مقالات

داخل السومري

وطن شيد السومريون صرحه تتهدم الوهابية وبناتها ولا يتهدم

27/07/2016 18:54
كم تأثرت بمقال الكاتب الفاضل حسن حاتم المذكور والموسوم" السومري لا ينحني ولا ينكسر" والمنشور حاليا على جريدة الاخبار، وفيه يتخيل لقاءه بالبطل السومري جلجامش وملكة سومر العظيمة شبعاد. احسست وكأني كنت عائشا بين ظهرانيهم وقد فارقتهم فراقا طويلا ومؤلما. يقول علماء التاريخ والاجتماع الرجوع الى التاريخ امرا ضروريا، لكي نعرف حاضرنا وكيف تغيرنا. هل تغيرنا الى حال أفضل من ماضينا ام أسوأ. لو كانت دويلات المدن السومرية متواجدة الآن لهرع اليها كل العراقيين هربا من وضعهم المأساوي الذي يعيشون فيه. الوحيدون الذين لا يهرعون اليها هم اللصوص وسراق المال العام الذين وفدوا من الخارج على ظهور الدبابات الامريكية.

تصور ردود فعل السومريين لو ظهروا الان وألقوا نظرة على ما يجري في بلد شيدوا صرحه وبنوا فيه حضارتهم التليدة من قبل سبعة آلاف عام. ومما سيجلب انتباههم ويثير دهشتهم هو تفشي المظاهر الدينية وسيطرة رجال الدين على عقول احفادهم وورثة حضارتهم السومرية. ومما سيثير دهشتهم واستغرابهم هو المسيرات المليونية التي يقوم بها احفادهم بين فترة وأخرى الى معابدهم، ويزدادون فزعا عندما يشاهدون البعض يطبرون رؤوسهم بالسيوف وتسيل دماءهم على وجوههم، ثم يشاهدون لطم الصدور العارية، وضرب الضهور بالزنجيل، فيزدادون هرعا ورعبا من هذه المناظر المقززة. فيتساءلون: أي دين هذا الذي تدينون به، وكيف تقبلون هذا لأنفسكم.

ثم يشاهد السومريون العربات التي تسير بلا خيول، فيعلق السومريون على هذا التقدم ويزدادون فخرا ويقولون نحن اجدادكم اوجدنا العربة التي تجرها الخيول وأنتم طورتم هذا الى عربات تسير بلا خيول. فيرد عليهم أحد الاحفاد ويقول: اننا لن نفعل هذا ولاكن اقواما أخرى هي التي قامت بهذا ونحن نشتري هذا منهم. ويستطرد هذا الحفيد بالقول: يا اجدادنا عليكم ان تعلموا ان احفادكم قد غلقت عقولهم منذ 1400 سنة. اتتذكرون يا سيدي البدو الرحل الذين كنتم تضحكون وتستهزؤون من طريقة عيشهم وتخلفهم، هؤلاء هم من غزى بلد حضارتكم وفرض علينا دينا بحد سيوفهم، ومن يومها بقي همنا وتفكيرنا منحصرا باللطم والتطبير وسماع الروذخونيات، فكيف تتوقع منا أي تقدم، بل نحن ياسيدي تخلفنا عن حضارتم بآلاف السنين. 

 ثم يسأل السومريون عن مشاهد التفجير والقتل اليومي لأحفادهم: من يفعل بكم هذا؟ فيرد عليه أحد الاحفاد: انهم يا سيدي القوم الذين كنتم تضحكون على تخلفهم الذين نسميهم داعش. فرد السومريون متسائلين: كيف تسمحون لهم ان يفعلوا كل هذا فيكم وأنتم أكثر عدد وعدة منهم؟ فرد الحفيد انها الطائفية التي اوجدها دين الاعراب، وقسمنا الى شيعة وسنة. وبسبب ضعفنا وجهلنا تسلط علينا حكام جاؤونا من خلف الحدود، وهم اشد وطأة من داعش علينا، لا يؤمنون بتراثكم الحضاري ويعتبرونه تراثا وثنيا، لأنهم متلبسين بدين الاعراب، وباسمه يسرقون مالنا العام وتركوا احفادكم يعانون ليس من القتل اليومي فقط بل من الفقر والجوع وسوء الخدمات.

ثم التفت السومريون الى احفادهم من النساء وتساءلوا: ماذا يجري لأحفادنا من النساء، اننا نراهن وكأنهن دون مستوى البشر، في زماننا كانت النساء هن اسيادنا، ومنهم مليكتنا العظيمة شبعاد، وألهة الحب انانا، ثم لماذا هن داخل أكياس سوداء؟ فيرد الحفيد السومري ويقول: انه دين الاعراب يا سيدي.

ثم لاحظ السومريون ان احفادهم في مجاميع تسمى العشائر يتقاتلون فيما بينهم لأسباب تافهة، فيفسر له الحفيد ان هذه العشائرية وجدت ليسيطر الحكام من خلالها على الشعب، فترى الحكام في كل زمان يساندونها ويشجعونها ويفضون اليها بالجهل والتخلف، حتى هي مع الدين تجعل من الناس قطيعا سهل الانقياد.

وشكي الاحفاد همهم وغمهم الى الأجداد، وقال الاحفاد: تعرفون يا اجدادنا ان القوم ضيعوا هويتنا وبدلا من ان ينادوننا بالسومريين، صاروا يطلقون علينا عربا، لأن الاعراب استعربونا وطمسوا حضارتنا وأنسونا تراثكم وأبدلوه بتراثهم البدوي الإرهابي المتخلف. فهل لكم ان تبعثوا الينا البطل السومري جلجامش ومعه انكيدو ليقضوا على همبابا الذي ينكل بنا ليل نهار. ولا تيأسوا يا أجدادنا، فأحفادكم بعدما عانوا ولقرون طويلة من فقدان الهوية والتخلف، سيعودون وبكل قوة الى هويتهم الرافدينية المشرفة ويبنون على ما بنيتم وسيلتحقون بركب العالم المتحضر رغما عن انف الاعراب ودين الاعراب. وودع الاحفاد الأجداد بهتاف:
عاش العراق سومريا اكديا بابليا آشوريا.  

مشاهدة الموقع بالنسخة العادية