تحية للكاتب الأستاذ كاظم فنجان الحمامي على تطرقه لهذا الموضوع الهام الذي يطرح للرأي العام مظلومية أبناء الجنوب العراقي وما يلاقونه من تعبيرات مهينه واحتقار وازدراء من قبل ضعاف النفوس الجبناء الذين يريدون التغطية على جبنهم وسوء خلقهم وانحدارهم الى الدرك الأسفل من التخلف والفساد الأخلاقي. وارجو ان تعلم يا أستاذ كاظم ان هذه الاهانات لا تأتينا من شمال وغرب بلدنا فقط، بل اكثرها يأتينا من لملوم في الكاظمية وكربلاء والنجف وباقي الوسط العراقي. وارجو ان تعلم يا أستاذ كاظم ان رجال الدين المتمركزين في النجف وكربلاء والكاظمية نحن بالنسبة لهم مجرد ارقام ليتباهوا بها ولتكون هذه الأرقام سلعة جاهزة ليظهروا بها سيطرتهم على جموع الشعب الغلبان وليظهروا للأخرين مدى قدرتهم على سوق القطيع الذي وضعوه تحت سيطرتهم وكيف ان لهم القدرة على ان يخرجوا هذا القطيع سيرا على الاقدام ولمسافات طويله متى شاؤا.
انا لا اريد ان ادعي بأن اهل الجنوب ملائكة خالين من الاخلاق السيئة. هم كباقي أبناء الشعب العراقي يعانون من ازمة أخلاقية ولدتها التعسفات الاقطاعية البغيضة والدكتاتوريات المتعاقبة والحروب المستمرة وضيق العيش وعلى مدى قرون طويله من الزمن. ولاكن لم يكن معروفا عن اهل الجنوب بأن أشاروا على منطقة عراقية أخرى وكالوا لها حفنة من العبارات المهينة والجريحة كما يكال ضدهم.
من المحزن ان تجد جنوب العراق اليوم على هذا المستوى من التخلف الاجتماعي والاقتصادي والسياسي حتى لو قورن بباقي مناطق العراق. وشعور الحزن والأسى هذا يأتي من كون ان الجنوب العراقي هو مهد الحضارة السومرية. وخاصية هذه الحضارة هي انها اول حضارة أنشئت في تاريخ العنصر البشري، ومنها نشأت حضارات العالم الأخرى. فالحضارة السومرية أذا تعتبر ام الحضارات.
سمعت ذات مرة عالم اثار بريطاني كان يتكلم في محطة ال-BBC عن نشوء الحضارات في العالم وذكر في حديثه ان الحضارة السومرية هي أولى الحضارات في العالم. ثم سؤل هذا العالم الاثري عن أي زمن يتمنى ان يعيش فيه لو اعطي الاختيار. فرد هذا العالم بأنه يتمنى لو انه عاش في أول حضارة نشأت في العالم. كان هذا البرنامج قد شاهدته في السبعينات من القرن الماضي، وآسف على عدم ذكر اسم هذا العالم الاثري لأني نسيته وذألك لعدم اكتراثي في ذألك الوقت.
في احدى فضفضاتك يا أستاذ كاظم كنت ترد على من كانوا يشككون في أصول اهل الجنوب وينفون عنهم الأصول العربية وكان باين عليك أنك كنت مغتاظا من هذا الاتهام. بينما كنت انا فرحا بهذا الاتهام وأقول لهؤلاء الهتليه انكم على حق لان اصولنا هي سومرية. نحن سومريون وبناة اول حضارة في العالم كله. نحن اول من اخترع العجلة، وأول من أوجد الكتابة، وأول من أوجد ألزراعة وشق ترع الري. نحن اول من أنشأ المدن وأول من بنى الدولة، وأول من أنشأ الملاحم الفلسفية الوجودية، وأول من أنشأ الاساطير الدينية التي طورها فيما بعد احدى القبائل السومرية وهي القبيلة العبرية الى الديانة اليهودية ثم الديانة المسيحية ثم الديانة الإسلامية. وعلى أثر الحضارة السومرية قامت الحضارة الأكادية، ثم البابلية، ثم الآشورية.
وأنا هنا أسأل العروبيين والمتأسلمين ماذا كان يفعل اعراب الجزيرة الاعرابية عندما كان السومريون منشغلين بتشييد حضارتهم العظيمة. كانوا يدفنون الأطفال من بناتهم وهم احياء ويالها من وحشية حتى الحيوانات المتوحشة لم تقدم على عمل كهذا. وكانت قبائلهم البدوية تعيش حياة الغاب يغير بعضهم على بعض ويكون الوقت المفضل لغاراتهم هو الصباح الباكر عندما يكونون مستغرقين في النوم، فيقتل المهاجمون الرجال والأطفال ويسبوا الحسناوات من النساء ليكن ملك يمين القتلة من اللصوص المهاجمة. وهنا يقول شاعرهم الجاهلي الجاهل: إذا بلغ الفطام لنا صبي تخر له الجبابرة ساجدينا. لم يبنوا بيتا ولم يشيدوا مدينة ولم يذوقوا طعم الحضارة. كان السيف والقتل والتنكيل هو حضارتهم. كان السومريون المتحضرون يستهزئون ويضحكون على نمط هذه الحياة البدوية المتوحشة. وكان هؤلاء البدو الرحل مصدر ازعاج للحضارة السومرية حيث كانوا يغزون حدودها بين فترة وأخرى.
وأنك تطرقت في احدى فضفضاتك الى العشائرية المعشعشة في الجنوب العراقي ومنها ظهر الاقطاع المقيت الذي كان على أشده في القسوة والاستغلال أيام الحكم الملكي ولكنك لم تف الموضوع حقه.
أرجو ان لا يفوتك-استاذي العزيز- ان تخصص احدى فضفضاتك القادمة الى موضوع مهم يخص محافظة ذي قار. هذه المحافظة سلب منها العروبيون والاسلاموييون ارثها الحضاري العظيم وأبدلوه بأرث قبائل بدوية متخلفة كل التخلف وفدت الى المنطقة أيام الاحتلال العثماني للعراق. من هذه القبائل قبيلة المنتفك الذين وردوا الى هذه المنطقة بكل تراثهم المتخلف ووحشيتهم التي تفوق وحوش الغاب. فسميت هذه المحافظة بمحافظة المنتفك ثم محافظة الناصرية ثم محافظة ذي قار. ولم يخطر ببال العروبيين ان يختاروا لها اسما يدل على ارثها الحضاري مثل ما فعلوا بحافظة الحلة حيث اسموها بابل والموصل حيث اسموها نينوى وهم خير ما فعلوا. الا تستحق ان تسمى الناصرية وهي مهد الحضارة السومرية ان تسمى محافظة سومر. ان هذه المحافظة مغبونة في كل حقوقها حتى في ارثها التاريخي.
رابط ذو صلة
فضفضات شروﮜية تحت خيمة السيرك السياسي (28) ظاهرة تغافلت عنها الحكومة فخرجت عن سيطرتها - كاظم فنجان الحمامي
14/02/2015 - 13:17 مقالات