المقدمة ..
في خضم الاحداث المتسارعة والتغييرات الجذرية التي تمر بها منطقتنا عموماً وكوردستان على وجه الخصوص ، وبعد مواكبتي للأحداث لأكثر من اربعة عقود ومطالعة العديد من البحوث العلمية والمذكرات المتباينة والمقابلات الصحفية والسجالات وبعض الرسائل الجامعية الرصينة التي تهتم بالشأن العراقي والحركة التحررية في كوردستان ، تأملت واطلت التفكير وقررت ان اكتب لمحات عن تاريخ الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي انبثق كحتمية تاريخية موضوعية، كيف نشأ وخلفية ومبررات التأسيس .. بما عاصرته وعايشته.. وسأسعى جاهداً في بحثي هذا الى ذكر اسماء المئات من الابطال والمناضلين المجهولين الذين ساهموا بدمائهم في بناء فصيل قومي تقدمي كوردستاني مؤمن بالكفاح العربي الكوردي وبالديمقراطية والفيدرالية وبحق الشعوب في التحرر والاستقلال وتقرير مصيرها.
وكان لابد ان اتصفح التاريخ القديم والحديث والمعاصر والقي نظرة على المواثيق والمعاهدات السياسية في الشرق الاوسط عموماً ، واُبين المراحل التي مرت بها كوردستان والحركة التحررية الكوردية.
فما اضعه بين يدي القراء ليست مجرد سيرة ذاتية، بل كتابة لتأريخ فترة محددة من عمر الحركة السياسية الكوردية ، انطلاقاً من مسؤوليتي التأريخية ووفاءاً لآلاف المناضلين الذين سعوا بارواحهم وبذلوا الغالي والنفيس لترسيخ نظام ديمقراطي في كوردستان وعموم العراق، تحفط فيه الحقوق المدنية والعدالة وتصان الواجبات، وان لم يكن بالشمولية والتشعب المطلوبان.. فالمعلومات والتسلسل التأريخي للاحداث، ذكرتها بواقعية وكما هي بعيدا عن اية تأثيرات شخصية او نوازع ذاتيه او رؤية ضيقة للاحداث ، مع الاستفادة من نصوص التسلسل التأريخي للأحداث، على أمل ان ينتفع بها القراء، فضلاً عن امكانية الاعتماد عليها او الاستدلال بها احياناً كثيرة اخرى ، كمرجع توثيقي لتأريخ الثورات الكوردية في كوردستان..
راجياً كل من يقرأ هذا البحث ان يدلني على جوانب قد اكون أغفلتها أو نسيت ذكرها ، لاقوم بها سردي هذا ، واكمل بها بحثي كي تحفظ ، ويتم الاستفادة منها، كمرجع تأريخي لمرحلة مفصلية حساسة من تأريخ كوردستان العراق.
(نبذة من التأريخ)
يعتبر الشعب الكوردي وبحسب الشواهد التاريخية والانثروبولوجية والدراسات العلمية المستقلة من الشعوب الهندو اوربية (الارية) التي سكنت المنطقة منذ الاف السنين وسموا بالميديين وتصنف لغتهم وتدرج في خانة اللغات الايرانية القديمة ، وقد تم الاشارة الى الكورد وصلابة ومقاومتهم، قديما اثناء حملة اسكندر المقدوني على الشرق.
اثناء الحملة التي قادها اسكندر المقدوني على الشرق يسجل للكورد بانهم تصدوا بكل شجاعة واقدام لتلك الحملة ، لذلك فان المأرخ اليوناني زينفون (355 – 427) قبل الميلاد ، والذي كان مقربا من الامير كورش في ايران ( 424) قبل الميلاد ، والذي تمرد عن اخيه الملك ترتحشا بمساعدة الاسبارطيين اليونان الذين ارسلو له جيشا عظيما لينتزع التاج من اخيه الملك ترتحشا ، ولكنه قتل في اول حرب تصادم بها مع اخيه ترتحشا قرب مدينة بابل .
وفي المحصلة اضطر زينفون الذي كان يعرف بحنكته وحكمته في سرد التأريخ وابداء النصح وادارة الجيوش اليونانية، والذي كان يقود جيشا قوامه 10 الاف مقاتل اضطر الى الانسحاب عن طريق جبال كوردستان .
يَذكر زينفون عن الكورد في احدى كتبه بانهم من سكنة الجبال ويقول (الكرد يسكنون الجبال الوعرة وهم قوم شجعان وذو باس كبير ولم يخضعوا يوما للملك). حتى انه يذكر ان جيش قوامه مئة الف مقاتل اغار على كوردستان، ولكن لا احد منهم عاد الى بلاده سالما .
المصدر (حملة العشرة الف – زينفون ) ترجمة افرام متي (ص- 116)
كلمة الكورد في القاموس العربي تعني سكان الجبال .
زينفون اطلق عليهم مصطلح الكاردوزيين بعد ان هجموا على الجيش الروماني الذي مر عام (400) قبل الميلاد من منطقة شمال شرق منطقة بحيرة (وان) في كوردستان تركيا .
كذلك تحدث الولات في مرحلة بدايات الاسلام عن الكورد وتمسكهم بالقيم والاعراف والعادات والتقاليد الاجتماعية والاخلاقية واَلو الامر منهم .
(الكورد في التاريخ)
تعني لفظة الكورد في المعجم العربي بسكان الجبل واطلق عليهم زينفون تسمية "كردوخ" وهم الذين هاجموا الجيش الروماني أثناء عبوره للمنطقة عام(400) قبل الميلاد في المنطقة الواقعة جنوب شرق بحيرة وان (كوردستان تركيا الحالية). وتحدث الولاة في صدر الاسلام ايضاً عن الكورد والتزامهم بالقيم وبالدين الاسلامي الجديد وبالمواثيق ومعاملات الخراج ودعم بيت المال، علما انهم كانوا يدينون بالدين الزرادشتي التوحيدي قبل وصول المسلمين الى كوردستان ، كما اعتنق قسم اخر منهم الاديان السماوية الاخرى التي سادت كوردستان كالمسيحية واليهودية.
وذكر الخليفة الرابع الامام علي ابن ابي طالب (ع) الكورد في احد رسائله
، التي وجهها الى والي العراق وسماهم بأكراد الشمال وحددهم بالسكان القاطنين شمال سلسلة جبال وهضاب حمرين.
ارتبط الكورد بالشعوب المجاورة العربية والفارسية والاذرية والتركية والبلوجيه والكلدانية والاشورية والارمينية بعلاقات ووشائج تأريخية ، حيث تلاقحت بينهم الحضارات الانسانية والثقافات والعادات الشعبية عبر التاريخ، عن طريق التجارة والتفاعل تارة، وتارة اخرى عبر الحروب التي شهدتها المنطقة.
كان للكورد رجال دين معروفين وقادة ساهموا في الفتوحات الاسلامية في بلاد الهند والسند وباكستان وجزر اندنوسيا والاناضول، وبرز اسم القائد الكوردي الاسلامي البارز صلاح الدين الايوبي في منتصف القرن الثاني عشر الميلادي خلال الحروب الصليبية في بلاد الشام ، وعرف كمحرر بيت المقدس ورمزا وقائدا للعرب والمسلمين حتى يومنا هذا.
اسس الكورد الدولة الايوبية في الشام ومصر، وبعد ان توفي القائد صلاح الدين الايوبي في الشام عام (1193م) ودفن في الجامع الاموي بدمشق ، كتب على قبره بأنه كان من القومية الكوردية ، كما ان العديد، من القادة الكورد في كوردستان دفنوا في بلاد الشام (دمشق، حماه، حمص، الساحل) ومصر.
وفي فلسطين ما زالت هناك المئات من العوائل الفلسطينية التي تعتز بأنتسابها للناصر صلاح الدين الايوبي، وهناك الان عشرات الكوردية الاصيلة في دمشق ومصر وليبيا.
ففي الخليل هناك عوائل ذات اصول كوردية ولهم تجمع بأسم (تجمع العائلات الايوبية) ومنهم رئيس بلدية الخليل خالد العسيلي ووزير الاقتصاد الفلسطيني محمد حسونة ، ومن العوائل الكوردية الايوبية المعروفة عوائل زلوم وطهبوب والمحتسب وحسونة والعسيلي..
وفي القدس هناك عوائل كوردية عريقة وفي منطقة بيسان/ طبرية مثل عائلة العباسي وفي الناصرة، وفي صفد تعيش عوائل كثيرة ابرزها عائلة مراد والاسدي.. وكان الكورد وما زالوا في فلسطين الى جانب اعتزازهم بأصولهم الكوردية، فأنهم يقفون في الصفوف الامامية في جبهات النضال الوطني التحرري الفلسطيني.
ان شعب كوردستان العراق الذي هو جزء من الامة الكوردية المقسمة حالياً بين تركيا والعراق وايران وسوريا والذي عانى من الجور والظلم لعقود خلت.
وظهر ذلك جليا بعد القرن السادس عشر الميلادي من حكم الامبراطوريتين العثمانية والصفوية – القاجارية التي كانت بالغة الغلو في مركزيتها، ما ادى الى سلب الكورد حريتهم وتجريدهم من حقوقهم الطبيعية، وحرمتهم واستكثرت عليهم ما اقرت به المواثيق الانسانية والاسلامية من حقوق مدنية وسياسية واقتصادية واجتماعية.
(بدايات المشكلة الكوردية):
ظهرت المشكلة الكردية بصورة جلية واضحة في العصر الحديث ، عند اصطدام الدولتين الصفوية والعثمانية عام (1514م) في معركة جالديران التي كانت معركة دموية واسعة غير حاسمة، كان من نتائجها تقسيم منطقة كوردستان عملياً بين الدولتين الصفوية والعثمانية.
كانت كردستان قبل عام (1514م) تسود فيها إمارات مستقلة تحكمها عوائل اقطاعية متنفذة منشغلة بتنظيم شؤونها الداخلية ، الا ان سوء معاملة الشاه اسماعيل الصفوي ، إضافة الى الاختلاف المذهبي اديا الى اصطفاف اكثرية الامارات الى جانب الدولة العثمانية، فضلاً عن جهود العلامة ملا ادريس البدليسي وهو (من سكان كوردستان تركيا) والذي لعب دوراً كبيراً في استمالة الكورد الى جانب الدولة العثمانية، وجاءت المعركة المذكورة لتضع اغلب اراضي كوردستان تحت سيطرة العثمانيين وبقيت مناطق صغيرة من كوردستان تحت هيمنة السلطة الصفوية وهي مناطق (كرمنشاه، لورستان، لكستان، وكل منطقة ايلام) في ايران و(خانقين وشرق حمورين ومندلي) في العراق الحالي.
في عام (1515م) قام العلامة الملا إدريس البدليسي ، بعد تفويضه من قبل السلطان العثماني، بتوقيع اتفاقية مع الأمراء الكورد، تضمنت اعتراف الدولة العثمانية بسيادة تلك الإمارات على كوردستان، وبقاء الحكم الوراثي فيها، مع مساندة الأستانة لها عند تعرضها للغزو أو الاعتداء الخارجي مقابل أن تدفع الإمارات الكوردية (بوتان وسوران في رواندوز وبابان في السليمانية) و(بادينان، ديار بكر، بتليس) في تركيا الحالية، ظرائب سنوية كمؤشر على تبعيتها للدولة العثمانية، وفي المقابل تشارك الامارات الكوردية إلى جانب الجيش العثماني في أية معارك تخوضها الإمبراطورية العثمانية، والدفاع عنها بوجه التدخلات المتنوعة للامبراطوريتين الصفوية ثم القاجارية ، كما اعلنت الامارات الكوردية استعدادها للمشاركة الى جانب الدولة العثمانية في اية حروب تخوضها ضد الروس او الايرانيين او اليونان او اية دولة اخرى ، كما غدا ذكر اسم السلطان العثماني من على منابر الجمعة والدعاء له احد الاعراف السائدة.
في عام (1555م) عقدت الدولتان التركية العثمانية والايرانية الصفوية اتفاقية ثنائية عُرِفت بـ "أماسيا"، وهي اول معاهدة رسمية بين الدولتين، وتم بموجبها تكريس تقسيم كوردستان رسمياً وفق وثيقة رسمية نصت على ترسيم الحدود بين الدولتين، وخاصة في مناطق شهرزورالتي كانت تشمل (كركوك والسليمانية وحلبجة وكوي سنجق وعقره واربيل الحالية) و(قارص، وبايزيد وديار بكر) وهي مناطق ذات غالبية كوردية في تركيا.
تمثل سلسلة جبال زاكروس حدودا طبيعية فاصلة بين العراق وايران ، لانها تظهر على شكل سور عظيم يتجه شمالاً الى ما لا نهاية، الامر الذي ساعد بشكل كبير عمل لجان المتابعة والمساحين الذين عملوا على تثبيت الحدود بين الامبراطوريتين العثمانية في تركيا والصفوية في ايران، الا ان السلطان العثماني موراد الرابع (1609 – 1640) احتل بالقوة مناطق بغداد والنجف والبصرة وكوردستان من الملك الصفوي في ايران عباس الاول (1557 -1629) . حسب الاتفاق الموقع بين الدولتين ، فأن المناطق العربية في ايران مثل (عبادان والاهواز) ، والتي خضعت لاحقاً لحكم الشيخ خزعل، كانت جزء من الامبراطورية العثمانية اثناء الحرب العالمية الاولى،وكذلك ولاية ثشتكوة، التي تزعمها الوالي علي قولي خان الفيلي ، ما يعني ان ولايتي عربستان و ثشتكوة كانتا تابعتين اسمياً للامبارطوية العثمانية. وهي جزء من العراق الجديد.
تبعت تلك المعاهدات، معاهدات واتفاقيات لاحقة منها: معاهدة "زهاو" لتنظيم الحدود عام (1639م) بين شاه ايران عباس الصفوي والسلطان العثماني مراد الرابع، وتم التأكيد على معاهدة "أماسيا" فيما يخص ترسيم الحدود بين الامبراطوريتين العثمانية والايرانية الصفوية، الامر الذي زاد من تعميق المشكلة الكوردية، لتأتي معاهدات أخرى وتزيد من حدة تعقيدها مثل "أرض روم الأولى" (1823م)، و"أرضروم الثانية" (1847م)، واتفاقية طهران (1911م)، واتفاقية ترسيم الحدود بين الدولتين: الإيرانية والعثمانية عام (1913م) في الأستانة، وكذلك بروتوكول الأستانة في العام نفسه.
(تقسيم كوردستان)
كرست جميع تلك المعاهدات تقسيم كوردستان بشكل مجحف ودون العودة الى رأي شعبها ، وبسبب ذلك كانت المشكلة الكوردية تتعقد يوماً بعد آخر، لا سيما بعد بدء انتشار الأفكار التحررية القومية العربية والكوردية والارمنية والآذرية في الشرق ،، وبالاخص منذ بدايات القرن التاسع عشر، حيث بدأت الدول الأوروبية تحتك بكوردستان عن طريق الرحّالة الأجانب والإرساليات التبشيرية الالمانية والفرنسية والانكليزية والروسية، وكذلك عبر بعض القنصليات في (تبريز والاستانة وطهران وحلب ودمشق)، وكان من أهمها البريطانية والروسية والفرنسية ثم الأميركية.
واصبحت القاهرة مركزاً مهماً لنشر الروح الوطنية الكوردية وصدرت فيها اول صحيفة كوردية في القرن التاسع عشر.
ومن هناك نشطت عائلة بدرخان القومية التحررية الكوردية سياسياً.
وقد كان للسياسات العنصرية التي اتبعتها حكومة الاتحاد والترقي بعد استلامها للسلطة في تركيا وتنحية السلطان عبد الحميد عام 1909م ، دور أساسي في تنامي النزعة القومية لدى الشعوب التي كانت ترزح تحت الحكم العثماني ، فضلا عن الرغبة في التحرر من هيمنة وسطوة الاتحاديين والسعي لتأسيس الدول القومية الحديثة الخاصة بها ، على غرار الانظمة الاوربية .
مارست كل تلك البعثات الاوربية أدواراً مهمةً في تحفيز العشائر الكوردية ضد الدولة العثمانية خاصةً، ومن ثم الإيرانية، وتمكنوا من خلال تحفيز الكورد على المطالبة بحقوقهم القومية، من ضمان موطئ قدم لهم وتأمين النفوذ لهم في الدولة العثمانية.
على الرغم من كل ذلك ، فإن الدولتين العثمانية والايرانية لم تتمكنا من بسط سيطرتهما على كوردستان، لأسباب عدة ، منها مقاومة الكورد للولات والحكام الذين حكموهم بالقوة، عبر فرض الضرائب والجزية والاتاوات على السكان ، هذا الى جانب وصول اخبار النهضة العربية وتململ الشعوب من تقييد حرياتها ، اضافة الى طبوغرافية كوردستان المعقدة، ودفاع الكورد عن اراضيهم الزراعية وممتلكاتهم ببسالة.
(احتدام الصراعات الدولية في الشرق الاوسط)
يمكننا القول ان اشتداد الصراع الدولي في الشرق الاوسط وخاصةً بين القوتين العظيمتين البريطانية والروسة، أثر سلبا على مستقبل الشعب الكوردي، وأخرج المشكلة الكوردية من الطابع الإقليمي الذي كان يغلفها ، الى الطابع الدولي، كما يتضح من خلال النقاط الاتية:
أولاً: الاتصال المبكر بالكورد من قبل روسيا عبر قنصليتهم في تبريز في ايران، ثم بريطانيا حيث كانت الحكومة الروسية شديدة الاهتمام بأوضاع البلدان والشعوب المتآخمة لحدودها.
بينما كانت الحكومة البريطانية تنظر بقلق الى المطامح الروسية التوسعية خوفاً من ان يمتد الروس الى بلاد مابين النهرين. وكانت شركة الهند الشرقية (البريطانية) من اهم بؤر جمع المعلومات عن المنطقة، كما كانت هناك محاولات فرنسية للتغلغل في كوردستان عن طريق الارساليات التبشيرية ، فضلا عن تواجد محطات فاعلة لهم في دمشق والموصل.
ويمكن القول ان أمريكا كانت موجودة في المنطقة على عكس ما كان شائعًا من تطبيقها لمبدأ "مونرو" ، الذي كان يؤكد على عدم التورط في المشاكل السياسية خارج أمريكا.
ثانياً: محاولات الكورد انفسهم للتقرب من الحكومات الاجنبية للحصول على دعمهما السياسي واللوجستيي، وخاصة البريطانية في بداية القرن العشرين، حيث كانت جهود الجنرال شريف باشا واضحة في هذا المجال، إذ حاول الاتصال بالإنكليز عام (1914م) ، كي يعرض صداقة الشعب الكوردي لبريطانيا العظمى، لكن الحكومة البريطانية لم تستجب له.
وبحلول عام (1918) وعند احتلال بريطانيا العراق ، طلبت وزارة الخارجية البريطانية من السفير (برسي كوكس) ان يلتقي بشريف باشا في مدينة مرسيليا الفرنسية ، لمجرد الأستماع الى تفاصيل اكثر عن الكورد وقضيتهم لا غير.
ثالثاً: اتفاقية سايكس بيكو عام (1916م)، حيث اجتمع وزراء بريطانيا وفرنسا في روسيا، ودارت بينهم مباحثات سرية حول الترتيبات المقبلة للشرق الأوسط، بعد أن أصبحت هزيمة ألمانيا وحليفتها الدولة العثمانية وشيكة، وتضمنت الاتفاقية تقسيم تركة الدولة العثمانية بعد ان انتهت جميع العمليات العسكرية على جبهات القتال كافة بين القوات العثمانية – الالمانية من جهة وجيوش الحلفاء في الحرب العالمية الاولى من جهة اخرى ، وبموجب اعلان هدنة (موندوس) في 30/10/1918 بين الطرفين، وبما ان القسم الأكبر من كوردستان كان يرزح تحت سيطرة الدولة العثمانية ، فقد شمله التقسيم، وكرس الوضع الجديد وضعا اكثر تعقيدا وتعمقت بموجبه المشكلة الكوردية ، حيث تُعَدُّ معاهدة سايكس بيكو أول معاهدة دولية اشتركت فيها ثلاث دول كبرى، تحطمت اثرها الآمال الكوردية في تحقيق حلمهم في تقرير المصير. وهنا لعبت بعض العشائر الكوردية دوراً سلبياً لعرقلة مساعي الدبلوماسي الكوردي إحسان باشا وزملائه المتنورين، واعلنوا عن ولائهم لسلطان الاستانه وتمسكهم بالدولة العثمانية التي كانت ترفع راية الاسلام ومحاربة الانكليز والروس.
(ألاوضاع في كردستان بعد الحرب العالمية الاولى)
برزت امكانية حل المشكلة الكوردية الى الوجود للمرة الأولى في اعقاب الحرب العالمية الاولى، ولعل من اهم اسبابها ايجاد منطقة عازلة بين اتراك الاناظول (تركيا الحالية) والاقوام التي تتكلم اللغة التركية في آسيا الوسطى (كازغستان، تركمانستان، تاجيكستان، قرغيزستان والقفقاز) وبصورة خاصة في اذربيجان.
وقد تحرك الكورد وبذلوا جهودًا مضنية لإيصال صوتهم إلى مؤتمر الصلح في باريس عام (1919م) على امل ان ينالوا حقوقهم المشروعة، ولا سيما بعد أن صرح رئيس الولايات المتحدة الأميركية (ويدرو ويلسون) بحق الشعوب في تقرير مصيرها في بنوده الأربعة عشر المشهورة، ولم يكن للكورد انذاك كيان سياسي مستقل حتى يشارك وفدهم رسميًّا في ذلك المؤتمر، شأنهم شأن القوميات والشعوب المضطهدة الأخرى، ولذلك خَوَّل الشعب الكوردي من خلال زعماء العشائر والتجمعات السياسية الجنرال شريف باشا لتمثيلهم والمطالبة بالحقوق الكوردية المشروعة.
تجدر الاشارة هنا الى أن الشيخ محمود الحفيد الذي ينحدر من عائلة دينية متنفذة، كان يدعو الى الانفصال عن الاستانة وتاسيس الدولة الكوردية المستقلة ومركزها السليمانية التي كانت جزءاً من ولاية الموصل.
ولتحقيق مبتغاه اجرى العديد من الاتصالات بالروس ، فأرسل في آب عام 1913 ممثلا عنه الى القنصل الروسي في بغداد (ألوف) ومندوباً آخر الى القنصل في الموصل السيد (كريسانوف) فلم يتلقى موقفاً ايجابياً.. كما انه خاض مع اكثر من الف من مقاتليه الاشداء غمار معركة ضارية في الشعيبة بالبصرة، جنباً الى جنب مع الالاف من ابناء العشائر العربية ، للتصدي للجيش البريطاني ، الذي كان يروم غزو العراق عبر البصرة.
ويؤكد المؤرخون بأن الشيخ محمود لم يتصدى للأنكليز حباً بالاتحاديين الاتراك بل تضامناً مع العشائر العربية العراقية ومراجعهم الدينية (الشيعية) في مناطق الجنوب والفرات الاوسط .
واصدر الحلفاء بعد استكمال تحضيراتهم للمؤتمر(مؤتمر باريس) قراراً في شهر كانون الثاني (يناير)1919م نص على ما يلي :
(إن الحلفاء والدول التابعة لهم قد اتفقوا على أن أرمينيا وبلاد الرافدين وكوردستان وفلسطين والبلاد العربية يجب انتزاعها بكاملها من الإمبراطورية العثمانية).
وانطلاقًا من هذا القرار قدم ممثل الكورد الجنرال شريف باشا ، وكان أحد الشخصيات البارزة في الدولة العثمانية ، مذكرتين مع خارطتين لكوردستان إلى المؤتمر، إحداهما بتاريخ (21/3/1919م)، والأخرى يوم (1/3/1920).
كما طلب من القائمين على اعمال المؤتمر تشكيل لجنة دولية تتولى ترسيم الحدود بموجب مبدأ القوميات، لتصبح كوردستان المناطق التي تسكن فيها الغالبية الكوردية، إضافة إلى تاكيده في المذكرة الأولى "إن تجزئة كوردستان لا يخدم السلم في الشرق".
كما جاء في المذكرة الثانية "إن الترك يجاهرون علنا بأنهم مع تنفيذ المطالب الكوردية، وأنهم متعاطفون معهم، لكن الواقع كان لا يدل على ذلك مطلقًا". كما طلب شريف باشا رسميًّا من رئيس المؤتمر (جورج كليمنسو) أن يمارس نفوذه مع حكومة الأستانة لمنع اضطهاد الشعب الكوردي، وجاء في رسالته إلى رئيس المؤتمر: (إنه منذ أن تسلمت جماعة الاتحاد والترقي السلطة في تركيا عام 1909، فإن جميع الذين يحملون آمال الحرية القومية قد تعرضوا للاضطهاد المستمر.. وإنه من الواجب الإنساني في المجلس الأعلى أن يمنع إراقة الدماء مجدداً، وإن السبيل لضمان السلم في كوردستان هو التخلي عن مشروع تقسيم هذه البلاد (أي كوردستان).
وما كان ذلك الى دليل على أن المشكلة الكوردية تقدمت خطوة كبيرة إلى الأمام في أعقاب الحرب. وما كان تصريح (كليمنسو) عندما اعلن على الملأ في مؤتمر الصلح الا احدى هذه العلامات ،، حيث قال "ان الحكومة التركية ليست قادرة وهي غير مؤهلة لادارة الامم الاخرى". لذلك لايمكن ولا يجوز ان تعاد الى سيطرتها قومية عانت من مظالم الاتراك واستبدادهم" وكان يقصد هنا الكورد .
عندما لاحظ الجنرال شريف باشا تنامي تعاطف الدول الأوروبية مع القضية الارمينية - ربما بسبب الانتماء الديني للأرمن- بادر الى عقد اتفاقية مع ممثل الارمن (بوغوس نوبار) وبحضور الرئيس المؤقت لوفد جمهورية ارمينيا (اورهانكيان) ووقع الجانبان – بأسم الشعبين – الاتفاقية ، مؤكدين فيها على ان للكورد والارمن العديد من الاهداف والمصالح المشتركة في: الاستقلال، والتخلص من السيطرة العثمانية.. وقدما نص الاتفاقية بمذكرة رسمية الى المجلس الاعلى للمؤتمر والذي بدوره وافق مبدئياً على المذكرة ووصف المندوب السياسي البريطاني في الاستانة الاتفاقية بأنها بشرى سارة .
(معاهدة سيفر (1920)
نجح الجنرال شريف باشا في إدخال ثلاثة بنود (62، 63، 64) تتعلق بالقضية الكردية في معاهدة سيفر التي أبرمها الحلفاء بباريس في 10/8/ 1920، وقد كرس ذلك عملية تدويل القضية الكردية بصورة رسمية، رغم أن الدولة العثمانية حاولت مراراً أن تصنف القضية الكردية بأنها قضية داخلية تستطيع الدولة حلها.
وتعد معاهدة سيفر وثيقة فريدة في تأريخ القضية الكوردية، حيث نصت على تحقيق حل المشكلة الكوردية بمراحل ومنح الاستقلال خلال ستة اشهر لكوردستان ، إذا ما تمكن الكورد من اجتياز تلك المراحل، وطالبوا بالاستقلال، ورأت دول الحلفاء أهلية الكورد لذلك، ويصبح بموجب ذلك الاستقلال أمرا واقعياً، وعلى الحكومة التركية الاعتراف بذلك…
ويعد هذا أول اعتراف رسمي دولي بحقوق الشعب الكوردي، ولا سيما بحق تقرير المصير حيث طرحت المسألة في العرف القانوني للمعاهدات الدولية، وقد وصف كمال أتاتورك المعاهدة بأنها بمثابة حكم بالإعدام على تركيا، وحاول بمختلف الوسائل وضع العراقيل والمعوقات لمنع تطبيق المعاهدة... ولذلك بقيت معاهدة سيفر حبراً على ورق، إلا أن تلك الاتفاقية التأريخية تحولت الى قوة دافعة لنضال الحركة القومية الكوردية فيما بعد.
لم ترى معاهدة سيفر النور، للعديد من الأسباب ومنها الآتية:
أولاً: بزوغ نجم "مصطفى أتاتورك" والحركة الكمالية التجديدية، وتوسيع مناطق نفوذها، إضافة إلى تأسيس المجلس الوطني الكبير في أنقرة بديلاً لسلطة الأستانة.
ثانياً: خوف الدول الأوروبية، وبالأخص بريطانيا، من استغلال البلاشفة وفلاديمير لينين في الاتحاد السوفياتي الصراع الكمالي- الأوروبي لمصلحة توسيع نفوذهم في المنطقة.
ثالثاً: حنكة مصطفى كمال اتاتورك في استغلاله الصراع الدولي لإلغاء معاهدة سيفر وقبرها.
لذلك لم يمر عام ونصف على توقيع معاهدة سيفر حتى طرحت فكرة إعادة النظر فيها، وجاءت هذه المواقف من قبل بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، واتخذ المجلس الأعلى للحلفاء قراراً بهذا الشأن يوم (25 يناير 1921) إضافة إلى توجيه الدعوة إلى وفد حكومة أنقرة لحضور المؤتمر القادم، الأمر الذي دلّ على اعتراف الحلفاء بالواقع الجديد في تركيا.
وظلت تركيا الجديدة رافضة لتأسيس دولة كوردية في مناطقها من خلال رفض تنفيذ معاهدة سيفر وبشكل خاص البنود الثلاث الخاصة بالشعب الكوردي.
وازداد اصرار الاتراك على ذلك الموقف بعد اعلان بريطانيا في نيسان 1924 عن فرض انتدابها على العراق بعد حروب طاحنة مع العراقيين المقاومين تحقيقاً للمخططات الاستعمارية البريطانية المبيتة حيال شعوب وممتلكات الدولة العثمانية التي قررت مصيرها اتفاقية (سايكس - بيكو) الاستعمارية السرية ، التي وقعت اثناء الحرب العالمية الاولى بين بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية، تلك الاتفاقية التي فضحها الشيوعيون بعد انتصار ثورة اكتوبر الاشتراكية عام 1917.
(مؤتمر لندن (1921)
عقد مؤتمر لندن في شباط فبراير عام 1921 لبحث المشاكل العالقة، وبضمنها المشكلة الكوردية، حيث اعتزم الحلفاء إعطاء تنازلات مهمة في هذه القضية، لكن الحكومة التركية أصرت على أن المسألة داخلية، يمكن حلها داخلياً، لا سيما وأن الكورد لهم الرغبة في العيش مع إخوانهم الأتراك حسب ما زعمت آنذاك تركيا، وأثناء انعقاد مؤتمر لندن، عقدت حكومة أنقرة عدداً من الاتفاقيات الدولية التي كرست الشرعية الدولية القانونية للنظام الجديد في تركيا على انقاض الدولة العثمانية المترامية الاطراف… ثم قامت الحكومة الجديدة بإلغاء جميع الاتفاقيات والمعاهدات التي أبرمتها حكومة الأستانة ومن ضمنها معاهدة سيفر وانسحبت الجيوش العثمانية من دول البلقان وبلغاريا ورومانيا والمجر والبلدان العربية والخليج والحجاز.
كل ذلك أدى إلى تعزيز مكانة الحكومة التركية الجديدة.. وبذلك فشل مؤتمر لندن من تحقيق اهدافه ، لتوجه بذلك ضربة جديدة للآمال القومية الكوردية في الخلاص من التعبية لتركيا.
(معاهدة لوزان (1923)
جاءت فكرة عقد معاهدة لوزان بعد الانتصارات الكبيرة التي حققتها الحكومة التركية الجديدة على الجيش اليوناني، وبذلك ظهرت تركيا كدولة فتية قوية لأول مرة بعد قرنين، وقامت الحكومة الجديدة بتحسين علاقاتها مع جارها الاتحاد السوفياتي، وعقدت مباحثات المعاهدة على فترتين: استمرت الأولى نحو ثلاثة أشهر بين نهاية العام 1922 وبداية العام 1923، والفترة الثانية امتدت بنفس المدة ، ما بين ربيع وصيف عام 1923.
نصت معاهدة لوزان على أن تتعهد أنقرة بمنح معظم سكان تركيا الحماية التامة والكاملة، ومنح الحريات لهم دون تمييز، وخلت المعادة من أية إشارة الى الكورد ، كما لم ياتي ذكر معاهدة سيفر فيها.
عدّ الكورد هذه المعاهدة بالضربةٌ القاضية لمستقبلهم والمحطمة لآمالهم… وبذلك يتحمل الحلفاء المسؤولية الأخلاقية الكاملة تجاه الشعب الكوردي، لا سيما الحكومة البريطانية التي ألحقت فيما بعد ولاية الموصل وكانت تشمل (السليمانية، اربيل، الموصل، كركوك، شهرزور، شاربازير، خانقين) التي يشكل الكورد فيها الأغلبية المطلقة في العراق.
كل تلك الخطوات اسهمت في زيادة تعقيد المشكلة الكوردية ، بعد أن أصبح الشعب الكوردي مقسماً عملياً وقانونياً بين أربع دول بدل دولتين، لتـزداد معاناته، وليبدأ فصلاً جديداً من فصول علاقته بالدول الجديدة، طغى عليها التوتر والعنف اللذان لم يجدا حتى اليوم حلولا عادلة الا في العراق الديمقراطي الفيدرالي الذي ولد بعد سقوط الدكتاتورية في 9/4/2003.
فيما بدأت الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني والقوى الكوردية في المناطق الاخرى بالنشاط السياسي والدبلوماسي والثقافي لمواصلة النضال والكفاح من اجل الديمقراطية.
حينما اقرت اتفاقية سيفر بين الدول العظمى عام 1920 ، بحق الكورد في تقرير مصيرهم ضمن موادها (62و63و64) وبعد ثلاث سنوات وبتواطئ من تركيا الكمالية الحديثة استبدلت تلك الاتفاقية باتفاقية لوزان عام 1923 التي رسمت خارطة جديدة للمنطقة وفق مصالح الدول المنتصرة في الحرب العاليمة الاولى، وحينما تاكد للجنة التحقيق لعصبة الامم بان كوردستان الجنوبية المسماة فيما بعد بكردستان العراق لم تكن جزء من العراق في العهد العثماني وان مطالبة وادعاء تركيا بها لاتدعمه وقائع واثباتات تأريخية وتفنده الكتب والخرائط المعدة من قبل المؤرخين والجغرافيين العرب القدماء وخرائط الاوربيين والمستشرقين والرحالة في القرنيين التاسع عشر والعشرين ، وتأكد لها ان حدود العراق لاتمتد شمالا ابعد من منطقة جبل حمرين جنوب كركوك كما وانها لم تكن جزء من الاراضي التركية، ورَدت بذلك حجج المطالبين بضمها ، في غضون ذلك تم انتخاب الشيخ محمود الحفيد ملكا على كوردستان، الا ان القوات البريطانية شنت حربا برية وجوية على السليمانية مركز حكومة كوردستان لاسقاط حكم الشيخ محمود الحفيد، وتم الحاق كوردستان بالعراق الجديد تماشيا مع بعض المصالح الدولية، دونما العودة الى رأي او ارادة سكانها.
اقرت حكومة العراق والملك فيصل الاول جزئيا بحد ادنى من الحقوق الكوردية، وذلك في تصريحه الذي صدر في 30/ من مايس/1932 بعد ان ادرك ، متأخرا بأن بناء السلطة الاولى في العراق والتي جاءت بدعم من البريطانيين كان بناءً خاطئا ً، اذ اعتمد مبدأ الطائفية في السلطة في بلد متعدد القوميات والاعراق والمذاهب ، فيما كان يفترض ان تقام سلطة عراقية وطنية على غرار الحكومة المصرية لا على اساس طائفي قومي ، لان قيام سلطة وطنية يتيح للعربي السني مع العربي الشيعي والكورد والتركمان والكلدان والاشوريين المشاركة في الحكم وبناء الدولة العراقية، اما مشروع الملك فيصل الاول ، الذي جاء من الحجاز، لينصب ملكا على العراق، كان مشروعا عربياً قوميا خالصاً مدعوماً من لندن .
ادرك الملك ذلك الخطأ التأريخي الذي كرس التصدع في البلاد، فحاول تصحيحه، وقام بتوزيع مذكرة سرية ضد مشروع حصر السلطة بيد طائفة محددة، واجتمع سرا بالزعماء الكورد في بغداد لتبرير موقفه وتحسين صورته عند الشيخ محمود الحفيد وانصاره، ولضمان عدم تكرار الاخطاء والتجاوزات التي ارتكبها ضد الكورد والعرب الشيعة.
ويعترف الملك فيصل الاول في مذكرته الشهيرة التي رفعها الى حكومة نوري السعيد الثانية في اذار 1932، ان الحكم العثماني ساهم بفتح هوة كبيرة بين المكونات الثلاث في العراق من خلال سياسة استبعاد الكورد والعرب الشيعة عن الحكم .
مرت ستة اشهر على توزيع تلك المذكرة السرية بشكل محدود، توفي بعدها الملك فيصل الاول ليأتي من بعده الملك غازي، الذي عين الضابط الشاب الكوردي ابن مدينة السليمانية الملازم فؤاد عارف، مرافقا ومستشارا شخصياً له ، لكن الاوضاع بقيت على حالها وابقت معها على الصراعات الخفية لعدة عقود.
ظل التصريح الملكي الذي صدر في 30/4/1932 نافذ المفعول لفترة ، لانه كان يحمل طابعا دوليا ، لان المادة العاشرة منه كانت تمنع اجراء تعديلات او الغاء بنود في المذكرة ، الابموافقة غالبية عصبة الامم ، ورغم ان التزام الحكومة العراقية هذا بقي نافذا تجاه الامم المتحدة بعد تاسيسها ، الا انه بقي حبرا على ورق ، لكن الظروف التاريخية الجديدة وطبيعة العلاقات الكفاحية السياسية الوطنية والاجتماعية والاقتصادية والاسلامية بين الشعبين العربي والكردي في العراق ، حتم على الكرد التمسك بوحدة العراق وتاسيس دولة ديمقراطية موحدة مع شركائهم عرب العراق الى جانب التركمان والكلدان والاشوريين والارمن.
خضعت كردستان للعديد من المواثيق والمعاهدات التي اقرت بين الامبراطوريتين العثمانية والفارسية عقب معركة جالديران عام ١٥١٤ و انتصار العثمانيين بزعامة السلطان سليم ياوز الاول ، دون العودة الى سكانها او اخذ رأيهم في تلك المعاهدات ، لذا اغلقت منافذ العالم بوجه الكرد ، بحكم قوة القانون والمعاهدات التي كانت الدول المنتصرة صاحبة النفوذ مثل بريطانيا وفرنسا روسيا تنتهجها في حكم العالم ، والذي سبقته هيمنة الامبراطوريتن العثمانية والفارسية قبل الحرب العالمية الاولى .
من هذا المنطلق، وقعت عام ١٩٢٧ معاهدة سعد أباد تيمناً بمكان توقيعها في قصر شاه ايران في منطقة سعد أباد في طهران ، بين ايران وتركيا والعراق و افغاستان، برعاية وتخطيط مباشر من الحكومة البريطانية صاحبة الهيمنة الحقيقية في العراق، تضمنت المادة السابعة منها اشارة واضحة، الى الحركة التحررية المسلحة للكورد في كوردستان العراق، وجاء في تلك المادة:
(تتعهد جميع الاطراف العليا الموقعة على المعاهدة ، كل ضمن حدوده ، بان لا يسمح للجماعات والمجاميع المسلحة، التي تسعى الى تخريب المؤسسات الرسمية او ارتكاب اي عمل يهدف الى زعزة الامن والاستقرار في اي جزء من الدول الموقعة على المعاهدة، في المناطق الحدودية منها او داخل المدن، او الاضرار بنظام الحكم السائد).
بعد فترة على توقيع تلك المعاهد، المشؤومة قصفت القوات الجوية الملكية البريطانية التي كانت تساند القوات البرية العراقية اكثر من (٧٥) قرية في منطقة بارزان شمال اربيل بالصواريخ والقنابل، الامر الذي ادى الى مقتل وجرح المئات وتشريد الالاف.
