مقالات

سامي جواد كاظم

السيد السيستاني بين ولاية الفقيه والعلمانية

06/09/2015 20:53
ولاية الفقيه هب الولاية المطلقة للفقيه في ادارة امور البلد وهو من يشرع القوانين او تحت اشرافه وبموافقته ، والعلمانية ترفض رفضا قاطعا تدخل الفقيه في ادارة الدولة ، ومثل هذه الاختلافات يكون سببها الاختلاف في التعريفات مثلا تعريف الدين او الفقيه او القانون وما الى ذلك من مفردات تدخل ضمن مفهوم المصطلحين اعلاه .
والسيد السيستاني يفترق ويلتقي في نقاط مع الاثنين وفي الوقت ذاته له تعريفه الخاص للدين والقانون والدولة ، ففي بعض الاحيان يتدخل السيد السيستاني في بعض قرارات الدولة كناصح ومرشد او ابداء راي وحتى رفض قرار، وفي بعض الاحيان يرى ان لا شيتدخل في بعض الامور .
في مؤتمر ثقافي عقد في بيروت تحدث احد الحضور قائلا ان السيد السيستاني لايؤمن بولاية الفقيه ، فاجابه اخر ان السيد السيستاني هو من غير رئيس وزراء العراق، ولان الاثنين على ما اعتقد ليست لهم رؤيا سليمة بخصوص تدخل السيد السيستاني ببعض ما يعترض العراق من مشاكل ادى الى هذا الاختلاف .
من اولويات المرجعية واي رجل دين الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهذا المعروف او المنكر ليس هو معروف سياسي او منكر سياسي او اجتماعي او ديني وما الى ذلك فالمعروف هو معروف بكل اشكاله والمنكر هو منكر بكل اشكاله ،في ظروف معينة لا تستطيع الامر بالمعروف او النهي عن المنكر، هذه الظروف لكل شخص رايه في تشخيصها ، وكل قرار ان لم تكن له ارضيته ومستلزماته السليمة حتى وان كان بحد ذاته سليم لا يمكن ان يتخذ ، على سبيل المثال اية صدقة النجوى فهي عظيمة بحد ذاتها والتي عمل بها امير المؤمنين عليه السلام فقط ،وطالما لم تتوفر مستلزماتها فقد علق العمل بها ، يوم التحكيم يوم صفين هل كان صحيحا من وجهة نظر الامام علي عليه السلام ؟ الكل يعلم انه غير صحيح، وبالرغم من ذلك فقد تم ، لان الظروف اصبحت لا تساعد على استمرار الحرب، وصلح الامام الحسن عليه السلام مع معاوية ، وقد اكد ذلك عليه السلام بعد الصلح في خطبته التي قال فيها: إن معاوية زعم لكم أني رأيته للخلافة أهلا، ولم أرنفسي لها أهلاً، فكذب نحن أولى الناس بالناس في كتاب الله عزّ وجلّ على لسان نبيّه، ولم نزل – أهل البيت – مظلومين منذ قبض الله نبيّه، فالله بيننا وبين من ظلمنا، وتوثّب على رقابنا، وحمل الناس علينا، ومنعنا سهمنا من الفيء" هذه الظروف ادت لان يترك الحسن عليه السلام تغيير المنكر من اجل عدم وقوع منكر اكبر منه
هنالك اجواء سياسية نتنة لا يصح ان يكون للفقيه راي فيها ليس لان الفقيه عاجز عن اتخاذ قرار بشانها بل لان العاملين في هذه الاجواء لا يلتزمون بالنصيحة او ان هنالك من يتصيد بالماء العكر فيفسر قرار الفقيه وفق تفسيرات سيئة ويستطيع اعلاميا ان يؤثر بالاخرين فيكون صورة غير سليمة عن الفقيه ، فالترك اولى.
والمواقف التي تدخل بها السيد السيستاني اثبتت بعد نظره وصحة قراره ودائما ينظر السيد الى البعيد الى المواطن،  الى الوطن، الى المقدسات،  تحت خيمة الدين الاسلامي وليس خارجه ، هذه المواقف ترد على العلماني الذي لايؤمن بتدخل الفقيه في ادارة الدولة ، وفي نفس الوقت هنالك حالات تستوجب نصيحة السيد ولانهم لا يلتزمون فانه لا يعطي رايه وحتى يغلق بابه بوجه السياسيين ، وهذه المواقف بخلاف مبدا ولاية الفقيه.
فكل امر يتطلب قرار يتم دراسته وفق معطياته بغض النظر عن تصنيفه ( سياسي ، ديني، اجتماعي) فان الدين الاسلامي دين الكمال وعلى ضوء ذلك يكون راي السيد السيستاني ، فان استحق الامر قرار كان بها ، والعكس بالعكس .

مشاهدة الموقع بالنسخة العادية