مقالات

عباس العزاوي

رحلة البحث عن الواير

22/06/2015 06:35
طفت الكهرباء ...لا..لا مو خوش.. هسه تجي السحب.. شنو السالفه بويه شو ماأجت اريد اسوي عشه وكلشي ماشوف .. بوييييييييه ؟؟ صرخت سعديه وهي تقف وسط الظلام.

قفز عبودي من مكانه خلف التلفاز الذي جلبه من حاوية النفايات مدعيا بانه يعمل ويمكن الاستفاده منه!! رغم تحطم اجزاء من خلفيته والجهة العليا لاطار الشاشه....

كله عدهه... شو بس احنه ماكو!!! صاح عبودي وهو يمد بوزه من باب الحوش الى الدربونه

بس لا الواير هم انكَطع!!.. هاي شلون طلابه وماينكطع الا بالليل.. قالها الاب بتذمر وهو يجاهد للنهوض من مكانه.

تحرك عبودي بسرعة لجلب الدرج المعدني من سطح  المنزل وكأنه سعيد بهذا الانقطاع المفاجئ وحمله على كتفه متأهبا للرحلة الشاقة رغم صغر سنه وحجمه فهو يشبه الى حد كبير السنافر بحجمها وحركاتها.

شرع افراد العائلة بالبحث عن درنفيس الفحص , تتبعها صراخ وشتائم الاب لهذا البيت الذي يضيع فيه حتى الديناصور, فهم كمن يبحث عن سياسي فاسد في العراق.

انطلقت كتيبة تقصي الحقائق للبحث عن السلك المقطوع ولان المسافة الفاصلة بين البيت والمحولة تصل لنصف كيلو متر تقريبا  بدت كرحلة البحث عن الضوء والسعادة امام كمية هائلة من الاسلاك المتشابكة والمتشابهة في الشكل واللون وسط الظلام والمتغيره بفعل الشمس والغبار الذي يغطي كل شي قرب مساكن الفقراء.

وقف عبودي قرب اول شبكة تلاقي الاسلاك وتشابكها المخيف ...ليصرخ منذ اللحظة الاولى ...هذاك وايرنه بويه هذاااااااك .. مع ضحكه ساذجه ...

 انجب بويه انجب وين عرفته هسه بدينه نفحص ...رد ابوه عليه بتذمر !!!

ولكن عبودي كان مصراً على انه يرى الواير المطلوب... وراح يتقافز بسرور مع ابتسامة تظهر اسنانه الشبيه باسنان الخروف الصغير. أي والله بويه.... هذاااااااااااااك ,اني اعرفه والعباس.

ولما لم يحصل على اهتمام من احد ..اخذ يتسلق الجدار القريب من عمود الكهرباء لينظر لحوش جيرانهم  وكاد ان يسقط في الجهة الاخرى... اكَلك بويه .. شوماكو صخول ابيت جيرانه... ولا صخله يمكن بايعينهن..

ابن الكلب هسه احنه شعلينه بالصخول ...انزل ولك انزل...عيب لايشوفونك الجيران!!!.

اخذت قضية الصخول من تفكير عبودي كل مأخذ...اقترب مني وهو يهمس ,اني احب الصخول ...وشكد جان عد جيرانه بس مادري وين راحن ...شتكول بايعينهن؟, فقلت له بهمس ايضا هسه خلي نلكه الواير والصخول شغلتهن بسيطه... تره ابوك صاير نار وخاف يطلع قهر الواير بظهرك!!!

باءت بالفشل كل محاولات الاب المضنية  بالعثور على الواير المعطوب,,, تفحصنا جميع الاسلاك حتى وصلنا جدار بيت المحولة ولم نعثر على مكان القطع وعند كل عمود كهرباء ننتقل اليه .. كان عبودي يطالب بالصعود لانه يدعي معرفة الخلل..!!! وكاد ان يحصل على ضربة على راسه من ابيه,, لولا تدخلي .. لايقاف هذا الاعتداء السافر على هذا الكائن الغريب.. فعبودي لايخاف ابداَ رغم التهديدات والصفعات التي يتلقاها يوميا من الجميع.....ويفعل مايفكر به وهذا سر تعلقي به .

في طريق العوده سألني بصوت منخفض بعيدا عن مسامع ابيه ... ان ادس في يده ربع دينار لاشراء طكَطاكَات.نقتسمها بيننا. يفجرهو حصته عندما ينام اهله ....فقلت له الا يكفي ياحبيبي كل هذه الانفجارات والرمي العشوائي في البلاد... حتى تزيده قلقاً وتوتراً.

فكشر عن اسنانه مرة اخرى ليقول بتوسل وكأنه لم يسمعني ....عليك الله اطيني ربع!!!!.


عباس العزاوي

مشاهدة الموقع بالنسخة العادية