سعت الصحف العالمية وتحديدا البريطانية والتركية والفرنسية منها الى التعتيم على تلك الجرائم ، لان المملكة المتحدة كان تعمل جاهدة انذاك على تثبيت اركان دولة يحكمها السنة في العراق، لذا عزلو الشيعة عن مركز القرار في بغداد، واجهضوا ثورات الشيخ محمود الحفيد والبارزانيين، بعدها اعتمدوا سياسية تفتيت الاواصر والروابط الداخلية للقبائل ، عبر تمليك مساحات شاسعة من الاراضي لرؤساء العشائر والاقطاعيين الكورد الموالين لبغداد والتاج الملكي البريطاني، وضمن رؤساء العشائر وابنائهم من بعدههم الاحتفاظ بتلك الاراضي عبر سن العديد من القوانين التي حافظت على الاملاك التي استولوا عليها.
تجاهل البريطانيون المجازر التي ارتكبت بحق الارمن والاشوريين عام 1915، فضلا عن القتل والترحيل والترهيب الذي تعرض له الارمن منذ بداية العام 1889 ولغاية انتهاء الحرب العالمية الاولى ، وذلك عن طريق تشجيع الحكم الاوتوقراطي الملكي في بغداد والذي كان يدار من قبل السنة والذي لم تتوفر فيه فرصة للتوجهات الشيعية المختلفة.
يذكر ان البريطانيين عندما دخلوا للوهلة الاولى الى كوردستان العراق عام 1918 وجدوا اثاراً للقتل والجرائم اللأخلاقية التي خلفها جنود الجيش القيصري الروسي، والتي فتت المنطقة واهدرت امكاناتها .
(كيان مستقل للكرد في العراق)
اغلب الضباط والسياسيين الذين ارسلتهم بريطانيا الى كوردستان العراق كانوا موظفين في المؤسسات السياسية لدى الحكومة الهندية، وكان لديهم خبرة كاملة في المناطق الجبلية وطبيعة العيش فيها، لذا فكروا في انشاء كيان مستقل للكورد في العراق، وكان الرائد (ئي دبل يو نوئيل) في مقدمة الضباط الكبار الذي اعد تقريراً مفصلا تحدث خلاله بأيجاب عن القضية الكوردية.
كانت يتلمس منه تأييده لحكم وطني والاستقلال لكوردستان.
في تموز من العام 1918 عقد الرائد (ئي دبل يو نوئيل) اجتماعا موسعا مع القادة الكورد ليناقش معهم مسألة اقامة دولة كوردية مستقلة تحت الوصاية البريطانية .
الامر الذي رفضه الشيخ محمود الحفيد ولم يقبل بالتعاون مع بريطانيا العظمى المحتلة، واعتَقَلَ على اثرها عددا من المستشارين البريطانيين ورفع علما خاصا به، كان عبارة عن هلال احمر تتوسطه مساحة خضراء .
وعلى الرغم من ان معاهدة سيفر التي وقعتها الدولة التركية عام 1920 مع الغرب لم تنفذ ، الا انها كانت تحوي العديد من الفقرات ، كان يمكن اعتمادها للاعلان عن دولة كوردية بمبادرة بريطانية ، في اطار الاراضي العثمانية.
(ثورة الشيخ محمود الحفيد)
حاول البريطانيون اظهار حسن النية عندما اصدرو قرارا مهما بعنوان تصريح (عيد راس السنة) لان صدوره صادف 25/12/1922 .
جاء فيه ان حكومة جلالة ملك بريطانيا والحكومة العراقية تقران بحقوق الكورد الذين يعيشون في العراق ، في ان يشكلو في هذا الاطار حكومة كوردية ، معربين عن املهم في ان يتمكن الكورد بمختلف تنوعاتهم من التفاهم فيما بينهم على الصيغة التي يرونها مناسبة لهذه الحكومة ويتفقون على على الحدود السياسية لها .
وان يرسلو ممثلهم المعتمد الى بغداد كي يتباحث مع ممثل حكومة الملك البريطاني والحكومة العراقية على طبيعة ونوع العلاقة السياسية والاقتصادية .
على الرغم من التزام الكورد في العراق الجديد ومشاركتهم الفاعلة في ثورة العشرين بقيادة الشيخ محمود الحفيد ضد الاستعمار البريطاني في البصرة ومناطق الفرات الاوسط ، وخصوصا في كوردستان ، الا ان سياسة القمع والاضطهاد استمرت ضدهم ، والتي وصلت اوجها مع بدايات القرن الماضي، ما اسهم في اندلاع العديد من الثورات في كوردستان تركيا وايران والعراق.
ومن هذا المنطلق قام الشيخ محمود الحفيد بقيادة ثورة في كوردستان العراق في 21/5/1919 وتمكن من السيطرة على مدينة السليمانية، واعتقل العديد من ضباط جيش الاستعمار البريطاني كأسرى، كان من بينهم النقيب (كرين هاوس) الذي كان يشغل منصب مساعد القائم بالاعمال البريطاني في السليمانية ، وانتشرت الثورة وامتدت لتصل مدن رانية وحلبجة وكويسنجق واربيل .
نُصِبَ الشيخ محمود الحفيد في تشرين الثاني عام 1922 كملك لكوردستان
في الفترة نفسها اندلعت ثورة بارزان بقيادة الشيخ عبد السلام بارزاني الاخ الاكبر للقائد الملا مصطفى البارزاني في مناطق (العمادية ،عقرة ، دهوك ، زاخو ، بارزان ، برواري)
والذي اعدم على اثرها مع ثلاثة من معاونيه في (1/11/1914) من قبل الاتراك في الموصل.
اعقبت تلك الثورات المغدورة ، ثلاث ثورات اخرى، قمعت جميعها بعد ان تعامل معها الاستعمار البريطاني والحكومة العراقية بالحديد والنار.
كما شارك البارزانيون في تأسيس جمهورية كوردستان في مدينة مهاباد بكردستان ايران بزعامة القاضي محمد، والذي تلقى دعما من قائد الثورة الروسية جوزيف ستالين، الا انه وبسبب التداخلات الاقليمية والخلافات الاقتصادية التي نشبت، بين رئيس وزراء نظام الشاه في ايران وستالين رئيس الاتحاد السوفيتي السابق والقائد الاوحد للحزب الاشتراكي، كل تلك العوامل، اسهمت في انهاء حكم جمهورية كوردستان واعدام رئيسها لاحقا القاضي محمد من قبل السلطات الايرانية بعد مرور اقل من عام على تأسيسها عام 1946 بعد محاكمة سرية صورية وكذلك اعدم معه اخوه صدر قاضي عضو البرلمان الايراني وابن عمه سيف قاضي ووزير دفاع جمهورية مهاباد وذلك في 31/3 /1947 وشرع الجيش الايراني والدرك فساداً في كوردستان ايران ، ن وقد انسحب الملا مصطفى بارزاني الذي كان رئيسا لاركان الجيش في جمهورية مهاباد، بما بقى معه من قوه وبأمر من القاضي محمد في قتال تراجعي حتى وصل الى الاتحاد السوفيتي في حينها.
عاد الملا مصطفى بارزاني من منفاه في روسيا عام 1958 الى العراق ، بعد ثورة 14 تموز، التي قادها الزعيم عبد الكريم قاسم، ضد النظام الملكي في العراق، وحاول جاهدا فتح افاق جديدة للحوار معه، الا ان القوى الشوفينية العربية،عملت جاهدة على تعميق الخلافات بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني بزعامة الملا مصطفى بارزاني والزعيم عبد الكريم قاسم، تولدت اثرها الاحتقانات والتوتر والخلافات عبر سلسة من المشاكل وتنامي الاختلافات في وجهات النظر وبروز العديد من المعوقات، ولعب الضباط البعثيين والقوميين العرب العنصريين دوراً تخريبيا بين الكورد وحكومة قاسم.
كما كان لجهاز المخابرات الايرانية (الساواك) دور تخريبي كبير ضد الزعيم عبد الكريم قاسم والحكومة الوطنية في العراق، التي اصدرت القانون رقم 80 والذي كان يهدف الى انهاء سيطرة شركات النفط البريطانية على النفط العراقي.
(الخلافات على مادة في الدستور)
بدأت الخلافات الاولية منذ اعلان الدستور المؤقت للعراق ، الذي كان ينص في مادته الثانية ان العراق جزء من الامة العربية ، الامر الذي اعترض عليه الحزب الديمقرطي الكوردستاني والزعيم الملا مصطفى بارزاني، ونشرت صحيفة (خبات) الناطقة باسم الحزب افتتاحية، بقلم الاستاذ المرحوم ابراهيم احمد، انتقدت فيها المادة الدستورية وطالب الحزب الديمقراطي الكوردستاني بتعديل تلك المادة على الشكل التالي (ان الشعب العربي في العراق جزء من الامة العربية والشعب الكوردي في العراق جزء من الامة الكوردية) .
اثارت تلك الافتتاحية التي نشرت منتصف عام 1961 حفيظة الحكومة العراقية والشوفينين وعددا من دول الجوار المناوئين للقضية الكوردية ، فضلا عن انها اثارت حفيضة الزعيم عبد الكريم قاسم.
ما حدى بصحيفة الثورة التي كانت تصدر في بغداد وتعرف بنزعتها القومية الى المطالبة بتفتيت القومية الكورية .
اسهمت تلك النزعات القومية الاقصائية في اشعال فتيل الازمة الدموية بين الكورد والحكومة العراقية ، حيث ارسل المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني في 30/7/1961 مذكرة طويلة الى الزعيم عبد الكريم قاسم ليوضح فيها موقفه من الازمة ويحدد المطالب التي طرحها الكورد، لكن الزعيم قاسم، لم يرد على تلك المذكرة ، ما ادى الى اندلاع الثورة الكوردية في 11/9/1961 .
لم تتمكن احكام ومواد الدساتير العراقية المتعاقبة والتي كانت مغلفة بالعدالة والمساواة والمشاركة في الحكم وكان يشاع عنها انها مشتقة من الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، من ايقاف اوتحجيم ثورات وانتفاضات الكورد المتعاقبة في كوردستان العراق .
بدءأً بدستور عام 1925 الذي كتبه الانكليز والذي تجاهل خصوصية الشعب الكوردي الى دساتير (1958-1964-1968-1970) والتي كتبت في العهد الجمهوري ، ولغاية مشروع دستور عام 1990 والذي جاء بقرار من الدكتاتور صدام حسين.
تخطت الحكومات المتعاقبة tفي العراق جميع الخطوط الحمراء في تعاطيها مع الكورد وقضيتهم وحقوقهم المشروعة وتفننت في جر الويلات عليهم، من ارتكاب جرائم ضد الانسانية الى جانب الترحيل القسري والتطهير العرقي ، وكشاهد على ذلك قام النظام البعثي عام 1974 بسلخ مدينتي كلار وجمجمال عن مدينة كركوك وضمها الى محافظة السليمانية ، وكان رئيس النظام البعثي صدام حسين يتفاخر بهذا الاجراء ويعده مكسبا للكورد ، كما استقطعت مدينة كفرى الكورية عن مدينة كركوك ودمجت بمحافظة ديالى المختلطة، كما دمجت مدينة طوز خوماتو والقرى والقصبات التابعة لها التي يسكنها الكورد والتركمان بمحافظة صلاح الدين (تكريت) .
كما استقطعت مناطق شيخان وزمار وضمت الى محافظة نينوى ، كذلك مدينة مخمور الزراعية الكوردية ، التي تقع بالقرب من محافظة اربيل الصقت بمحافظة نينوى، والتي استقدم النظام البعثي اليها الاف العوائل العربية بهدف تعريبها وتغيير الطابع الد يموغرافي فيها.
أقدم صدام حسين على الاجراءات السالفة الذكر من اجل تعريب المناطق الكوردية وتحجيمها، ثم البدء بعمليات الابادة الجماعية والتطهير العرقي .
توج النظام سياساته الشوفينية بهدم وازالة مايربو على اربعة الاف وخمسمئة قرية كوردية زراعية مثمرة عن بكرة ابيها من الفترة الممتدة عام 1976 ولغاية عام 1989 وعمل بشكل ممنهج على تغيير الواقع الديموغرافي لاجزاء واسعة من كوردستان العراق من اقضية ونواحي وقرى محافظة كركوك وخانقين واقضية ونواحي وقصبات اربيل وشيخان وسنجار ومخمور.
شملت تلك العمليات استقطاع مدن وقصبات كوردية باكملها والحاقها بمحافظات اخرى، الامر الذي اسهم وبشكل كبير في تغيير التركيبة الاجتماعية لتلك المناطق واحدث خلل كبير في تركيبتها الادارية ، وهو اجراء مازال العراق يئن منه الى الوقت الحاضر ، ما حدى بزعماء الاحزاب وقادة البلاد الى ادراج المادة (140) في الدستور العراقي الدائم لأنصاف السكان الكورد في محافظة كركوك وغيرها من المناطق التي طالتها عمليات التعريب .
وبدلاً من احترام الحقوق القومية للكورد عمد النظام الدكتاتوري الصدامي الى تهجير مواطني كوردستان قسرا عما تبقى من مدنهم وقراهم ، واجبرهم على تغيير قوميتهم واسماء مدنهم وقراهم والشوارع والمدارس فيها بالتهديد والوعيد ولم يكتفي النظام البعثي الصدامي من استخدام مختلف انواع القهر والظلم والتنكيل ضد الكورد ، بل زاد ليتوج عنجهيته بتدشين حملة ابادة جماعية عام 1987 اطلق عليها عمليات الانفال وتضمنت عدة مراحل، لتصفية وابادة الكورد من اطفال ونساء وشباب وشيوخ راح ضحيتها اكثر من 182 الف انسان برئ دون ان يقترفوا ذنباً سوى انهم من الكورد، تلاها النظام بارتكاب ابشع جريمة يندى لها جبين الانسانية لحد يومنا هذا والتي تمثلت بقصف مدينة حلبجة في 16 من اذار عام 1988 بالاسلحة الكيماوية والتي راح ضحيتها اكثر من خمسة الاف مواطن معظمهم من الاطفال والنساء والشيوخ وجرح اكثر من عشرة الاف اخرين مازال اغلبهم يعاني من اثار الاسلحة الكيمياوية السامة المحرمة دوليا والتي تنوعت بين غازات (الخردل والسيانيد والتابون) التي اشتراها نظام صدام حسين من شركات لشطري المانيا الشرقية والغربية وهولندية وكندية وهندية وصربية معروفة.
قصف حلبجة بالاسلحة الكيماوية لم تكن المرة الاولى التي يستخدم فيها النظام البعثي الاسلحة الكيمياوية ضد ابناء شعبه اذا كان قد جربها على مناطق اخرى قبلها بسنوات ، بدأها بمناطق باليسان وبادينان ودولي جافايَتي وشقلاوة وعشرات المواقع الاخرى، خلال الفترة ما بين 1986-1988 .
كما لم تقتصر جرائم النظام على ذلك بل تنوعت ، وما كان سوق ما يقارب العشرة الاف من شبان الكورد الفيليين عام 1980 ولغاية 1990 الى حتفهم في حقول التجارب الكيميائية والمقابر الجماعية في سجن نقرة السلمان الصحراوي وصحاري السماوة وعرعر على الحدود العراقية السعودية ومناطق الجنوب والفرات الاوسط والحلة والمسيب بعد ان هجرت عوائلهم الى خارج العراق وسط الالغام التي زرعت عشوائياً على الحدود العراقية الايرانية واسقطت عنهم الجنسية العراقية الى نموذج اخر على دموية النظام. تبعها النظام بحملات ابادة جماعية ضد عوائل الكرد البارزانيين العزل المرحلين قسرا الى منطقة (قوشتبة) جنوبي اربيل عام 1982 .
بدأت في نيسان من عام 1987 الابادة الجماعية (الجينوسايد) للكرد المسماة بعمليات (الانفال) التي راح ضحيتها اكثر من 182 الف انسان كوردي مدني اعزل من شباب وشيوخ ونساء واطفال من قرى وقصبات كركوك واربيل وكلار وخانقين ومندلي وسنجار وشيخان وزمار ودهوك والسليمانية ولم يتردد وزير الدفاع انذاك المعدوم علي حسن المجيد (المعروف بالكيمياوي) بأمر من الطاغية في استخدام ابشع اسلحة الدمار الشامل، الكيمياوية والبيولوجية، لترويع وقتل المواطنين الكورد، والتي لم يسلم منها البشر والشجر والحجر، ودمرت الثروة الحيوانية بالكامل .. ودفنت عيون المياه والينابيع الجبلية تحت الكتل الكونكريتية وهدمت المدارس والمساجد والكنائس ودور العبادة والتكايا..
وقد قدمت المحكمة الجنائية العراقية العليا التي شكلت لمحاكمة رموز النظام المباد، وثائق دامغة وشهد المئات من ذوي الضحايا على الجرائم التي ارتكبها ازلام النظام بحق الكرد بوحشية دون وازع او رادع .
ولاخفاء اثار جرائم حرب الابادة الكبرى التي شنها صدام حسن ونظامه بحق الكورد العزل، والتي طالت اكثر من مائتي الف كوردي مسلم ومسيحي وايزدي معظمهم من الاطفال والنساء والشيوخ، وذلك مابين اعوام 1980 ولغاية عام 1989 ، عمد النظام الى دفن الضحايا في مقابر جماعية في مناطق صحراوية شاسعة على الحدود العراقية السعودية والمحافظات الجنوبية والغربية ، اكتشفت بعضها بعد سقوط النظام وذلك في مناطق جريشان والكويخة والرخيمية وفيضة الروال وسجن نقرة سلمان الصحراوي الرهيب في محافظة المثنى (السماوة) على الحدود العراقية السعودية، ودفن الاف الابرياء في وادي عرعر ومناطق كطيفة والبريت على الحدود السعودية وفي محافظة الانبار (الرمادي) ، وتم العثور على مقابر جماعية في مناطق الليفية والجل الحدودية في محافظة النجف، وعثرت اللجان الخاصة في منظمات حقوق الانسان على عشرات المقابر الجماعية للكورد في مناطق جنوب العراق والفرات الاوسط والمسيب والحلة والشنافية . كما ان هناك المئات من المقابر الجماعية مازالت غير مكتشفة مجهولة المكان.
ان القسوة التي عاملت بها الانظمة المتعاقبة الكورد في العراق والظلم والاضطهاد والقمع والابادة وحملات الاعدام المستمرة، خاصة خلال فترة حكم الطاغية المقبور صدام حسين، الهًمًت الكورد وغرست في نفوسهم روح الثورة واججت فيهم شرارة الانتفاضات المتعاقبة، في مسيرة الدفاع عن الذات والحفاظ على الوجود واستجابة لنزعة البقاء،، فامتدت ثوراتهم وانتفاضاتهم على مدى القرنين التاسع عشر و العشرين.
لم يمنع ذلك قادة الثورات الكوردية من مد يد السلام والوئام للحكومات المتعاقبة في بغداد، كلما لاح في الافق بصيص امل للحوار، تمسكا بوحدة العراق وبالحل الوطني العراقي الذي ينجز داخل العرق لا خارجه،، الا ان شيم الحكام الذين توالوا على سدة حكم العراق كانت الغدر تارة والنكول عن تعهداتهم تارة اخرى ، وهذا كان جوهر سياستهم وديدن نهجهم.
وما كان تنصلهم من اتفاقية 29/حزيران/1966 وتراجعهم عن اتفاقية اذار 1970 التي وقعت بين المرحوم الملا مصطفى بارزاني ونائب رئيس الجمهورية انذاك صدام حسين، وابرامهم اتفاقية الجزائر المشؤومة في 6 اذار 1975 بين نائب الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين وشاه إيران محمد رضا بهلوي وباشراف رئيس الجزائر آنذاك هواري بومدين ، التي مهدت السبيل للانقضاض على الحركة التحررية الكوردية واجهاضها، مقابل تنازل العراق عن نصف شط العرب في البصرة ومساحات حدودية شاسعة لشاه ايران.
تلك السياسة والتي وان اسهمت بشكل كبير في اخماد شعلة الثورة الكردية الى حين الا انها لم تخمدها الى الابد.
(تأسيس الاتحاد الوطني الكردستاني)
اندلعت الثورة من جديد بقيادة الاتحاد الوطني الكوردستاني وقائده جلال طالباني يوم 1/6/1976 في جبال وهضاب ووديان كورستان العراق، ثم اعلن الحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة السيد مسعود بارزاني بعد فترة وجيزة الثورة على النظام البعثي في العراق الذي تأمر مع دول الجوار لانهاء الحركة التحررية الكوردية لصالح الشاه والبدء بالكفاح المسلح ردا على النكسة وللدفاع عن حقوق شعب كوردستان ، وفي عام 1979 اعلن الحزب الشيوعي العراقي الكفاح المسلح ايضا تلاه اعلان الحركة الاسلامية في كوردستان العراق والحركة الديمقراطية الاشورية الكفاح المسلح والتعاون مع الحزبيين الكرديين الرئيسين الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني.
توجت الثورات الكوردية بانتفاضة ربيع عام 1991 والتي اندلعت عقب هزيمة الجيش العراقي في حرب الخليج الثانية التي جاءت على خلفية احتلال صدام حسين لدولة الكويت ، والذي دام سبعة اشهر .
وما ان تمالك النظام نفسه ولملم فلوله، حتى شن هجوما انتقاميا على المحافظات المنتفضة وفي مقدمتها مدن كوردستان السليمانية واربيل وكركوك ودهوك وخانقين، بعد ان تلقى الضوء الاخضر من الرئيس الامريكي (جورج بوش الأب) للأبقاء على حكمه الدموي بناءً على ضغوطات من بعض الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة ،، لتزحف جماهير كوردستان بتوجيه من قادة الثورة في هجرة مليونية الى دول الجوار بعد الهجوم البربري الذي شنه بقايا جيش نظام صدام على كوردستان وجنوب العراق من الحرس الجمهوري مستخدمين الطائرات الحربية والتهديد باستخدام الاسلحة المحرمة دولياً، انتقاما من العراقيين الذين انتفضوا بوجهه ولم يناصروه في غزوته البربرية غير المبررة ، على دولة الكويت.
تلك الحملات الوحشية التي هزت مأسيها الضمير العالمي، فصدر على اثرها قرار مجلس الامن 688 في 5/نيسان/1991 لوقف حرب الابادة الجماعية ضد الكورد في كوردستان وابناء الاهوار وجنوب العراق، ومانتج عنه في اقامة المنطقة العازلة في كردستان فوق (خط العرض 36) من قبل الدول المتحالفة في حرب الخليج الثانية، والتي جاءت كطوق للنجاة انقذ الكورد من مصير مجهول.
كما ان قرارات حظر الطيران فوق منطقة خط العرض 36 وفر للكورد حماية دولية (امريكية، بريطانية، فرنسية، تركية، واوربية) انطلاقا من قاعدة انجرليك الجوية في جنوب تركيا وجعلهم بمنأى عن انتقام قوات صدام حسين الدموية.
(مؤتمر المعارضة في منتجع صلاح الدين)
أتاحت الظروف الامنية المستقرة وخروج مدن كوردستان من تحت سيطرة النظام الى عقد اكبر مؤتمر للمعارضة العراقية في منتجع صلاح الدين في اربيل عام 1992، والذي استثمر الشعب الكوردي فيه الفرصة الذهبية لممارسة الديمقراطية في الحياة السياسية والحياة الحرة الكريمة بانتخابه أول برلمان في كردستان 19/5/1992 وانتخب السيد جوهر نامق عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني رئيسا له وتأسست بعدها اول حكومة أتلافية في كوردستان العراق بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني ، في 5/7/1992 برئاسة الدكتور فؤاد معصوم عضو المكتب السياسي في الأتحاد الوطني الكردستاني واقامة السلطة القضائية ومن ثم قرار برلمان كردستان الشهير باعلان الفيدرالية ، واختياره الفيدرالية كشكل للحكم في كوردستان مع أي حكومة عراقية مركزية وان يكون العراق دولة جمهورية فيدرالية ديمقراطية برلمانية تعددية، مستندا بذلك الى حقه المشروع في تقرير مصير الشعب الكوردي، استنادا الى ميثاق الامم المتحدة والاعلان الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادرين عن الامم المتحدة عام 1966 والتي انضم اليهما العراق بتاريخ 25/1/1971، واخذت القضية الكوردية دفعة قوية وتجددت امال شعب كوردستان في تحقيق مكاسب اكبر تجسد تطلعات الشعب الكوردي ، عقب سقوط الدكتاتورية في بغداد بعد حرب تحرير العراق من النظام الدكتاتوري الوحشي يوم 9/4/2003 فتم تشكيل مجلس الحكم برعاية الحاكم المدني الاميركي للعراق بول بريمير من (25) عضواً يمثلون قطاعات كبيرة في الشعب العراقي ، ومن ثم اقرار قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية بتأسيس دولة العراق الفيدرالية ومن ثم اقامة دستور دائم للعراق على نفس الأسس ، واقرار غالبية شعب العراق عبر استفتاء شعبي كبير بالدستور الفيدرالي والذي يعد من اهم الدساتير في تأريخ العراق المعاصر، ويثبت صحة اختيار شعب كوردستان وصحة تشخيصه لنظام الحكم الديمقراطي الفيدرالي لعراق يتكون من قوميتين رئيسيتين هما العربية والكوردية اضافة الى القوميات التركمانية والكلدانية والاشورية والارمن واديان متنوعة هي الاسلام والمسيحية والايزدية والصابئة المندائيين .
(انتشار الديمقراطية في العراق)
رغم الاخطاء التي ارتكبت بعد تحرير العراق ورغم الكوارث وهول الجرائم المنظمة التي شهدتها البلاد عبر طوابير الارهاب وفلول البعث الصدامي ، فأن العراقيين وبعد ان تخلصوا وبشكل نهائي من كابوس الدكتاتورية ، حققوا على الصعيد السياسي اهم انجاز، تمثل باشاعة الديمقراطية وعبروا عنها في عمليتين انتخابيتين ديمقراطيتين واستفتاء شعبي عام جرت جميعها بنجاح في عام واحدة، أذ تم اختيار اعضاء الجمعية الوطنية بتاريخ 30/1/2005 في انتخابات شارك فيها ثمانية ملايين ونصف المليون مصوت عراقي متحدين مفخخات الارهابيين وانتحارييهم من مغسولي الادمغة والعقول ومنزوعي الضمير.
بعد تشكيل الجمعية الوطنية كلفت لاحقا ، ونجحت في صياغة اول دستور دائم للعراق والذي وافق الشعب عليه بتاريخ 15/10/2005 عبر استفتاء عام، اعقبتها اجراء انتخاب مجلس النواب الدائم بتاريخ 15/12/2005 وكانت انتخابات ناجحة شاركت فيها جميع مكونات الشعب العراقي .
كانت كل تلك الخطوات اساس مهم في اقامة دولة اتحادية تكون اكثر كمالا وتأهيلا لاقامة العدل وتحقيق الامن والاستقرار والحرية والديمقراطية وانصاف مكوناتها القومية والدينية، ويمكن الجزم بأن السلام سيحل في العراق الجديد ولو تأجيل لحين رغم الظروف القاسية للأحتلال ،، الاحتلال الذي أسقط السلطة الدكتاتورية السابقة التي كانت تسعى لتفكيك الدولة العراقية وعملت على زرع التناحر والتفرقة بين مكوناتها.ورغم العنف الطائفي المقيت والاحتراب فان العراقيين ينظرون الى البلد بتفائل وحكمة وينتظرون بفارغ الصبر لبناء العراق الموحد المسالم والغني بثرواته الطبيعية الوفيرة والبشرية الخلاقة والالتزام بالقوانين الدولية واحترام علاقات الجيرة العربية والاسلامية والتفاعل الايجابي مع العالمين العربي والاسلامي للعراق وحماية السيادة الوطنية العراقية عن طريق التفاهم المشترك بين مكونات الشعب العراقي. على امل تحقيق متطلبات الفيدرالية وتجاوز الطائفية المقيتة في العراق وتنفيذ جميع مراحل المادة (140) من الدستور العراقي، كي تتاح الفرصة امام الكورد في العراق لتقرير مصيرهم في كيان فيدرالي ضمن عراق ديمقراطي موحد.
(نشاة الاتحاد الوطني الكردستاني)
تستذكر جماهير كوردستان والقوى الوطنية العراقية المراحل السياسية للحركة التحررية الكردية قبل وبعد تأسيس الاتحاد الوطني الكوردستاني ( PUK ) الذي تمكن من جمع شمل الجماهير الكوردستانية وتنظيمها وتعبئتها مرة ثانية بعد النكسة التي منيت بها الثورة الكوردية عام 1975 على اثر اتفاقية الجزائر المشؤومة، التي وقعت يوم 6/3/1975 بين صدام حسين وشاه إيران تحت ذريعة حل المشاكل الحدودية وتنفيذ بروتوكولات وملاحق اتفاقيات القسطنطينية لعام 1937 لحل النزاعات الحدودية والمياه المشتركة وتثبيت خط التالوك .
تلك الاتفاقية التي كان الهدف الأساسي منها تفكيك الحركة الوطنية الكردية المسلحة في كوردستان العراق وخنق ثورة ظفار في عُمان وتدمير الحركة الوطنية العراقية وتطلعات عرب إيران الإنسانية ونقل العراق تدريجياً إلى المعسكر الغربي عبر بوابة شاه إيران، في خضم المتغيرات والأحداث والمؤامرات المرحلية.
كيف تأسس الاتحاد الوطني الكوردستاني ؟ سياسته وأهدافه ؟
ومن هم المشاركون في عملية التأسيس ؟
وكيف انتشرت خلاياه التنظيمية آنذاك في مدن وقرى وجبال كوردستان وفي بغداد والجنوب وبيروت ودمشق والقامشلي وليبيا والجزائر والبلدان العربية وإيران والقاهرة وأمريكا وتركيا وبريطانيا وهولندا وبلغاريا ورومانيا وجيكسلوفاكيا والنمسا والمجر ويوغسلافيا وفرنسا وألمانيا ؟
كيف تم تعبئة البيشمركة العائدين والمواطنين المحبطين بعد النكسة ؟
وما هي طبيعة العلاقات السياسية الكوردية مع الدول الإقليمية والعربية والأوربية في تلك الحقبة التاريخية ؟
لتسليط الضوء على بعض من هذه التساؤلات ودراسة حركة التأريخ والمجتمع في العراق وكوردستان على وجه التحديد وغيرها ارتايت ان اكتب الأسطر التالية اعتمادا على الذاكرة والضمير والوجدان والحقائق التأريخية، ومن البديهي ان تكون المعلومات غير متكاملة، لذلك أتقدم برجاء إلى الاخوة والرفاق الآخرين في رفد هذا التأريخ الحافل بالوقائع وتسلسل الاحداث، لتكتمل الصورة ولتبقى للاجيال القادمة باعتبارها جزءأ من تأريخ الحركة التحررية الكوردية بكل مفاصلها ، وهو تأريخ مُلك لمواطني كوردستان والعراق ككل.
تلك الأحداث والوقائع يتذكرها كل ذي ضمير ووجدان مخلص مجرد من نوازعه العنصرية والشوفينية التي ابتلينا بها في العراق. وأود ان اوضح هنا بأن هذه الطروحات والذكريات لا تمثل وجهة نظر أي حزب او تنظيم سياسي كوردي أو عراقي أو كوردستاني، بل هي مجرد خواطر ووجهات نظر الكاتب. فمعذرة لذوي الشهداء الذين صنعوا هذا التأريخ ولم يتسنى لي او لم تسعفني الذاكرة لذكر اسماء اينائها الابطال، ومعذرة للأحياء من ابطال الثورة الأعزاء الذين استبسلوا ولم تسعفني الذاكرة بالكتابة عنهم .
الاتحاد الوطني الكردستاني خاض وعلى مدار عشرات السنين نضالا مريرا وكفاحا مسلحا قدم خلالها تضحيات جسام ، من اجل شعب كوردستان الذي هو جزء لا يتجزء من تأريخ الشعب العراقي.
أنا لست مؤرخاً ولا قومياً كوردياً متعصباً، بل كوردي مؤمنُ بالديمقراطية والعدالة والمساواة والفيدرالية والوحدة الوطنية العراقية وبالتضامن الكفاحي بين الامتين العربية والكوردية وسوف احاول جاهداً إلقاء الضوء على بعض الجوانب من تأريخ الثورة الكوردية وتاسيس الاتحاد الوطني الكوردستاني، الاخوة المؤسسين للاتحاد الوطني الكردستاني السادة نوشيروان مصطفى أمين والدكتور فؤاد معصوم وعبد الرزاق عزيز والدكتور كمال فؤاد والدكتور عمر شيخموس، كتابة مذكراتهم وأخص بالذكر مام جلال رئيس جمهورية العراق الذي كان رأس الحركة ومؤسسها ومفكرها، والمناضلين الآخرين الأحياء الذين تركوا بصماتهم على مسيرة الاتحاد خلال العقود الثلاث الماضية أخص بالذكر كل من المناضلات والمناضلين (السيد كوسرَت رسول وعمر سيد علي وفريدون عبد القادر وارسلان بايز وسالار عزيز وجمال آغا حكيم وعمر فتاح والدكتور خسرو كل محمد والملازم عمر عبد الله والسيدة هيرو ابراهيم احمد والسيدة روناك والسيدة حليمة حمدي وجمال يوسف والدكتور برهم صالح وعماد احمد والسيدة نرمين عثمان وعدنان المفتي وشيروان شيروه ندي وقادر عزيز وسيد كاكه وشيخ محمد شاكلي والدكتور عبد اللطيف جمال رشيد وشوان كابان وكوردو قاسم وشيخ عبدالكريم حاجي وحاكم عمر عزيز وصلاح جاوشين ومعاون جمال سعد الله ومحمود (خوله ى جكر) وحمه زياد وناظم دباغ والدكتور خضر معصوم عبدالله وقادر حاجي علي و زيرو عبد الله وآوات عبد الغفور وجعفر الشيخ مصطفى وازاد حمه سعيد وهاوري جبار وقادر آغا نور الديني ودلير سيد مجيد وحاكم قادر وشيخ جعفر برزنجي وآزاد سكرمة وآزاد جندياني وطلعت كلي وعثمان حاجي محمود ومصطفى سيد قادر آغا وحكمت كريم (ملا بختيار) وملا محمد بحركه ومحمد حاجي محمود والمئات من المناضلين والمناضلات وخلال المسيرة الكفاحية للأتحاد، استشهد الآلاف من ابناء كوردستان، فلا يمكن إلا ذكر عدد محدود منهم، فلم يدونوا ملاحظاتهم لأستكمال كتابة التاريخ منهم: حسن كويستاني وجبار رشيد والملازم انور مجيد سلطان والنقيب ابراهيم عزو وآزاد هورامي وحمه غفور زازليي وسعدي كجكة وعلي شيعة وعلي آمه خان وشوان وطالب رستم ورؤوف عزيز بكر وماموستا عزيز وعبد الرحمن سنجاري وغيرهم .
اعتقد لو تحدث جميع الاحياء عن ذكرياتهم عند ذاك يمكننا القول ان تأريخ الاتحاد الوطني الكردستاني سيكتمل ويمكننا أن نكتبه معاً ليصبح تأريخاً موثقاً..
(تأريخ النضال)
لابد ان نكتب في يوم ما تأريخ الاتحاد الوطني الكوردستاني بشكل ادق وتفصيل اعمق، ليس لانه يشكل جزءأ من نضال شعب كوردستان فحسب، بل لانه يمثل تأريخ الكفاح من اجل الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة في العراق، لذلك يجب ان يأتي اليوم الذي تجمع وتوثق فيه المذكرات والوثائق والصور لتتم عملية الكتابة الصحيحة لتأريخ الاتحاد الوطني الكوردستاني.
الى جانب الضرورة الاخلاقية لتذكر شهداء هذه المسيرة الطويلة المثقلة بدماء شهداء شعب كوردستان، فلو لا شهداء انتفاضة السليمانية، عام 1930 وشهداء مجزرة قلعه دزه التي ارتكبت بحق طلبة جامعة السليمانية الذين تركوا المدينة احتجاجاً على النظام العنصري في آذار 1974 ، ليعيدوا بناء جامعتهم بعيداً عن هيمنة النظام .. جامعتهم التي قصفت بطائرات سيخوي حربية عراقية بوحشية صباح يوم 24/4/1974 ، وأدت الغارة الدموية إلى استشهاد المئات من طلبة الجامعة وطلبة المدارس والأطفال وأتذكر أسماء بعض الطلبة الجامعيين الذين استشهدوا نتيجة الغارة البربرية : هيوا عبدالغفور ، محمد انور القره داغي ، آزاد حسين ، برهان عبدالله ، سوران محمد صالح، عبدالغني غريب، آزاد حمه غريب واستشهدت عوائل بالكامل في تلك المجزرة المروعة . تلك الدماء كتبت التأريخ الكوردي الحديث .
أما الكوكبة التي أعدمت في بغداد يوم 12/5/1974 ( ليلى قاسم حسن، جواد مراد الهماوندي، نريمان فؤاد مستي، آزاد سليمان بايز، حسن حمه رشيد ) قد سجلت سابقة لا نظير لها في تأريخ منطقة الشرق الأوسط والبلدان العربية ، إذ تم إعدام أول فتاة عراقية من كردستان بعد تعرضها لتعذيب وحشي من قبل مخابرات نظام بغداد .
وهي كانت أول امرأة تعدم علناً في الشرق الأوسط عام 1974 وكانت عملية بشعة .. تبعها إعدام المئات ودفن الآلاف منهن في المقابر الجماعية بأمر من صدام حسين وازلامه. إذ اعتقلت السلطات العراقية المجموعة يوم 29/4/1974 ونشرت الصحف العراقية صورا عن محكامتهم الصورية يوم 1/5/1974. وقد دُفن جواد مراد الهماوندي وحبيبته في قبر واحد في مقبرة النجف الاشرف مساء يوم 13/5/1974 بناءً على توصيته واصدر الحاكم الجلاد جار الله ايوب العلاف حكم الاعدام بحقهم بالتنسيق مع العقيد يونس معروف الدوري والعقيد الحقوقي راغب فخري.
فالنظام العفلقي الدموي قد شن حملاته الدموية المنظمة منذ سيطرته على مقاليد الحكم في بغداد يوم 17/7/1968 اذ تم تصفية العشرات من كوادر وقيادات الحزب الشيوعي العراقي – القيادة المركزية – وطالت التصفيات حتى قيادات الحزب الشيوعي العراقي ( اللجنة المركزية ) ناهيك عن تصفية كوادر وقيادات حزب البعث العربي الاشتراكي ( قيادة قطر العراق – الموالي لدمشق ) والحركة الاشتراكية العربية وحركة القوميين العرب وحتى كوادر وقادة حزب البعث العراقي لم يسلموا من بطش الجهاز السري الخاص بصدام حسين (منظمة حنين) . فقد استكملت الدكتاتورية هيكلتها المخابراتية الدموية بعد هيمنة صدام حسين واخوته واولاد أعمامه على جميع مفاصل الدولة العراقية والحزب .
ففي اب عام 1979 أعلن صدام حسين من قاعة الخلد ببغداد في مشهد دراماتيكي وهو يذرف الدموع ! عن اكتشاف مؤامرة مزعومة دبرها المرحوم حافظ الأسد للإطاحة بنظامه في بغداد، وامر على اثرها باعدام العشرات من أعضاء القيادة القطرية لحزب البعث ومجلس قيادة الثورة وهم كل من ( محمد عايش الفلوجي وعدنان حسين الحمداني وطاهر محمد أمين العاني وبدن فاضل وغانم عبدالجليل ومحمد محجوب ومحي عبد الحسين المشهدي وغازي ايوب ووليد اسماعيل ووليد صالح الجنابي وابراهيم جاسم وطالب محمود النجار نافع الكبيسي وخليل الكساب وماجد عبد الستار واسماعيل محمود الصويلح وخالد عبد عثمان الكبيسي وحازم يونس واحمد ذنون وحتى عبد الخالق السامرائي ( عضو القيادتين القومية والقطرية الذي كان معتقل منذ حركة ناظم كزار في حزيران 1973 ) وعدد كبير اخر من قادة الحزب والقوات المسلحة . وبعدها اغتيل عدد كبير من مسؤولي الدولة والحزب منهم عبد الكريم الشيخلي ومرتضى الحديثي وفليح الجاسم وعدنان خير الله وشاذل طاقة والمئات .
