يمر عام على وفاة البرلمان..الكل يتذكر الأحداث التي سبقت دفن هذا البرلمان حيا في 12 – 10 - 2015 ، من سلسلة الاجتماعات وتشكيل اللجان وعقد اللقاءات على إمتداد عدة أشهر لأجل البحث عن توافقات سياسية لم تتحقق لحل معضلة كرسي رئاسة الإقليم، فتم اللجوء نكاية عن فقدان الحل الى سياسة تجويع الشعب وإرهاب القوى السياسية وكيل الإتهامات لها، وما رافق كل ذلك من رفع شعارات رنانة طنانة بهدف التغطية على جريمة قتل البرلمان، تارة بخداع الشعب بسياسة الإقتصاد المستقل، وأخرى بإثارة مسألة الإستفتاء، وآخرها إعلان الطلاق مع بغداد والتلويح بتأسيس الدولة الكردية المستقلة تحت ذريعة" مادام لدينا الخيار والطماطم"(1) فنحن قادرون على تأسيس دولتنا المستقلة.
حينذاك كانت إتهامات العمالة وبث الفوضى تكال لكل من ينتقد الوضع السياسي بالإقليم، ولكن الذي حصل هو ما نراه ونلمسه اليوم من أوضاع غاية في التدهور والتراجع..فالبرلمان أصبح في طي النسيان، وكرسي الرئاسة أصبح العجيبة الثامنة من عجائب الدنيا السبع، وتحول طرد وزراء الحكومة بشكل مؤقت الى أمر مفروغ منه، وأصبحت شنكال في خبر كان وبناتها العذارى السبايا لايذكرن إلا في قصائد الشعراء، والخنادق الفاصلة بين أجزاء كردستان تم تثبيتها كأمر واقع، وتم بيع كردستان الشمالية، وأنتهكت حرمة وسيادة إقليم كردستان تحت بساطيل الجندرمة التركية، وتحول حزب العمال الكردستاني بين ليلة وضحاها الى منظمة إرهابية ومقاتلوها مجرد أكراد الجبال يفترض أن يتركوا أرض كردستان.. كل هذه الأمور طواها النسيان وغدا من الماضي، وأصبح الشغل الشاغل الآن هو فقط عملية تحرير الموصل على يد جماعة 32 آب.
ولكن في خضم الحديث المتكرر عن تلك العملية، لا أحد يذكر شيئا عن غرفة العمليات العسكرية التي تشكلت من طيف واحد، ولا أحد يسأل عن مصير كل تلك الأسلحة الثقيلة التي أصبحت تحت يد طرف واحد قد لا يتردد يوما من إستخدامها ضد شعبه، ولا أحد يعلم شيئا عما يجري من إتفاقات خلف الكواليس..
أنه لأمر محزن أن يفوتنا وضع إكليل من الزهور على ضريح البرلمان قرب سيطرة ديكةلة (2) بمناسبة مرور عام على رحيله، وما يؤسفنا أكثر هو أن هناك مجموعة تسعى حاليا لشد رحالها نحو حزب بارزاني الذي كان وحده وراء كل هذه المآسي والكوارث التي حلت بشعبنا وبكردستاننا..
الهوامش:
(1) تقصد الكاتبة التصريح الذي صدر عن وزير الموارد النفطية بحكومة إقليم كردستان حين تحدى الحكومة الإتحادية بقوله" أن بيع النفط عندنا كبيع الخيار والطماطم في الأسواق".
(2) سيطرة ديكةلة هي النقطة الفاصلة بين منطقتي نفوذ حزب بارزاني والإتحاد الوطني وتقع على منتصف الطريق الرابط بين أربيل وكويسنجق.
"سارابريس"