " المناضل الأكبر" أبو عمار، إلى الملك فهد الذي يقال أنه عذبه بنفسه ثم قتله بإلقائه من طائرة الهليكوبتر ) محمد بن عبد الوهاب وابن سعود ، التي قضى عليها ودمر مدينتها الدرعية إبراهيم باشا الذي أرسله أبوه محمد علي باشا حاكم مصر وأراح الناس من شرهم إلى حين . بعد بداية مشابهة بأن دمروا مقبرة بقيع الغرقد وكانوا على وشك هدم مرقد النبي محمد (ص) ، قرر عبد العزيز السعودي لجمهم ، ثم ضرب قوتهم عندما قاتلهم بمساعدة الانجليز ( الذين نصبوه في الواقع وذلك بعد إنتصار جناح مكتب الهند والسير برسي كوكس على جناح مكتب القاهرة السير مكماهون وتفاهمه مع الشريف حسين ) ، حاولوا تحييد العداء السني عن طريق الإدعاء أنهم من " أهل السنة " ، وأنهم لا يحكمون بالشرك إلا على الشيعة . ولكن العقيدة بالتكفير بقيت قائمة واضحة فيما يكتبون ويدرسون وفي جميع الوجودات والشخصيات الناتئة من شجرتهم الخبيثة .
أما في العراق ، وبعد 2003 ، فإن تفجير المراقد كان منهجاً لهؤلاء في كل مكان إستطاعوا العمل فيه ، والكل يعلم بعقابيل تفجير مرقد العسكريين (ع) في سامراء سنة 2006 .
وبعد أن إحتلت داعش – الإسم الجديد لحدثاء الأسنان سفهاء الأحلام هؤلاء – بدؤوا أولاً بسياسة خداع ، بحيث أفاجأ كل يوم بمن يتحدث عن الأمن والأمان في الموصل ، وأن الإدارة تسير بشكل جيد ، ومؤخراً النقل المجاني ... طبعاً ، لا تعليق على الأخبار الواردة الخاصة بسجن النساء في بيوتهن ومنعهن من العمل وإغلاق محلات الحلاقة وإغلاق المقامات والمراقد وغيرها من ممارسات – وكله لتبرير موقف شخصي فرح من " التخلص من الجيش الصفوي " الذي كان " يحتل " الموصل وأهلاً وسهلاً " بداعش المحررة " . وبدأ الكذب والتضليل أن داعش ستسلم الموصل إلى الجيش السابق ( أي البعثيين ) ، وهذا يفرح الكثيرين لأن الموصل لم تزل ترفد الجيش العراقي بأكبر عدد من الضباط ، وطبعاً غير الموصليين من البعثيين سيفرحون بعودة الرفاق . وأكيد أن الكثيرين من غير هذين الصنفين سيجدون " نار البعث " أرحم من " جنة داعش " إن كان ثمة جنة لهؤلاء .
ولكن هؤلاء وغيرهم قامت داعش بمفاجأتهم بإعلان " دولة الخلافة " – وعليه فإن عاد الضباط السابقون أو البعث فهم ليسوا إلا موظفين عند الخليفة ! وحتى هذه لم تحدث ولن تحدث إلاّ إذا صاروا مثلهم في عقيدتهم .
والآن ، بعد غلق مرقد النبي يونس (ع) ، الذي ذكره القرآن الكريم في قصة معروفة ، ثم تهديمه القبر ذاته من الداخل ، والآن التفجير العلني بالصوت والصورة ، أسأل أهل السنة تحديداً :
إذا كان الوهابيون – وداعش والخلافة وغيرهما – يحكمون بشرك الشيعة على أساس الفرية أن الشيعة يعبدون الأئمة والأولياء في مراقدهم في العراق وغير العراق ( لا تنسوا أن هؤلاء كتبوا على مرقد السيدة زينب (ع) في دمشق ما معناه " أنك ستذهبين بعد بشار " ما جعل بعض العراقيين من الموالين لأهل البيت (ع) ، أهل الغيرة على أهل بيت نبيهم (ص) والعاملين حقاً بآية مودة القربى ، ينطلقون للدفاع عن مرقدها (ع) ويقاتلون ويستشهد بعضهم هناك – هنيئاً لهم) ، فها هم اليوم يحكمون بشرك أهل السنة لأن أهل السنة هم الذين يقومون بزيارة مرقد يونس (ع) والصلاة فيه ( وعندهم الصلاة عند القبور شرك ) والنذر عنده ( وعندهم النذر بشفاعة البشر شرك ) والتبرع بالذهب والأموال – ناهيك عن بنائه أصلاً وتعميره ورعايته وكل شيء ...