وتم إعدام مجموعة قيادية من حزب الدعوة الإسلاميـة فـي 11/12/1974 وهـم [ الشيخ عارف البصري والشيخ عز الدين القبانجي والشيخ عماد الدين التبريزي ونوري طعمة ومحمد علي جلوخان ] للاشتباه بهم .
وفي يوم 25/4/1974 أعدمت مجموعة جهادية ماركسية من كوادر الجيش الشعبي لتحرير العراق منهم [ ظافر حسن النهر وعماد هاشم الصالحي وخالص عبدالمجيد وناظم كاظم وجعفر هادي ومعين حسن النهر ...
(عمق التضحيات)
لو لا تضحيات ودماء الشهداء من الكرد الفيليين الذين تصدوا وقاوموا ردة شباط 1963 وبطولات وتضحيات الحركة الوطنية العراقية العربية والكوردية والإسلامية ، ولو لا دماء بيشمركة ثورة ايلول 1961 بقيادة المرحوم الملا مصطفى بارزاني لما انبثق الاتحاد الوطني الكوردستاني والأحزاب الكوردستانية والديمقراطية العراقية الأخرى وما كان للنصر من معنى، ولا للحركة التحررية للشعب العراقي، فلولا صمود العراقيين في سجون ابي غريب والموصل ومعتقل الحاكمية والرضوانية والمخابرات والأمن العامة والاستخبارات أثناء التعذيب وتنفيذ أحكام الإعدام، تلك التضحيات الجسيمة الكوردستانية والعراقية الديمقراطية والقومية العربية والإسلامية الثورية والتركمانية والآشورية التي تطرقنا أليها بصورة مختصرة، لما تحقق الانتصار على الدكتاتورية والاستبداد.
ان النكسة والمؤامرة العالمية التي طبخها هنري كيسنجر ونفذها شاه إيران بالتنسيق مع صدام حسين من اجل القضاء على الحركة التحررية الكوردية التي كانت تمثل حركة مقلقة لدول المنطقة لأنها حركة وطنية ديمقراطية المضمون مدافعة عن حقوق شعب مضطهد، بغض النظر عن العلاقات النفعية الهامشية مع حكومة إيران وحجم المساعدات الشحيحة التي كان يقدمها شاه إيران للحركة الوطنية الكوردية المسلحة انذاك ، والتي كانت بمثابة المصيدة لتدمير الحركة الكوردية، كما ان نوع السلاح الرديئ وكمياته المحدود ونوع المساعدات كانت مؤشرات واضحة على سعيه لتحديد فعاليات الثوار.
(الاتفاقية المشؤومة)
عندما لمست دول المنطقة بأن حركة التحرر الكوردية بدأت تتوسع ، خاصة بين عامي 1974 و 1975 بعد التحاق الآلاف من المثقفين وأساتذة الجامعة والأطباء والعسكريين بهذه الحركة ، وباتت دول الاقليم والعالم تتوجس منها ، لذا بدأت العديد من المؤامرات تحاك هنا وهناك للقضاء عليها.. عند ذاك بدأت مشورات وتحركات هنري كيسنجر للقضاء على الحركة الكوردية. فتم عقد لقاء تمهيدي في أنقرة بين العراق وإيران والجزائر في شباط عام 1975 سبقته لقاءات سرية عديدة اشار الى خطورتها المرحوم أنور السادات خلال لقائه بمام جلال في حينها.
في عام 1975 عقد اللقاء الحاسم بين صدام الذي كان نائبا للرئيس العراقي انذاك احمد حسن البكر، ولكنه حقيقة الامر كان رئيسا فعليا للعراق ، والرئيس الجزائري هواري بومدين وشاه إيران على هامش اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) ،، أسفر اللقاء عن توقيع اتفاقية الجزائر في 6 آذار/ مارس 1975 بين العراق وإيران ،التي بموجبها اُجبر العراق على التنازل عن نصف شط العرب وأراضي عراقية حدودية شاسعة لقاء القضاء على الحركة التحررية الكوردية وتفكيك مؤسساتها العسكرية والاجتماعية من خلال غلق الممرات وترسيم الحدود ووضع القوات على جانبي الحدود لمنع المساعدات عن الحركة الكوردية ، كون الممرات العراقية – الإيرانية كانت بمثابة الرئة التي تتنفس منها الحركة . فترتبت على ذلك نتائج وآثار كارثية على الثورة الكوردية التي كان يقودها المرحوم الملا مصطفى بارزاني جراء تلك الاتفاقية. حيث قضي على الحركة المسلحة وتشتت القوى المسلحة للشعب الكردي . وجرت الاتفاقية المنطقة برمتها إلى كوارث ومآسي أبرزها الحرب العراقية – الإيرانية التي دمرت البلد واستمرت لاكثر من ثمان سنوات ( 1980-1988) واسفرت عن دخول القوات الامريكية لمنطقة الخليج العربي لحماية ناقلات النفط العراقية .
أعلنت كل من بغداد وطهران نص الاتفاقية التي أذهلت العالم وذلك في 6/3/1975 ، فاتخذت طهران من جانبها الاستعدادات لغلق الحدود والمعابر بين العراق وإيران لقطع الطرقات على تنقل القوات الكوردية والأفراد بين البلدين . وكانت تلك مؤشرات واضحة للتطبيقات الأولية للبنود السرية للاتفاقية التي أعلنت وكأنها اتفاقية حل المنازعات التاريخية في شط العرب.
ولاطلاع القارئ على خلفية الموضوع ، فلابد من التطرق ولو بشكل سريع على الخلافات التاريخية بين الإمبراطوريتين العثمانية والفارسية التي هيمنتا على شرقنا لقرون عديدة . فقد نشأت النزاعات بين الإمبراطوريتين على أمور كثيرة باطنها صراع طائفي مقيت وظاهرها المصالح وطرق التجارة وتبادل المتمردين ومشاكل المياه المشتركة والجبال الحدودية والعتبات المقدسة .
وبعد توسط بريطانيا العظمى و روسيا القيصرية لحل النزاع بين الإمبراطوريتين تم عقد معاهدة ارض روم الأولى عام 1821 م ومعاهدة ارض روم الثانية عام 1847 م وبموجب المعاهدة الأخيرة نالت الإمبراطورية الإيرانية القاجارية على مكاسب كبيرة منها الهيمنة على مناطق عربية شرق شط العرب والبصرة ، كما نصت المعاهدة على حرية الملاحة لسفن الطرفين في شط العرب من مصبه حتى نقطة التقاء حدود العراق وإيران .
وبعد معاهدة ارض روم الثانية وقع البلدين بروتوكول طهران لسنة 1911 وبروتوكول القسطنطينية لسنة 1913 .وبعد تصاعد الخلافات بين البلدين طرحت قضية المشاكل الحدودية أمام عصبة الأمم المتحدة التي أوصت بحل النزاع عن طريق المفاوضات المباشرة ، فتم عقد معاهدة القسطنطينية 1937 بين البلدين ، بموجب هذه المعاهدة الجديدة حصلت إيران على أراضى عراقية ، وعلى امتيازات في شط العرب ( خط التالوك ـ أي حق حرية الملاحة في نصف شط العرب المحاذي لإيران ) وقد صادق صدام حسين على كل تلك المعاهدات والبروتوكولات أمام شاه إيران يوم 6/3/1975 في الجزائر .
وفي عام 1980 قام بتمزيق تلك الاتفاقية من على شاشات التلفزيون في بغداد واعتبرها باطلة وفي تلك اللحظات اعلن عن استعداده الكامل لشن الحرب ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية .
لكن الأيام التي تلت إعلان الاتفاقية اظهرت للعيان بوضوح عمق وطبيعة وخطورة الاتفاقية على السيادة الوطنية للدولة العراقية أولاً والتنسيق الإيراني-العراقي لسحق الثورة الوطنية في ظفار وبسط الهيمنة الشاهنشاهية على الخليج ومحاربة القوى الديمقراطية في المنطقة برمتها والتخطيط لتفتيت جبهة الصمود والتصدي العربية .
وبرهنت الاتفاقية للعالم بان النظام العراقي العنصري المستبد قد قدم تنازلات خطيرة للشاه ولم يقدم على التفاهم مع أبناء شعبه في كوردستان وتقديم الحل السلمي الديمقراطي الوطني للقضية الكوردية .
ولم يستطع النظام العراقي من استيعاب المطالب الوطنية الكوردية العراقية ، وعامل الكورد في أراضيهم داخل العراق كالغرباء ومواطنين من الدرجة الثانية وعملاء للاجانب .
فالانظمة العربية رفضت فهم وقبول الشعب الكوردي وتاريخه وتراثه ورفض النظام العراقي اعطاء الكرد أي دور وطني او قومي ،، وبدلا من ان تكون العروبة الاسلامية الانسانية حاضنة ومظلة واحدة لجميع العراقيين ، غدت نقمة استخدمها قادة النظام لبث الافكار العنصرية وتهميش الكورد وجر الويلات عليهم باسم الاسلام والعروبة .
وما احزن الكورد وولد لديهم نزعة قومية ان الدول العربية كلها ( باستثناء سوريا وليبيا واليمن الاشتراكي الجنوبي) قد غضت الطرف عن المأسي والكوارث التي كانت الانضمة المتعاقبة في العراق تجرها على الشعب الكوردي ، ولم يعيروا أي اهتمام بالكورد وعاملوهم كشعب غريب باستثناء عدد محدود من الديمقراطيين والكثير منهم اعتبروا اتفاقية اذار نصرا عربيا على الفرس .
لكن الذي يجهله كثيرون هو ان قطبين من عمالقة الادب العربي في القرن العشرين وهما امير الشعراء احمد شوقي والكاتب الكبير عباس محمود العقاد عدا مؤسس النهضة المصرية محمد علي الكبير وهم من القومية الكردية .
ومن سخرية الاقدار ان الصحفي محمد حسنين هيكل قال للسيد جلال طالباني في زيارة قام بها الاخيرالى منزل الاول في مصر وبحضور القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني عدنان المفتي عام 1998 بانه لم يسمع في حياته بكارثة حلبجة وقتل المدنيين العُزل بالاسلحة المحرمة!! و قال مستغرباً: هل يجوز للعرب استخدام الاسلحة الكيماوية ضد الكورد.
(الخطـــة البديــلة)
عاد المرحوم الملا مصطفى البارزاني من طهران إلى كوردستان العراق، بعد اجتماعه مع شاه إيران بتاريخ 13/3/1975 بحضور السادة الدكتور محمود عثمان والسفير محسن دزه يي، لبحث نتائج لقاء الجزائر. وكان اجتماعاً حاسماً حسبما ذكره الدكتور محمود عثمان في مذكراته حيث ابلغ شاه ايران البارزاني بأنه توصل إلى حل مشاكله السياسية مع نائب الرئيس العراقي صدام حسين في مؤتمر منظمة الاوبك بالجزائر يوم 6/3/1975 . وقال الشاه للسيد البارزاني بان المسلحين الكورد أمام خيارين لا ثالث لهما، أما نزع السلاح والرجوع إلى العراق دون قيد أو شرط أو المكوث في ايران بصفة لاجئين والانصهار في المجتمع الإيراني .
كلمات الشاه كانت ثقيلة جدا وقاسية على القادة الكرد، ولكنهم حاولوا بشتى الوسائل التملص والرجوع إلى كوردستان سالمين للاجتماع بالقيادات على ارض الوطن لاتخاذ القرار السياسي الجماعي المستقل [ للمزيد من المعلومات راجع مذكرات الدكتور محمود عثمان ] .
عند عودة الملا مصطفى البارزاني والوفد المرافق له إلى كوردستان العراق عن طريق منطقة حاجي عمران، استقبلوا استقبالا حافلا من قادة و وزراء وكوادر الحزب الديمقراطي الكردستاني والثورة ، لإعلانهم وهم في الطريق ان القيادة ستقاوم المؤامرة وستواصل الثورة الكوردية كفاحها المسلح اعتمادا على المقومات والقدرة الذاتية لشعب كوردستان وتجاوز المؤامرة بخطة جديدة.
عقدت اجتماعات مكثفة بين القادة الكورد لوضع الاحتياطات المطلوبة ووضع خطط جديدة وبديلة عبر تغيير التكتيكات تكفل الحفاظ على الثورة ، ووزعت المؤن وتم خزن السلاح والعتاد، فتم الاحتفاظ بثلاثة مراكز قيادية لديمومة الثورة المسلحـة. واختيـرت منطقـة بالك ( حاجي عمران ) بمحافظة أربيل كمركز أول للقيادة العسكرية بقيادة السادة مسعود البارزاني والمرحوم إدريس البارزاني ومعهم عدد من الكوادر الحزبية والعسكرية المتمرسة ومن أبرزهم الشهيـد سامـي عبـد الرحمـن والمقـدم يوسـف مـيران والشهـيد فرنسوا حريري والقائد العسكري عبدالله آغا بشدري والنقيب الركن آزاد ميران وآزاد نجيب برواري والدكتور نجم الدين كريم وكريم سنجاري وغازي ووريا وخالد واخرين . وكان من المقرر ان اكون ضمن هذا المحور.
أما المركز الثاني فتم اختيار منطقة بنجوين الحدودية التي تقع شرق محافظة السليمانية للأشراف على العمل في محافظات السليمانية وكركوك ومدن خانقين وبغداد وجنوب العراق وكرميان ، ولهذه المنطقة الستراتيجية انتخب المرحوم نوري شاويس (عضوالمكتب السياسي) مسؤولا عن هذا المركز، فتجمع حوله عدد من خيرة السياسيين والعسكريين من مدن السليمانية وكركوك واربيل وبغداد .
وأعلن السيد فاروق ملا مصطفى مسؤول الحزب الشيوعي العراقي – القيادة المركزية – في كوردستان في حينها ، انضمامه وأنصاره إلى المقاومة الجديدة وكان معه عدد من الأنصار الشيوعيين العراقيين العرب إضافة إلى الأنصار الشيوعيين الكورد ، فقاموا بجمع السلاح والذخائر والمؤن بالتنسيق مع عدد من قياديي الجماعة الماركسية اللينينية في كوردستان ومكتب سكرتارية اتحاد طلبة كوردستان للبدء بحرب الاستنزاف إلى جانب قوات الحزب الديمقراطي الكوردستاني . فكنتُ في حينها على اتصال يومي مع المقاومين في الحزب الديمقراطي و الكومله والقيادة المركزية للتعبئة وشحذ الهمم والاستعداد لحرب عصابات طويلة الامد اعتماداً على القوى الذاتية لشعب كوردستان .
وتحول المقر العام لمكتب سكرتارية اتحاد طلبة كوردستان ، إلى خلية ناشطة للتوعية والتعبئة الثورية ورفع معنويات الطلبة الذين كانوا في جبهات القتال إلى جانب البيشمركة .
إذ انخرط المئات من الطلبة في الدورات العسكرية القتالية، وكان للسادة المدرجة أسمائهم ادواراً بارزة مشهودة في تعبئة الطلبة والشباب وحثهم على مواصلة الكفاح المسلح، وهم كل من، ( آزا خفاف والدكتور رنج نوري شاويس والدكتور نجم الدين عمر كريم وآرام ودارا نوري وعبد الرزاق عزيز والدكتور خسرو كل محمد وسربست بامرني و سيروان عبدالله سعيد و سعدي احمد بيره و سالار عزيز و سلام عبد الرحمن و كاردو كلالي وحسيب روزبياني و رؤوف عقراوي و خورشيد احمد و جبار حاجي رشيد و حسين علي احمد فيلي وفرهاد عوني و ظاهر روزبياني وحسن فيض الله ورشيد باجلان وجمال الجاف) والمئات من كوادر اتحاد الطلبة وشارك في الحملة كذلك العديد من اساتذة جامعة السليمانية كالدكتور جلال شفيق والمرحوم الدكتور كمال خوشناو والدكتور المهندس دارا رشيد جودت .
كان المركز الثالث لادارة القتال في مناطق بادينان ، وعينت القيادة الشخصية الوطنية البارزة السيد صالح اليوسفي مسؤولا للمركز الثالث للأشراف على العمل السياسي والعسكري في مدن محافظتي دهوك والموصل وكان معه عدد من خيرة الكوادر السياسية والعسكرية من اهالي المنطقة، ومن ابرزهم المرحوم اسعد خوشوي والعسكري الشجاع رشيد سندي والسيد فاضل ميراني وحسو ميرخان ومصطفى نيروه يي وعلي السنجاري وحميد افندي وتحسين اتروشي وحميد عقراوي والدولمري .
تجدر الإشارة إلى ان المرحوم صالح اليوسفي قد استشهد في منزله ببغداد صباح يوم 21/6/1981 جراء استهدافه بعبوة ملغمة وضعت له في احدى الرسائل التي وصلته بالبريد ، بتدبير وتخطيط من مدير المخابرات آنذاك المجرم برزان ابراهيم التكريتي ، حيث قطعت يداه ومنعت عنه الإسعافات اللازمة لحين مفارقته الحياة نزفا .
تصاعدت العمليات الثورية للبيشمركة على جبهات القتال كافة مسجلين انتصارات كبيرة وخاصة في جبال زوزك وهندرين وحسن بك وماوت وبشدر وراوندوز كرميان ومنطقة سهل اربيل وسنجار وشيخان ومناطق بادينان بمحافظة دهوك . وبدء أهالي كوردستان يشعرون بالفخر والاعتزاز بقدرات قوات البيشمركة في مواجهة جيش النظام العراقي المجهز باحدث الاسلحة الروسية المتطورة دون أية مساعدة خارجية . فانخرط الآلاف من المواطنين في صفوف الثورة من جديد ، وشعر الكثير من الوطنيين بان المخطط الايراني قد أزيح عن كاهلهم .
لكن هذا الحلم الوطني لم يدم طويلا ، فسرعان ما انهارت الآمال بإعلان القيادة ليلة 22/3/1975 انتهاء الحركة المسلحة للمحافظة على الشعب الكوردي وقواته من الإبادة الجماعية ، وعدم وقوع البيشمركة بين فكي رحا الآلتين العسكريتين الجبارتين للعراق وإيران .
(الدور المشهود للسيد مام جلال اثناء النسكة)
ويجب هنا ان نذكر للتأريخ والأجيال القادمة الدور البارز والمشهود للسيد جلال الطالباني قبيل اعلان انهاء الثورة الكوردية المسلحة ، ادراكا منه بخطورة المرحلة وبالمسؤولية التأريخية الجسيمة تجاه الشعب الكوردي ، حيث اخذ على عاتقه مهمة الاتصال برؤوساء الدول العربية الثلاث مصر وسوريا وليبيا عبر الرؤساء ( أنور السادات وحافظ الأسد والعقيد معمر القذافي ) للحصول على دعم عربي لحركة التحرر الكوردية وتدارك التداعيات التي تمخضت عن اتفاقية الجزائر، والعمل على إسقاط الاتفاقية الاستسلامية، ولكن جهوده واتصالاته بالرؤساء الثلاثة لم تثمر عن نتائج تذكر بسبب تسارع تراجيديا الانهيار .
تلبدت سماء كوردستان بغيوم الرعب واليأس، فانهارت الثورة وسقطت البنادق من أيدي البيشمركة والأنصار . لكن جذوة الثورة ظلت في القلوب والعقول . ولا بد ان نعترف هنا بان العديد من الظروف الموضوعية والعوامل الذاتية اسهمت في انهيار الثورة الكوردية إلى جانب العوامل الإقليمية والدولية التي أشرنا إليها .
لكن الشعب الكوردي بقى واعيا وثائرا ، وتحولت روحية التصدي لدى الشعب إلى إرادة أقوى، بدليل ان الشعب الكوردي بدأ بعد اشهر قليلة من النكسة بلملمة جراحه وبدأت الخلايا تتشكل هنا وهناك ، داخل وخارج العراق وكانت هناك قوة أساسية يسارية كوردستانية ديمقراطية واعية تعمل في العراق باسم عصبة كادحـي كوردستان المعروفة اختصارا ( بالكومله ) إلى جانب منظمات ثورية كوردستانية وماركسية وقومية عربية ناصرية واسلامية راديكالية شيعية وبعثية يسارية موالية لسوريا .
كذلك تم تشكيل خلايا ولجان، في مدن عراقية واوربية وإيرانية مختلفة بعدها تم تشكيل لجان ثورية فرعية ، ففي مدن مهاباد و نغدة واروميه و شنو و بانة تم تشكيل لجان اتحادية سرية وذلك لامتصاص زخم صدمة انهيار الثورة ولتشجيع المواطنين للعودة إلى العراق بدلا من البقاء في إيران الشاه، وتفضيل الكفاح السلمي والعسكري ضد الدكتاتورية في الوطن على الانزواء في إيران.
(اعادة بناء روح الثورة والتصدي)
بدات الروح الثورية وعدم الرضوخ للمؤامرة التي حيكت ضد الكورد تتوهج في قلوب الشباب وقلوب الناس جميعاً، وبدات التنظيمات في العالم تعيد صياغة نفسها على هذا الأساس .
وكانت انتصارات الشعب الفيتنامي عام 1975 بالاعتماد على قوى الشعب الذاتية والطليعة الثورية الواعية والقوات الشعبية مثالا يحتذى بها ونبراساً للثوريين الكوردستانيين في تلك الحقبة التأريخية .
(الاتصالات الاولى)
تمت الاتصالات الأولى من قبل مام جلال بعدد من الوطنيين في الداخل والخارج بعد 13/3/1975 فقد قام بالاتصال بي برسالة من مام جلال نقلها لي سراً في طهران المرحوم فاضل ملا محمود ، الذي كان يحمل أيضا رسائل من مام جلال إلى بعض المسؤولين الكورد ومنها رسالة إلى المرحوم إدريس البارزاني، وغدت هذه الرسائل من مام جلال بارقة أمل للوطنين الكورد وكانت بمثابة دفعة ثورية قوية لمواصلة الكفاح، حيث كان مام جلال يقيم انذاك بشكل مؤقت في بيروت ويعمل مع السادة مسؤولي مكتب بيروت للحزب الديمقراطي الكوردستاني ، وكان السيد عزيز شيخ رضا مسؤولاً للمكتب وهناك التقيت للمرة الاولى بالسيد كوسره ت رسول علي وكان عائداً من دورة علمية زراعية في بلغاريا .
بدأت اتصالاتنا في طهران ومدن إيرانية أخرى وفي الخارج أيضا لبحث أسباب النكسة وطرق النهوض من جديد بالحركة الكوردية وشحذ الهمم، وأتذكر انه كان من بين السادة الذين التقيتهم (دارا توفيق وحبيب محمد كريم وكامران قره داغي مدير الاذاعة العربية للثورة الكوردية وعلي العسكري وشاسوار جلال ( آرام ) ودارا شيخ نوري وسالار عزيز وجمال حكيم ( جمال آغا) وعدنـان المفتـي والدكتـور خسرو كل محمد (الذي طلبت منه الرجوع الفوري إلى بغداد لحين الاتصال به) و كان كذلك جبار حاجي رشيد وآزا خفاف وحسين سنجاري والدكتور محمود عثمان وشمس الدين المفتي وقادر جباري وفرهاد عوني وحسن درويش وحسن فيض الله وحسيب روزبياني و ملا ناصح و رسول مامند وعلي هزار و سعد عبدالله والمهندس توفيق عبد الحسين وسربست بامرني ويد الله كريم والملازم اسماعيل باجلان وحسن درويش وتحسين عقراوي و ملا محمد اسماعيل والدكتور كمال خوشناو والدكتور جلال شفيق وكريم سنجاري وسامي شورش وبارزان خالد وفائق نيرويي وخالد يوسف خالد وطارق جامباز وحميد عقراوي والمحامي الشهيد هادي علي و دلشاد ميراني وظاهر حمد وفؤاد حسين و جيا عباس صاحبقران وعلي إحسان و كاردو كلالي و رؤوف عقراوي والمئات من المناضلين الذين كانت لنا معهم علاقات جيدة .
بدأنا نتحرك بين صفوف الطلبة والشباب من اجل ديمومة الثورة من جديد ولكن بأسس جديدة وبنواة جديدة وقيادات متحمسة وأساليب ديمقراطية جديدة . دون ان نحدد أي اسم لهذا التنظيم ، لان الرأي لم يستقر على تشكيل تنظيم معين آنذاك .
إذ كانت الآراء مختلفة بين من يدعو إلى تشكيل تنظيم جديد وبين من يدعو الى ترك الأمور لسنوات أخرى لنضوج الوضع الجديد، فيما كان آخرين مع مواصلة النضال تحت قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني مع إجراء تغييرات في القيادات، فهول الصدمة المروعة شتت الأفكار والمجموعات والمؤسسات الإدارية والحزبية والمهنية.
تجدر الإشارة إلى ان بعض القيادات غادرت طهران إلى الخارج بعد الانسحاب وتفكيك الثورة مباشرةً كالسيد حبيب محمد كريم والمرحوم نوري شاويس والشهيد دارا توفيق والدكتور رنج نوري شاوه يس وعبدالرزاق عزيز وعادل مراد واخرين لا تسعفني الذاكرة بذكر أسمائهم، وكانت تحركاتنا بعيدة عن أعين جهاز الأمن الإيراني ( ساواك ).
كنت رئيساً منتخباً لاتحاد طلبة كردستان منذ تموز عام 1970، وبحكم موقعي كانت لدي علاقات واسعة مع لجان وقيادات الطلبة والشباب وكذلك مع المسؤولين الأساسيين في الحزب الديمقراطي الكوردستاني وبشكل خاص مع الشهيدين سامي عبد الرحمن وصالح اليوسفي وقادة قوات الأنصار ومسؤولي العلاقات الخارجية ، وكان الأستاذ عبد الرزاق عزيز ميرزا سكرتيراً لاتحاد الشبيبة الديمقراطي الكوردستاني، وكوني كنت على رأس التنظيم الطلابي سهل لي ذلك عملية الاتصال بالطلبة والشباب وتعبئتهم وتنظيمهم للعمل ضد المؤامرة التي ارتكبت بحق الشعب الكوردي، واستئناف الكفاح السلمي بأسلوب جديد عبر( خلايا مسلحة) وبناء تنظيمات في بغداد واربيل وكركوك والسليمانية ودهوك وفي كافة المدن والأرياف وفي الخارج ..
وكانت الخطوط العامة للحركة السياسية الكوردية الجديدة تتركز على لـم الصف الوطني ومناقشة أسباب النكسة وسبل الخروج منها، ونقد الأوضاع والبحث عن مخرج للأزمة العاصفة التي حلت بالحركة الكوردية الوطنية المسلحة وتجنب الاصطدام بالقوات العراقية أو بقوات الأمن والمخابرات العراقية ، واخذ الحيطة والحذر من الأمن الإيراني المتعاون مع المؤسسات الأمنية العراقية استنادا إلى البنود السرية لاتفاقية الجزائر .
(الوصول إلى دمشق)
كان يوم السابع من نيسان عام 1975 يوماً تأريخيا بالنسبة للحياة السياسية الكوردية الجديدة ، يوم الوصول إلى دمشق مع السيد عبد الرزاق عزيز ميرزا (الذي شغل منصب وزير التعاون والمساعدات الإنسانية في حكومة اقليم كوردستان الحالية) وتم اللقاء مع مام جلال فكان لقاءً ودياً مليئ بالحماس، ونقلت له دعم السيد مسعود البارزاني لتحركاته الجديدة وخطابه التأريخي الذي ألقاه في الملعب البلدي في بيروت أمام الآلاف من الكورد في لبنان 21/3/1975 بمناسبة عيد نوروز .
عقب الاجتماع بمام جلال، عقدنا سلسلة لقاءات مهمة جداً مع عدد من الشخصيات العراقية بينهم السادة عبد الاله النصراوي الأمين العام للحركة الاشتراكية العربية ، وإبراهيم علاوي الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي ( القيادة المركزية ) وسلمت الاخير رسالة خطية من الشهيد سامي عبد الرحمن واجتمعنا أيضا مع الشهيد احمد العزاوي الأمين القطري للبعث العراقي الموالي لسوريا والمعادي لبعث العراق الذي استشهد على يد عصابات صدام بسيارة ملغمة في دمشق يوم 10/7/1976 . اجتمعنا بهم لشرح اخر تطورات الوضع الكوردي بشكل خاص والعراقي بشكل عام .
استعرضنا لمام جلال الأوضاع التي حلت بنا واسباب النكسة وسبل توحيد الحركة من جديد وشكرته على الرسالة التي أرسلها لي بيد السيد فاضل ملا محمود ، تلك الرسالة التي أصبحت نبراساً لتحركاتنا في إيران .
وتجدر الاشارة هنا الى انه وفي كل اللقاءات كان معي السيد عبد الرزاق عزيز .. وقد فاجئنا مام جلال بتفاؤله وتصميمه على الكفاح بالاعتماد على قوى الشعب بالتعاون مع القيادة الكوردية السابقة وقال بأنه بعث برسالة مطولة إلى المرحوم الملا مصطفى البارزاني للتأكيد على مواصلة الكفاح وتوحيد الصف الوطني وكان من المقرر ان يكون المرحوم نوري شاويس معنا عند لقاء مام جلال ولكنه اعتذر وأعلن عن انسحابه من العملية السياسية وقال بأنه سيسافر إلى لندن للعلاج عن طريق رومانيا وكان يعاني من أزمة قلبية حادة وكان بمعيته نجله الدكتور ره نج .
فالتاريخ يعيد نفسه وبعد مرور ثلاثين عاما أي في 7/4/2005 تم انتخاب مام جلال رئيسا لجمهورية العراق فبعد ثلاثين عاما من الكفاح يصل زعيم هذا التنظيم إلى ارفع منصب في الدولة العراقية منذ تأسيسها عام 1921.
حيث تم انتخابه من قبل القائمة الكردستانية التي فازت بسبعة وسبعين( 77 ) مقعداً في الجمعية الوطنية العراقية (البرلمان الجديد) في أول انتخابات ديمقراطية في العراق يوم 30/1/2005.
تمثل تلك الحقبة التاريخية البداية الحقيقة لتأسيس حركة كردية جديدة ، ولكن اطلاق اسم على الحركة بقي دون اتفاق واجماع عليه ، إلا انه وبعد عقد سلسلة من الاجتماعات السياسية التحليلية وكتابة المسودة الأولى أثناء الفترة من 7/4/1975 إلى 22/5/1975 ، وخلال تلك الفترة التي شهدت اتصال مام جلال بالعديد من الكوادر الوطنية السابقة كالمرحوم نوري شاويس في بيروت والمرحوم دارا توفيق في القاهرة والأستاذ حبيب كريم في القاهرة والدكتور كامل البصير في القاهرة ومسعود محمد في عمان والسادة شمس الدين المفتي والدكتور محمود عثمان والمرحوم إبراهيم احمد في طهران وكثير من الأخوان في إيران بالإضافة إلى العشرات بل المئات من الكوادر الطلابية والسياسية الذين وبحكم عملي اتصلت بهم وشرحت لهم الموقف الجديد وضرورة عدم الاستسلام لهذه المؤامرة ووجوب عمل شيئ للرد على هذه الهزيمة السياسية المؤقتة ، وحذرت الكثيرين من الاستسلام لمخططات نظام بغداد لأنها تعني مواجهة الموت لكون النظام الاستبدادي العنصري سوف يلجا إلى تصفيتهم سياسياً وجسدياً ونصحتهم بعدم الانخداع بوعوده المعسولة ، وأثبتت الأحداث والوقائع بان الكثيرين من الذين خدعوا بوعود النظام العراقي وعادوا إلى بغداد تم نفيهم أو تم اعتقالهم أو إعدامهم إضافة إلى إعدام المئات من خيرة الشباب الذين كانوا في السجون ، ومن نجا من الإعدام من شملهم النفي والتشريد الى جنوب العراق.
نفى النظام اكثر من (400) ألف من سكان كوردستان إلى جنوب وغرب العراق، وخاصة المثقفين واصحاب الفكر والحكام والعسكريين والسياسيين الذين رفضوا التعاون مع الأجهزة المخابراتية العراقية، واذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر علي العسكري ودارا توفيق والشاعر شيركو بيكس وعبدول سوران عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني وشفيق آغا والملازم عمر عبدالله والملازم شيردل حويزى والمحامي عمر مصطفى دبابة ورسول مامند وحبيب محمد كريم سكرتير الحزب الديمقراطي الكوردستاني والدكتور خالد سعيد والدكتور نوزاد رفعت صالح والدكتور رمزي تقي رحمان و ملا ناصح والآلاف من خيرة الوطنيين من الكوادر العسكرية والسياسية والإعلامية والطبية والتعليمية للثورة المغدورة. حيث نفذت مخابرات النظام العراقي إجراءات قمعية فورية ضد الكورد بعد عودتهم من إيران إلى ارض الوطن .
تمثلت الإجراءات بالنفي السياسي والهجرة القسرية إلى غرب وجنوب العراق تنفيذاً لسياسة التغيير الديمغرافي لمنطقة كردستان ، إذ ان من البديهي والمعروف لكل العالم ان سكان كردستان يعيشون في بيئة جبلية باردة وطبيعة جغرافية لها خصوصيتها، والمناطق الغربية والجنوبية في العراق تتسم بالحرارة المرتفعة صيفاً، الى جانب الاختلاف في اللغة والعادات والتقاليد وبالتالي فان مثل هذه الإجراءات تعني النهاية والموت البطيئ لشعب عاش في كوردستان منذ آلاف السنين في أجواء مناخية مغايرة ، وفعلا توفي الاف الأطفال والشيوخ من الكرد في الجنوب وغرب البلاد ومنع عنهم النظام حتى العلاج والدواء .
فقد كان التهجير القسري إلى مدون المنطقة الغربية (الرمادي، الفلوجة، عانه، هيت، حديثة، راوة، وأبو سدرة) والى مدن المنطقة الجنوبية (كربلاء، الناصرية، السماوة، الحلة، النجف الاشرف، الكوفة، المسيب، قلعة صالح، القرنة، نقرة السلمان، عفك، الرميثة، الخضر، الدغارة، عين تمر، سدة الهندية، والشوملي) وبمحاذاة الحدود الإقليمية العراقية – السعودية ونفي الالاف الى سامراء وبغداد والمحمودية واللطيفية ، من اجل تغيير الواقع السكاني والجغرافي لمنطقة كوردستان العراق .
كان النظام في بغداد يتصور ان انتهاج سياسة الهجرة القسرية لشعب كوردستان ستمزق النسيج الوطني العراقي وتخلق مشاكل اجتماعية كبيرة تنبع من عدم انسجام أبناء القوميتين الرئيسيتين العربية والكوردية وتخرب التلاحم القومي ينتج عنها حسب تصوره المريض نفور عنصري وطائفي ( شيعي – سني )، ولكن النتائج كانت على عكس توقعات مخابرات النظام العنصري ، حيث نشأت علاقات حميمة وطيدة بين أبناء القوميتين المتآخيتين وسقطت بذلك كل مخططات النظام وبدلا من خلق النفور القومي نسجت علاقات وطيدة بين المهجرين والسكان العرب الأصليين، ما دفع النظام إلى إرجاع المهجرين الكرد إلى كوردستان في نهاية عام 1977.
اثبتت تلك التجربة المريرة عمق العلاقات الوطنية والإنسانية والإسلامية بين المكونات العراقية من عرب وكرد وتركمان وكلدان واشوريين وسريان فلازال الآلاف من الكورد المهجرين يعيشون في تلك المدن بعد ان تصاهروا مع العوائل العربية هناك.
لكن الفترة الأخيرة وبعد سقوط النظام الدكتاتوري في 9/4/2003 ، شهدت تجاوزات مشينة ضد الكورد في الفلوجة وسامراء والقائم وهيت ، من قبل الإرهابيين القادمين من الخارج ومن بقايا مخابرات صدام حسين ،، ولم يكن للسكان العرب الأصليين ظلع فيها، وحتى هذه الأعمال البربرية الدموية لم تؤثر على العلاقات العميقة بين العرب والكورد في تلك المناطق .
وتم الاعتداء على الكورد الايزيديين في الحلة على سبيل المثال وعلى المسيحيين في مناطق مختلفة في وسط وجنوب العراق ، ولكن الأعمال الإرهابية الظلامية الدموية الحاقدة لم تتمكن من كسر أواصر اللحمة التاريخية بين القوميات المتآخية والأديان العراقية المتسامحة .
(سياسة التهجير والتطهير العرقي)
لقد شكلت سياسة تهجير سكان كوردستان وتعريب المنطقة لتغيير ديمغرافيتها، اولى الأولويات بالنسبة للنظام العراقي منذ توليه السلطة عام 1968 ولحين سقوطه في 9/4/2003. فتم تنفيذ سياسات التطهير العرقي المنظم في كركوك وكفري وخانقين وسنجار وشيخان وجلولاء ومندلي وداقوق ومخمور وطوزخورماتو ومناطق كثيرة أخرى من كوردستان العراق وأضحت تهديداً خطيراً على الوجود القومي للكورد في كوردستان .
وقد غير النظام من أساليبه العنصرية وفق الظروف التي مرت على الشعب الكوردي. فبعد انهيار الثورة الكوردية اثر اتفاقية الجزائر في 6/3/1975 وعودة الأهالي إلى مدنهم وقراهم ، بدأت السلطات بشن حملات منظمة لنفي المثقفين والعسكريين والقضاة وكوادر الحزب الديمقراطي الكوردستاني إلى غرب العراق ( محافظة الانبار – الرمادي ) وجنوب العراق في ( محافظات العمارة، السماوة، الكوت، الديوانية ، النجف والحلة في بابل) فنفي إلى الرمادي الآلاف من المواطنين الكوردستانيين (العائدين إلى الصف الوطني كما كان يسميهم صدام حسين) واذكر منهم : الشاعر شيركو بيكس والصحفي البارز مصطفى صالح كريم والكاتب محمود ملا عزت والسيدة فخرية فتح الله والدكتور نوزاد صالح رفعت كاكائي وعلي مصطفى الخال والمحامي محمد صالح قازاني وكمال ميرزا غفور ونهاد الشيخ نوري وفوزي رشيد نامق .
هولاء تم نفيهم في ظروف قاسية إلى مدينة هيت ثم نفي بعضهم إلى قرية بغدادي. وفي المرحلة الثانية نفي الآلاف من الفلاحين من اهالي راوندوز وخوشناوتي وبشدر إلى المنطقة لكسر معنويات الكورد .
كما نفي الالاف الى مدينة الكوت واذكر منهم الشهيد دارا توفيق الذي عين مديراً لبلدية المدينة وكان معه المرحوم السيد شفيق آغا احمد الجلبي . وهجر الالاف من المثقفين واساتذة جامعة السليمانية وكبار الموظفين إلى الناصرية وبغداد ، منهم الدكتور كمال خياط والسيد جلال سام آغا والدكتور عزيز احمد ونوري أمين بك والدكتور جلال شفيق واللواء عمر شيخ حسن وكمال غالب الجلبي وكمال ابراهيم وعزيز حسن لوكه.
والى مدينة السماوة نفي الآلاف منهم المرحوم عبـدول سوران والقاضي احمد صالح (والد الدكتور برهم صالح رئيس حكومة اقليم كردستان السابق ) فضلا عن الشخصية السياسية البارزة المرحوم حمزة عبدالله ونوري دشتي .
والى مدينة العمارة نفي المناضلين الملازم عمر عبدالله والملازم شيردل حويزي والدكتور رمزي تقي رحمان والعشرات من خيرة الكوادر العسكرية والسياسية والثقافية .
تلك الحقائق والتجاوزات لا ينبغي ان تبقى طي الكتمان خفية عن الناس ، مثلما لا يجوز السكوت عن تلك الحقوق المسلوبة والانتهاكات الصارخة لحقوق الالاف من نخبة المواطنين الكورد وتقبل التبرير القانوني في التقادم الزمني المسقط للحق ، الذي رسمته السلطة العنصرية البعثية الشمولية حينها بغطاء قانوني ، وانما يجب اعتبار اعادة الحقوق والاعتبار لهولاء المناضلين جزء من حقوق الشعب العراقي ، فضلا عن ان حقوق المواطنين لا تسقط بالتقادم الزمني وفقاً للقانون أيضا .
فعلى المتضررين وذوي الضحايا تقديم شكاواهم الى المحكمة الجنائية التي تقاضي المجرمين مسؤولي النظام السابق .
(الإعلان عن تأسيس الاتحاد في (1/6/1975)
كنا مصرين على إعادة اكبر عدد من اللاجئين الكورد وعدم إبقائهم في إيران الشاه رغم الظروف العصيبة التي كانت تمر بالعوائل الكوردية نتيجة الهجرة القسرية إلى غرب وجنوب العراق لاعتقادنا بوجوب عودتهم إلى الوطن للحفاظ على التماسك الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع وللبدء في عملية بناء مؤسسة سياسية جديدة ، وكانت هناك فكرة تأسيس تنظيم جديد وفق أسس وأفكار وأساليب عمل جديدة من اجل البدء بعمل جديد ثوري ضد النظام حتى لو كانت البداية عبر خلايا قليلة .
هذه الفكرة الأساسية ظهرت بعد العديد من المداولات والاتصالات مع كثير من المناضلين في إيران والعراق وأوربا والقاهرة وأمريكا والخليج ، فقد اتصل مام جلال بكبار المسؤولين الروس والمصريين والسوريين بناءً على طلباتهم لمواصلة الثورة الكوردية والوقوف ضد الاتفاقية العراقية الايرانية (اتفاقية الجزائر) وبعد ان اتم مام جلال اتصالاته بالعشرات من كوادر الشعب الكردي وبالأخ الدكتور فؤاد معصوم الذي كان موجودا في القاهرة حينها كممثل للثورة الكوردية، والذي جاء إلى دمشق لتكثيف المشاورات، وبعد اجراء عشرات الحوارات والاتصالات الهاتفية وتبادل الرسائل والاجتماعات التداولية بين (مام جلال وعادل مراد وفؤاد معصوم وعبد الرزاق عزيز) فضلا عن مئات الشخصيات الوطنية الكوردية والعراقية والعربية الصديقة والحليفة عقد الاجتماع الرسمي الأول بتاريخ 22/5/1975 في مقهى طليطلة بمنطقة ابو رمانه في العاصمة السورية دمشق برئاسة مام جلال، وحضور الدكتور فؤاد معصوم وعبد الرزاق عزيز وعادل مراد، إذ قرر المجتمعون بعد نقاشات مطولة وتبادل الآراء ان يطلق اسم (الاتحاد الوطني الكوردستاني) على التنظيم الجديد واعتباره تنظيما وطنيا جماهيريا يتسع للمثقفين الثوريين والوطنيين وللقوميين الكوردستانيين وللماركسيين وللعمال والفلاحين وللبرجوازية الصغيرة والبرجوازية الوطنية ويتسع لكل المعادين للنظام الدكتاتوري في العرق وكل المعنيين بالقضية الوطنية والقومية لكوردستان. ولادراكنا ان النظام البعثي في العراق ، دشن خطة شاملة ومتكاملة لتغيير الطابع السكاني لمنطقة كوردستان ،، أولا وتهيئة الظروف لإبادة شعب كوردستان ثانياً ، وربط العراق بشكل محكم بمخططات امريكا وشاه ايران في المنطقة،، كان لابد لنا من التصدي لتلك الهجمة الشرسة متضامنين موحدين ، والعمل على خلق جبهة واسعة وتشكيل نواة ثورية لتلك الجبهة بالاستفادة من التجارب الثورية في فيتنام وكمبوديا و لاوس نظراً لتشابه المناخات السياسية الثورية في العالم الثالث.
تعرض الاعلان عن التنظيم الكوردستاني الجديد الى كثير من الانتقادات والتشكيك، وقيل لنا ان التنظيم الجديد فضفاضُ وغير واضح الاهداف وقيـل الكثيـر بحق الاتحاد الوطني الكوردستاني، لكننا كنا مصرين على ان يكون التنظيم واسع وشامل، وكان أول من انظم إلى هذا التنظيم عصبة كادحـي كوردستـان (كومله) إذ كانـوا بمثابة المحرك المركزي (الداينمو) في الداخل بعدما عاد العشرات من كوادرهم إلى العراق من إيران ومنهم الشهيد (آرام ) شاسوار جلال و سالار عزيز والشهيد عزيز محمود الذي اعدم في سجن الموصل فجر يوم 24/3/1979 والشهيد الشيخ شهاب شيخ نوري الذي اعدم في الموصل فجر يوم 21/11/1976 مع رفيقيه أنور زوراب كركوكي وجعفر عبد الواحد وكما رجع الى العراق المرحوم دارو الشيخ نوري وفريدون عبدالقادر وعمر سيد علي وعمر فتاح ومحمد صابر وارسلان بايز وجبار فرمان والدكتور خسرو كل محمد والدكتور خسرو خال وفرهاد شاكلي وجبار حاجي رشيد وعزيز محمود ومئات الكوادر.
فكل الكوادر السياسية الثورية الذين كانوا في إيران عادوا وبدءوا العمل الثوري من جديد ونشطت الكوملة مرة ثانية وخاصة داخل كوردستان .
(رفض الانكسار)
اعلنت الكوملة عن تصديها للنكسة وللنظام المركزي العنصري في بغداد ولمخخطات دول الجوار بالكفاحين السلمي والمسلح لاحقاً.
وقد تم الاتفاق بين أعضاء الهيئة المؤسسة على إعلان البيان وصياغة الدستور(المنهاج والنظام الداخلي) الذي صاغه مام جلال بالتنسيق الكامل مع الهيئة المؤسسة للاتحاد الوطني الكردستاني، وتم الاجماع على استشارة مختلف فئات الشعب من مثقفين وثوريين في الخارج، وقد سافر مام جلال بتاريخ 26 أو 29/5/1975 الى برلين لعقد اجتماع بحضور السادة نوشيروان مصطفى أمين الذي كان يكمل دراسته ويحضر للدكتوراه في جامعة فيينا والدكتور كمال فؤاد والدكتور ارجمند صديق والدكتور حسن حمة علي والسيدة هيرو إبراهيم احمد والدكتور لطيف جمال رشيد (وزير الموارد المائية في الحكومة العراقية السابقة) والدكتور عمر شيخموس وأحد أشقاء السيد حلمي علي الشريف واخرين هولاء ناقشوا محتويات الوثيقة الأولى للاتحاد وتم الاتفاق على ان يتم إعلان البيان الاول بعد عودة مام جلال إلى الشام في نهاية حزيران عام 1975 .
وبعد اجتماع برلين توسعت الهيئة المؤسسة بإضافة الرفاق نوشيروان مصطفى أمين والدكتور كمال فؤاد والدكتور عمر شيخموس إلى القيادة فأصبحت الهيئة المؤسسة تتكون من سبعة رفاق، ( مام جلال ونوشيروان مصطفى أمين والدكتور فؤاد معصوم والدكتور كمال فؤاد والدكتور عمر شيخموس وعبد الرزاق عزيز وعادل مراد ).
(البيان التاسيسي الاول)
تم الإعلان عن تأسيس الاتحاد الوطني الكردستاني لاول مرة من دمشق عبر وسائل الإعلامية السورية الواسعة الطيف آنذاك ، حيث كان المرحوم حافظ الأسد يدعم بقوة وثبات الحركة الوطنية العراقية المعارضة المؤتلفة في جبهة ( التجمع الوطني العراقي) وكذلك الرئيس الليبي معمر القذافي وزعماء جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والحزب الاشتراكي اليمني حيث وقفوا ضد اتفاقية الجزائر التي اعتبروها مؤامرة على الوطن العربي والعراق بشكل خاص ومؤامرة من اجل اقتطاع أجزاء من العراق بشكل واضح وضمها إلى إيران الشاه. وحصل مام جلال على الموافقة الضمنية للقادة الروس بعد لقائه بالسيد بريمكوف في منزل المرحوم مصطفى الجاف في بيروت في نيسان 1975.
البيان أعلن عبر إذاعة دمشق، وقد تلقى العراقيون البيان بارتياح عام، وخصوصا الكورد العراقيين الذين اعتبروا البيان الصادر من عاصمة عربية ، بصيص أمل في ظل جو معتم ومحبط سياسياً، في وقت كانت قوات البيشمركة تنسحب من جبهات القتال بشكل تراجيدي وعشوائي حزين، أتذكر الروح الثورية للمناضلين والشعب الكوردي بدأت تتصاعد بعد 6 آذار 1975عند الإعلان عن اتفاقية الجزائر، حيث تصاعدت الأعمال الثورية للبيشمركة وكانت هناك مقاومة عنيفة حتى عشية نوروز 21/3/1975 حيث بدأت المقاومة تخفت بعد استلام أمر من القيادة تدعي بأنه لا يمكن الصمود أمام الجيش العراقي المدعوم سوفيتيا والمُهيأة لإبادة الشعب الكوردي، وكذلك لفسح الطريق امام البيشمركة ومئات الالاف من العوائل للانسحاب إلى إيران تفادياً لتعرضهم لعملية إبادة جماعية من قبل اجهزة النظام القمعية .
لكن التأريخ اثبت ان ذلك التصور لم يكن صائبا، فكان على قيادة الثورة الكوردية الابقاء على القوات المتحركة المحدودة مع اخلاء العوائل تفادياً للابادة الجماعية .
وتجاوزاً للتصور الخاطئ ارتأت الهيئة المؤسسة ان تبدأ بوضع أسس عملية لتشكيل خلايا سياسية وليست خلايا عسكرية في بادئ الأمر.
لكن تصاعد العنف العنصري البعثي ضد الشعب الكوردي أدى إلى تحويل العمل السياسي التنظيمي إلى نهوض عسكري منظم، ولكن على شكل مجموعات مسلحة صغيرة متنقلة بأسلوب حرب استنزاف (عصابات).
(الاعلان عن بدء مرحلة الكفاح المسلح)
أعلن الاتحاد الوطني الكوردستاني عن بدأ الكفاح المسلح عبر مجموعات مسلحة صغيرة متنقلة، ففي 1/6/1976 وهو يوم تأريخي عَبَر النقيب المهندس إبراهيم عزو وثمانية وثلاثين من رفاقه البيشمركة إلى كوردستان العراق انطلاقاً من الأراضي السورية الشمالية الشرقية، لخوض حرب عصابات ثورية محدودة وبالتصدي العسكري الجزئي والمحدود لمخططات النظام العنصري ضد سكان القرى الكوردية والدفاع عن الكورد العائدين المنفين الذين القوا السلاح وعادوا إلى بيوتهم وقراهم في كوردستان، حيث قام النظام العراقي في منتصف عام 1975 بتهجير ما يناهز الأربعمئة ألف مواطن كوردي إلى الجنوب والمناطق الغربية من العراق وإسكنهم في المخيمات والجوامع والحسينيات والمدارس والخرائب وفي العراء أحيانا كثيرة ، وكذلك تم إعدام اكثر من (250 ) مواطناً كوردياً كانوا معتقلين في سجن أبو غريب ببغداد وسجن الموصل منذ عام 1974 أي قبل فشل المفاوضات بين الوفد الكوردي برئاسة المرحوم ادريس البارزاني وعضوية دارا توفيق وصالح اليوسفي في بداية اذار 1974 ، إذ تم إعدامهم انتقاما من الشعب الكوردي في سجني ابو غريب والموصل، علما بانهم لم يشاركوا في الثورة الكوردية بين عامي 1974 و 1975.
واتذكر منهم الشهداء ملا حيدر محمد (كفري)، احمد عباس كاكا ( جلولاء )، حسيب قادر، عبدالواحد جوامير، حميد محمد رشيد، خديدا سبيل ايزدي( سنجار)، تحسين حاج احمد واحسان جمعة حسين ، كما ان مجموعة من كورد جلولاء كانوا معتقلين منذ عام 1972 بتهمة نسف سكة حديد جلولاء افتراءً فتم إعدامهم دون أية أدلة.
بدأت حملات النظام المنظمة بعد انهيار الثورة في اذار 1975 ضد العناصر العسكرية والسياسية الوطنية الكوردية في كوردستان وبغداد والموصل ، ما ادى إلى اختفاء المئات من الكوادر العسكرية والسياسية الوطنية .
ففي فجر يوم 24/4/1974 داهمت مفارز الأمن العامة بوحشية بيوت عدد عوائل المسؤولين الكورد في بغداد فتم جميع الأطفال والنساء والشيوخ في مديرية الأمن العامة بطريقة مرعبة وأرسلوا في مركبات حمل عسكرية كانت تسمى انذاك سيارات (الزيل) المغلقة إلى مدينة شقلاوة بمحافظة اربيل ومن هناك إلى مدينة قلعة دزه بمحافظة السليمانية وكانوا عوائل السادة ( صالح اليوسفي ودارا توفيق ونوري شاويس وعبد الرزاق عزيز ومحمد أمين بك ويد الله كريم وعبد مراد وحسن حسين ومظفر النقشبندي وعادل مراد).
تلتها بأيام حملة واسعة لطرد المئات من العوائل من السليمانية واربيل وكركوك وخانقين وكفري وسنجار وجنوب الموصل إلى المناطق المحررة من كوردستان للضغط على الثورة وارباك الحياة الاجتماعية هناك، لكن النتائج كانت على العكس من مخططات النظام، فروحية المقاومة قد تجذرت وتصاعدت باستمرار لدى الجميع .
وعندما أعلن الاتحاد الوطني الكوردستاني بدء الكفاح المسلح من جديد قام المئات من أبطال ثورة أيلول بإخراج اسلحتهم التي اخفوها بعد اعلان النكسة في الكهوف والجبال والقرى النائية واللذين فقدوا أو سلموا أسلحتهم شرعوا بشراء السلاح للدفاع عن شرفهم وعوائلهم ضد تجاوزات واستهتار قوات ومخابرات النظام العنصري.
خرجت من مدن كردستان مجموعات صغيرة من الشباب الثوريين في ربيع 1976 إلى الجبال لتجوب القرى والهضاب للإعلان عن بدء المقاومة المسلحة ضد النظام ونشر أفكار الثورة الجديدة وتعبئة الفلاحين.
خرجت هذه المجموعات من مناطق مختلفة إلى الجبال بتخطيط من منظمة الكومله وبتنسيق مع الحركة الاشتراكية الديمقراطية الكوردستانية بزعامة الشهداء (صالح اليوسفي، علي عسكري، علي هزار، عمر مصطفى دبابة، رسول مامند، الدكتور خالد سعيد، طاهر علي والي، كاردو كلالي وسيد كاكا) .
أسس زعيم الكوملـه الشهيـد آرام مركـزاً تنظيميـاً لـه في إحـدى قرى ( قره داغ ) جنوب السليمانية ومن هناك نظم الخلايا المشتتة (للكومله) التي منيت بنكسة تنظيمية بعد إعدام قادتها ومؤسسيها (شهاب الشيخ نوري وجعفر عبد الواحد وأنور زوراب في 21/11/1976 في سجن ابي غريب).
وتركت مجموعات ثورية أخرى المدن باتجاه الجبال والأرياف والقرى النائية ، كمجموعة سالار عزيز ومجموعة ملا بختيار ومجموعة أخرى مكونة من محمد حاج محمود وشيروان شيروندي (عثمان صالح باجلان) والشهيد شوكت حاجي مشير وحامد حاجي غالي وغيرهم.
بدأت طلائع مجموعات الكفاح المسلح تنطلق من الداخل باتجاه الجبال والمناطق الآمنة فتوجهت مفارز بقيادة علي العسكري ورفاقه الدكتور خالد سعيد وعمر دبابة إلى سلسلة جبال قنديل ، ومجموعة آرام إلى قرداغ وأخرى بقيادة سالار عزيز وأخرى بقيادة الملازم طاهر علي والي ومجموعة حكمت رحيم و أخرى لحزب الباسوك ( الحزب الاشتراكي الكردي- الذي تأسس من بقايا (كازك).
أما مجموعة الخارج التي تحركت باتجاه كوردستان فكانت بقيادة النقيب المهندس إبراهيم عزو ومعه (38) مقاتلا مدرباً ومسلحاً تسليحا جيداً، وانطلقوا من منزل الشخصية الوطنية الكوردية السورية خليل سور، وعبروا الحدود العراقية – السورية ليلة 1/6/1976 . وانقسموا الى ثلاثة مجموعات، الأولى بقيادة الشهيد عبدالجبار عبدالغني السندي وتمركزت في جبل بيخير في دهوك والمجموعة الثانية كانت بقيادة الشهيد عزت السنجاري فتمركزت قرب مدينة زاخو.
والمجموعة الثالثة كانت بقيادة ابراهيم عزو ومجموعته اللذين بقوا في منطقة برواري، وارسلوا عدد من البيشمركة إلى مناطق السليمانية، فاتصلوا بالسيد شازاد صائب لتنظيم الاتصال مع قيادة الاتحاد في الداخل .
وبعد اشهر عبرنا مع مجموعة من البيشمركة نهر دجلة ليلا وتحت وابل من الرصاص للالتحاق بالرفاق الذين سبقونا إلى كوردستان العراق ولكن الظروف العسكرية الخطيرة واحكام النظام مراقبته تلك المناطق ، أفشلت الخطة وتكررت المحاولات حتى نجحنا في العبور بعد التنسيق مع الدكتور كمال خوشناو نجم الدين قايا (صلاح) قايا لتمرير المؤن والسلاح والعتاد والأدبيات والرسائل والأفراد والأدوية إلى كوردستان العراق عبر كوردستان تركيا.
ان الأسلوب الدموي الذي اتبعه النظام الحاكم أدى إلى انتشار الوعي القومي الكوردي وشجع الفلاحين والكسبة والطلبة والمثقفين إلى حمل السلاح للدفاع في كل المدن والقرى الكوردية وبدء الناس بتشكيل قوات شعبية للدفاع المدني عن قراهم ومدنهم وممتلكاتهم ومزارعهم، فبدأت الحركة المسلحة تتوسع بالكوادر العسكرية والسياسية التي ظلت في إيران .
إذ بدأنا بالاتصال بهم من اجل العودة إلى العراق ومشاركتهم في تنظيم المواطنين في الداخل، فبدأ أصدقائنا بمغادرة إيران وتوجهوا إلى دمشق وكنا نستقبلهم في المطار ونهيئ لهم السكن المتواضع استعداداً للتعبئة السياسية القادمة.
(التجمع والتعبئة في سوريا)
كان رجال السافاك ( مخابرات شاه ايران ) يشجعون من يرغب بالسفر إلى أوربا أو العودة للعراق ، لكنهم في نفس الوقت كانوا يراقبون من يبقى في ايران . كنا نبعث برسائل إلى بعض مؤيدينا لتنظيم أنفسهم وإرسال الكوادر العسكرية إلى سوريا لاستيعابهم وتهيئتهم للمرحلة القادمة ولم نتطرق في رسائلنا او اتصالاتنا الهاتفية إلى ذكر الحكومة الإيرانية أو الإساءة أليها ، ورغم هذا تم اعتقال بعض أصدقائنا وتعرضوا للاستجواب لاشهر.
وكنا نبعث بعض بيانات الاتحاد الوطني الكوردستاني سراً إلى معسكرات اللاجئين الكورد العراقيين في إيران عن طريق أنصارنا في تلك المعسكرات ولعب السيد عدنان المفتي دوراً متميزاً في تجميع الشباب الكورد حول الاتحاد الوطني في ايران .
كانت لنا مجموعات صديقة تعمل في إيران بشكل منظم بين اللاجئين الكورد خارج المعسكرات كالسادة المرحوم إبراهيم احمد وشمس الدين المفتي والدكتور محمود عثمان وفؤاد الجلبي وقادر جباري، إذ كانوا يتصلون بالكوادر العسكرية والحزبية للسفر إلى سوريا لانهـا أصبحت حاضنـة للكوادر العسكرية والسياسية الكرديـة رويـداً رويـداً، وقد وصل دمشق عـدد من الأنصار الشيوعيين (القيادة المركزية) اللذين ساعدهم السيد مسعود البارزاني مادياً ومعنوياً بعد ان فاتحته وشرحت له وضعهم الصعب وضرورة خروجهم من إيران والتوجه إلى سوريا أو أوربا.
كنا نستقبل العديد من الضباط ، فعلى سبيل المثال لا الحصر استقبلنا خلال ستة أو سبعة اشهر عددا كبيرا من الضباط الذين وصلو الى دمشق تباعا، منهم الملازم فؤاد الجلبي والنقيب المهندس إبراهيم عزو، الذي كان يعمل في شبكة صواريخ اطراف بغداد إذ هرب من بغداد مشياً على الأقدام حتى وصوله مدينة البوكمال السورية الواقعة على الحدود العراقية – السورية وكان معه السادة الشاعر فرهاد شاكلي وابراهيم عبد علي قربان بعد صدور أوامر إلقاء القبض عليهم وذلك بعد اعتقال العشرات من كوادر العصبة (الكوملة) في نهاية 1975 وهروب القادة (شهاب وجعفر وأنور) إلى إيران، ووصل دمشق السيد عدنان المفتي أحد ابرز العناصر التي عملت سراً مع الاتحاد الوطني الكوردستاني في طهران وكوردستان ايران يوم 7/10/1975 بعد ان اصبح بقائه غير ممكناً في ايران ومن ثم وصل من بعده الملازم الأول حسن خوشناو. ووصل كذلك الى سوريا مشياً على الاقدام من ايران كل من المناضلين رؤوف الصالحي وسامان كرمياني وداود الجاف الخانقيني ومعاون الشرطة جمال احمد خوشناو وبعده الملازم فؤاد عمر الجلبي والملازم سيد كريم وعارف كريم وبهزاد محمد سعيد والملازم عبدالله خوشناو ومعاون الشرطة قرنـي جميـل والملازم عمـر عثمان (زعيم علي) والرائد عزيز حاجي محمود الراوندوزي ومعاون الشرطة فاضل جمال ابو الجبن والسيد سليمان قصاب والمرحوم الملازم سردار أبو بكر حاجي عزيز خره بدراوه والملازم فريدون رشيد مصطفى والملازم أنور مصري والملازم علي مصطفى والملازم وليد مظفر النقشبندي (الذي اعتقل في تموز 1976 مع شقيقه منذر واطلق سراحهما عند زيارة صدام حسين لدمشق عام 1979)، والكثير من هولاء كان بإمكانهم السفر إلى أوربا من ايران بسهولة لكنهم فضلوا ان يساهموا في عمليات التعبئة والرجوع إلى كوردستان انطلاقا من المناطق الحدودية في سوريا.
كذلك وصل عدد من الكوادر السياسية للثورة كالسادة على سنجاري ومنذر النقشبندي ومصطفى إبراهيم خوخي و عمر بوتاني و حسن فيض الله وحسيب روزبياني وسلام الخياط والبرفسور جمال رشيد وبرهان الجاف وعارف الشيخ كريم وعباس شاهين شبك والشيخ حسين بـابـا شيـخ الايـزدي وبوزو احمد ( ابوعلي ) وخديدة بسو وعبد الرحمن سنجاري وعزت سنجاري وحسن نرمو ونوري احمد وشيخ خلف الايزيدي وعدد كبير من المناضلين الكورد الايزيدية إضافة إلى السياسيين والفنانين والفنيين والتحق بنا شخصية رياضية من منتخب العراق يدعى سيد مرسل سيد مجيد، الذي كلف فيما بعد بمهمة تنظيمية استشهد جرائها في شقلاوة عام 1977 ، وكانت هناك مجموعات من النساء عملن بشجاعة نادرة في تنظيمات الاتحاد داخل وخارج العراق .
كما وصل دمشق من بغداد السيد زكي محمد رضا بابير الفيلي في حزيران من عام 1977 للالتحاق بالثورة الجديدة ، فتسلل إلى كوردستان وتبعه السيد فلاح حسن توزمال الفيلي الذي عمل ضمن حماية مام جلال في كوردستان .إضافة إلى وصول الهاربين الى كوردستان، زارنا وفي فترات متقاربة المناضلين فريدون عبد القادر والشهيدين عزيز محمود وجمال ره ش حاملين رسائل وتوصيات واستفسارات سياسية تنظيمية من قيادة العصبة ( الكومله ) إلى مام جلال .
وفي أب 1975 سافر معنا إلى برلين السيد فريدون عبد القادر(عضو المكتب السياسي للاتحاد وعضو الجمعية الوطنية) ليسلم رسالة خاصة من ( الكومله) إلى مام جلال .
وأتذكر بان السيد عبد الاله النصراوي قد جهز له جواز سفر سوري للسفر معنا على متن الطائرة التي انطلقت من دمشق إلى برلين الشرقية في 13/8/1975 للقاء مام جلال خلال المؤتمر العام لجمعية الطلبة الكورد في أوربا KSSE .
كما زارنا في دمشق الدكتور نجم الدين عمر كريم في كانون الأول 1975 قادماً من طهران وسلمني رسالة شخصية من السيد مسعود البارزاني حول ظروف كوردستان وما آلت أليها الأوضاع بعد النكسة التي حلت بالحزب والثورة . أجبت على رسالته السياسية الودية وكتبت له الأسباب الموضوعية والذاتية لتأسيس الاتحاد الوطني الكوردستاني والأسباب التي دفعتني للعمل مع التنظيم الجديد ( الاتحاد الوطني الكوردستاني ).
ورغم العلاقات الودية القديمة مع الدكتور نجم الدين عمر كريم أثناء العمل معاً في مكتب سكرتارية اتحاد طلبة كوردستان حيث كان مسؤولا للاتحاد في جامعة الموصل حتى عام 1972، فقد عاد من دمشق إلى إيران بعد أيام وهو منزعج مني بسبب موقفي التنظيمي الجديد ، علماً باني شرحت له أمور كثيرة ، وأكدت له بان نهج الاتحاد هو التعاون المطلق على كل الصعد مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني وقيادته ولكنه لم يقتنع بطروحاتي وموقفي الجديد. وبذل جهود مضنية للتأثير عليَ فلم يفلح .
ولم تقتصر زيارات الرفاق المسؤولين إلى دمشق فقط ، فقد زارنا في بيروت عندما كنت مسؤولاً عن مكتب العلاقات هناك عدد من المسؤولين كالسادة سالار عزيز وعمر دبابة وشازاد صائب وعدنان المفتي والدكتور خالد سعيد اضافة الى اصدقائنا من القوى العراقية والكوردستانية للقاء الأحزاب والمنظمات الديمقراطية والفلسطينية والشيوعية الصديقة في لبنان وذلك في فتـرات مختلفة بين اعوام ( 1975 – 1979 ).
بدوري رتبتُ لهم لقاءات عديدة مع السادة نايف حواتمة الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين عام 1977 والدكتور جورج حبش الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين واحمد جبريل وكذلك للقاء المرحوم السيد ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية PLO الذي كانت تربطني به علاقات جيدة ، والتقوا بالسادة جورج حاوي نائب سكرتير الحزب الشيوعي اللبناني عن طريق عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني السيد غسان الرفاعي (عصمت جاويد) وبمسؤولي حركة فتح السادة خليل الوزير أبو جهاد ( الذي اغتيل عام 1987 في تونس ) وماجد أبو شرارة وأبو أياد ، وبالحركات الثورية والديمقراطية الناشطة حيث كانت بيروت الحاضنة الأساسية لحركات التحرر الوطني العربية والإقليمية والعالمية ، ومركزاً سياسياً للعديد من سفارات الدول العربية والاشتراكية في الشرق الأوسط .
نظم الاتحاد الوطني الكوردستاني علاقات جيدة مع بعض الشيوعيين الذين انشقوا عن الحزب الشيوعي العراقي الرسمي وشكلوا تنظيماً ثورياً بقيادة المفكر الدكتور عادل عبد المهدي بأسم تنظيم وحدة القاعدة.
في عام 1979 تم تشكيل تنظيم عراقي شبابي ثوري بأسم (اتحاد الديمقراطيين العراقيين) تكون من السادة محمد الحبوبي (الشخصية القومية المعروفة) و اسماعيل زاير ( يرأس حالياً صحيفة الصباح الجديد) وعادل وصفي الملقب خالد العراقي وكان نائب رئيس تحرير مجلة فلسطين الثورة وقد أغتيل برصاص المخابرات العراقية في ايلول 1979 في بيروت ، امام مبنى المجلة التي ترأسها احمد عبد الرحمن وادريس محمد ادريس وحازم النعيمي وفهد العراقي (الذي اغتالته مخابرات نظام صدام الفاعلة في بيروت) وعبد الجبار الزهيري الملقب بأبو ايوب.
وكانت تربطنا علاقات مميزة مع ذلك التنظيم ،، ورغم قصر الفترة التي برزت فيها تلك المنظمة، الى انها تمكنت من تحقيق نجاحات في فضح النظام في الاوساط العربية والفلسطينية وتمكنت المنظمة من اقامة علاقات جيدة مع القيادة الليبية وبعض المراكز السياسية المصرية.
ويشار هنا الى أن المجموعة كانت منهمكة في دراسة تاريخ شعوب الشرق والإسلام بشكل خاص ولها علاقات خاصة بالمجموعات الفلسطينية الإسلامية وبشكل خاص بمكتب خليل الوزير، وكانوا يروجون لقرب إنهيار الإتحاد السوفيتي المنهك داخلياً. ايمانا بنظرية العوالم الثلاث التي كان الصينيون يطرحونها في حينها ، وقد جمعوا حولهم عدد من الإيرانيين اليساريين المؤيدين للثورة الإيرانية والإمام الخميني وكان لتنظيم وحدة القاعدة مكتب للدراسات يشرف عليه الكاتب الفلسطيني منير شفيق بمنطقة الجامعة العربية في بيروت وكان يعمل معه عدد من الشباب في بيروت وأوربا، أتذكر منهم الدكتور عبد الحسين الهنداوي والشهيد فاضل ملا محمود وسامي شورش ومحمد الهنداوي ( فاضل ) وحاجي وعلي الشبيبي وحازم النعيمي )، وكانت لنا علاقات متميزة في دمشق مع كوادر الحركة الاشتراكية العربية بزعامة عبد الإله النصراوي ، أتذكر منهم الدكتور قيس جواد العزاوي وجواد الدوش ورضا دله علي (خالد) ومحمد محيل والدكتور محمد جعفر ابو ميرفت وابراهيم عوني القلمجي.
ولم تقتصر علاقات الإتحاد الوطني الكردستاني مع القوى العراقية الديمقراطية والشيوعية والقومية والناصرية والبعثية المتواجدة على الساحة السورية، وقد أقمنا علاقات مع حركة القوميين العرب بزعامة هاشم علي محسن في دمشق وبيروت.
وفي بيروت تمكنا من ايجاد مأمن محكم للأنطلاق منه في تحركاتنا السياسية المتنوعة، وفي اللقاء الثاني مع المرحوم ياسر عرفات في حزيران 1979 والذي رتبه الاعلامي الفلسطيني اليساري زياد عبد الفتاح، عرض عليّ ابو عمار مساعدة مالية لديمومة كفاحي من اجل القضية الكوردية، فشكرته وطلبتُ منه ايجاد عمل لي لسد نفقاتي، فأقترح العمل في احدى المؤسسات الاعلامية لمنظمة التحرير الفلسطينية كوكالة وفا او مجلة فلسطين الثورة لحمايتي من رصاص كواتم الصوت للمخابرات العراقية وحلفائهم جبهة التحرير العربية (الفلسطينية).
لقد تميزت تلك الفترة بالتوتر الشديد بين النظام العراقي والسيد ياسر عرفات، اذ تم اغتيال العديد من كوادر الصف الاول في منظمة التحرير من قبل المخابرات العراقية بالتنسيق مع منظمة (ابو نضال) الارهابية خلال الفترة مابين 1976-1980 وبعد تأسيس جبهة الرفض العربية، فأغتيل العديد من مندوبي منظمة التحرير الفلسطينية PLO في بلدان اوربية مختلفة ابرزهم الشهداء سعيد حمامي في باريس وابراهيم خضر في بلجيكا وعصام الطرطاوي في اسبانيا وعلي ناصر ياسين في الكويت وكان من مؤسسي حركة فتح، واستشهد برصاص المخابرات العراقية كذلك الفنان الشاعر الفلسطيني عز الدين خلف وزهير محسن رئيس الدائرة العسكرية في المنظمة وعشرات الكوادر في باكستان ولبنان والخليج واوربا وشملت حملات التصفية عدد من العراقيين ابرزهم الاعلامي عادل خالد نائب رئيس تحرير مجلة فلسطين الثورة.
وحاولت التملص من الامر، واذا بالسيد زياد عبد الفتاح يعرض عليّ وبشكل مفاجىء العمل في صحيفة "السفير" اللبنانية، فاتصل على الفور تلفونياً بالمالك الصحفي المعروف طلال سلمان، فحصل على الموافقة وطلب مقابلتي في اليوم الثاني... رحب بّي وعرف بأني كوردي ملم بالوضع السياسي الكوردستاني عموماً ولي معرفة شخصية بمعظم القادة الكٌورد في العراق وايران وسوريا وتركيا.. وارسلني بدوره الى قسم الشؤون السياسية فالتقيت بصديقي القديم صالح قلاب الزعيم الطلابي الاردني الذي عمل في العراق مناوئاً لسياسات البعث في الفترة (1970-1974) وتعرفت على الصحفيين السادة محمد المشموشي وسعد محيو ورضا الاصفهاني وغيرهم واتفقت مع صالح قلاب على ان لايكشف هويتي السياسية خوفاً من عيون وآذان البعث الصدامي في الصحيفة.
خصص لي راتباً ممتازاً ، بعد ان اكتشفوا وخلال شهرين قدرتي على تغطية اخبار الثورة الايرانية وخطابات القائد الخميني الثورية التي اثارت حماس اليساريين في لبنان وعموم البلدان العربية وبشكل خاص شيعة لبنان، فتحولت من محرر ثانوي في الصحيفة الى مترجم ومحرر براتب ممتاز وتخلصت من الازمة المالية التي كنت اعاني منها بشدة، فتمكنت من استئجار شقة مؤثثة في منطقة الجامعة العربية في بيروت التي كانت تحت هيمنة القوى الفلسطينية واليسارية اللبنانية، والتي كان العديد من المعارضين العراقيين الثوريين يترددون عليها، كالسادة عادل عبد المهدي والمرحوم محمد الحبوبي والشهيد تحسين الشيخلي والشهيد عادل وصفي (خالد العراقي) وقيس العزاوي وعدنان المفتي..
وكانت الشقة بمثابة مركز للأتصالات السياسية لعناصر ثورية ايرانية وارمنية وكوردية وتركية، إذ مكث السيد عبد الله اوجلان زعيم حزب العمال الكوردستاني على سبيل المثال لا الحصر فترة من الزمن في الشقة، حتى حصل على مسكن ومساعدات من حركة فتح.
وتمكنا من تنظيم علاقات سياسية مع إحدى القوى الإسلامية العراقية في بيروت في نيسان 1977 عبر الشهيد فاضل ملا محمود. فتـم ترتيب لقـاء مع مندوب( الجبهة الوطنية الإسلامية في العراق ). فكان ذلك اللقاء الأول مع جهة إسلامية عراقية.
------------------------------ الى هنا تم التنقيح والمراجعة
زودني بكراس طبع في بيروت تحت إسم ( برنامج الجبهة الوطنية العراقية ) الصادر في 22/2/1977. صدر الكراس بعد إنتفاضة شيعة جنوب العراق التي إندلعت خلال قمع مخابرات النظام لمسيرة ذكرى أربعينية إستشهاد الإمام الحسين وذلك في يوم 5/2/1977. سميت في حينها بإنتفاضة ( شهر صفر). فانتشرت المظاهرات بعد أيام في معظم المدن الشيعية في جنوب العراق، وقابلتها السلطات بالقمع الوحشي المفرط. سارعت الحكومة إلى تشكيل محكمة صورية من القيادة القطرية لحزب البعث برئاسة الدكتور عزت مصطفى العاني وعضوية السادة فليح حسن الجاسم وحسن علي العامري، فصدرت أحكام إعدام مسبقة بحق العشرات من المتظاهرين الأبرياء، مما خلق شرخاً في قيادة البعث وأسفر عن طرد عضوي المحكمة الدكتور عزت مصطفى العاني وفليح حسن الجاسم من الحزب والدولة بسبب تعاطفهم مع المتهمين الذين إستشهدوا تحت التعذيب قبل وصولهم إلى قاعة المحكمة وأتهم صدام حسين أعضاء المحكمة بالجبن والتخاذل.
في 1/3/1977 تم توقيع اتفاقية مهمة بين السادة جلال الطالباني كمندوب عن الاتحاد الوطني الكردستاني ومسعود البارزاني كمندوب عن القيادة المؤقتة للحزب الديمقراطي الكردستاني والسيد باقر ياسين كمندوب عن القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي (جناح سوريا).. وادت تلك الاتفاقية الى تحسين الاوضاع بين الاتحاد والديمقراطي الكردستاني على اثر استشهاد النقيب ابراهيم عزو واكثر من اربعين من رفاقه البيشمركة في المناطق الحدودية العراقية التركية وعلى مقربة من مدينة زاخو الحدودية في آب 1976.
نظمت الاتفاقية تحت مراقبة البعث العراقي المناوىء لصدام، شكل العلاقات على امل توحيد الكفاح الكردي ضد النظام العراقي بعد صراعات دموية محزنة وقاتلة.. وفيما يلي نص تلك الاتفاقية التاريخية:
(( من اجل تحقيق التعاون العملي في ميدان العمليات العسكرية واتخاذ الخطوات الكفيلة بتنسيق جهود المقاتلين الثائرين على الحكم الفاشي في العراق وايصال الاسلحة والاعتدة والمساعدات المالية اليهم وتوفير مستلزمات ديمومة وانتصار الثورة المندلعة في كردستان العراق بأعتبارها جزءاً هاماً من الثورة العراقية الديمقراطية المناضلة من اجل تحقيق اهداف الشعب العراقي التي يشكل برنامج التجمع الوطني العراقي ارضية جيدة لها. اتفقت الاطراف الثلاثة على اقرار وتنفيذ الخطوات التالية:
اولاً: اعتبار جميع المقاتلين الثائرين على الفاشية في كردستان العراق بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية والسياسية جنوداً لجيش الثورة العراقية الديمقراطية ومعاملتهم على قدم المساواة من حيث التسليح والتموين والتجهيز وتوفير كافة مستلزمات مواصلة القتال.
ثانياً: تأليف لجان تنسيق ميدانية من ممثلي الاطراف الثلاثة في مناطق القتال المختلفة لتوحيد جهود الانصار وضمها الى القتال ضد الفاشية كقوى متحدة ومتضامنة وكذلك لحل الخلافات والاشكالات التي تنجم بروح الاخوة الكفاحية ورفقة السلاح في الجيش الواحد..
ثالثاً: الشروع فوراً بتأليف لجان التنسيق في المناطق الضرورية والممرات الهامة حسب ما يتفق عليه لتأمين ايصال الاسلحة والاعتدة الى المقاتلين على ارض الوطن وكذلك لأعادة المقاتلين الموجودين في الخارج ، لينضموا الى اخوتهم المقاتلين في الوطن.
رابعاً: بذل الجهود المشتركة والمنسقة بين الاطراف المشتركة للحصول على الاسلحة المتطورة والاسلحة اللازمة لأدامة الثورة بما فيها تشكيل لجنة مشتركة للتفتيش عن الاسلحة وشرائها وتوحيد الجهود لأمداد المقاتلين بها بالسرعة القصوى.