وهذا طبعاً بعد أن قاموا قبل أسبوع بتفجير مرقد الشيخ رجب الراوي ، الذي كان يجمع بين المشيخة الدينية والعشائرية ، في راوة...
هذا يعني أنه في كل مكان ستصل إليه أقدامهم العفنة سيقومون بنفس الفعل ، وقطعاً سيقومون بتفجير مرقد الإمام أبي حنيفة رحمه الله ومرقد عبد القادر الكيلاني رحمه الله وهو مقطوع به لأنه من أكبر أقطاب الصوفية الذين يكفرهم الوهابيون جملة وتفصيلاً ... ومثل ذلك أمثالهما من المراقد ...
بل لقد هددوا بتفجير الكعبة ذاتها !
السؤال : هل ستبقى – أيها السني – خصوصاً العراقي وأنت في هذه المحنة الطاحنة ، أسيراً للصفوية والفرس والقادسية والهالكي وغيرها من عقد أو رقاعات ، إلى أن يأتيك هؤلاء الهمج المتوحشين الذين لا يعرفون قدراً لنبي ولا غيره ، فتصبح تحت قبضتهم ولا تنجو إلاّ أن تعلن أنك تسير وفقاً لعقائدهم الباطلة ؟ وإذا كنت لا تصدق ، فأخبرني كيف تحولت الجزيرة العربية من بلاد أهل السنة مع أقليات شيعية إثني عشرية وشيعية زيدية إلى بلاد وهابية صار أهل السنة أقلية حالهم حال الشيعة ؟ بل كيف صار في مصر – بلد التسامح والوسطية – هذا العدد الكبير من التكفيريين القساة يقتلون الناس من حل شكل ؟ وهل أذكر لك ما جرى على أيديهم في الجزائر ، ويجري في سورية وإفريقية اليوم ؟
(2) ختان النساء
طيب ، إذا كنت لا تهتم بالمراقد والمقامات المشرفة ، وربما لست متديناً ، وربما ملحداً – وإن كان هذا سيكون في القلة وحسب – ، هل أنت مستعد أن تجعل بناتك عرضة لقوانين هؤلاء الوحوش ؟
جهاد النكاح ( وكم تحدثوا وإلى الآن عن المتعة عند الشيعة حتى جعلوا الكثيرين يتصورون أن الشيعة لا زواج دائماً عندهم ! تجدهم يقولون " الشيعة أبناء المتعة أبناء الزنا " وأمثالها ، فمكر بهم الله تعالى فصاروا يمارسون الزنا ، وبأبشع طريقة إذ ربطوه بالجهاد في سبيل الله ! ) صار واقعاً معروفاً ، ولكن ربما يمكن القول أنه سيكون " كفائياً " ولا يعم الجميع ...
ولكن ما قولكم بأوامر " ختان النساء " التي أكدت على صدورها الأمم المتحدة ؟
عندما قرأت الأمر المنشور على أوراق دولة الخلافة الجديدة لم أشك لحظة أنه مكتوب من أمثالهم لأنه يتحدث بلغة العلم الشرعي الذي يجيدونه ، ولكن انتظرت ، وها هي الأمم المتحدة اليوم تؤكد ذلك .
ولأن الأمر سيثير الناس عليهم ، فإن أحبابهم يحاولون في اليومين السابقين نفي التهمة – أي على طريقة نفيهم جميع الممارسات التي حصلت في الموصل ثم حصلت – والناس هناك يؤكدون ذلك .
ولكن هيهات ، فهؤلاء هذا فكرهم وهذه عقيدتهم ، وسيفعلونها وغيرها كلما تمكنوا منها .
السؤا ل: هل أنت مستعد لأن تسقط بناتك وأخواتك ونساؤك تحت سكين هؤلاء ؟
وهل أنت مع العراق أم مع ضيق المصلحة الشخصية والفئوية وأسار العقد النفسية ؟
ملاحظة : إذا كنت غير عراقي ولا يهمك هذا ، أو مسلماً ولا يهمه ما يجري في أرض المسلمين عموماً ، أو لا تهتم بالأمر لسبب أو لآخر ، وقد أزعجك هذا الإيميل فإني أعتذر عن إرساله مقدماً .