خامساً: وقف الحملات الاعلامية والكلامية بين القوى الوطنية وتوجيه القواعد بروح التعاون والاخوة.
سادساً يقوم كل طرف من الاطراف الثلاثة بأبلاغ قياداته وجهازه المسؤول بمضمون هذا الاتفاق والزامهم بتنفيذه وبذل كل الجهود اللازمة لوضع هذا الاتفاق موضع التطبيق العملي.
وقع هذا الاتفاق عام (1/3/1977) عن حزب البعث العربي الاشتراكي باقر ياسين وعن القيادة المؤقتة كل من مسعـود بارزانـي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني وجلال طالباني عن الاتحاد الوطني الكردستاني .
وقد شاركت في معظم تلك اللقاءات الهامة اذ كانت لي علاقات طيبة مع اعضاء الوفد المرافق للسيد مسعود البارزاني.
تجدر الإشارة الى أن العاصمة السورية دمشق كانت تحتضن تجمعاً جبهوياً عراقياً باسم ( التجمع الوطني العراقي ) كان يظم كل من حزب البعث العربي الاشتراكي ( قيادة قطر العراق بزعامة احمد العزاوي ومن ثم باقر ياسين ) والحركة الاشتراكية العربية بقيادة عبدالله النصراوي والقيادة المركزية للحزب الشيوعي العراقي بقيادة ابراهيم علاوي والجيش الشعبي لتحرير العراق بقيادة هاني (احمد حسن النهر) ومؤتمر القوميين الاشتراكيين بقيادة اياد سعيد ثابت والحزب الاشتراكي بقيادة الدكتور مبدر الويس (وكان السيد رشيد محسن الرئيس السابق لهذا الحزب) وحزب العمال العراقي ومنظمة مجاهدي العراق (منظمة اسلامية صغيرة) وتنظيمات عراقية اخرى.
وقد اجتمعنا مراراً مع التجمع الوطني العراقي الذي كان نواتا للعمل الوطني المستقبلي وأعلنا انضمامنا إلى التجمع لتعريف الحركة الكردية ، في عام 2/9/1975.
مساهمة الاتحاد الوطني الكردستاني في نشاطات حركات التحرر العربية
غدا الاتحاد الوطني الكردستاني بحكم قوته العسكرية وخبرة مقاتليه الجناح العسكري في التجمع العراقي الذي طور العمل التنظيمي داخله ، حيث كان للاتحاد مجموعة عسكرية متمرسة ومستعدة للعودة الى العراق للبدء بالكفاح المسلح فالدورة العسكرية الأولى التي نظمها التجمع كانت نسبة عسكريين الاتحاد فيها اكثر من ( 90 % ).
ساهم الاتحاد في نشاطات حركات التحرر العربية العاملة في دمشق التي كانت تمثل الحركات السياسية المعارضة في مصر والبحرين وإيران واليمن وإريتريا والأردن وظفار والمغرب والبوليساريو وتونس والسودان والسعودية . وكانت لهذه الحركات نشاطات مستقلة واسعة ومدعومة بشكل غير مباشر من القيادة القومية لحزب البعث السوري التي أعلنت رفضها لاتفاقيات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل ومعاداتها لنظام صدام بشكل علني رداً على المؤامرات التي كانت تحيكها مخابرات صدام ضد الحكم في دمشق عن طريق تمويل المنظمات الإرهابية الفلسطينية (جبهة التحرير العربية بقيادة عبد الرحيم احمد وجماعة فتح الانتفاضة بقيادة ابو نضال) التي جندت لصالح نظام بغداد ضد سوريا وحركة فتح بالذات.
(انضمام الحركة الاشتراكية الديمقراطية الكردستانية إلى الاتحاد الوطني الكردستاني)
بعد مرور أربعة اشهر على اندلاع الثورة وبدء الكفاح المسلح في كردستان ، أي في تشرين الثاني عام 1976 وصل إلى دمشق السيد عمر دبابة يرافقه السيد جوهر نامق حاملا معه أخبار مفصلة عن الحركة الجديدة والوضع بشكل عام وأحوال الكرد المنفيين الى جنوب وغرب العراق ورسالة من قيادة الحركة الاشتراكية الديمقراطية الكردستانية الى مام جلال والهيئة المؤسسة حول انضمامها للاتحاد.
اجتاز المرحوم عمر دبابة مناطق بادنيان وكردستان تركيا قادماً من منطقة قنديل وفي كردستان تركيا كان بحماية قوات القيادة المؤقتة للحزب الديمقراطي الكردستاني التي أعلنت عن الثورة والمقاومة المسلحة بقيادة السيد مسعود البارزاني والسيد سامي عبد الرحمن ضد السلطة العنصرية في تموز 1976 .
وكان السادة الشهيد إدريس البارزاني والشهيد سامي عبد الرحمن والمرحوم نوري شاويس وجوهر نامق وآزاد برواري وكريم سنجاري وجرجيس حسن والدكتور محمد صالح وشاخوان نامق وعزيز شيخ رضا باسرو محمد رضا وفاضل جلال وعارف طيفور والشهيد فرانسوا حريري وفلك الدين كاكائي وملا محمد قادر وجمال علمدار ودارا عطار وشيخ رضا و وريا رؤوف الساعاتي وسيامند بنا وطارق عقراوي وغازي الزيباري ومحمد قادر (كمال كركوكي) وحميد عقراوي وعبد السلام براوري وهاشم ابو عنتر وعبدالله صالح ونادر هورامي وعبد الرحمن بيداوي وابو بكر الزيباري ومصطفى نيرويي وعبد الرحمن صالح وعدد كبير من الكوادر السياسية والعسكرية للثورة الكردية ضمن القيادة الجديدة للحزب وكانت لي علاقات جيدة مع العديد منهم .
مكث السيد جوهر نامق عضو قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني ( القيادة المؤقتة ) في منزلي بدمشق لعدة ايام في كانون الاول 1976 ثم جهزت له جواز سفر تونسي وسافر الى لندن للاتصال بالسيد مسعود البارزاني وبعض القياديين هناك امثال سامي عبد الرحمن ونوري شاويس وشفيق قزاز و د. نوري شاويس وسيامند البنا ودارا عطار وجمال علمدار وقد جلب معه من كردستان السيد عمر دبابه كبادرة حسن نية من القيادة المؤقتة.
اتفقنا معه على التعاون والابتعاد عن التصادم والاقتتال الكردي الداخلي الذي سيضعف الكرد ويعزز مواقع النظام العراقي والمتخاذلين ويفشل المقاومة الوطنية الكردستانية ، بدوره أبدى حرصه الشديد على الوحدة الكردية وتوحيد الكفاح ضد السلطة .
ان عملية انضمام الحركة الاشتراكية الديمقراطية الكردستانية إلى الاتحـاد الوطني الكردستاني، أعطت زخما سياسيا وجماهيريا للاتحاد وكوادره في كردستان، حيث كان للحركة ثقلا جماهيريا واسعا وكان من ابرز قادتها الشهيد صالح اليوسفي وعلي العسكري وعلي هزار وخالد سعيد ورسول مامند والحاكم نظام الدين كلي وملا ناصح والشيخ محمد شاكلي وقادر شورش ونور الدين عبد الرحمن ومحمد شاكلي وماموستا امين قادر واحمد فقي رش واحمد كورده والمقدم عزيز عقراوي وكاردرو كلالي وسعد عبدالله وسيد سليم راوندوزي اضافة الى عدد من الكوادر العسكرية مثل الشهيد سعدي كجكه وملازم طاهر علي والي والنقيب عثمان وسيد كاكه ومام ياسين والعريف عثمان.
امتدت قوة وبسالة الحركة الاشتراكة الكردستانية على جميع مناطق كردستان العراق وبرز اسم الشهيد علي العسكري كقائد فعلي للحركة في كردستان ، لذا ظهر الخلاف الفكري والتنظيمي بين الحركة والعصبة ( الكوملة ) بقيادة آرام جليا – فأنقسم البيشمركة بين الحركة والعصبة مما عجل في عملية رجوع مام جلال الى كردستان في 21/7/1977 من بيروت ، ثم الى انقرة ومن هناك الى الحدود العراقية التركية، ليدخل العراق ويجتمع بالجناحين (الحركة والعصبة) في منطقة برادوست بالقرب من المثلث العراقي التركي الايراني.
طلب صدام حسين التفاوض مع الحركة الكوردية المسلحة الجديدة، لأحتوائها والحد من طموحاتها ، وتحجيمها ، وكان ذلك بعد ان سافر في 23/11/1957 القيادي علي العسكري الى بغداد بطائرة مروحية والتقى بصدام حسين وعرض مطالب الحركة الكردية على الحكومة والتي كانت تتمحور في ثلاث نقاط:-
1- تطبيق الحكم الذاتي في كردستان العراق.
2- اصدار قانون الاحزاب بهدف اشاعة الديمقراطية في البلاد.
3- طبيع الاوضاع على الحدود العراقية الايرانية والعراقية التركية واعادة سكان القرى المهجرة الى مناطقهم ..
رفض صدام حسين المطالب الكردية ففشلت المفاوضات ورجع علي العسكري الى منطقته.
(تضحيات جسام وأخطاء تكتيكية)
تبلورت لدي الإرادة السياسية حول ضرورة كتابة فصل من فصول تاريخ الاتحاد الوطني الكردستاني ..
وكان لدي تخوف من عدم الوصول إلى أعماق الوقائع والتفاصيل ..
وتجاهل السلبيات والأخطاء والهفوات والانفعالات اليسارية الصبيانية مقابل البطولات والتضحيات .
كانت هذه هموماً حقيقية كنت احملها في داخلي ، وكنت ادعو الجميع كي يعبروا عن ملاحظاتهم في العلن لكي نصل يوم ما إلى الحقيقة الكاملة ..
وهل سيكون لدينا تاريخ للاتحاد ؟ أم شهادة للتاريخ ؟ فالصمت الرسمي سوف لن يكون قادراً على منع الآخرين من الكلام في الخفاء ..
فلابد ان نتحدث عن الاثار السلبية للفرقة والتناحر والاحتكام إلى السلاح لحل الخلافات السياسية .. فالحوار والشفافية واتباع الأساليب الديمقراطية كفيل بحل المشكلات والاختلاف في التوجهات .
عقب ارتفاع حدة التوتر والخلافات القوية بين الاتحاد الوطني الكردستاني والقيادة المؤقتة للحزب الديقراطي الكردستاني ، والتي وصلت التصفية الجسدية بعد كارثة هكاري ،، حيث اعدم الشهيد على العسكري والدكتور الد سعيد وعدد كبير من رفاقهم في اب من عام 1978 على يد مسلحي القيادة المؤقتة للحزب الديمقراطي الكردستاني .
جاء ذلك على خلفية الحملة العسكرية التي دشنها الاتحاد الوطني الكردستاني على القيادة المؤقتة على الحدود العراقية التركية بالقرب من مدينة زاخو .
والتي سبقتها قيام القيادة المؤقتة قبل عام بحملة ابادة لاكثر من 30 كادرا سياسيا وعسكريا في الاتحاد الوطني الكردستاني ،، كان من ابرزهم الشهيد النقيب ابراهيم عزو وعبر الرحمن سنجاري ورفاقهم .
على اثرها استشهد العديد من انصار القيادة المؤقتة ، منذ عام 1977 ولغاية اب عام 1985 تأريخ الاتفاق على المصالحة العامة ، والذي اعلن لاحقا في صيف عام 1988 من قبل الجبهة الكردستانية .
ربما خسرنا الوقت والتاريخ والدماء والرجال ،، لكننا لم نخسر المستقبل المشرق .لذلك تكونت لدينا قناعة بان وحدة الموقف والمصارحة والحوار الصادق تزيل الاحتقان .
بعد النكسة التي حلت بشعب كردستان اثر اتفاقية الجزائر المشؤومة بين صدام حسين وشاه إيران برعاية الرئيس الجزائري هواري بومدين في السادس من آذار عام 1975 التي قصمت ظهر الثورة المسلحة وأجهزتها الإدارية والصحية والاجتماعية والخدمية ، وأسفرت عن عودة مقاتلي البيشمركة إلى المدن التي كانت تحت سيطرة النظام العراقي في حينها ، وتنامت وتيرة التنظيمات في جماعة كادحي كردستان (كومًله) والحركة الاشتراكية الديمقراطية الكردستانية (حسك ) والحزب الديمقراطي الكردستاني (القيادة المؤقتة) والحزب الاشتراكي الكوردي ( باسوك ) بقيادة جلال حاجي حسين وآزاد محمد وتنظيم وحدة القاعدة بقيادة الدكتور عادل عبد المهدي وفاضل الملا محمود وسامي شورش .
فقد تشكلت مجموعات تنظيمية كثيرة في كردستان وعموم العراق وكانت معظمها ذات توجهات يسارية ثورية أو قومية كردستانية يسارية .
كانت عصبة كادحي كردستان (الكوملة) من انشط التنظيمات الكردستانية في العراق، ما حدى بأجهزة النظام العراقي القمعية إلى شن العديد من الحملات الامنية لاعتقال نشطاء التنظيم ، وتم بالفعل إعتقال العشرات من الكوادر الشابة، للكوملة وتمكن القادة ( شهاب الشيخ نوري وجعفر عبد الواحد وأنور زوراب ) من الاختباء والتملص من المداهمات وعيون المخابرات العراقية ليهربوا لاحقا إلى إيران في محاولة من السفر إلى الخارج ، ولكن السلطات الأمنية الإيرانية ( الساواك) ، اعتقلتهم مع مجموعة من الشباب لتسلمهم لاحقا الى السلطات العراقية عبر منذ بنجوين الحدودي بعد التحقيق معهم وتعذيبهم بقسوة ، تنفيذاً للاتفاقيات الأمنية بين الأمن العراقي والساواك الإيراني .. أحيلوا اثرها إلى محكمة عسكرية ونفذت بهم احكام الإعدام في 21/11/1976.
كما صدرت قرارات جائرة بالحبس بحق عدد آخر من كوادر الكوملة منهم ( عمر السيد علي وجبار فرمان ودارو الشيخ نوري وارسلان بايز وفريدون عبدالقادر وآوات عبدالغفور وسلام محمد حسن برزو وسعدون يد الله فيلي ومراد خباز وعشرة آخرين ).
صعد القادة ( شهاب الشيخ نوري وجعفر عبد الواحد وأنور زوراب ) الى منصات المشانق وهم يهتفون بحياة شعب كردستان وحتمية انتصار الديمقراطية في العراق .
سطر القادة باستشهادهم اروع ملحمة عن الصمود والوقوف بوجه القتلة من حكام بغداد . حيث ارعبوا خلال محاكماتهم الصورية الحكام الجلادين وهيئة المحكمة العسكرية الصورية .
وبرحيلهم قدموا درساً مهما في النضال من اجل الحرية والديمقراطية والاستقلال وبنـاء دولـة القانـون في العراق.
ان إعدام القادة ( شهاب وجعفر وأنور) كان دليلا صارخا على التنسيق الكامل بين الأجهزة المخابراتية القمعية لنظامي صدام حسين وشاه إيران المقبورين .
(اثار سلبية اليمة)
كان على الشهداء (شهاب وجعفر وانور) عدم الهروب إلى إيران ، بل الاختفاء في جبال وقرى كردستان ، وحتى عند تسليمهم إلى السلطات العراقية على الحدود كان بإمكانهم الهروب من قبضة الشرطة العراقية .الى ان مرض الشهيد شهاب الشيخ نوري وممانعة رفاقة لتركه وحيدا اعاق تلك العملية .
ان رحيل هذه الكوكبة من القادة ترك آثار سلبية ومؤثرة على مسيرة (الكوملة) ، لانهم كانو من خيرة الكوادر السياسية والفكرية والتنظيمية الكردستانية الواعية .
أدى الاقتتال الداخلي بين قوات الاتحاد الوطني الكردستاني والقيادة المؤقتة للحزب الديمقراطي الكردستاني إلى استشهاد المئات من المخلصين ، فضلا عن الاضرار بسمعة الحركة التحررية لشعب كردستان ،وأضعاف وتشتيت الجهود والإساءة أليها في الأوساط الكردية الإقليمية والعالمية ، مما اضعف النضال الوطني الكردستاني وابعد الكثير من الطاقات الكردستانية عن ساحة الكفاح من اجل الحقوق الوطنية.
خفت حدة الصراعات والخلافات بين الطرفين عشية التوقيع على اتفاقية المصالحة في 1/3/1977 بين السادة جلال الطالباني ومسعود البارزاني في دمشق بحضور السيد باقر ياسين مسؤول القيادة القطرية لحزب البعث ( الجناح السوري ) ..
لكن الخلافات والصراعات استأنفت من جديد بعد اشهر من توقيع الاتفاق ولعبت الأوساط المعادية للحركة الكردية دورا معاديا تخريبيا ، لتفتيت وحدة الصف الكردي ودق اسفين بين القيادات الوطنية الكردية .
ولعبت بعض العشائر الكردية في تركيا وفئة من المتأمرين في سوريا الموالية للطرفين أدوارا انتهازية لتأجيج نار الفتنة الداخلية المدمرة .
لكن التاريخ اثبت فشل حسم الخلافات بالسلاح والاقتتال ، وانما بالحوار والشفافية والعلنية التي كان من الممكن خلالها من الحفاظ على وحدة شعب كردستان التي هي كانت وماتزال فوق كل الاعتبارات ، وهي قادرة على خلق المعجزات وتحقيق الأهداف المرجوة .
برهن الكرد والتركمان والاشوريين والكلدان سكان كردستان العراق والساكنين خارج كردستان على وحدتهم عبر خوضهم الانتخابات الديمقراطية في 30/1/2005 وترشيحهم السيد جلال الطالباني رئيساً لجمهورية العراق والسيد مسعود البارزاني رئيساً لإقليم كردستان ، وهي محطات مشرقة في تاريخ شعب كردستان . فلولا التفاهم المطلق بين الحزبين والزعيمين لما تحققت هذه المكتسبات الوطنية الهائلة التي جاءت لصالح الشعب العراقي كله لا الكرد لوحدهم .
قضية فكرية علينا التطرق اليها بشجاعة وحكمة وهي مسألة آلية خلق الروابط بين الحركة الكردية والحركات الديمقراطية في العراق .
والتحدث بصوت عال عن الفتور الذي خيم على العلاقات السياسية بين الحركة الكردية الجديدة والقوى الديمقراطية العراقية ، في مرحلة الثمانينات من القرن الماضي . علما بان مام جلال ومنذ اليوم الاول لتاسيس الاتحاد كان يؤكد على قضية الديمقراطية في العراق وحق تقرير المصير لشعب كردستان، وتلازم هاتين القضيتين تلازما جدلياً ، وشخص البيان التاسيسي للاتحاد هذه الحقيقة الموضوعية الشاخصة . ولكن الاحداث والتطورات اللاحقة واخفاق بعض القوى الديمقراطية العراقية من فهم هذه القضية حال دون استيعابها.
كما كان لانهيار الحركة الكردية عام 1975 دور في خلق حالة من الهزات النظرية في فكر النخب السياسية والمثقفة الكردية ، ليس في العراق فحسب بل حتى في بقية اجزاء كردستان ، وجاءت انتصارات الفيتناميين لتعزيز هذه التصورات الجديدة .
اصبحت الافكار اليسارية والماركسية هي المهيمنة على فكر النخب والمجموعات السياسية الصاعدة . وفسرت مقولات الاعتماد على النفس في الحركات الثورية المسلحة وحق تقرير المصير ، على ان الشعوب يجب ان تنفرد في اتخاذ القرارات دون دراسة الظروف الذاتية والموضوعية لكل شعب او كل حركة ودون التدقيق في تاريخ وجغرافية الارض والشعب والحركة السياسية او الحركة المسلحة..
وبدأت الافكار الانعزالية تجد مكان لها داخل الحركة الكردية الجديدة دون أي تخطيط لها . كما برزت افكار كانت تدعو الى التفرد بالقرار الكردستاني بمعزل عن الحركة التحررية في العراق . وبالتالي نمو حركة سياسية كردستانية منعزلة عن عموم الحركات الديمقراطية في العراق .
اعطيت الاولوية لانتصار النضال القومي الكردستاني المغلف بالرداء الديمقراطي اليساري وحتى الماركسي اللينيني . وحاولت القوى السياسية الكردية على مختلف مشاربها ان تصل الى اهدافها وحقوقها القومية عبر مختلف الوسائل وخاصة منها الكفاح المسلح وخلق البؤر الثورية والتجأت الى ترجمة كتب ماوتسي تونغ الى اللغة الكردية وحتى ترجمة منير شفيق (الماركسي الفلسطيني القديم والاسلامي الحالي ) .
وتلك المحاولات النظرية كان الغرض منها التمسك اكثر باليسار الحقيقي بعد فشل التجربة السوفيتية . وفي خضم تلك الحالة الثورية اليسارية التي عمت كردستان العراق وعموم المنطقة ، تغلبت استيراتيجية الغاية السياسية القومية على ما سواها وبشكل خاص على هدف النضال الديمقراطي العام في المجتمعات التي تنتشر فيها التجمعات القومية الكردية، بصفته السلاح الوحيد الذي يعالج تلقائياً كل المعضلات القومية مهما غدت معقدة .
وكما اسلفنا فقد عززت انتصارات ثورة فيتنام هذه الحقيقة ولم يتم استيعاب الدروس والعبر من الثورة بشكل دقيق ولم تتمكن الحركة الكردية الجديدة من تقديم الاهداف الديمقراطية العامة على ما عداها ، وربط الهم الكردستاني والمعضلة الكردية بعموم المعضلة العراقية ، على الرغم من ان الادبيات كانت مليئة بالشعارات الديمقراطية وحل القضية الكردية في العراق ضمن حاضنة الدولة الديمقراطية العراقية وبالنظام الديمقراطي الذي سيأسس على انقاض النظام العنصري العربي المقيت .
وظهرت بعض النظريات من داخل النخب الكردية الماركسية المثقفة تقول بان الحركة الكردية الصاعدة لا يمكنها ان تنتظر الانطلاقة الديمقراطية البطيئة للحركة الديمقراطية العراقية ، وكانت تنادي بعدم ربط الحركة الكردية الثورية بالحركة الديمقراطية العراقية المقموعة والخافتة .. وكانت تروج سياسيا وثقافيا بهذا الاتجاه .
وتغاضت تلك النظريات عن الحقائق التاريخية الاسلامية التي اثبت عبر التاريخ الانساني المعاصر ، بان الديمقراطية المدخل الوحيد لحل المسائل والاشكالات القومية .
لاحقت تلك الافكار والطروحات ، اعتراضا من العديد من كوادر الاتحاد الوطني الكردستاني والحركة التحررية الكردية ، التي اعتبرت ان الديمقراطية في العراق هي المدخل الوحيد لحل المسألة الكردية المعقدة التي عانت الاضطهاد والقمع . والتي اعتبرت بان التنسيق مع الحركة الديمقراطية في العراق ، على الرغم من ضعفها في عهد الدكتاتورية ، من شأنه ان يخلق الثقة والاطمئنان بالحركة الكردية وافكارها الثورية الجديدة الامر الذي من شأنه ان يبني الجسور السياسية بين الشعب الكردي والشعوب التي يقاسمها العيش المشترك ( العرب، الترك، الفرس، الاذر، التركمان، الكلدان، الاشوريين والارمن وغيرهم .) في عموم مناطق كردستان .
(طروحات ومبادئ الاتحاد الوطني الكردستاني)
تمتاز أية حركة سياسية في العالم بان لديها أفكار واستراتيجية واهداف وتكتيك . وكان في مقدمة إستراتيجياتنا هو التخلص بكل السبل والوسائل الممكنة من النظام العنصري الدموي ، الذي كان يخطط من اجل تشويه العراق وشعبه وتغيير الواقع التاريخي والجغرافي في كردستان ، بالرغم من تغليف سياساته بالعديد من الشعارات الوطنية والقومية والإنسانية وتشدقه بالوحدة العربية والحرية والاشتراكية الجوفاء ، وقد فرض على العراقيين نظاماً قمعياً شمولياً معادياً للدول العربية .
كان جهدنا منصب في الاتحاد الوطني الكردستاني على بناء عراق ديمقراطي تعددي فدرالي ، والذي من خلال يكون الشعب الكردي قد حقه في تقرير مصيره .
وضع الاتحاد الوطني الكردستاني منذ تأسيسه أهداف وطنية وقومية وديمقراطية عامة لخصها :-
1- بالنضال من اجل السلم والديمقراطية والحرية والمساواة بين العراقيين (عربا وكردا وكلدان وتركمان واشوريين وتحقيق العدالة الاجتماعية لجميغ فئات الشعب .
2- بناء المجتمع العراقي المدني وترسيخ دولة القانون والمؤسسات والفصل بين السلطات الثلاث .
3- الكفاح من اجل التخلص من الدكتاتورية ونقل البلاد إلى الأوضاع الطبيعية ، وإلغاء الدساتير العراقية الخمسة المؤقتة التي صدرت في السنوات ( 1925-1958-1963-1968-1970) والتي كتبت دون العودة الى رأي الشعب العراقي ، الذي يعد المصدر الحقيقي للسلطات ، وليس الحاكم سواء كانو ملوكاً أو رؤساء ، وحق الشعب في التمثيل الشريعي عبر برلمان حر يعبر عن رأيه ، ويعتبر البرلمان السلطة التشريعية العليا .
4- اقامة علاقات صداقة مع الدول العربية والإسلامية والعالم المتمدن .
5- الكفاح ضد الاحتلال والعدوان والحروب والاستغلال والإرهاب المنظم والقهر القومي العنصري والطبقي والعرقي والطائفي والجنسي.
كما رفع الاتحاد منذ تأسيسه شعار تنفيذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات والبروتوكولات المتعلقة بحقوق الإنسان والعمل مع العراقيين جميعاً لتحقيق العدالة والتعايش السلمي الطوعي .
وتامين الأجواء للحياة الديمقراطية وحرية الفكر والبحث والإبداع وحرية الاعتقاد الديني والمذهبي وحرية الصحافة والعمل والسكن والتنظيم السياسي والنقابي والمهني ، وتأسيس المنظمات غير الحكومية للطلبة والشباب والنساء والمعلمين والمحامين وتحريم العنف بكل أشكاله ونبذ التعصب وبث الكراهية بين المواطنين.
كنا في الاتحاد الوطني الكردستاني نؤمن بان تلك الأهداف لن تتحقق إلا من خلال الكفاح السياسي السلمي ، لكن تصاعد وتيرة العنف الدموي العنصري للنظام الكتاتوري اجبرنا على اتباع أساليب الكفاح المسلح لتحقيق الأهداف بعد فشل الجهود السلمية والديمقراطية التي بذلت مع النظام العراقي ، والتي دشنها الشهيد علي العسكري في تشرين الأول /أكتوبر 1977 وقبله الشهيد صالح اليوسفي ، ولكن النظام الحاكم كان نظاماً قمعياً لا يؤمن بالحوار والمصالحة والاستماع للشعب فبدلاً من الشفافية مع أبناء شعبه وحل القضية مع القيادة الكردية بالطرق الحضارية والديمقراطية ، التجأ إلى التنازل لشاه إيران ليدمر شعبه والعراق ككل .
كان النظام العراقي مدعوما من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي السابق والمنظومة الاشتراكية في آن واحد إضافة إلى تحالفه الداخلي مع الحزب الشيوعي العراقي، إذ كان يوصف بأنه نظام فريد من نوعه في الشرق الأوسط ، حيث استطاع ان يحافظ على علاقاته مع القوتين الأعظم ، تلك القوتان تصارعتا من اجل التقرب لنظام صدام ، حيث كان النظام الشيوعي ( الاتحاد السوفيتي السابق ) ، يعتبر صدام حسين فيدل كاسترو العراق ، لذلك دفع بالحزب الشيوعي العراقي الى التحالف مع صدام ، علماً بأن أعضاء الحزب لم يكونوا مقتنعين بذلك التحالف ، لكن الاتحاد السوفيتي ضحى بحليفه الحزب الشيوعي العراقي ليقترب من نظام صدام .
أما الغرب ففتح الشركات وقدم التكنولوجيا لدعم نظام صدام مقابل حصوله على الامتيازات النفطية ، لذلك نحن في الاتحاد الوطني الكردستاني ، كنا نواجه نظاماً سياسياً مدعوماً من الشرق والغرب والعالم العربي ، نظاماً قمعياً شرساً عدا كونه مسلحاً بالنفط الوفير .
كان السيد جلال طالباني يبعث بالعديد من الرسائل إلى الشخصيات السياسية العربية والعالمية والى كل الذين يعؤفهم ويتوسم فيهم الحيادية لشرح الطبيعة القمعية الداخلية للنظام العراقي وقمعه للحريات العامة وحقوق الانسان ناهيك عن ابادة الشعب الكردي .
وفي إحدى الرسائل التي بعث بها إلى الدكتور جورج حبش الأمين العام السابق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وكلفت بإيصالها الى بيروت ، واستقبلني الرجل باحترام وقرأ الرسالة وقال لي ( هل ان الأستاذ جلال مصمم على معاداته للنظام العراقي فهو نظام قوي ومدعوم من المعسكر الاشتراكي وشيوعي العالم ومن الثورة الفلسطينية ) فكان يبدو بانه مندهشاً من تصميم مام جلال على التصدي لنظام صدام ، ويبدو ان مام جلال كتب في رسالته بشكل مفصل عن سياسة ونضال واهداف الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة المعارضة العراقية وعن الطبيعة الدموية للنظام في بغداد .
فالرسالة كانت عبارة عن ثلاث أو أربع صفحات، أنا لم أرى الرسالة ولكنني استنتجت من كلام جورج حبش بأنه كان مقتنعاً بان كفاح الاتحاد الوطني الكردستاني وزعيمه جلال طالباني ، ضرب من الخيال ، علماً بان المخابرات العراقية كانت في حينها تفتك بالقادة الفلسطينيين وتنسق مع الفلسطيني الإرهابي أبو نضال لتصفيتهم .
وحتى بعد أصدرنا البيان التأسيسي الأول للاتحاد الوطني الكردستاني في 1/6/1975 ، فان كثير من القوى السياسية وحتى القوى الصديقة كانت تعتبر ان تشكيل الاتحاد الوطني الكردستاني مراهقة سياسية ونزعة صبيانية يسارية او لعبة للبعث السوري ضد نظام البعث في العراق .
بدورنا اعلنا جهاهرا عن تصميمنا على النضال لإسقاط الفاشية وانتصار الشعب العراقي ، وكان الدور الأساسي يعود في ذلك الى مام جلال الذي كان المحرك الرئيسي والعامل الاهم في اعادة بناء حركة المعارضة العراقية آنذاك.
أتذكر ان مام جلال كان يكتب يوميا اكثر من ثلاثة أو أربع رسائل إلى أماكن وجهات مختلفة للتعبئة وفضح الأساليب العنصرية للنظام ، الى جانب الندوات التوعوية والفكرية ، التي كان ينظمها لكوادر الاتحاد العسكريين والمدنيين.
ويمكننا القول بأن الهيئة التأسيسية للاتحاد الوطني الكردستاني كانت جزءً من الكفاح العام ، إذ كان معنا أبطال عملوا في الداخل مع الاتحاد الوطني الكردستاني ، و قسم من هؤلاء الأبطال يواصلون نضالهم معنا لحد هذه اللحظة ، والقسم الأخر تركوا العمل معنا في الاتحاد ، ولا يمكن إنكار دورهم في النضال ، لقد ناضلوا ضمن تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني باعتباره حركة تمثل تطلعات الشعب الكردي كونه حركة جماهيرية واسعة ضمت كل قطاعات وشرائح الشعب الكردي ، حيث كنت تجد الماركسي اللينيني ذو توجهات ماركسية – ماوية و أخر ذو توجه شيوعي ، وهناك التوجهات البرجوازية ، وحتى البرجوازية الكردية وبعض الملاك تعاطفوا معنا ، فالغالبية العظمى من كوادر الاتحاد الوطني الكردستاني كانت من العوائل الميسورة في منطقة بشدر بمحافظة السليمانية الذين قدموا تضحيات كبيرة للحركة الكردية وعلى سبيل المثال لا الحصر ، أتذكر منهم (قادر مامند آغا والشيخ صدر الدين الشيخ حسن وكويخا قادر وهومر آغا ) وهم كانوا من أوائل مناضلي الاتحاد الوطني الذين مدوا الثورة بالعون وحملوا معنا السلاح دفاعاً عن قراهم وشعبهم ، لان العدو كان لا يفرق بين طبقات الشعب الكردي ، حيث كان أسلوب الإبادة الجماعية نهجه بغض النظر عن الهوية الطبقية أو الشريحة الاجتماعية ، و كان دورنا تعبئة طاقات الشعب الكردي للتصدي لحملات الإبادة البعثية البربرية الفاشية ضد شعب كردستان .
(آفاق وتطور العلاقات السياسية)
عند توزيع المهام نهاية عام 1975 بين أعضاء الهيئة التاسيسية للاتحاد الوطني الكردستاني تم تكليفي بمسئولية العلاقات الخارجية في الاتحاد وتكليف الأستاذ نوشيروان مصطفى ( الذي كان طالباً للدكتوراه في النمسا عام 1975 وترك الدراسة لالتحاق بالاتحاد في دمشق ) بمسؤولية قيادة التعبئة للعمليات العسكرية وكان مقره على الحدود العراقية – السورية في قرية (ديريك) وكان معه الأستاذ عبد الرزاق عزيز والدكتور خضر معصوم ، وعدد من خيرة الضباط ، منهم النقيب إبراهيم عزو و سيد كريم كريم وحسن خوشناو ومجموعة من المثقفين الشباب أمثال (فرهاد شاكلي وداود الجاف وعبد الرحمن سنجاري وسامان كرمياني وشوان صالحي). وانيطت الأمور التنظيمية السرية والفكرية بمام جلال ، حيث انتخب ، من بيننا ليكون الناطق الرسمي باسم الاتحاد الوطني الكردستاني ،فيما أنيطت مهام الأعلام وبعض الأمور التنظيمية السرية والعلاقات العامة بالدكتور فؤاد معصوم بدمشق وكان كذلك مسؤولا عن اصدار صحيفة (( الشرارة )) .
كانت لدى النظام العراقي علاقات واسعة جداً بالأحزاب الشيوعية العربية والعالمية والقومية العربية واللبنانية والفلسطينية وبالأحزاب الأوربية الاشتراكية الديمقراطية والقومية وحتى العنصرية والدينية ، مما شكل حاجزا كبيرا بين النظام وحركة المعارضة العراقية الناشئة ، لكننا تمكننا من اختراق هذا الحاجز بشكل محدود جداً بداية عام 1976 ، من خلال أقامة علاقات جيدة مع القوى السياسية الديمقراطية واليسارية العالمية ومع القوى الفلسطينية وعلى رأسها حركة فتح والجبهة الديمقراطية بقيادة نايف الحواتمة ومع الجبهة الشعبية بقيادة جورج حبش ومع الحزب الشيوعي السوري بقيادة خالد بكداش ( الذي كان يحب ويحترم مام جلال كثيراً ). وكانت لنا علاقات ودية مع الحزب الشيوعي اللبناني وبشكل خاص مع السيد غسان الرفاعي ، عضو المكتب السياسي الذي كان من أهالي مدينة السليمانية ومن عائلة جاويد الوطنية المعروفة وغادر العراق عام 1948 هرباً من الاعتقالات في حينه. وإكتشفت ذلك بالصدفة حينما كنت مع القيادي سالار عزيز في زيارة سياسية رسمية الى المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني في صيف 1977 وكنت أقوم بالترجمة للسيد سالار عزيز من الكردية إلى اللغة العربية الذي جاء الى الخارج بمهمة اعلامية للعصبة الماركسية اللينينية (كومه له) حيث فاجئنا الرفاعي وقال بأنه فهم الحديث فلا داعي للترجمة لأنه كردي من مدينة السليمانية ، وبعد سنتين علمت بأن السيد عصمت جاويد شقيق الشهيد فكرت جاويد الذي اغتيل في السليمانية عام 1974 هما من نفس العائلة .
لعب الحزب الشيوعي اللبناني في فترة السبعينات دوراً متميزاً بين الاحزاب الشيوعية العربية وعموم حركة اليسار العربي ، وكان الحزب ظهيراً قوياً للمقاومة الفلسطينية وكانت له كلمة مسموعة في اغلب البلدان الاشتراكية وعند الاحزاب الشيوعية العربية.
وكان من ابرز قادته السيد نيقولا الشاوي سكرتير الحزب حتى عام 1979 وجورج حاوي الذي استلم سكرتارية الحزب حتى استشهاده عام 2005 وكان للحزب شخصيات سياسية بارزة اذكر منهم السادة (نديم عبد الصمد مسؤول العلاقات السياسية مع القوى الكردستانية والاتحاد الوطني الكردستاني ومع الاحزاب والمنظمات السياسية الشرق اوسطية الاخرى وكريم مروه صديق الشعب العراقي وجورج بطل وقاديين آخرين.
كان الحزب الشيوعي اللبناني من ركائز الحركة الوطنية اللبنانية التي كانت يقودها الشخصية اللامعة كمال جنبلاط والذي استشهد ظهر يوم 17/3/1977 في لبنان. وكانت لنا علاقات مع الحركة الناصرية في مصر ومع الحزب الشيوعي المصري والمقاومين اليمنيين والجبهة الشعبية لتحرير ظفار ( سلطنة عُمان ) ومنظمة العمل الشيوعي اللبناني بقيادة محسن ابراهيم وكانت لنا لقاءات دوريه مع نائبه السيد نصير الاسعد عبر السيد حمه زياد ونظمنا علاقات جيدة مع العصبة التروتسكية اللبنانية التي كانت تؤمن بحق تقرير المصير لشعب كردستان . والجبهة الشعبية لتحرير إريتريا التي كانت لنا معهم علاقات جيدة .. فقد إلتقيت ولمرات عدة بالأمين العام للجبهة للسيد آسياس أفارقي في مكتبهم بمنطقة المزرعة في بيروت مقابل جامع جمال عبد الناصر وكان يزورنا بإستمرار في مكتبنا في بناية يعقوبيان.
أنتخب أفارقي بعد إنتصارهم ثورة شعبهم وإنفصالهم عن أثيوبيا أول رئيساً لجمهورية أرتيريا كما أنتخب مام جلال رئيساً لجمهورية العراق. وكان يسعى من أجل تطوير العلاقات بين الإتحاد والجبهة على مختلف الصعد.
وتم ترشيح نائبي السيد محمد زياد للسفر إلى ارتيريا عن طريق السودان للإطلاع على أوضاع الثورة ولكن حصوله على زمالة دراسية إلى موسكو حال دون سفره إلى ارتيريا عام 1979.
لقد عرفنا على تلك المنظمة السيد تحسين الشيخلي، باعتبارها منظمة ثورية يسارية فاعلة. وخلال تلك الفترة في بيروت نظمنا علاقات سياسية مع الحزب الإشتراكي اليمني الذي حكم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية قبل الوحدة مع اليمن الشمالي . وقد اوت جمهورية اليمن الالاف من العراقيين الشيوعيين والديمقراطيين الهاربين من قمع وملاحقة النظام العراقي في حقبة السبعينات والثمانينات . وكانت لنا علاقات مع معظم الأحزاب الثورية الإيرانية ومنها الحزب الشيوعي الإيراني – تودة – الثوري ومنظمة مجاهدي خلق الإيرانية اليسارية ( قبل دخولهم إلى إيران ) ، وكذلك أقمنا علاقات مع الحركات الثورية التركية والأرمنية ومع الجبهة الشعبية لتحرير جنوب السودان برئاسة الدكتور جون قرنق وجماعة حزب الاتحاد الديمقراطي السوداني ومع أحزاب يسارية أوربية وأمريكية صغيرة وتنظيمات طلابية وشبابية أوربية وعربية ، وأقام الاتحاد الوطني الكردستاني كذلك علاقات سياسية واضحة مع بعض الدول العربية مثل سوريا وليبيا التي قدمت للاتحاد مساعدات كبيرة واستلمنا من ليبيا مساعدات مختلفة ، ففي آذار 1976 استلمت مبلغ (400) الف دينار ليبي من القيادة الليبية عن طريق مكتبهم في باريس وكان المبلغ بالفرنكات الفرنسية ومن فئة (500) تمكنت من تريب المبلغ إلى السويد بواسطة حقيبة سفر ، واشترينا من هناك بالتعاون مع الدكتور عمر شيخوس عدد من أجهزة اتصالات ومحطة بث لاسلكية وقمت بنقل بقية المبلغ إلى دمشق سراً لتغطية العمل التنظيمي ، وقمت كذلك بإرسال قسم كبير من المبلغ إلى كردستان لتغطية مصاريف الانصار وشراء السلاح والعتاد .
لقد استلمنا هذه المساعدة السخية بعد اللقاء مع رئيس الاركان الليبي المقدم ابو بكر بالتنسيق والنقيب سالم بوشريده والذي كان من الداعمين وبقوة لمام جلال لمواقفه التاريخية في تعميق العلاقات التاريخية بين الامتين الشقيقتين العربية والكردية .
وقبل مغادرتي طرابلس في حزيران 1977 رتبوا لي زيارة قصيرة إلى الرئيس معمر القذافي وكان معي سالم بوشريده وشخص اخر .
والتقيت مرة ثانية بالرئيس الليبي في شباط 1986 ضمن وفد عراقي من قيادة الجبهة الديمقراطية الوطنية العراقية برئاسة المرحوم ادريس البارزاني ، وكان ضمن الوفد السادة الدكتور مبدر الويس سكرتير الحزب الاشتراكي وسالار عزيز الذي كان يقود مجموعة منشقة من الاتحاد الوطني الكردستاني وكانت تطلق على نفسها (راية الثورة) ( ئالاي شورش) والدكتور ماجد عبد الرضا عضو قيادة الحزب الشيوعي العراقي .
كذلك تمكنا من اقامة علاقات مع الاتحاد السوفيتي السابق ، حتى قبل ضرب الحزب الشيوعي العراقي في نهاية عام 1978 حيث عاودت القيادة السوفيتية بالتقرب مجددا من الحركة الكردية المسلحة بعد ان كانت قد انقطعت عقب توقيع الاتفاقية الستراتيجية بين بغداد وموسكو في 7/4/1972 ، وكنت حلقة الوصل بين الاتحاد الوطني الكردستاني ومسؤول سوفيتي رفيع المستوى في بيروت التي كانت تعتبر محطة مركزية للسوفيت في منطقة الشرق الأوسط وكان الدبلوماسي السوفيتي بدرجة سكرتير اول في السفارة السوفيتية في بيروت ويدعى الكسندر زايسيف .
وفي هذا السياق التقيت مرتين بالسيد بريماكوف الخبير الروسي في شؤون الشرق الاوسط والعالم العربي بشكل خاص ، والذي عينه الرئيس الروسي غورباتشوف عام 1990 رئيساً للوزراء ، التقيته في المرة الاولى عام 1977 في منزل السيد الكسندر زايسيف في بيروت ، وقدمه لي بصفته مدير وكالة نوفوستي في بيروت على ما اتذكر وخلال الحوار الذي جرى بيننا ، سألني عن كيفية الحصول على المقابلة الاصلية المصورة التي قام بها صحفي شاب نمساوي قام بزيارة إلى كردستان سراً ، وقابل هناك السيد علي العسكري وقادة البيشمركة في ربيع 1977 .
وكان لقائي الثاني به في مطعم بمنطقة الروشة على مأدبة اقامها الكسندر زايسيف وفي ذلك اللقاء سألني عن الموقف الحقيقي للاتحاد الوطني الكردستاني ومام جلال بشكل خاص من نظام شاه ايران ، وهل لنا علاقة بالسيد الخميني الذي كان يقيم انذاك في النجف .
كان رجلا حاد الذكاء قليل الكلام ومستمعاً جيداً وميالاً إلى مجارات النظام العراقي في حينها .
كما تمكنا لاحقا من تنظيم العلاقات مع البلغار والمجريين والرومان والتشيك بشكل مباشر في بيروت أو عن طريق تنظيمات الاتحاد في تلك البلدان ، بالرغم من ان تلك العلاقات لم تكن بالمستوى الذي كانت عليه علاقات النظام العراقي مع تلك الدول آنذاك ، ولكن تلك الدول بدأت تشعر بان النظام العراقي بدأ بالاقتراب من الغرب من خلال تعزز علاقاته التجارية مع الدول الغربية إلى درجات عالية واقترنت تلك العلاقات بضرب الحزب الشيوعي العراقي ومنظماته الجماهيرية .
ولكنهم أي السوفيت وحلفائهم بدأو يستقبلوننا ونتصل بهم في الوقت الذي لم تكن لدينا علاقات مع الدول الغربية ، التي كانت على علاقة قوية بالنظام العراقي .
اكتفت البلدان الغربية بقبول اللاجئين الكرد بأعداد كبيرة حماية لهم من بطش النظام ، حيث تم منح اللجوء للآلاف من الكرد كلاجئين في الدول الاسكندنافية ( السويد والنرويج والدانمارك ) والنمسا وهولندا وبريطانيا وأمريكا .
بذلت جهوداً من اجل تنظيم علاقة على غرار الدول الاخرى ، مع الصين الشعبية وكان هذا مطلبا للكثير من قادة الاتحاد الوطني الكردستاني انذاك . اتصلت بهم عن طريق مسؤول في المكتب الفلسطيني الغربي الذي كان يشرف عليه السيد خليل الوزير ( أبو جهاد ) وجاءني الجواب بعد فترة من السيد منير شفيق ( كاتب ماركسي مسيحي ، اعتنق إلى الإسلام فيما بعد ) بان الصينيين يعتذرون لانهم يلتقون بمسؤول آخر من الاتحاد بشكل منتظم . كانت تلك المحاولة الأولى والأخيرة لي للاتصال بالصينيين .
بعد ان فشلت الجبهة الوطنية في العراق التي كانت بين حزب البعث والحزب الشيوعي العراقي والأحزاب الكردية الكارتونية الهزيلة ، طرأت تطورات جديدة على الساحة السياسية العراقية بانفراط التحالف الهش بين حزب البعث والحزب الشيوعي العراقي ، فازداد نفوذ المعارضة العراقية ، وتطورت علاقات الاتحاد الوطني الكردستاني ، إقليمياً وعالمياً ، فالتحق بالتنظيمات المسلحة في الجبال في نهاية عام 1978 كوادر وانصار الحزب الشيوعي العراقي الذي شكل قوات مسلحة إلى جانب القوى الكردية ، ما اسهم وبشكل كبير في توسع جبهة المعارضة والمناوئة للنظام العراقي .
ولعب قادة الحزب الشيوعي عزيز محمد وعمر علي الشيخ (ابو فاروق) وكريم احمد وعادل حبة وعبد الرزاق الصافي ابو مخلص وفخري كريم واحمد باني خيلاني ورحيم عجينة والملازم احمد الجبوري ، ادواراً مهمة في تصعيد الكفاح ضد النظام العراقي .
(العلاقات الكردستانية)..
وعلى الجانب الكردستاني ، فان الاتحاد الوطني الكردستاني ومنذ تأسيسه أولى النضال الكردستاني المشترك أهمية قصوى .
إذ شهدت الأيام الأولى لتأسيس الاتحاد تنظيما للعلاقات مع أبناء شعبنا الكردي في سوريا ، حيث بنينا علاقات كردستانية متميزة مع العديد من القوى منها ( الحزب الكردي اليساري في سوريا [عصمت دينو– يوسف ] والحزب الديمقراطي التقدمي الكردي السوري ( حميد درويش ) والحزب الاشتراكي الكردي اليساري في سوريا ( عزيز شركس ) والحزب الديمقراطي الكردي السوري بقيادة الشيخ محمد عبد الباقي وغيرهم .
وفي علاقاتنا مع كرد سوريا كنا نحتكم الى الوقائع التاريخية الراهنة والاعتراف بحقائقها القائمة على الارض والتي تؤكد ان لحمة المجتمع السوري تعتمد على التجنس بين القوميات المختلفة التي تشاركت العيش معاً منذ القدم ! العرب والكرد والارمن والشركس والاشوريين وغيرهم ..
وقد ساهم الكرد قبل الف سنة في تحرير فلسطين وكل سوريا الكبرى من الصليبين بقيادة القائد الكردي صلاح الدين الايوبي المدفون في الجامع الاموي بدمشق .
وقاد السيد ابراهيم هنانو الكردي السوري الثورة الوطنية السورية ضد الاستعمار الفرنسي في بداية القرن الماضي .
ورغم علاقاتنا الحارة مع الحكومة السورية انذاك ، الى اننا لم نغفل ضرورة الاقرار الواضح والصريح بوجود الشعب الكردي ، كجزء مهم من المجتمع السوري وكقومية ثانية في البلاد بعد العرب .
وكان محور حديثنا مع القوى السياسية الكردية السورية ومع النخب الثقافية والشخصيات الوطنية الكردية والعربية والاشورية السورية ، اضافة الى القوى العراقية ، وجود مسألة سياسية نضالية ترتبط بالحقوق القومية المشروعة لكرد سوريا كحق المواطنة والحقوق الثقافية والسياسية ، بما في ذلك حل قضيته القومية حلا ديمقراطياً ضمن الوحدة الوطنية السورية .
وكانت تردنا شكاوي وانتقادات وانزعاجات قوية من الاجهزة السورية حول اتصالات كوادرنا بالنخب السياسية والثقافية الكردية في سوريا . وفي كل مرة كانت الامور تمر بسلام لكون قيادة الاتحاد الوطني الكردستان كانت تستمد قوتها في سوريا من العلاقة المباشرة لها بالرئيس حافظ الاسد ، وكان تبريرنا لتلك المواقف السياسية بانها تصب في النهاية في مصلحة الشعب السوري وهي من طرف صديق وليس من النظام العراقي الذي كان يخطط لتدمير سوريا منذ 1968 لحين سقوطه المدوي في 9/4/2003 .
وتمكن الاتحاد الوطني الكردستاني ان يلعب دوراً مهماً في تعبئة كرد سوريا ضد سياسات النظام العراقي العنصرية وتقليص دور بعض التجمعات الكردية السورية الميالة لبغداد .
أما على صعيد العلاقات مع كردستان إيران ، فتكونت لنا علاقات متينة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني بقيادة الشهيد عبد الرحمن قاسملو . وعقدنا في آذار عام 1977 اجتماعا كردستانيا مهما في شقتي في بيروت بمنطقة الروشة ، وحضر الاجتماع مندوبين عن الحزب الكردي اليساري في سوريا والحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا والسيد أمير القاضي مندوبا عن الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني والسيد عدنان المفتي مندوبا عن اللجنة التحضيرية للحزب الديمقراطي الكردستاني ومندوباً عن تنظيم DDKD الكردستاني التركي الذي كان يقوده عمر جتين وعن الاتحاد الوطني الكردستاني حضر اللقاء الدكتور فؤاد معصوم والمرحوم عمر دبابة وعادل مـراد ، ولا تسعفني الذاكرة لتذكر أسماء الوفد المشارك عن كردستان تركيا ..
كان اجتماعا كردستانيا ناجحا وجريئاً في تلك الشقة ببناية يعقوبيان في بيروت . فكان ذلك اللقاء الذي قمت بتنظيمه واعداده هو الاجتماع الأول لأحزاب كردستانية من مختلف اجزاء كردستان لبحث أوضاع كردستان عموماً.
عند وصول عبدالله اوجلان مؤسس حزب العمال الكردستاني( PKK ) في تركيا ( الذي اعتقل في كينيا يوم 15/2/1998) إلى بيروت عام 1978 التقيتُ به وعرفته على العديد من أطراف المقاومة الفلسطينية التي كان لنا معها علاقات جيدة بناءً على طلبه ، ومن خلالنا تعرف على الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين والجبهة الشعبية والقيادة العامة وفتح والقوى العراقية الثورية وأقاموا علاقات متينة مع مجموعة [ تنظيم الشيوعيون الثوريون ] بقيادة الشهيد تحسين الشيخلي الذي اغتيل على يد المخابرات العراقية صباح يوم 24/4/1980 في بيروت ، كما وتم اغتيال معظم تلك المجموعة العراقية الثورية في بيروت ، وحتى الذي فـر منهم إلى كردستان اغتيل عن طريق أحد وكلاء المخابرات العراقية في كردستان العراق عام 1984 وهرب القاتل إلى مدينة قلعه دزه بمحافظة السليمانية ، ولكن قوات البيشمركة في الداخل قاموا بتصفيته قصاصاً على فعلته الشنيعة ضد المناضلين الضيوف على الكرد .
في دمشق وكردستان تركيا تطورت علاقاتنا مع تنظيم DDKD بقيادة السيد عمر جتين الذي قدموا لنا مساعدات كبيرة أثناء عبور بيشمركة الاتحاد الوطني الكردستاني إلى كردستان العراق أو نقل السلاح والعتاد إلى هناك.
لم يكن الاتحاد الوطني الكردستاني طرفا في الصراعات الدموية غير المبررة التي شنها حزب العمال الكردستاني PKK ضد القوى الوطنية الكردستانية التركية الأخرى كتنظيم KUK أو الحزب الاشتراكي الكردستاني التركي PSKT بقيادة كمال بورقاي ، تلك الصراعات التي آدت إلى أضعاف الحركة الكردستانية في كردستان تركيا عموماً ، اذ ادانت القوى الكردستانية العراقية وجميع القوى الكردستانية في تركيا وسوريا وايران والقوى العراقية حروب PKK غير المبررة ضد القوى الكردستانية الوطنية في كردستان تركيا .
لم تقتصر علاقات الاتحاد بالأحزاب والمنظمات الكردستانية والكردية في إيران وسوريا وتركيا ، بل نشأت علاقات فكرية وتعاضدية بين قادة الاتحاد وشخصيات كردية تقدمية في أنحاء كردستان . ومن هذه الشخصيات الكردستانية في تركيا الشهيد نجم الدين بيوكايا المعروف بصلاح ، الذي قدم مساعدات هائلة للاتحاد الوطني الكردستاني منذ تاريخ تأسيسه حتى استشهاده في سجن ديار بكر في منتصف الثمانينات على اثر اضرابه عن الطعام حتى الموت ، حيث كان يساعدنا بتفاني من اجل نقل الأنصار والسلاح من سوريا إلى داخل أراضى كردستان العراق بشكل سري وقد تعرض إلى مخاطر حقيقية خلال تنقلاته بين هكاري (جوله ميرك) في شرق تركيا والمثلث العراقي التركي الايراني.
كانت لنا علاقات مع الشخصية الوطنية صبري نواف مدير بلدية ( جزيره ) في كردستان تركيا ومع علي ملا ياسين في قرية (اولودره) على الحدود التركية – العراقية وعمر جتين سكرتير حزب ( DDKD ) واحمد ترك وفريدون ورمضان وحاجي محمد من مدينة نصيبين على الحدود العراقية – التركية ومحرم وعدد من المحامين الكرد في أنقرة واسطنبول وديار بكر .. وفي سوريا قدم لنا العديد من الشخصيات الوطنية الكردية مساعدات عدة كالسادة خليل عبدي( خليل سوور ) وحميد درويش وملا نيو وعثمان صبري ومحمد مستو وعصمت دينو وعوائل وطنية عديدة كعائلتي محمد نواف وحسن ميللي .
وللحيلولة دون توطيد العلاقات بين الاتحاد الوطني الكردستاني والقوى الكردستانية في تركيا ، أبرمت الحكومة العراقية اتفاقية سرية مع نظيرتها في أنقرة نشرت بعض نصوصها صحيفة (( مليت)) التركية في 25/8/1978 والتـي جاء فـي المـادة الرابعة منها (( يتخذ الطرفان التدابير الكفيلة لإيقاف أعمال التخريب التي تجري في مناطق حدود البلدين )) ، وتنص المواد الأولى والثانية والثالثة من نفس الاتفاقية على تشديد الرقابة على الحدود وإيقاف التسلل والأخبار عنه بسرعة ، والقاء القبض على المتسللين وتسليمهم إلى الدولة الأخرى ،، وقع الاتفاقية عن الجانب العراقي طارق عزيز . ثم وقعت الاتفاقية بين الحكومتين بشكل رسمي في نيسان 1981 والتي بموجبها سمح لقوات البلدين بالتغلغل مسافة سبعة عشر كيلومتراً في أراضى وأجواء البلد الأخر بهدف خنق تحركات وتنقلات الأنصار والعوائل والجرحى على طرفي الحدود.
وكانت لنا علاقة جيدة مع عدد من السياسيين الكرد في لبنان، أذكر منهم السيد احمد احمد الذي كان موظفاً في مطار بيروت ومصطفى صوفي وغازي الذي اغتيل على يد المخابرات العراقية عام 1977... قدم لنا السيد احمد احمد مساعدات مختلفة وحتى في مطار بيروت وساعد عبد الله اوجلان في قضايا الترجمة الى اللغة العربية في بيروت.
اما علاقاتنا مع كردستان إيران ، فقد تكونت صداقات نضالية وعلاقات دافئة بين قيادات الاتحاد وعدد كبير من الشخصيات الوطنية والديمقراطية الكردية في كردستان ايران قبل سقوط الشاه ، واستمرت تلك العلاقات وتوطدت في العهد الجمهوري في مدن مهاباد وسقز وبانه واشنويه (شنو) وتبريز وطهران وسردشت وهورامان وارومية وميان دو آب ونغدة والوتان وكرمنشاه وبيرانشهر (خانة) .. وأتذكر منهم الدكتور جعفر شفيعي الذي كان يطبب البيشمركة واهالي القرى الحدودية العراقية –الإيرانية من مستوصفه البسيط في ناوزنك ( مقر قيادة الاتحاد ومام جلال ) وكان معه مناضلاً أخر يدعى ساعد وطن دوست.
وعلى مستوى العلاقات مع العوائل الكردستانية الإيرانية ، كانت لدينا علاقات جيدة مع العديد من العوائل ، مثل عائلة مهتدي في بانه (صلاح مهتدي وشقيقه عبد الله مهتدي) وعائلة قادري الوطنية في اشنويه ، أتذكر منهم المدرس مراد قادري وشقيقه نبي قادري . وخلال رجوعنا من دمشق إلى كردستان في تشرين الثاني / نوفمبر 1978 كنا في منزله ( عمر دبابة وعمر شيخموسى والصديق العربي عادل عبد المهدي [ نائب رئيس الجمهورية بعد سقوط النظام ] وعدنان المفتي وعادل مراد ) حيث أوصلنا سراً من إيران إلى مقر القيادة في ناوزنك على الجانب العراقي حيث مقر اقامة مام جلال.
وعلاقاتنا كانت منتظمة مع قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني وخاصة بعد نجاح الثورة الايرانية ، أتذكر منهم الدكتور عبد الرحمن قاسملو الذي استشهد في فينا يوم 13/7/1989وفتاح كاوياني وجليل كاداني وسيد رسول بابا كورا وحسن رستكار وعزيز يوسفي والأستاذ عبد الله حسن زاده والشهيد الدكتور صادق شرف كندي ( استاذ الكيمياء في جامعة طهران الذي استشهد في برلين يوم 15/9/1992 مع اثنين من قياديي الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني ) شقيق الشاعر الكبير المرحوم هزار وغني بلوريان وحسن شرفي وكريم حسامي وامير قازي ومحمد امين سراجي وسليم بابان وقار آذر وفتاح عبدولي وحاجي احمد وبابائي وغيرهم.
كان للاحداث المتلاحقة والصراعات في كردستان ايران والمنطقة خلال العقود الاربع المنصرمة، دور في تشكيل نوعية وشكل الاصطفافات داخل الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني، ويمكن القول حالياً بأن الحزب انقسم الى نصفين واصبحت هناك قيادتين للحزب في منطقة كويسنجق (اربيل).. الاولى بقيادة السيد مصطفى هجري ويعمل ممعه السادة حسن شرفي ومحمد نظيف قادري وعدد آخر، يدعون بأنهم اكثرية القيادة والقواعد في الخارج والداخل ويحملون نفس الاسم السابق (الحزب الديمقراطي الكردستاني- ايران).. اما المجموعة الثانية التي تحمل نفس الاسم مع حذف كلمة ايران من نهاية الاسم وذلك بناء على طلب المجموعة الاولى التي تعتبر نفسها الوريث الشرعي للحزب واسمه في المؤتمر الاخير لهذه المجموعة انتخب السيد خالد عزيز سكرتيراً للحزب بدلاً عن ملا عبد الله حسن زاده ومعهم مجموعة من القيادات السابقة ابرزهم ملا عبد الله حسن زاده وحسن رستكار وفتاح كاو ياني وقيادات ووجوه بارزة أخرى.
الطرفان مختلفان في المواقف السياسية كافة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فأن مجموعة مصطفى هجري تؤمن بأن حركة المعارضة الايرانية الحالية بقيادة (موسوي - كروبي)، قضية ايرانية داخلية وهو صراع من اجل السلطة والنفوذ اما المجموعة الثانية، فأنهم يدعون الى التفاعل مع الحركة الجديدة رغم طابعها الديني – الاسلامي.
وكانت لنا مع كومله إيران (العصبة الثورية الكردستانية) علاقات جيدة أيضا حيث كانوا من المناضلين الأشداء ضد نظام الشاه ، وأتذكر منهم المهندس سيد إبراهيم علي زاده وملا عمر عصري والدكتور جعفر شفيعي وزميله ساعد وطن دوست ومع شخصية وطنية قديمة كان يدعى محمد ملا علي من منطقة آلان في سررشت . إضافة إلى هولاء نظمنا علاقات مع شخصيات ومنظمات وروابط ثقافية وطلابية في مدن كردستان إيران وعلى رأسها كانت لنا علاقات متينة مع الشخصية الوطنية الديمقراطية الكردية الإيرانية الأستاذ صلاح مهتدي ومع شقيقه الأستاذ عبدالله مهتدي الذي اصبح فيما بعد زعيماً للكومله الإيرانية.
والكومله (العصبة الثورية الكردستانية في ايران) كشقيقها الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني مرت بظروف مختلفة وبرزت فيها تيارات يسارية تدعو الى توحيد الماركسيين الكرد بالحركة الماركسة الايرانية، فأقدم بعض القياديين الى شق الكومله وتشكيل (الحزب الشيوعي الايراني) ولكن الطابع العام للحزب ظل طاغيا عليه وكان يدار من السياسيين الكورد.
وحالياً هناك ثلاث مجموعات منفصلة عن بعضها كانت تعمل معاً في جسر الكوملة، ولها مكاتب ومقرات جنوب مدينة السليمانية بمنطقة (زر كويز) وهذه المجموعات هي:-
1- مجموعة السيد عبد الله مهتدي والتي تعمل تحت اسم (عصبة الكادحين الثوريين في كردستان ايران).
2- مجوعة السيد سيد ابراهيم علي زادة، وتعمل تحت اسم (الحزب الشيوعي الايراني – فرع كردستان).
3- مجموعة السيد عمر ايلخاني زاده وهذه المجموعة تعمل تحت اسم (عصبة كادحي كردستان).
(لقاء بالسيد الخميني في نوفيل لوشاتو بباريس)
بعد تصاعد الحركة الجماهيرية الواسعة في إيران نهاية عهد الشاه نتيجة لنشر الرسائل الثورية التي كان يرسلها السيد الخميني من النجف الأشرف إلى الإيرانيين عموماً بواسطة أشرطة كاسيتات فيديوية وخاصة إلى رجال الدين والطبقات الفقيرة والبازار .
فشعرت الحكومة الإيرانية بالخطر القادم من النجف ، فطلبت من بغداد طرد الخميني من العراق لوقف نشاطاته التي هزت عرش الشاه ، إذ خرجت المظاهرات المليونية في مدن إيران ضد الحكم الاستبدادي الشاهنشاهي حليف صدام حسين في حينها .
في نهاية أيلول 1978 طرد صدام حسين السيد الخميني إلى الكويت ، ومنها سافر إلى أوربا ، واستقر في قرية نوفيل لوشاتو قرب باريس . ومن هناك تصاعدت نشاطاته السياسية ضد نظام الشاه ودعا إلى إسقاطه وبناء الدولة الاسلامية . وغدا مرجعا سياسياً – الى جانب درجته الدينية ضد نظام الشاه وحكومة طهران .
كان بضمن ستراتيجية الحركة الكردية ، هو اسقاط حكومة الشاه الحليفة لحكومة صدام حسين ، نظراً للتحالف بين النظامين وفقا لاتفاقية الجزائر التي أبرمت بين صدام حسين ومحمد رضا شاه في 6/3/1975
تلك الاتفاقية التي أجبرت العراق على تقديم تنازلات كبيرة للجانب الأخر مقابل خنق وتدمير الثورة الوطنية الكردية المسلحة في كردستان العراق .
وتولدت وفقا لما سبق رغبة من قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني بالاتصال بالسيد القائد الخميني ، وكان ذلك بالفعل حيث قمت عبر ممثل السيد الخميني في بيروت السيد حسن روحاني عن طريق مكتب السيد خليل الوزير نائب ياسر عرفات آنذاك ، بالتصال بالسيد فتم تنظيم سفرنا لزيارة الخميني في منفاه قرب باريس .
بادرنا إلى تشكيل وفداً من السادة الدكتور فؤاد معصوم واحمد بامرني ( سفير العراق الحالي في مملكة السويد ) وعادل مراد للقيام بالمهمة ، فالتقينا به يوم 4/10/1978 في قرية ( نوفيل لوشاتو ) قرب باريس .
رحب بنا السيد الخميني خلال اللقاء ترحيبا حارا ، وقال على ما اتذكر بان الشعب الكردي شعب مسلم مظلوم ومقموع ولا بد ان يحصل على حقوقه الإنسانية بعد ان يتخلص من الحكام الظالمين المستبدين ، وقال بان الله ينصر المستضعفين على المستبدين .
وكان حاضرا في اللقاء كذلك عدد من مستشاريه ، أتذكر منهم السادة صادق قطب زاده الذي عين مديراً للإذاعة والتلفزيون لاحقاً وأبو الحسن بني صدر الذي كان اول رئيساً منتخباً للجمهورية الإسلامية الإيرانية والدكتور إبراهيم يزدي وزير الخارجية وحفيده احمد مصطفى الخميني واخرين لا أتذكرهم.
لمسنا من السيد الخميني التصميم على الانتصار ودحر سلطة الشاه وعرفنا حجم زواره الإيرانيين القادمين من إيران وأوربا وأمريكا لدعمه واستلام الإرشادات والأشرطة الصوتية الثورية والتعليمات منه .. وبعد رجوعه منتصراً إلى إيران في 11/2/1979 قام مام جلال شخصيا بزيارته في طهرن واستمر بالتواصل معه والكتابة أليه وتكونت لنا علاقات مع العلامة حسين منتظري خليفة الخميني وباقي مسؤولي الثورة والدولة .
بعد سقوط نظام الشاه ، تنفس الكرد في العراق الصعداء ، ففتحت المناطق الحدودية للبيشمركة للتنقل والعلاج والاتصال بالسكان الكرد في كردستان إيران وتمت الاتصالات هاتفياً بتنظيمات الخارج وبدأ الاتحاد بإرسال منشوراته الى العالم ، فتكونت علاقات سياسية راسخة بين قيادات ومنظمات الاتحاد الوطني الكردستاني والكرد في المدن الحدودية ( خانه ، نغدة ، مهاباد ، سردشت ، سنندج ، سقز ، بانه ، كرمنشاه ، شاه آباد ، قصر شيرين ) إضافة إلى العلاقات مع القوى السياسية الإيرانية المختلفة الكردية والماركسية والقومية الأذربيجانية والعربية والإسلامية ومع التشكيلات والمنظمات الثقافية والأدبية والفنية ، عدا العلاقات الكردستانية الخاصة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني والكومله ومكتب الشيخ عز الدين الحسيني إمام وخطيب الجامع الكبير في مهاباد .
(طبيعة العمـل التنظيمي في الخارج)
بدأنا بتنظيم الشبيبة والطلبة في الخارج بعد تأسيس الاتحاد الوطني الكردستاني بأيام ، حيث سافرت إلى هولندا في منتصف حزيران 1975 وشكلنا أول خلية للاتحاد الوطني الكردستاني في الخارج من السادة فؤاد حسين وعلي إحسان الجرموندي والشهيد ظاهر حمد ( الذي استشهد مع عائلته في عمليات الأنفال سيئة الصيت عام 1988 ولم يتم العثور على جثثهم لهذه اللحظة) والدكتور جيا عباس صاحبقران والدكتور جميل شرف ومحمود درويش وعدد آخر من الشباب الذين التحقوا بالاتحاد الوطني الكردستاني بدون تردد .
سافرت بعدها إلى بلغاريا وتم تأسيس منظمة للاتحاد الوطني الكردستاني من الطلبة الأكراد المقيمين هناك تألفت من : الدكتور سردار رضا وزوجته روناك وشيركو حمزة والدكتور طالب رشيد كاكه ي والدكتور جمال رشيد ، وسافرت إلى براتسلافا وبرلين و براغ ومناطق أخرى لتشكيل منظمات للاتحاد الوطني الكردستاني وتم تشكيل منظمات للاتحاد الوطني الكردستاني في بريطانيا والسويد والنمسا والنروج وايطاليا وسويسرا وأمريكا وألمانيا من قبل الرفاق الدكتور كمال فؤاد و نوشيروان مصطفى امين وآزاد خوشناو وفؤاد ملا محمود والدكتور عمر شيخموسى وصلاح رشيد. وقام الدكتور فؤاد معصوم بتنظيم الكرد في الكويت والقاهرة. ففي ايطاليا تم تشكيل منظمة ناشطة للأتحاد في اواخر عام 1975 من الفنانين الشباب (سردار علي كريم و دارا حمه سعيد (مدير اكاديمية الفنون الحالي في السليمانية) و لاله عبده وحميد درويش وحميد رفيق ويوسف محمد صالح وعلي هادي ابراهيم ) ولعبت المنظمة دوراً مميزاً في فضح جرائم النظام ضد شعب كردستان واقاموا علاقات جيدة مع العديد من الفنانين التقدميين العرب العراقيين. ولأول مرة صمم وطبع الفنانون الشباب في ايطاليا اول بوستر للأتحاد الوطني الكردستاني .
اما في رومانيا فعندما زرتهم بصورة سرية خوفاً من ملاحقة ازلام صدام في السفارة العراقية في تموز 1975 وجدت بانهم شكلوا بالفعل منظمة للاتحاد الوطني الكردستاني من السادة الدكتور إبراهيم محمود ( بله رش ) والدكتور جبار صابر والمهندس الزراعي احمد بابكر و جزا حاجي عبدالله واحمد حمه سوور وسامان رشيد جودت وصلاح حاجي إبراهيم وآراس عبد الرحمن عارف وعبدول وبازران ونجاح ونوزاد وقد شكلوا المنظمة بناءً على رسالة موجهة من مام جلال الى الدكتور إبراهيم محمود نقلها لهم في حينها السيد آزاد خوشناو الذي كان من النشطاء البارزين للاتحاد في أوربا .
كان التوجه العام لنا هو حث طلبة كردستان في العراق وأوربا للعمل في صفوف الاتحاد الوطني الكردستاني ، إضافة إلى بناء المنظمات وكانت الاتصالات متواصلة وتمكنا من اختراق الحدود ومطار بغداد والحواجز المخابراتية من اجل الاتصال بالوطنيين الكرد وتنظيمهم .
إضافة إلى كردستان سلكنا طرقا مختلفة من اجل الاتصال برفاقنا وأصدقائنا في العراق ، على سبيل المثال كان للدكتور فؤاد معصوم عضو الهيئة المؤسسة صديقاً في الكويت وكان مديراً لشركة بناء ، ومن كوادر ثـورة أيلـول يدعـى طلعت كلي ( الذي حصل على عضوية الجمعية الوطنية في العراق بعد سقوط النظام 2003 )، إذ كان على اتصال ببعض من مسؤولي الاتحاد المنفيين الى جنوب العراق عن طريق زوجته السيدة حليمة احمد حمدي بالتنسيق بين الدكتور فؤاد معصوم ، حيث كنا نبعث رسائل تنظيمية سرية للشهيد علي عسكري المنفي الذي عين مديراً لناحية الشطرة في محافظة الناصرية آنذاك ، وكانت السيدة حليمة تنقل اجوبة الرسائل عن طريق الكويت وينقلها طلعت بدوره إلى مام جلال أو الدكتور فؤاد معصوم أو الدكتور خضر في الشام .
وكان هناك سواق من الكرد الفيليين نبعث بواسطتهم عبر طرق سرية للغاية البيانات والمبادئ التنظيمية للاتحاد الوطني الكردستاني إلى الكويت ومن هناك إلى بغداد ، حيث كان ينقلها السائق الشهيد سيد خليل جعفر من دمشق مروراً بالأردن والكويت وصولا إلى العراق عن طريق البصرة ويسلمها للسيد شازاد صائب لينقلها بدوره من بغداد إلى السليمانية ، وكنا نستغل كل وسيلة متاحة لذلك ، بالاضافة الى ذلك كان هناك شخص من السليمانية يدعى حاجي عثمان من معارف الشهيد جبار حاجي رشيد يأتي إلى بيروت وكنا نحمله مطبوعات الاتحاد الوطني لينقلها بدوره إلى الشهيد جبار ومنه إلى الشهيد آرام ( شاسوار جلال ) المشرف على تنظيمات الكومله .
ولم نتقيد بالسلوك التنظيمي التقليدي للتواصل مع كوادر التنظيمية في الداخل والخارج ، ولذلك سلكنا مختلف الوسائل المتاحة بغية إيصال مطبوعات وتعليمات الاتحاد الوطني الكردستاني إلى الداخل ، ما أدى إلى نشوء إشكاليات في بعض المدن ، فكان بعض المسؤولين يحصلون على المطبوعات عن طرق غير تنظيمية وبطرق عشوائية ، فقد كنا على عجلة من امرنا بحيث نرسل أدبيات الاتحاد إلى منظمات أوربا من دمشق بشكل مباشر لان البيروقراطية التنظيمية في أوربا كانت تعرقل الحملة الإعلامية لنا، وكانت تلك الكراريس والمطبوعات التنظيمية تصل احيانا الى بعض الاشخاص قبل وصولها إلى المركز التنظيمي في السليمانية.
فهدفنا كان إيصال أدبيات وأفكار الاتحاد الى الوطن كي يطلع الشعب الكردي والعراقي عليها ، لعدم توفر وسائل اتصالات متطورة آنذاك مثل الستلايت أو الانترنيت أو الاتصالات او الهواتف الخلوية .
فكانت تلك الأساليب البدائية الطريقة الوحيدة امامنا لإيصال البيانات التهييجية التحريضية ضد النظام .
وكانت البيانات تكتب أحيانا يدويا لعدة مرات أخرى لعدم توفر آلات الطابعة والرونيو لان تلك الأجهزة كانت من المحرمات في العراق ويعاقب بالإعدام من يحتفظ بواحدة من هذه الأدوات في منزله او مكتبه دون علم الأمن والمخابرات .
وتمكنا في الهيئة المؤسسة في دمشق من إصدار ثلاثة أعداد من نشرة ( الشرارة ) الجريدة المركزية للاتحاد الوطني وإصدار كراس باسم ( الاتحاد الوطني الكردستاني .. باسم ( لماذا ) وعشرات البيانات الاخرى .
نشرنا أفكار الاتحاد الوطني الكردستاني الديمقراطية وأساليب العمل الجديدة وكيفية الاعتماد على الجماهير والأفكار التي تبناها الاتحاد الوطني الكردستاني وكيفية بناء نواة مركزية لتنظيم ثوري يمكن ان يقود حركة كفاح مسلح ، كل هذه الأفكار طرحت للمواطنين الكرد ولعموم العراقيين العاملين في منظمات سياسية مختلفة .
(عودة مام جلال الى كردستان)
وقد استطاع الاتحاد الوطني الكردستاني ان يرسخ تنظيماته وقواته ، بعد كسب المئات من المؤيدين والأنصار في المدن والقرى وتنظيمهم في صفوف قوات البيشمركة .
وبدأت شيئا فشيئا الامور التنظيمية وتعبئة المواطنين خاصة في 20/7/ 1977 ، عندما عاد مام جلال من بيروت إلى كردستان العراق سراً في منتصف تموز 1977 بوثائق مزورة تفادياً لمراقبة المخابرات العراقية ليقود الحركة بنفسه ولم ينتظر ولادة نجله الثاني قباد الذي ولد في المستشفى الامريكي ببيروت يوم 21/7/1977، وقد اختار منطقة ( ناوزه نكـ) في بشدر شمال شرق السليمانية في نهاية المطاف مركزاً لـه ومقراً للمكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني .
أسهمت العودة العاجلة لمام جلال عن طريق بيروت – أنقرة سرا بالتعاون مع قوى سياسية صديقة إلى كردستان العراق في 21/7/1977 إلى اعادة دفعة قوية للحركة الكردية الفتية وتوسيعها ، حيث كان مؤيدي وأنصار الاتحاد الوطني الكردستاني منتشرين في مناطق كرميان وبادينان وسوران .
وكانت هناك خلافات سياسية فكرية وذاتية بين تنظيمي الكومله والحركة الاشتراكية الكردستانية ، تمكن مام جلال بحكمته وصبره من الحد منها وبالتالي حلها والعمل معاً في بوتقة الاتحاد فشكل المكتب السياسي في العصبة الماركسية ممثلة بشخصين واثنين من الحركة الاشتراكية الكردستانية وكانا رسول مامند وطاهر علي والي.
بعد تزايد اعداد قوات المقاومة نتيجة الدعم الشعبي لها ، بدأت بالتصدي للقوات الحكومية المهاجمة للحصول على السلاح وكسر هيبة النظام . اندلعت معركة حامية صباح يوم 8/3/1978 في منطقة دشتيو قرب مدينة قلعه دزه وكانت بمثابة مواجهة عسكرية أولى وجها لوجه مع الجيش العراقي واسفرت المعركة عن قتل العشرات من ضباط وجنود النظام وعدد من المرتزقة الكرد ( الافواج الخفيفة ) الموالين للنظام والى استشهاد (13) من قوات البيشمركة كان في مقدمتهم الشهيد سعدي كجكه قائد المجموعة ، وقد تطورت العمليات النوعية والكمية لقوات البيشمركة في جبال وهضاب ومدن وقرى كردستان بعد تلك المعركة ضد المؤسسات العسكرية والأمنية الحكومية ، وكبد البيشمركة في تلك المعركة ومثيلاتها النظام خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات وتمكنوا من كسر شوكة النظام وعنجهيته العسكرية .
تلك الوتيرة من العمليات بدأت تنمو وتتوسع لتشمل معظم مناطق كردستان العراق ، وبدأت الحركة الكردية تحتل مكانتها الطبيعية والطليعية في جسد المقاومة الوطنية العراقية ، وبالتالي مواقعها السياسية في الحركة الكردية الوطنية والعراقية ، خاصة بعد توحيد البرامج السياسية مع الحزب الديمقراطي الكردستاني والحزب الشيوعي العراقي والحركة الاشتراكية العربية وقيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي والجيش الشعبي لتحرير العراق والحزب الشيوعي العراقي ( وحدة القاعدة ) ، وأقمنا علاقات ثنائية مع العديد من الحركات والتنظيمات العراقية الإسلامية والماركسية والثورية والقومية العربية .
كانت هذه بداية ولادة الاتحاد الوطني الكردستاني في عام 1975 ولمحات سريعة عن تطور هذا التنظيم الذي أضحى اليوم من أوسع التنظيمات العراقية وقدم خلال مسيرته النضالية الآلاف من الشهداء في ساحات الكفاح المسلح في المدن والأرياف والجبال ، وفي السجون ومعتقلات البعث الدموية .
تطور الاتحاد الوطني الكردستاني في خضم كفاحه انسجاماً مع المراحل التاريخية التي مرت بها الحركة التحررية الكردستانية وعموم حركة المعارضة العراقية ، حتى تكلل نضال الشعب العراقي بالقضاء على الدكتاتورية التي خلفت ورائها الدمار السياسي والاقتصادي والمقابر الجماعية والانفالات وعراقاً خراباً يأن تحت وطأة ديون تقدر بثلاثمائة بليون دولار .
(منظمة النسر الأحمر في بغداد)
ان التاريخ الحافل بالانتصارات الباهرة للاتحاد الوطني الكردستاني لا يمكن اختزاله ضمن هذه الصفحات ، ولا يمكن المرور عليها مرور الكرام وعلى عجالة .
فالذاكرة قد لا تسجل الأحداث الجسام ، ولا تتذكر بطولات وتضحيات الكوادر والبيشمركة على الجبهات أو داخل المدن بتفاصيلها ، فكيف يمكن نسيان شجاعة وصمود الشهيد شهاب الشيخ نوري خلال اعتلائه منصة الاعدام ، حينما قال [ عش قليلاً ، لكن بشموخ .. ] وسيتذكر الكرد في بغداد وكردستان أبنائهم البررة الذين شكلوا تنظيماً ثورياً محدود العدد قوي الفعل باسم (الانتقام لدماء الشهداء) عند التأسيـس ومن ثـم تغيـر اسم المنظمة الى ( النسر الأحمر) قاده الشاب الشهيد الملازم جوامير سايه مير وكان معه كوكبة من الشهداء الخالدين ( منهم سلام عبد الرزاق وسلمان داود المندلاوي وعادل عبد الكريم الداودي وجمال سعيد الفيلي وشيرو عبد القادر) وكان شباب الكرد الفيليين يشكلون الغالبية في ذلك التنظيم الثوري ، اذكر منهم ( كوردو قاسم ورعد بشير اسكندر وعدنان رضا وحميد اكبر واحمد علي اكبر وكمال قاسم كل محمد وزيدان بهلوان ومنير محمد وخليل حسن )وكانت للمنظمة صلات وثيقة مع سكرتير (الكوملة) الشهيد آرام (شاسوار جلال).
خططت المنظمة لتصفية المجرم طـه ياسين رمضان في منتصف حزيران 1977 حينما كان وزيراً للصناعة وامراً لمليشيات البعث ولم يتمكنوا من الوصول اليه ساعة التنفيذ ، فنفذوا حكم الشعب بالمجرم عثمان فائق المدير العام لمديرية الثقافة الكردية ( البعثية ) المعادية للثقافة الكردية يوم 16/6/1977 وذلك في منطقة الخلاني وسط بغداد.
واضطر النظام الى الاعلان عن الخبر لأن المنظمة اصدرت بياناً وزع بشكل واسع في بغداد .
وبعد شهرين من نجاح العملية الاولى خططوا بأمر من الشهيد آرام سكرتير الكوملة لتصفية رئيس النظام صدام حسين وطارق عزيز وبعض القياديين البعثية التي كان من المقرر ان تحضر يوم 16/8/1977 احتفالات تأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي شكله هاشم حسن عقراوي ومجموعة من المرتزقة الكرد في بغداد بامر من النظام .
وكان من المقرر ان يقام الاحتفال في قاعة الجامعة المستنصرية في بغداد، لكن الخطة فشلت قبل التنفيذ بأيام حيث تسلل احد ازلام المخابرات العراقية المدعو ( كاوه فاتح ) الى المنظمة الثورية فافشى بخطط المنظمة الثورية إلى المخابرات العراقية ، ما ادى الى اعتقال المجموعة، وبعد تعذيب وحشي ولمدة اشهر نفذ حكم الإعدام شنقاً بالشهداء جوامير سايه مير وسلمان داود وسلام عبد الرزاق وشيرو عبد القادر يوم 10/4/1978 في سجن ابو غريب ، اما الشهداء عادل عبد الكريم الداودي وجمال سعيد الفيلي فاعدموا رمياً بالرصاص يوم 30/1/1978 لكونهما جنديان كانا يؤديان الخدمة العسكرية الالزامية في القوات المسلحة العراقية في حينها .
عرف الشهيد جوامير سايه مير قائد مجموعة النسر الاحمر بشجاعته واقدامة وتمكن من الهرب قبل اعدامه من غرفة الاعدام في سجن مديرية الامن العام ببغداد وبصعوبة بالغة تمكنت قوات النظام من القاء القبض عليه ..
اعدم جميع افراد المجموعة وهم يشتمون الجلادين ويهتفون بحياة الشعب والثورة.
غدا هروب الشهيد جوامير سايه مير ورفيقه سلمان داود من سجن الامن العامة في بغداد اسطورة يتحاكا بها الجميع ..
فالمحاولة فشلت واصيب خلالها سلمان داود برصاصة في ساقه وانتهت بالامساك بمن قام بها عدا الشهيد جوامير سيامير الذي استطاع الهرب وسط وابل من الرصاص العشوائي، من قبضة جلاوزة الامن لينطلق راكضاً في الشوارع المحاذية لبناية الامن العامة ، لكنه اخطأ الطريق ليجد نفسه فجأة مقابل مديرية مكافحة الاجرام في منطقة البتاوين، فالقي القبض عليه واعيد الى السجن .
تولى المجرم برزان التكريتي الاخ غير الشقيق لصدام حسين التحقيق معه وكان معه العميد فاضل البراك مدير الامن العامة آنذاك الذي لم يخفي اعجابه بصمود وبطولة اعضاء المنظمة وبشكل خاص قائدهم جوامير سايه مير.
كيف ننسى هولاء وكيف لا يمجدهم الشعب والتاريخ . ولا يمكن نسيان صمود المقاتل الشجاع سعدي عزيز كجكه وثلة من رفاقه البيشمركة الذين تحدوا دبابات وطائرات النظام في معركة غير متكافئة في كردستان العراق ، فبعد رجوع مام جلال الى كردستان في نهاية تموز 1977 وتصديه بشكل مباشر لمسؤوليات ادارة البيشمركة وتنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني الذي انتظم عمله وهيكليته . فاصبح الاتحاد هيكل يتكون من حركتين سياسيتين وهما عصبة كادحي كردستان ( الكومله ) والحركة الاشتراكية الديمقراطية الكردستانية ( حسك ) ، اضافة الى عدد من القياديين المستقلين اطلق عليهم ( التنظيم الوطني العريض ) .
وكنتيجة حتمية للنشاطات والممارسات اليومية الحزبية والكسب الجماهيري الواسع وتضارب الافكار والايديولوجيات ، تولدت خلافات مستديمة بين التنظيمين وهي كانت نتيجة طبيعية بين حركتين سياسيتين مختلفتين ايديولوجياً وتنظيميا .
كل فصيل كانت له علاقات سياسية خاصة مع القوى الكردستانية في كل من ايران وتركيا.
ولكن الفصائل العسكرية ( البيشمركة ) كانت موحدة ومنضبطة وتستلم الاوامر من الامين العام للاتحاد مام جلال بشكل مباشر .
اذ كان مام جلال شديد الحرص على وحدة التنظيمين ضمن اطار الاتحاد الوطني الكردستاني ، ولكن ظروف خارجة عن ارادته وتفاقم الحساسيات القديمة واختلاف الرؤى والامزجة الثورية واللاعقلانية التي سادت أجواء الثورة والافكار المسمومة التي كانت تبثها عناصر أجهزة المخابرات العراقية في صفوف الاتحاد والثورة عن طريق عناصر مشبوهة تسلقت الى مراكز في الحركة ، وكانت تلك العناصر تتباكى على الحركة الاشتراكية الكردستانية وتدعي بانها حركة مسحوقة ومظلومة فلا بد لها ان تعلن الانفصال عن الاتحاد .
الى جانب بروز عناصر متطرفة ذات افكار صبيانية يسارية لتزيد من حدة الخلافات وتشعل لهيب الاقتتال الداخلي الذي استمر منذ عام 1981 حتى مبادرة مام جلال للمصالحة الكردستانية في منتصف عام 1985 ، وكانت تلك العناصر المتطرفة مسؤولة ، ايضاً عن اندلاع الصراع الدموي بين الاتحاد الوطني الكردستاني والقيادة المؤقتة للحزب الديمقراطي الكردستاني ، خلال الفترة ما بين تموز 1976 و 1985 .
كانت صفحة مفجعة في تاريخ حركة التحرر الكردية ، ولكن الحكماء في القيادات الكردية ومام جلال بشكل خاص تمكنوا من وضع حـد لتلك الحقبة التاريخية التي مهد لها صدام حسين ومخابراته ومرتزقته ومخابرات بعض الدول المجاورة للعراق.
(معارك البيشمركة النوعية)
كانت معركة ( ده شتيو ) وهو اسم قرية تقع شرقي مدينة قلعه دزه في محافظة السليمانية صباح يوم 8/3/1978 معركة نوعية ومن نوع جديد بكل المقاييس ، حيث غاب التكافؤ في العدد والعدة ، اذ دخلت الثورة الكردستانية مرحلة المواجهة المباشرة مع قوات الجيش العراقي المدجج بالاسلحة الحديثة والثقيلة والطيران المرعب .
كان عدد البيشمركة (42) مناضلا مسلحين باسلحة خفيفة ومتوسطة قابلة للنقل السريع ومؤن بسيطة وعتاد محدود .
أسفرت المعركة غير المتكافئة التي شاركت فيها الطائرات المروحية الحربية الحديثة والمدفعية الثقيلة للنظام عن مقتل العشرات من قوات النظام واعطاب عدد من آلياته الثقيلة ، كما ادت الى استشهاد ثلاثة عشر من اشجع بيشمركة الاتحاد الوطني الكردستاني ، وكان في مقدمتهم سعدي عزيز المعروف بسعدي كجكه ، عضو اللجنة القيادية للاتحاد الوطني الكردستاني وقائد قوات الاتحاد الوطني الكردستاني في سهل اربيل وعضو قيادة الحركة الاشتراكية واستشهد الى جانبه فاروق صديق القائد السياسي لمنطقة سهل اربيل والكادر المتقدم لعصبة كادحي كردستان ( كومه له ) واستشهد معهما عدد من البيشمركة ( فرخ قادر ، فريق همزة ، شاهين عزالدين ، طاهر حمد علي ، جبار اسماعيل ، عثمان باوه ، عزيز بابير ، سامي عبيد ، صباح جميل واحمد محمد امين واحمد محمد عثمان) كما تمكنت قوات النظام المهولة من اسر اربعة من البيشمركة الجرحى ، تم اعدامهم لاحقا دون محاكمة فجر يوم 21/6/1978 في سجن الموصل المركزي وهم كل من (جعفر أسود وحسين عبدالرحمن وجواد كريم وكمال عبد الواحد) وتمكن الباقون التسلل من ارض المعركة بصعوبة بالغة بدعم ومساعدة سكان القرى التي راقبت سير المعركة البطولية وكانوا (25) من البيشمركة وهم جرحى واصابات بعضهم كانت بليغة .
أعطت تلك المعركة دروساً بالغة الأهمية ، أبرزها إمكانية صمود قوة عسكرية صغيرة مؤمنة بمبادئها الوطنية أمام جيش كبير تعداده اكثر من ألف عسكري ومن مختلف الصنوف مدعومين من قوات مرتزقة كردية ( الجحوش والافواج الخفيفة) وبرهنت المعركة بان بيشمركة الاتحاد قوة فدائية موحدة دون النظر إلى الخلفية الأيدلوجية للبيشمركة .
اثبتت المعركة بان القادة ( سعدي ورفيقه فاروق ) اثارا الى ان يكونا في مقدمة المعركة مع مع قوات النظام وان يستشهدا قبل الآخرين ليسجلوا بذلك اروع الدروس في الفداء والأقدام ،، هذا ما كان يدور في كردستان ونحن على الحدود العراقية السورية حاولنا تمهيد الطرق للعبور.
تجدر الاشارة بأن الفريق اسماعيل تايه النعيمي آمر الفرقة العسكرية قد تحدث بأسهاب عن تلك المعركة البطولية في مذكراته واشاد ببراعة الشهيد سعدي وتكتيكات سيد كاكه وكيفيه تملصه من الطوق العسكري المحكم لقوت النظام .
ففي إحدى الليالي الشتوية ( شباط 1977 ) واثناء عبورنا مع مجموعة من البيشمركة من الأراضي السورية إلى الأراضي التركية للتسلل من هناك إلى كردستان العراق ، أثناء عبورنا نهر دجلة سراً على ظهر دواليب السيارات المصنعة محليا لعبور الأنهر ، تصدت لنا بشكل مفاجئ القوات التركية الحدودية بضراوة ، حيث أطلقت وابل من الرصاص من عرباتها المصفحة تجاهنا ، وقد عبرنا النهر بصعوبة بالغة بفضل عدد من البيشمركة الذين انبرو للتصدي لهذه القوة وتمكنوا من فتح ثغرة لمرورنا ، واذكر هذه الحادثة بتفاصيلها ولن أنساها ، ومن هولاء الأبطال الشهيد داود الجاف والسادة سامان كرمياني و رؤوف دانيمارك ( شوان صالحي ) الذين قاوموا ببطولة حتى عبورنا النهر مع الأنصار بسلام إلى الجهة الأخرى من الحدود وفي الصباح حلقت الهليكوبترات العسكرية للبحث عنا لاعتقالنا أو ابادتنا .. لقد عبرنا الحدود ولكن القوة تشتت في قرى المنطقة بالقرب من مدينة جزيره التركية الحدودية .. كيف ننسى تلك البطولات النادرة المسجلة في الوجدان لتلك المجموعة التي ضحت بارواحها من اجل انقاذ مجموعتنا .
وتبقى الذكريات المرة والجميلة في الذاكرة ..
لم اتطرق إلى سنوات الازمة الداخلية والصراعات في صفوف شعب كردستان التي راح ضحيتها المئات من البيشمركة الابرياء من القوى السياسية الكردستانية .
لن ننسى لحظات الرعب ، حينما كانت الاستعدادات العسكرية العراقية قد استكملت للهجوم الشامل على مقراتنا الاساسية في منطقة ( ناوزنك ) في نهاية تشرين الثاني 1978 حيث انزلت القوات والمعدات على قمة جبل ( مامنده ) المطل على مقراتنا في قرية شينه وناوزنك حيث المقر الرئيسي للمكتب السياسي للأتحاد الوطني الكردستاني ولكن كان للقدرة الالهية دور كبير في افشال خطتهم وتدمير قواتهم المعتدية المتغطرسة، حيث هطلت الثلوج بكثافة غير متوقعة في ذلك الفصل على الجبل فقال القرويون في المنطقة في حينها بان ثلج الله اقوى من مدافع وجنود النظام العراقي.
فشلت خطة الإبادة وانقشعت غيوم الموت فازدادت معنويا القيادة والبيشمركة وسكان قرية شينة البطلة .
قد يتسائل البعض عن هذا القفز على الأحداث، إذ تحدثت عن البدايات وانتقلت إلى سقوط الطاغية وتشكيل الحكومة الوطنية .
كتابة كل هذا التاريخ ليس من حقي فلست مؤرخا او مخولا لكتابة التاريخ ، بل اكتب كشاهد على تاريخ فترة زمنية كما انني واحد من مئات المناضلين الآخرين الذين لهم قصص مماثلة، لربما أجافى الحقيقة ولربما اهضم حقوق الأبطال الذين صنعوا تاريخ الاتحاد على الأرض في كردستان أو في السجون أو اللذين صنعوا الأحداث ، في الخفاء ضمن التنظيم والعمل السري .
أنني لم أتطرق في كتابي هذا إلى أحداث جسام ومحطات مضيئة في تاريخ الاتحاد والحركة التحررية في كردستان العراق.. مثل :
1- فعاليات ونشاطات الرفاق أعضاء الهيئة المؤسسة والكوادر الفكرية والقتالية ولم اكتب عما كتبه الاستاذ نوشيروان مصطفى امين في مؤلفاته المهمة .
2- الصراعات السياسية والدموية المحزنة بين فصائل الحركة الوطنية الكردستانية أو مع القوى الديمقراطية العراقية الأخرى .
3- عملي في قيادة الحزب الاشتركي الكردستاني والذي تلخص فيما يلي:
بعد انهيار الحركة الكردية المسلحة ، اثر اتفاقية الجزائر التي وقعت من قبل شاه ايران وصدام حسين يوم 6/3/1975 لأنهاء الحركة التحررية الكردية مقابل تنازل صدام حسين عن نصف شط العرب ومناطق حدودية ستراتيجية كثيرة في مناطق خانقين وبنجوين والعمارة والبصرة الى ايران. وعلى اثر الاتفاقية رجع الالآف من كوادر الثورة الكردية والانصار الى مراكز المدن في كردستان وبغداد، فأقدمت السلطات العراقية على اهانة العائدين وتهجيرهم قسراً الى جنوب وغرب العراق بعيداً عن كردستان، بدلاً عن رعايتهم واحتضانهم وأُعدم العشرات من الكوادر السياسية والبيشمركة وعُربت مناطق عديدة في كردستان على اثر الاتفاقية المشؤومة.
وكرد على تلك الممارسات العنصرية والتهجير الجماعي للعائدين من ابناء الشعب الكردي، التقى وبشكل سري وفردي العديد من الكوادر لأيجاد حلول عاجلو وواقعية للكارثة التي حلت بالحركة الكردية ..
فدعى الشهيد صالح اليوسفي الى اجتماعات سرية في صيف 1975، مع عدد من الكوادر الاساسية للثورة الكردية، لتدارس الاوضاع. ودشن لقاءاته السرية بالسادة (علي العسكري، رسول مامند، نور الدين عبد الرحمن، الدكتور خالد سعيد، عمر مصطفى دبايه، الشيخ محمد شاكلي، نجم الدين كلي، طاهر علي والي، سيد كاكه سيد اسماعيل، سعدي عزيز كجكه، اللواء عزيز عقراوي، ملا ناصح اسماعيل سيد احمد، علي عبد الله علي (علي هزار)، عارب عبد القهار (كاردو كلاللي)، عبد الرحمن كومشيني، يد الله كريم وعن طريق هؤلاء تم تدارس الاوضاع مع المئات من المناضلين منهم سيد مجيد ومحمد بحركة ومام ياسين والد بهروز كلالي والعريف عثمان والعريف سليم واحمد حاجي علي ومامه حمد امين واحمد ماهي وسليم اغوب والملا عمر حويزي وسعد عبد الله وسيد سليم روزاندوي واخرين على انفراد او عن طريق شخص ثاني.. وقد تقرر تنظيم الكوادر للتصدي سلمياً للأجراءات العنصرية للنظام، وتقرر تشكيل تنظيم بأسم (الحركة الاشتراكية الديمقراطية الكردستانية) وكان من المقرر الاعلان عن الحركة في 1/1/1976 الا ان عدم اكتمال الاستعدادات اللازمة أرجأ الاعلان الى موعد لاحق، اذ لم يتم الاتصال بالعديد من كوادر الثورة السابقين الذين بقوا في مخيمات اللاجئين في ايران بشكل خفي، حيث كان الساواك (مخابرات الشاه) يراقب الاوضاع عن كثب ويقمع كل حركة مناوئة لأتفاقية الجزائر ونظام صدام حسين.
وقد طلب الشهيد المؤسس صالح اليوسفي من المناضل الكردي الايراني كريم حسامي التوجه الى بيروت والاتصال بالسيد صلاح بدر الدين (من كبار سياسي الكوادر في سوريا) لطبع البيان التأسيسي للحركة هناك. وتم طبع البيان (على اوراق ملونة – كما أتذكر) في بيروت وقد وزع البيان وفي وقت واحد في كل من بيروت وبغداد وبعض العواصم الاوربية وذلك في آب 1976 وحمل البيان اسم (الحركة الاشتراكية الديمقراطية الكردستانية) الذي تغير اسمه لاحقاً الى (الحزب الاشتراكي الكردستاني) وكان البيان يخلو من ذكر صدام حسين ووجهت انتقادات خجولة للنظام وركزت على مطالب ثانوية.. ورغم ذلك البيان غير الحماسي، انطلقت مفارز الحركة في مناطق شارزور وشاربارير بمحافظة السليمانية وسهل اربيل ورواندوز وشقلاوة وكويسنجق وكركوك وتم التعاون في مناطق مختلفة مع (العصبة الماركسية اللينينية الكردستاني – كومه له-) الذي كان يقوده شاسوار جلال (آرام) بعد اعدام الشهداء شهاب الشيخ نوري وانور زوراب وجعفر عبد الواحد في 12/11/1976 ببغداد.. وقد برز اسم الشهيد علي العسكري كقائد للحركة وكشخص ثاني بعد السيد جلال الطالباني في حركة البيشمركة ونشاطاتها في التصدي للنظام.
حاول رئيس النظام البعثي صدام حسين بشتى السبل تشتيت الجهد الكردي المقاوم للاركان حكمه ،و اتصل بالقائد علي العسكري واستقبله في بغداد في تموز 1977 لأجراء مفاوضات ثنائية بعيداً عن الاتحاد الوطني الكردستاني ومام جلال. ولكن العسكري سرعان ما أدرك بخطط صدام ونواياه ، فنأى بنفسه والحركة عن نظام صدام الذي كان يخطط لتفتيت المقاومة الجديدة للحركة الكردية.
وكانت سلطات النظام في بغداد وفي اطار اتصالاتها المتكررة بالرموز الوطنية الكردية المعروفة في بغداد، فقد كلفت السلطة المرحوم عمر دبابه بأن يقوم بدور الوسيط بينهم وبين السيد مام جلال، فتظاهر عمر دبابه بقبول المهمة، الا انه توجه مع الدكتور خالد سعيد وبالتنسيق مع السيد علي العسكري من بغداد الى مدينة كويسنجق يوم 6/8/1977 ومنها الى المقر الرئيسي للحركة في جبل قنديل (المثلث الحدودي الجبلي بين العراق وايران وتركيا) التي وصلها يوم 21/8/1976 ومن هناك توجه الى سوريا عبر اراضي كردستان تركيا المتآخمة للعراق وهو يحمل تعليمات من القائد الميداني للحركة السيد علي العسكري بالتنسيق مع قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني في دمشق وكان يرافقه السيد جوهر نامق (سليم) العضو القيادي الاساسي في القيادة المؤقتة للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي مكث في مسكني خلال فترة بقائه في دمشق واجتمع مرتين مع مام جلال وقيادة الاتحاد لبحث ايجاد سبل التعايش وتوحيد الكفاح ضد النظام العراقي، وقد وعدنا بنقل تصوراتنا وآرائنا الى السيد مسعود البارزاني والقيادة في لندن.
وفي دمشق صدر بيان بأنضمام (الحركة الاشتراكية الكردستانية) الى الاتحاد الوطني الكردستاني، وقع على البيان السيد عمر مصطفى كمندوب عن قيادة الحركة دون موافقة الشهيد صالح اليوسفي ومعظم مجموعة رسول مامند – عزيز عقراوي واصبحت الحركة القوة الرئيسية الثانية في جسد الاتحاد الوطني الكردستاني. وتم تنظيم العلاقات الميدانية بين الكوملة بقيادة ارام والحركة بقيادة علي العسكري.
فالتنسيق العسكري والعمل في اطار سياسي شبه جبهوي، لم يلغي الفوارق الفكرية والتنظيمية بينهما وهذا ما انعكس سلبا على العمل اليومي للأتحاد الوطني الكردستاني.
فالكوملة تمسكت بآرائها الثورية الماركمسية اللينينية اما الحركة فكانت تعبر عن افكار طبقات وطنية مختلفة المشارب وكانو اكثر اعتدالاً في ارائهم ومواقفهم الفكرية..
وبعد معارك منطقة هكاري في كردستان تركيا بين الاتحاد الوطني الكردستاني وقوات القيادة المؤقتة للحزب الديمقراطي الكردستاني في آب1978 المسنودة من العشائر الكردية في كردستان تركيا، واستشهاد العشرات من قادة الاتحاد الوطني الكردستاني، ابرزهم علي العسكري والدكتور خالد سعيد والشيخ حسين بابا شيخ الايزدي ووقع في الاسر عدد كبير من القياديين، برزت خلافات حادة بين الاتحاد والحركة، فأنفصلت الحركة الاشتراكية الكردستانية عن الاتحاد الوطني الكردستاني ليلة 21/3/1979 ونقلت مقرات الحركة من وادي (ناوه زه نكي) و (زلي) الى المناطق المقابلة من جهة كردستان ايران واتخذت قيادة الحركة قرية (كوره شير) على الحدود الايرانية العراقية مقراً جديداً لها..
في 8/8/1979 عقد مؤتمراً للحركة بأشتراك تنظيم (اللجنة التحضيرية للحزب الديمقراطي الكردستاني) بقيادة الدكتور محمود عثمان، فأعلن الطرفان تنظيماً موحداً بأسم (الحزب الاشتراكي الكردستاني الموحد) وتشكلت من الحركة التي مثلها السادة (رسول مامندو، سيد كاكا سيد اسماعيل والمقدم طاهر علي والي وقادر عزيز وحاجي حاجي ابراهيم واحمد فقي رش) وعن اللجنة التحضيرية كل من (الدكتور محمود عثمان وعدنان المفتي وقادر جباري) اضافة الى القيادات العلنية، قد اختار السيد صالح اليوسفي سكرتيراً ومرجعاً اساسياً له بشكل سري إذ لم يتمكن من الخروج من بغداد حتى يوم اغتياله من قبل المجرم برزان التكريتي يوم 16/6/1981 ببغداد بواسطة طرد ملغم.
كما أختير الشهداء علي هزار وكادرو كلالي في القيادة وكانو في اربيل وقد استشهدا تحت التعذيب ولم تكتشف جثتيهما لح الآن. وكان الشيخ محمد شاكلي حلقة الوصل بين الشهيد المؤسس صالح اليوسفي والمكتب السياسي الذي ترأسه المرحوم رسول مامند في الجبال ، الذي كان يساعده كل من اللواء عزيز عقراوي والمقدم طاهر والي.
لقد استقطب الحزب الاشتراكي الكردستاني جماهير واسعة في المدن والارياف لأعلانه بأنه الخط الوسط بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني.
ولكن ظروف خاصة فرضت الاقتتال المؤسف بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الاشتراكي الكردستاني، فأستشهد العديد من كوادر وقيادات الطرفين.
وشنت طائرات النظام هجوماً واسعاً على مقرات الحزب الاشتراكي الكردستاني يوم 24/12/1979 ، أستشهد جرائها في وادي (سماقولي) بأربيل القادة سيد سليم سيد نبي الراوندوزي وشينه بولي وعدد آخر من قوات الحزب الاشتراكي .
لم يكن لدي اي اطلاع على خلفية انفصال الحركة الاشتراكية الكردستانية عن الاتحاد الوطني الكردستاني ليلة 21/3/1979، لكنني تعاطفت معهم لأن بعض قادة الاتحاد الوطني الكردستاني وتحديدا من تنظيم العصبة الماركسية اللينينية التي كانت تعرف اختصارا (بالكوملة) اقترحو الهجوم على مقراتهم في منطقة (كوره شيرو) ليلاً وتطويقهم وتصفيتهم ، علماً بأن البعض من قادة (الكوملة) امثال الملازم عمر عبد الله وسالار عزيز وبكر الحاج صفر استنكروا ذلك المقترح لحل الازمة ، وقالوا أن المنشقين هم رفاق الدرب وعلينا حل المشاكل معهم بالطرق السلمية والحوار لا بالقتال والتصفية والغدر.
كان صديقي ورفيق درب النضال عدنان المفتي في قيادة الجماعة مع المنفصلين التقيته في طهران في حزيران من عام 1979 ، واعلنت له عن نيتي ترك صفوف الاتحاد الوطني الكردستاني، فقامت الاخت هيرو ابراهيم بزيارتي في طهران لأقناعي بالعدول عن قراري ، والعودة الى مقر القيادة في منطقة (ناو زه نك) بكردستان العراق ، وكذلك زارني السيد نوشيروان مصطفى للغرض نفسه ، وعبر لي سخطه واستيائه من استقبالي وترحيبي بالقيادي عدنان المفتي في طهران ، وكان قادما من المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني ويحمل رسالة مشتركة من الدكتور محمود عثمان ورسول مامند ليقنعي بالعودة الى كردستان والعمل معهم ، فلم أقتنع بطروحات السيد نوشيوان مصطفى والسيدة هيرو ابراهيم احمد ، لأنني لم اجد مبررا لثورة مام جلال عليّ اثناء حديثي معه لحل مشكلة الاخوة المنشقين عبر الحوار المباشر وطالبتهم بأجراء اصلاحات وتعديلات في قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني عبر ادخال شخصيات من الحركة الاشتراكية الكردستانية الى قيادة الاتحاد الى اثناء اجراء المؤتمر العام ووضع حد لتجاوزات بعض الانتهازيين والمتصيدين في الماء العكر في الاتحاد .
كما طالبت بأدخال عناصر شابه الى القيادة وتهدئة العلاقات مع الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي والايراني والاهتمام بالمجموعات التي تلتحق بالثورة من الحزب الشيوعي العراقي، وكذلك العمل على اعادة اللُحمة مع الحزب الاشتراكي الكردستاني وقضايا سياسية أخرى.
في نهاية حزيران 1979 هاجرت الى الشام ومن هناك الى بيروت ووجدت عبر السيد ياسر عرفات عملاً في صحيفة السفير اللبنانية ، كي اتمكن من تامين نفقاتي اليومية ، بعد ان تدهورت اوضاع عائلتي في بغداد ، أثر اغتيال والدي ليلة 1/1/1974 عبر حادث دهس مدبر من قوات أمن النظام ، وطرد افراد عائلتي من بغداد في ليلة ظلماء وبطريقة همجية مع 12 عائلة اخرى لمسؤوولين في الحزب الديمقراطي الكردستاني في بغداد ليلة 30/4/1974 الى شقلاوة ومن ثم الى كلي علي بك في راوندوز وبالتالي الى قلعة دزه، فتمت اثرها مصادرة أموالنا المنقولة وغير المنقولة .
ظلت علاقاتي بالحزب الاشتراكي الكردستاني ايجابية ، وكانت شبه معدومة مع قلة اخرى منهم ،، ولم تنقطع علاقاتي ببعض قادة الاتحاد الوطني الكردستاني ، وكانت لي لقاءات عدة مع السيد نوشيروان مصطفى والملازم عمر وشازاد صائب والدكتور كمال خوشناو .
وكنت على الدوام التقي في بيروت ودمشق بالسادة حمه زياد وشازاد صائب والدكتور خسرو خال ولاكثر من مرة التقيت بالسيد نوشيروان مصطفى ، وقضيت برفقته عدد من الليالي في دمشق ، كانت صداقتي مع الملازم عمر عبد الله وطيدة وكان على الدوام يحثني على العودة الى قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني .
على الرغم من الاوضاع التي مرت على الاتحاد الوطني الكردستاني وخروج جماعة راية الثورة ( ألاي شورش) عام 1984 من كرستان ، الى ان علاقتي بقيت وطيدة مع رئيس جماعة راية الحرية المنشقة سالار عزيز وفاضل كريم الذي كان يكنى بجعفر وحاجي ممو واخرين .
رجعت الى قرية (دوله توو) على الحدود العراقية الايرانية في 20/4/1981 بالتنسيق مع السيد عدنان المفتي والمرحوم رسول مامند والدكتور محمود عثمان.
وبعد فترة وجيزة من عودتي عقد الحزب الاشتراكي الكردستاني مؤتمره الاول في قرية (دوله تو) في الفترة مابين 12-15/5/1981 وكان من المقرر عقده يوم 5/5/1981 الا انه تأجل بسبب قيام الطائرات المروحية لنظام صدام حسين بقصف القرية والتي اصابت عن طريق الخطا سجن تابع للحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني بقيادة الدكتور عبد الرحمن قاسملو ، بدلاً من ان تُصيب مواقع الحزب الاشتراكي الكردستاني ومكان عقد المؤتمر ، والذي خلف مجزرة حقيقية راح ضحيتها العشرات من نزلاء السجن وحراسه، وكان معظمهم من منتسبي الحرس الثوري الايراني وافراد من الجيش الايراني المعتقلين لدى الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني.
عقد المؤتمر بين الاشجار في منطقة كثيفة الاعشاب على سفح احد الجبال تحسبا من عودة الطائرات الحربية العراقية.
حضر المؤتمر (114) مندوباً يمثلون مختلف فروع الحزب وقد انتخبت رئيساً لأدارة جلسات المؤتمر.
وخلال المؤتمر الذي انعقد في 12/5/1981 ادركت بأن هناك صراعاً بين جناحين ، الاول كان يرفع راية اليسار والاشتراكة ، دون مراعاة الظروف المرحلية للحركة الوطنية لكردستان في هذه المرحلة التاريخية ، وشن هجوما حادا على الجناح الاخر متهما اياه باليمنية وكان من ابرز شخصيات الجناح اليساري (رسول مامند واللواء عزيز رشيد عقراوي وسعيد عبد الله وعبد الخالق زنكنة واحمد فقي رش وقادر عزيز والاستاذ امين قادر )
اما الجناح الاخر فتألف من (الدكتور محمود عثمان وقار جباري واخرين كانو يمثلونه ) ولان السيد عدنان المفتى كان انذاك في دمشق وخارجا لتوه من السجن وكان تحت المراقبة الدائمية لم يتمكن من حضور المؤتمر .
تجدر الاشارة الى ان الحزبن الرئيسن على الساحة ( الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني) كانا يحاولان بشتى السبل اضعاف الحزب من منطلق ان الحزب الاشتراكي الكردستاني كان يمثل التيار الثالث الوسطي بينهما .
وصلت الامور الى حد تدخل الحزب الشيوعي العراقي في معمعة الصراعات بعد ان عبر اعضاء في قيادة كردستان للحزب عن دعمهم لجناح المرحوم رسول مامند على حساب الجناح الاخر ..
لذا لم يرشح الدكتور محمود عثمان نفسه لقيادة الحزب. اذ القى رسول مامند التقرير العام للحزب في المؤتمر والذي سادت عليه التوجهات اليسارية ..
اختتم المؤتمر اعمال بانتخاب لجنة مركزية جديدة للحزب بالاقتراع السري المباشر وكانت النتائج التي حصل عليها الفائزين كالتالي:
1. عادل مراد (98) صوتاً
2. رسول مامند (91) صوتاً
3. المقدم طاهر علي والي (89) صوتاً
4. احمد فقي رش (86) صوتاً
5. قادر عزيز (83)
6. سيد كاكه سيد اسماعيل (79) صوتاً
7. محمد رحيم عبد الله (78) صوتاً
8. احمد اسماعيل (ملا ناصح ) (76) صوتاً
9. اللواء عزيز عقراوي ( 75 )
10. قادر جباري (74) صوتا
11. محمد فاتح (70) صوتاً
12. شيركو الشيخ علي (70) صوتاً
13. صالح عثمان (شيروان شيروندي) (69) صوتاً
14. ماموستا امين قادر(65) صوتاً
15. قادر شورش (64) صوتاً
16. سعد عبد الله (64 صوتاً)
17. عبد الخالق زه نكنه (51) صوتاً وفاز كل من (محمد حاجي محمود وعدنان المفتي الذي لم يتمكن من حضور المؤتمر وحسين علي احمد فيلي الذي كان في لندن اثناء انعقاد المؤتمر ووريا بهجت الذي كان في المانيا) كأعضاء احتياط للجنة المركزية للحزب .
كان للحزب الاشتراكي الكردستاني مجموعة من الكوادر الناشطة في الخارج واوربا على وجه التحديد كان ابرزهم السيد عدنان المفتي الذي كان من ابرز البيشمركة لدى القائد غفور ( مامة غفة ) الذي اثنى عليه في المؤتر وطالب اعضائه بالتصويت له لانه كان سليل عائلة العلامة ورجل الدين المعروف في اربيل رشاد المفتي وكان جديرا بتولي المهام القيادية .
كما كان للحزب الاشتراكي الكردستاني مجموعة فاعلة في السويد كان لديها علاقات واسعة مع الجالية الكردية والقوى السياسية الكردستانية والعراقية وكانت موضع تقديرا لدى الجميع منهم (جميل قادر بكر وعبد الرزاق حسين وعمر حمد وازاد طاهر وسربست توفيق وكاروان سعيد وصالح سوروئاري خضر واخرين وفي اميركا كان للسيد اري دياري حامد الجاف نشاط كبير في الوسط الكردي وتمكن من استمالة العديد من الشخصيات الى جانب القضية الكردية ، وفي المانيا كل من الدكتور عادل نعمت فتاح وفاضل كنج علي وآزاد عبد الله وفي بريطانيا صباح يوسف والدكتور جبار ستار وغازي عبد الخالق هورامي وباكو صلاح حامد الجاف وكانت هناك مجموعة ناشطة في الاتحاد السوفيتي اذكر منهم الدكتور بشتوان عبد القادر وكامران قادر شورش وطه رسول ونزار غازي وجلال زرار ويوسف كونجا عزيز سماقلي وآزاد كريم عبد الله وشمال قادر منور وآخرين..
تعرض الحزب الاشتراكي الكردستاني عبر نضاله المرير والمشرف الى العديد من النكسات والكوارث، وقدم مئات الشهداء في ساحات المعارك ضد النظام في بغداد وخلال الحروب الداخلية ..اذا استشهد العشرات في معركة (ده شيتوه ) ومعارك هكاري وسهل اربيل وكويسنجق.. وفي 12/12/1982 .
دفن العديد من خيرة بيشمركة كردستان تحت الثلوج والعواصف على الحدود الايرانية العراقية ومعظمهم كانوا من عوائل مناضلة ومعروفة في السليمانية، اذكر منهم: المقدم طاهر علي والي والملازم عثمان سعيد بك وماموست كمال وكان معهم الشيخ كاوه نجل الشيخ لطيف شيخ محمود الحفيد... وقبلها استشهد من نفس العائلة رؤوف مصطفى بك وباهر احمد فتاح بك.
لقد خسرنا خيرة شبابنا في العديد من المعارك الدموية الداخلية ، التي انعكست سلبا على الحركة التحررية لشعب كردستان .
نستلهم من تأريخ المعارك المشرفة للبيشمركة الابطال ضد رموز النظام البعثي العديد من الدرس والعبر ، حيث سطر الشهد جمال علي بابير خلال المعارك العديدة التي خاضها ضد قوات النظام في مختلف مناطق كردستان العديد من المواقف المشرفة ، كذلك كان للشهيد شيركو الشيخ علي العديد من المأثر ، حيث قاد قبل اشهر من استشهاده ليلة (11/11/1980) مجموعة من مقاتلي البيشمركة الذين نصبوا كمينا بالقرب من فندق ابو سناء بمحافظة السليمانية ، لاغتيال (الملازم محسن) الذي كان انذاك كان احد اهم جلاوزة النظام في المدينة ، وكان مسؤولا عن قتل العشرات من شباب الكورد الثوريين ، الذي كان لا يتوانا عن تنفيذ الاعمال القذرة للنظام في المدينة .
تالفت مفرزة شيركو الشيخ علي من العديد من البيشمركة الاشداء منهم ( خضر علي مه ر كه يي وصالح عبد الرحمن صالح ( المعروف بصالح سور ) وخالد سيكانياني محمود محمد علي والشيخ عبيد وسعيد علي سعيد وخالد جاسه نيي ، اصيب الملازم محسن في ذلك الكمين ونجا باعجوبة.
اعتقل النظام البعثي المئات من كوادر الحزب الاشتراكي الكردستاني منذ تاسيس الحزب ولغاية سقوط النظام ، وفي هذا السياق قام النظام باعدام مجموعة من خيرة كوادر الحزب الاشتراكي الكردستاني عام 22/12/1989
منهم الشهيد مجيد كاكه يي الذي كان مسؤولا عن نقل بريد الحزب بين المكتب السياسي في جبال كردستان ومراكز المدن الكردستانية .
كما نجا المحامي المناضل نضام الدين كلي باعجوبة من الاعدام ، بعد ان قدم درسا في الصمود وتحمل التعذيب الوحشي لجلادي النظام ، الذين عجزو عن انتزاع اي اعتراف منه ، بعد ان تدخلت الشخصية الكردية مكرم طالباني لدى رئيس النظام صدام حسين لمنع تنفيذ حكم الاعدام به .
لم ارشح نفسي للمكتب السياسي رغم كوني قد حصلت على اعلى الاصوات، فأرتأيت المكوث بعيداً عن القيادة الميدانية والصراعات في تلك المرحلة.
اذ اصبح الحزب الاشتراكي الكردستاني جزءاً من الصراع الدائر في كردستان .
في نهاية عام 1992 اجتمعت مع مام جلال في منزل السيد صباح سعيد (نسيب مام جلال) جنوب لندن ، وتبادلت معه الآراء في جو ودي وصريح.. فقررت اثرها العودة الى الاتحاد الوطني الكردستاني بعد ان رجع الاخوان رسول مامند، وعدنان المفتي والشيخ محمد شاكلي واحمد قايه فري ومحسن بايز والقادة السياسيين العسكريين المناضلين المعروفين الاخرين للعمل في صفوف الاتحاد وارتأى عدد اخر من مناضلي الحزب الاشتراكي ادامة العمل في صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني ابرزهم البيشمركة الشجاع سيد كاكه والشهيد سعد عبد الله والمرحوم امين قادر.
في تموزعام 1995 عدت بشكل نهائي الى كردستان واستلمت مسؤولية مكتب الاعلام المركزي للأتحاد الوطني الكردستاني الذي كان يشغله السيد فريدون عبد القادر ، واصبحت رئيساً لتحرير صحيفة (الاتحاد) الصحيفة المركزية للأتحاد الوطني الكردستاني.
عبر الاعضاء القياديين في الاتحاد الوطني الكردستان بما فيهم مام جلال عن سرورهم بعودتي الى كردستان .
وفي سياق النقاط التي لم اكتب عنها ولم يرد ذكرها بالشكل المطلوب .
1/ مفاوضات عام 1984-1985 بين قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني والحكومة العراقية التي فشلت بسبب غطرسة صدام الذي كان مدعوما في حينها من الغرب والشرق .
2/ - الخلافات بين الاتحاد الوطني الكردستاني والجبهة الوطنية الديمقراطيـة العراقية ( جود ) التي تشكلت من الحزب الديمقراطي الكردستاني والحزب الشيوعي العراقي والحزب الاشتراكي الكردستاني وطبيعة العلاقات مع الجبهة الوطنية القومية الديمقراطية ( جوقد ) المكونة من الاتحاد الوطني الكردستاني والبعث الموالي لسوريا والحركة الاشتراكية العربية والقوميين .
3/ ضرورات تشكيل الجبهة الكردستانية عام 1988 الذي انبثق بعد كارثة حلبجة يوم 16/3/1988 واستخدام الاسلحة الكيمياوية ضد قرى وريف كركوك ودهوك وكويسنجق ( شيخ وسانان ودولى جافايَتي ) عامي 1987 و1988 وعمليات التهجير القسري والتدمير ، مرورا بجرائم الانفال ضد الاف من قرى كردستان في كركوك ودهوك ونقل اكثر من (182) ألف مواطن كردي الى جنوب العراق ودفنهم ، احياء في مقابر جماعية مرعبة في السماوة والناصرية وصحاري الحدود السعودية ، ودور الاتحاد في نشوء الجبهة بعد انفتاح قيادة الاتحاد والأمين العام مام جلال على الأحزاب الكردستانية الأخرى والمصالحة التاريخية بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الاشتراكي الكردستاني عام 1986 وتلاه مع الحزب الديمقراطي الكردستاني عام 1987 وتوقيع وثيقة المصالحة والعمل المشترك بين مام جلال والمرحوم إدريس البارزاني في شهر تشرين الأول / أكتوبر 1986 بطهران .
4/ انتفاضة آذار 1991 وتحرير مدن كردستان العراق بدءً من مدينة رانية بوابة الانتفاضة يوم 4/3/1991 وتحرير السليمانية يوم 6-7 من اذار واربيل يوم 11/3/1991 بقيادة المناضل كوسره ت رسول علي وصولا إلى كركوك في 21/3/1991 ، واسباب فشل الانتفاضة والهجرة المليونية ، وما تمخض عنها من فرض الحماية الجوية لقوات التحالـف ( الامريكية والاوربية والعربية ) التي حررت الكويت من الغزو الصدامي البغيض في نهاية شباط 1991 وفرضت حظر الطيران على القوات الجوية العراقية ضمن خط العرض (36) والتي أسفـرت عـن تحريـر ما نسبته ( 65 % ) من مناطق كردستان العراق التي خلقت منطقة آمنة مستقرة .
8- انتخابات كردستان في 19/5/1992 وتشكيل أول حكومة كردستانية شرعية في تاريخ كردستان برئاسة الدكتور فؤاد معصوم ، وتشكيل المجلس الوطني الكردستاني برئاسة السيد جوهر نامق سالم . والتشكيلة الحكومية الكردية الثانية برئاسة المناضل كوسرت رسول علي عام 1993 .
9- لم اكتب عن ذكرياتي خلال استلامي مسؤولية الأعلام المركزي للاتحاد الوطني الكردستاني منذ عام 1995 ولحين مغادرتي مكتب الاعلام متوجها إلى دمشق في تموز 2001 وتسلمي مكتب العلاقات هناك .. ولم اتطرق بشكل تفصيلي الى فترة خروجي وتركي العمل في قيادة الاتحاد عام 1980 ولغاية رجوعي إلى الاتحاد في اذار 1993 بعد الاجتماع بمام جلال في لندن وشقلاوه وحل الاشكالات السياسية والتنظيمية السابقة. ومساهمتي في الكفاح في صفوف الحزب الاشتراكي الكردستاني .
أحداث وذكريات كثيرة لم اكتب عنها على أمل ان أدونها مستقبلا في حلقات مع العشرات من الوثائق النادرة التي مضى عليها ثلاثة عقود ، هي جزء من تاريخ الاتحاد الوطني الكردستاني والحركة الوطنية الكردستانية.
عندما يحين الوقت سأكتب عن ملاحظاتي اثناء لقاءاتي مع الشخصيات السياسية البارزة كالمرحوم الامام روح الله الخميني عام 1978 في باريس ثم في مدينة قم بأيران عام 1979 والرئيس الليبي معمر القذافي في طرابلس عامي 1976و 1985 والشهيد ياسر عرفات الذي التقيته ثلاث مرات 1977،1979،1982 والرئيس الايراني الدكتور ابو الحسن بني صدر بطهران في كانون الثاني 1980 والمرشد الايراني السيد علي خامنئي في شبط 1979 ونيسان 1980 بعد ان ترجمت له خطبه الاسبوعية لأشهر والتي نشرت على الصفحات الاولى لصحيفة السفير اللبنانية التي عملت فيها كمحرر.
كانت لي لقاءات عديدة مع نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام والكثير من المسؤولين الحزبيين والعسكريين السوريين. كان لي لقاءين بالسياسي الروسي البارز يفكيني بريموكوف في بيروت عامي 1977 و 1979 من خلال الدبلوماسي الروسي المخضرم الكسندر زاييف.. وكان لي لقاء ممتع بمعية الدكتور برهم صالح والدكتور خسرو كل محمد مع الشهيد رفيق الحريري في بيروت في منتصف كانون الثاني عام 2002. وكانت لي صداقة طويلة مع الرئيس الاريتيري اسياس افورقي اثناء توليه رئاسة الجبهة الشعبية لتحرير ارتيريا في بيروت. ومع مام جلال التقيت بالامير صباح الاحمد الصباح في الكويت في رمضان 2002 وزرنا ولي العهد سعد العبد الله والامير الاحمد. وفي عام1999 التقيت في امسية جميلة بالرئيس اليمني السابق علي ناصر محمد وقد نظم اللقاء السيد فخري كريم وكانت معنا السيدة هيرو ابراهيم احمد زوجة مام جلال وصديق العمر عدنان المفتي.
واستفدت الكثير اثناء لقاءاتي بالشخصيات التالية: السيد نيل كنك رئيس حزب العمال البريطاني عام1990 والسيد عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية والامريكي ديفيد ويلش والصادق المهدي رئيس حزب الامة السوداني ورئيس حزب الاتحاد الديمقراطي السوداني والشهيد محمد باقر الحكيم والشهيد مهدي الحكيم والشخصية البارزة فخري كريم زه نكنه والمرحوم عبد العزيز الحكيم وعملنا فترة سنة مع السفير بول بريمر خلال مجلس الحكم 2003 كعضو مناوب عن السيد جلال الطالباني وقبلها مساعداً للسيد نوشيروان امين فترة بقائه في بغداد في بداية تشكيل مجلس الحكم والتقيت خلال عملي السياسي بالسادة جورج حاوي سكرتير الحزب الشيوعي اللبناني وجورج حبش ونايف حواتمه والدكتور عبد الرحمن قاسملو والدكتور شرف كندي وملا عبد الله حسن زاده ومعظم قادة حدكاوخالد بكداش ووصال بكداش وابو احمد فؤاد والرئيس سالم البيض وعلي يعته واحمد جبريل وسمير غوشه وحميد درويش السياسي الكردي السوري المخضرم وعبد الله الاحمر الامين العام المساعد لحزب البعث في سوريا وعبد الله اوجلان ومعظم قادة الحزب الشيوعي العراقي ومهدي كروبي ومهدوي كني وعبد السلام جلود وعدد كبير من صناع السياسة في الشرق الاوسط.
يتطلع الاتحاد الوطني الكردستاني وسائر القوى الوطنية الكردستانية والإسلامية والقومية العربية اليوم إلى غد مشرق سعيد ، إلى عراق ديمقراطي فدرالي موحد مسالم بعد الانتصار على الدكتاتورية وإجراء الانتخابات الديمقراطية لاول مرة في تاريخ العراق يوم 30/1/2005 والذي تمخض عن تشكيل الجمعية الوطنية والحكومة الوطنية الانتقالية برئاسة الدكتور ابراهيم الاشيقر الجعفري .. عراق خالي من العنف والإرهاب والكراهية والعنصرية والطائفية وحكم الأقلية . فبعد ثلاثة عقود ، يتطلع الاتحاد الوطني الكردستاني إلى الأمام ويتذكر شهدائه الاماجد الذين عبدوا طريق تحرير العراق بدمائهم الزكية فبعد ثلاثة عقود من الكفاح الثوري المتواصل من مقهى طليطلة في دمشق إلى بغداد يصل مؤسس هذه الحركة مام جلال إلى رئاسة جمهورية العراق بالانتخابات الحرة النزيهة ، ليطبق أفكاره ومبادئه السامية على ارض العراق – أفكاره التي تتلخص في بناء عراق مسالم ديمقراطي برلماني فيدرالي موحد ومزدهر ..
فإلى الحلقة الثانية.
الوثائق المهمة:
1. البيان الاول لأنبثاق الاتحاد الوطني الكردستاني -1/6/1975
2. البلاغ الختامي للمؤتمر الاول للأتحاد الوطني الكردستاني – 16/2/1992
3. البيان الختامي للمؤتمر الثاني للأتحاد الوطني الكردستاني – 8/2/2001
الوثيقة رقم (1)
البيان الأول للأتحاد الوطني الكردستاني
جاءت اتفاقية 6 آذار 1975 الخيانية بين الحكومتين العراقية والايرانية دليلاً جديداً على عجز البرجوازية البيروقراطية العراقية – الشوفينية بطبيعتها – عن حل القضية الكردية حلاً ديمقراطياً عادلاً مثلما اكدت الاحداث التي اعقبتها عجز القيادة العشائرية والبرجوازية اليمينية المساومة وفشلها في قيادة الحركة القومية التحررية للشعب الكردي، واثبتت مجدداً ان الدوائر الاستعمارية وعلى رأسها الامبريالية الامريكية والرجعية الغاصبة لأرض كردستان وفي مقدمتها الحكومة الايرانية ليست الا اعداء الداء للشعب الكردي ولسائر شعوب المنطقة لاتريد لها الا الاستعباد والحرمان من جميع الحقوق القومية والديمقراطية ولا تضمر لها سوى الغدر والشر مهما تفننت في الخداع والتضليل وبرعت في حبك الدسائس وتدبير اللعب الدبلوماسية ومهما تسترت بالبراقع المزركشة.
لقد سطعت من جديد في سماء كردستان – كنجمة هادية – الحقيقة التاريخية التي طالما بشر بها التيار التقدمي الكردستاني حقيقة ان تحرير الشعب الكردي من المظالم الاستعمارية والاضطهاد القومي والاستغلال الطبقي لايتم مطلقاً دون الاستناد الى النضال الجماهيري الثوري المتلاحم مع نضال الجماهير الشعبية العربية في جبهة وطنية متحدة ضد الاستعمار والصهيونية والدكتاتورية. كما برزت من خلال الوقائع والاحداث انه لابد من ان تتكاتف القوى الثورية الكردستانية مع سائر القوى التقدمية والقومية اليسارية في العراق لأنجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية التي يواجهها شعبنا العراقي بقوميته العربية والكردية واقلياته، هذه المهام التي يتصدرها:
أولاً: تحرير العراق الناجز من ربقة قيود الاستعمار الجديد الاقتصادية والسياسية.
ثانياً: انهاء الحكم الدكتاتوري الدموي.
ثالثاً: ايجاد السلطة الوطنية الديمقراطية الائتلافية القادرة على توفير الديمقراطية للشعب العراقي بأسره.
رابعاً: اقرار حق الشعب الكردي في الحكم الذاتي الحقيقي ضمن جمهورية عراقية مستقلة.
خامساً: اجراء الاصلاح الزراعي الجذري لصالح جماهير الفلاحين وتصنيع البلاد واستغلال ثرواتها النفطية والمعدنية لتطوير المجتمع العراقي ومن ثم تهيئة مستلزمات الانتقال الى البناء الاشتراكي.
وتحقيق هذه المهام الخمسة قادر على وضع العراق على درب النضال العربي – الكردي العادل ضد الامبريالية والصهيونية والرجعية وتعبئة طاقات العراق الهائلة وزجها في معركة المصير التي تخوضها الأمة العربية ضد الصهيونية والامبريالية.
ان تنازل الدكتاتورية الحاكمة في بغداد عن حقوق العراق المشروعة في شط العرب وتسليمها بأحتلال النظام الشاهنشاهي الرجعي المتحالف مع الامبريالية لعربستان والجزر العربية الخليجية، وبعدوانه على الشعب العربي في الخليج وتآمره لأجهاض النظام التقدمي في اليمن الديمقراطية الشعبية وقبولها السير في موكب الدول الرجعية الضالعة في ركب الامبريالية واستعدادها لتوقيع معاهدة استعمارية عسكرية جديدة تحت ستار (أمن الخليج) خلافاً لأرادة الشعب العراقي والمصالح الحيوية للأمة العربية – ان ذلك يثبت ان البرجوازية والبيروقراطية العراقية – عاجزة تاريخياً عن حماية الاستقلال الوطني – قد اختارت طريق نوري السعيد لقمع الحركة القومية الكردية وتنصلت نهائياً عن التزاماتها للشعب العراقي والقومية الكردية بإيجاد الحل الديمقراطي للقضية الكردية. والثمن الباهظ الذي دفعته دكتاتورية بغداد للرجعية الايرانية وحليفتها الامبريالية الامريكية لقاء استحصال موافقتها على اخضاع القيادة العشائرية للمخطط الامبريالي الشاهنشاهي – الشوفيني وانهاء الثورة الكردية كان: سيادة العراق والمصالح الحيوية للأمة العربية.
ولم يكن لحكام العراق هدف من وراء ذلك سوى البقاء على دست الحكم واستغلاله لصالحهم مهما كلف غالياً.
لقد فضحت الوقائع التي اعقبت تحالف (الحكم الثوري التقدمي جداً) مع النظام الشاهنشاهي الرجعي طبيعة الدكتاتورية اليمينية المتسلطة في العراق جوهر سياستها الشوفينية تجاه القضية الكردية الذي يتمثل في تهجير مئات الالوف من العمال والفلاحين والمثقفين الاكراد في مناطق مندلي – خانقين – كركوك – شيخان- عين زالة – وسنجار أولاً وتفريغ الحكم الذاتي من محتواه ومضمونه الحقيقي ثانياً ومنع الشعب الكردي عن المساهمة في الحكم المركزي والمحلي ثالثاً وتفتيت الحركة القومية الكردية وسحق قواتها المسلحة رابعاً.
ولم يكن الاعتراف اللفظي بالحكم الذاتي الذي جاء تحت ضغط الاحداث ونضالات شعبنا في آذار 1970 الا ستاراً لتغطية الجوهر الرخيص للسياسة الشوفينية حيال القضية الكردية كما لم يكن اصدار قانون الحكم الذاتي الممسوخ في آذار 1974 الا ستار لتغطية حرب الابادة الوحشية التي شنتها الطغمة الحاكمة ضد شعب كردستان العراق والتي ازيلت فيها المئات من القرى وأبيد الالوف من السكان الآمنين.
ان مواصلة الحكم الدكتاتوري في العراق لسياسة التحالف مع النظام الشاهنشاهي والتودد والتقرب من الامبريالية والتعاون مع الرجعيات العربية وسكوته المطبق عن المؤامرات الاستعمارية والتصفوية التي تدبر ضد الخليج العربي والثورة الفلسطينية ومواصلة الارهاب والاغتيال ضد الحركة الوطنية والديمقراطية والقومية في العراق ومواصلة السياسة الشوفينية ضد القومية الكردية. ان ذلك كله يشكل المؤشرات الحقيقية على اتجاه سيره الحثيث نحو الارتماء التام في احضان المخطط الامبريالي/ الرجعي المعادي للأمة العربية وللشعب الكردي ولسائر شعوب المنطقة وهذا مما يكشف جوهره الحقيقي ويظهر هويته الحقيقية ويحدد نهجه الرجعي وبالتالي فإن النضال ضد الدكتاتورية التي تعيد العراق الى عهد حلف بغداد متسترة خلف شعارات براقة ومتخفية وراء لافتات خداعة واجب وطني وقومي مفروض على جميع القوى المحبة للوطن والحريصة على تقدم الشعب العراقي واستقلاله الوطني وحقه في الديمقراطية وفي مقدمتها العناصر والتيارات التقدمية الكردستانية التي يتعرض شعبها الى سياسة شوفينية رعناء تهدد بالقضاء على القومية الكردية، خاصة وان الدكتاتورية قد اعادت احكام الطوق الاستعماري/ السعيدي المثلث القديم في اعناق الشعب الكردي بتحالفها مع الرجعية الشاهنشاهية والفاشية الطورانية ضد حركته التحررية والديمقراطية.
واذا كانت القيادة العشائرية والبرجواوزية اليمينية للحركة القومية الكردية قد رضخت لمشيئة الامبريالية والرجعية الشاهنشاهية في انهاء الثورة الكردية وفضلت عار الانهزامية ومذلة الهروب من كردستان على شرف الاستبسال ومجد المقاومة في ارض الوطن ان شعبنا مصمم على مواصلة النضال الثوري حتى يتحقق الهدف الاساسي المتبلور في الشعار المعروف "الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان" رغم الصعوبات والتعقيدات التي تواجه مناضليه البواسل ومهما كانت الظروف والاحوال سيئة.
واننا اذا نتشرف بالاعلان عن تصميم مناضلي شعبنا على مواصلة النضال الثوري المنظم في صفوف الجماهير الشعبية ضمن اتحاد وطني كردستاني نؤكد من جديد على النهج الجماهيري الثوري الذي نسير عليه في كفاحنا المشترك مع القوى القومية والتقدمية في العراق ضد الامبريالية والصهيونية والدكتاتورية وعلى رفضنا القاطع للأتجاهات الانعزالية القومية واليمينية والاتكالية مع شجبنا الشديد للأساليب العشائرية والبرجوازية اليمينية والرجعية في النضال ولدعوات التعاون والتودد من الاوساط الرجعية والمشبوهة.
اننا عاقدون العزم على مواصلة النضال الثوري الطويل الامد بالاعتماد على قوى جماهير شعبنا الخلاقة اساساً وبالتعاون الوثيق والتلاحم الكفاحي الجاد مع القوى التقدمية العربية وبرؤيا واضحة وادراك عميق لحقيقة ان الامبريالية والصهيونية والرجعيات الشاهنشاهية والطورانية والعربية الشوفينية والرجعية الكردية العميلة تعتبر العدوة الرئيسية الاولى لحركة شعبنا الكردي التحررية، نشن ضدها النضال المتواصل والدؤوب دون مساومة او تهاون او تأجيل. بينما تعتبر قوى الثورة العربية وحركات التحرر الوطني في العالم الثالث والقوى الاشتراكية والعمالية والثورية في العالم حليفتنا الرئيسية، لذلك نسعى لأقامة أمتن علاقات التضامن والتعاون وتعزيز تلاحمنا الكفاحي معها.
اننا نؤكد تضامننا الكفاحي ودعمنا المطلق للأمة العربية في نضالها المجيد الذي يمتاز بأهمية تاريخية عظمى في الثورة العالمية المعاصرة من اجل تحرر وتوحيد الأمة العربية على اسس تقدمية وديمقراطية وفي نضالها المشروع لتحرير فلسطين من الاستعمار الاستيطان الصهيوني واقامة الدولة الديمقراطية الفلسطينية. ونؤكد تضامننا النضالي ومساندتنا التامة لنضال الشعب الكردي في كردستان تركيا وكردستان ايران ضد الطورانية والرجعية الشاهنشاهية ومن اجل تحقيق التحرر الوطني والديمقراطي الناجز في هذين البلدين واستحصال حق شعبنا الكردي في تقرير المصير بالشكل الذي ترغب فيه جماهيره. ان الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يسعى لتنظيم قوى الثورة الكردية الوطنية والديمقراطية بشكل اتحاد وطني ديمقراطي يسمح بتعايش التيارات التقدمية واتحادها النضالي المتين تحت قيادة الطليعة الثورية الكردستانية – التي ستتولد حتماً- يبعث بتحياته النضالية الحارة الى الثورة الفلسطينية المجيدة ويشد من ازرها والى الثورة الشعبية في ظفار واريتريا والى مناضلي شعبنا الكردي في كردستان تركيا وايران وسائر انحاء كردستان والى القوى التقدمية والثورية في ايران وتركيا للأعراب عن تضامننا النضالي معها.
ان الاتحاد الوطني الكردستاني المؤمن بأن الحركة القومية للشعب الكردي حركة تاريخية موضوعية لاينتهي نضالها التحرري الا بتحقيق جميع اهدافها القومية والديمقراطية، سيواصل الكفاح لتنظيم جميع العناصر والهيئات التقدمية والثورية الكردستانية ولأستنهاض وتعبئة جماهير شعبنا لمواصلة المسيرة الثورية التي بدأتها جماهير شعبنا الكردي لتحقيق الديمقراطية في العراق والحكم الذاتي الحقيقي لكردستان ولمساندة نضالات جماهير امتنا الكردية في سائر انحاء كردستان من اجل استحصال حقوقها القومية والديمقراطية.
ياجماهير شعبنا الكردي، ايها المناضلون والتقدميون الواعون: ان التفافكم حول الاتحاد الوطني الكردستاني وانتظامكم في صفوفه لمواصلة النضال الثوري المنظم هو الرد الحاسم على المؤامرة الاستعمارية – الشاهنشاهية – الشوفينية العراقية للقضاء على الثورة الكردية خصوصاً وحركة شعبنا الكردي عموماً، كما هو التعبير المنطقي المطلوب عن غضبكم واستنكاركم لأنهزامية القيادة العشائرية وافلاسها السياسي والعسكري والفكري ورضوخها لمشيئة الامبريالية الرجعية الايرانية في انهاء الثورة الكردية التي قدمت جماهير شعبنا في سبيل انتصارها بكرم وسخاء ما لا يحصى ولا يعد من التضحيات والفداء.
1/6/1975
الهيئة المؤسسة
للأتحاد الوطني الكردستاني
الوثيقة رقم (2)
البلاغ الختامي للمؤتمر الأول للأتحاد الوطني الكردستاني
تحت شعار لنصن وحدة صفوفنا ونقوي الجبهة الكردستانية، نناضل من اجل حق تقرير المصير للشعب الكردي والمساواة واحترام حقوق الانسان في عراق ديمقراطي.
عقد المؤتمر الاول العام للأتحاد الوطني الكردستاني بتاريخ 27/1/1992م في قاعة الثقافة الجماهيرية بمدينة السليمانية، وبدأت مراسم افتتاح المؤتمر بالوقوف دقيقة واحدة اجلالاً لأرواح شهداء كردستان وشهداء درب الحرية والديمقراطية والمساواة واحترام حقوق الانسان في كل ارجاء العالم.
بعد ذلك رحبت اللجنة التحضيرية للمؤتمر بالضيوف والوفود المشاركة واعضاء المؤتمر من ممثلي تنظيمات الاتحاد الوطني في كردستان والشرق الاوسط واوربا وامريكا الشمالية وكندا وكان عددهم (793) عضواً و (72) مشاركا بصفة مراقب.
وحضرت مراسم افتتاح المؤتمر وفود تمثل عشرات الاحزاب والجمعيات والمؤسسات الكردية والكردستتانية والعراقية والعربية والعمالية من الشرق الاوسط واوربا وامريكا الشمالية وكندا، والقى كل وفد خطابات التهنئة للمؤتمر عبروا فيه عن تضامنهم مع المطاليب المشروعة للشعب الكردي ونضال الاتحاد الوطني الكردستاني. وبعد انتهاء مراسم افتتاح المؤتمر ومغادرة الضيوف والوفود الرسمية باشر المؤتمر اعماله في جلسات مغلقة، حيث استمع المؤتمرون في الجلسة الاولى الى تقرير الامين العام للأتحاد الوطني الكردستاني الذي قوبل بترحيب المؤتمرين. تضمن تقرير الامين العام للأتحاد الوطني الكردستاني تقييماً شاملاً ودقيقاً للأوضاع الراهنة في كردستان والمنطقة والعالم، وحدد المبدأ النضالي والواجبات الحالية للمؤتمر، بعدها قدم كل من مكاتب التنظيم والادارة والمالية والمكتب العسكري والاعلام والعلاقات الخارجية تقاريره الى المؤتمر.
وبتاريخ 29/1/1992 ارجأ المؤتمر اعماله بسبب الرحيل المفاجيء للأخ المناضل عمر مصطفى الذي وافته المنية بالسكتة القلبية في قاعة المؤتمر. ثم استأنف المؤتمر اعماله بعد ظهر يوم الثاني من شهر شباط عام1992 في قاعة ميديا بمدينة اربيل. حيث تم انتخاب لجنة لأدارة اعمال المؤتمر، وانبثقت عن المؤتمر لجان فرعية انيطت بها مهمة اعادة التقارير الخاصة لمناقشات ومداولات هيئات ومكاتب: التقرير السياسي، التنظيم والمنهاج الداخلي، برنامج انتخابات المجلس الوطني، الاعلام العلاقات الخارجية، الادارة والمالية، الشكاوي والمتابعة، الشؤون العسكرية (بشمه ركايه تي). وناقشت اللجان الفرعية للمؤتمر تقارير المكاتب بصورة مفصلة ودقيقة، واضافت اليها مجموعة من المقترحات، وعرضتها على المؤتمرين في الجلسات العامة. حيث تم اقرارها من قبل اعضاء المؤتمر بعد اجراء التعديلات عليها. واتخذ المؤتمر الاول العام للأتحاد الوطني الكردستاني عدداً من القرارات، ومن أهم تلك القرارات قرار بتوحيد تنظيمات عصبة كادحي كردستان واتحاد الثوريين الكردستانيين والخط العام. وبهذه الخطوة الهامة تحققت الآمال العريضة التي ظلت تعاود القطاعات الواسعة داخل الاتحاد الوطني الكردستاني بتوحيد اتحادهم المناضل ضمن تنظيم واحد وقيادة واحدة وبرنامج ومنهاج داخلي موحد.
كا وأقر المؤتمر مبدأ ارساء القاعدة الديمقراطية داخل تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني، وتم ادارج هذا القرار في المنهاج الداخلي للأتحاد، بحيث يتم من الآن فصاعداً الأبجدة التنظيمية في الفروع والى اللجنة القيادية، من خلال انتخابات حرة ومباشرة. كما وأولى المؤتمر اهتماماً خاصاً بانتخابات المجلس الوطني المرتقب لكردستان.
وأوصى تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني ببذل قصارى جهدها وبمساعدة ومشاركة كافة اطراف الجبهة الكردستانية من اجل التوصل الى اجراء انتخابات حرة ديمقراطية ناجحة لقيادة كفوءة وقادرة على حفظ الأمن والاستقرار في المناطق المحررة من كردستان تأخذ على عاتقها مهمة تلبية احتياجات الحياة اليومية لأفراد المجتمع.
كما وأقر المؤتمر مبدأ مواصلة النضال الدؤوب من اجل تحقيق الحقوق الديمقراطية والثقافية للأقليات القومية الموجودة في كردستان، وحفظ اللغة والآداب والثقافة والتقاليد الاجتماعية للتركمان والآشوريين والعرب، والاهتمام بها وتطويرها.
وبالنسبة للعلاقات الخارجية، قرر المؤتمر تجسيد نهج التضامن وتوحيد النضال مع القوى الديمقراطية والتقدمية في كردستان والمنطقة، وخاصة قوى المعارضة العراقية والصديقة للشعب الكردي في كل ارجاء العالم. من اجل تحقيق الديمقراطية والسلام واحترام حقوق الانسان ومناهظة الدكتاتورية والشوفينية، والرجعية والارهاب، ومن اجل حق تقرير المصير والمساواة والتعايش مع الشعوب بسلام، ومقارعة الاضطهاد القومي والطبقي والديني.
كما واتخذ المؤتمر قرار ينص على تثبيت مبدأ الاشتراكية الديمقراطية، في البرنامج والمنهاج الداخلي للأتحاد، فالاتحاد الوطني الكردستاني يناضل من اجل المساواة والعدالة الاجتماعية والقضاء على الاضطهاد القومي وازالة كل ظواهر استغلال الانسان لأخيه الانسان، كما يسعى الاتحاد الى ايجاد حلول للمشاكل الاجتماعية التي تواجه الشعب الكردي وسد احتياجات المواطنين الحياتية. وقرر المؤتمر الاول للأتحاد الوطني الكردستاني تشكيل اجهزة ومكاتب خاصة في امور وشؤون الادارة والمالية والاعلام والعلاقات الخارجية والتنظيمات والشؤون العسكرية (البيشمركايتي) وان تكون نشاطاتها ضمن نطاق الاعمال والمهام المناطة بها وبالتعاون معاً لتطوير وتيسير تلك الأعمال والمهام وتنفيذها.
واتخذ المؤتمر الأول للأتحاد الوطني الكردستاني قراراً بخصوص مشردي كردستان الذين ارغموا على ترك ديارهم ومناطق سكناهم، وابعدوا وهجروا، وشردوا من ارض آبائهم، واماكن عملهم، وخاصة الاخوة الكردستانيين، حيث قرر المؤتمر ان تولي تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني اهتماماً خاصاً وجدياً بضحايا هذه المحنة والسعي لأعادتهم الى مناطق سكناهم وتعويضهم تعويضاً عادلاً ومشرفاً.
وتقدم المؤتمرون بالشكر والامتنان الى الدول والحكومات والمنظمات الانسانية التي مدت يد العون الى الشعب الكردي اثناء المحن والمصائب التي ألمت به ومحاولة ابادته.
وشكروا على وجه الخصوص ايران وتركيا وسوربا، عندما فتحت حدودها لأيواء مشردي كردستان. لقد تميزت اعمال ومناقشات المؤتمر الاول العام للأتحاد الوطني الكردستاني بطابعها الديمقراطي، حيث تدارك المؤتمرون وناقشوا المواضيع المطروحة امام المؤتمر بكل صراحة وحرية، وتم الاتفاق وبالاجماع على ضرورة صيانة حقوق الاتحاد ومواصلة النضال الدؤوب من اجل تنفيذ قرارات المؤتمر.
وفي يوم 14/2/1992 انهى المؤتمر الاول العام للأتحاد الوطني الكردستاني اعماله بأنتخاب قيادة جديدة مكونة من (17) عضواً و (6) اعضاء احتياط. وغادر المشاركون قاعة المؤتمر الى مناطق نضالهم ببرنامج ومناهج جديدين ومقررات هامة منسجمة مع الاوضاع الراهنة، وبروحية الاحساس العالي بالمسؤولية والاقرار على ادامة النضال من اجل قضية الشعب والوطن.
اللجنة القيادية للأتحاد الوطني الكردستاني
16 شباط 1992
الوثيقة رقم (3)
البيان الختامي للمؤتمر الثاني للاتحاد الوطني الكردستاني
عقد الاتحاد الوطني الكردستاني خلال الفترة من 30/1/2001 الى 5/2/2001 مؤتمره الثاني بنجاح في اجواء سادتها الحرية والديمقراطية، ناقش المؤتمرون البالغ عددهم (1247) عضواً مثلوا تنظيمات ومؤسسات الاتحاد الوطني الكردستاني جميع البرامج والمواضيع المطروحة في المؤتمر واتخذوا بصددها القرارات والتوصيات الملائمة.
افتتح المؤتمر بنشيد المشاعل ثم الوقوف دقيقة صمت اجلالاً وتقديراً لارواح شهداء الاتحاد الوطني الكردستاني وبعد انتخاب هيئة رئاسة المؤتمر وسط استقبال حماسي وتصفيق متواصل انتخب المؤتمرون مام جلال رئيساً للمؤتمر وفي مستهل الجلسة تلا مام جلال السكرتير العام للاتحاد الوطني الكردستاني النص الكامل للتقرير الذي كان شاملا ووافيا، سلط الضوء على جميع الاحداث الهامة التي مرت بكردستان العراق والمنطقة، وحدد فيه ملامح الاحداث بسلبياتها وايجابياتها. اعقب ذلك اعادة انتخاب مام جلال وسط جو مفعم بالحب والامل سكرتيراً عاما للحزب جرى ذلك بشعور عال بالمسؤولية وبحب للمؤتمرين لشخص السكرتير العام وتم الانتخاب بالاجماع، ومن ثم شكلت هيئة الرئاسة عددا من اللجان التي توزع الاعضاء عليها حسب الرغبة والاختصاص، وكانت اللجان هي: لجنة تقييم تقرير السكرتير العام، ولجنة برنامج الحزب ونظامه الداخلي، ولجنة شؤون البيشمركة، ولجنة القرارات والتوصيات،ولجنة الشكاوى، واللجنة المالية، وخلال يومين متتاليين، وفي اربع جلسات مطولة، جرى مناقشة تقارير اللجان مناقشة مستفيضة من جميع جوانبها وموضوعاتها، وكانت مشاركة اعضاء المؤتمر في اللجان المنبثقة عن المؤتمر فاعلة ولافتة للنظر، دلت على حرصهم الشديد في ابداء وجهات نظرهم واجراء التعديلات التي يرتأونها وباعداد جيد قدمت مسودة المشاريع الى المؤتمر واستمرت النقاشات وتبادل الآراء والتوصيات ليومين آخرين، ومن ثم اصدرت القرارات اللازمة بشأنها .
كان تقرير السكرتير العام الذي تمت المصادقة عليه بالاجماع بعد مناقشات مطولة استمرت ساعات، قد اعتمد كأساس ومنهاج لقرارات المؤتمر والساسة المستقبلية للاتحاد الوطني الكردستاني. ان الظروف الراهنة لعالمنا اليوم والمتغيرات الدولية في جميع مجالات الحياة، قد هيأت لنا فرصة مناسبة لمواصلة السعي جنبا الى جنب المساعي العالمية لتعزيز وترسيخ مفاهيم حقوق الانسان والديمقراطية والتسامح، سواء لنشر أماني ومطاليب شعبنا المشروعة، ام لتثبيتها، كما يجب ان نستفيد من العولمة التي اصبحت موضوع العصر، لأنه من الافضل لشعبنا وقضيته ان يتحرر من قيود الظروف الجيوسياسية السيئة، بشرط ان توجه المساعي من اجل ان لاتقع كردستان في معترك وزحمة الجغرافيا الاقتصادية والصناعية والثقافية لهذه الظاهرة. بالنسبة للمنطقة وكونها مليئة بالمشاكل والخلافات، وخاصة القضية الفلسطينية، القضية العراقية والقضية الكردية، اضافة الى القضايا المزمنة بين الدول المجاورة والتي بقيت على حالها بشكل من الاشكال وافرزت ظروفاً معقدة، لذا علينا ان لانفسح المجال كي تصبح كردستان العراق جزءاً من الصراعات الموجودة بين هذه الدول، وان نسعى لتنمية علاقاتنا مع دول الجوار بشكل طبيعي، وان تكون علاقاتنا مع بقية دول المنطقة والبلدان البعيدة، في نمو مستمر وموجهة نحو تطوير الاخوة الكردية – العربية ووحدة النضال، وان نولي اهمية خاصة بتعزيز العلاقات مع البلدان والاحزاب والحكومات العربية، على اساس من الاخوة ووحدة النضال المشترك. وفي العراق فأن الاتحاد الوطني الكردستاني يناضل مع جماهير الشعب العراقي كافة كرد وعرب وتركمان وآشوريين، لبناء عراق ديمقراطي برلماني فيدرالي وتعددي وان الاتحاد الوطني الكردستاني ليس مع تجزئة وتقسيم العراق والانفصال بأي شكل من الاشكال، بل ينشد وحدة اراضي العراقية وحمايتها، ولن يشارك في اية مخططات اجنبية تحاك ضد العراق، وانما يناضل الى جانب الجماهير والقوى السياسية العراقية لتحقيق اماني واهداف الشعب العراقي في سبيل الحرية والديمقراطية.
ان الاتحاد الوطني الكردستاني يدعو الى السلام مع الجميع، وعدم اثارة المشاكل والفتن بأي شكل من الاشكال في العراق، لكنه يساند النضال الجماهيري المنظم، وفي الوقت نفسه يقف ضد سياسة التطهير العرقي والسياسة العنصرية والدكتاتورية التي تمارسها السلطات العراقية، والتي بأستمرار تقوم بأبعاد وتهجير عشرات الالوف من العوائل والاسر الكردية، من على ارض آبائهم واجدادهم، قسراً في محافظات كركوك وديالى وصلاح الدين والموصل واربيل. كما يقف ضد الجرائم والاعمال غير المشروعة التي ارتكبت بحق الكرد الفييلين. كما يسعى الاتحاد الوطني الكردستاني وبكل الطرق لفضح الجرائم والممارسات الشائنة التي تنفذ ضد المدنيين الابرياء من ابناء شعبنا ومناطقهم، وحماية البيئة عبر المحافظة على نقاء الطبيعة، وابعاد المنطقة عن شبح التلوث البيئي والحروب.
وعلى مستوى كردستان العراق والفرصة التي تهيأت لشعبنا، تم التاكيد على ان تسخر جميع المساعي والجهود من اجل إنجاح تجربتنا الديمقراطية وحماية كردستان، والسعي العقلاني من اجل الاستفادة من قرار الامم المتحدة المرقم 986 لخدمة كردستان وشعبنا، بترميم البنى التحتية، مثل تطوير الزراعة والمشاريع الاروائية والمؤسسات الصناعية واعادة تشغيل المصانع المعطلة، والاهتمام بالصحة والتعليم العالي، والخدمات التي تحسن حياة السكان، والاهتمام بالثقافة والفنون والصحافة والطباعة والنشر، واعتماد سياسة الاقتصاد الحر والتجارة الحرة.
نحن حينما نطالب بالديمقراطية للعراق، علينا ضمان افضل صيغ الديمقراطية وتأمين حرية الفرد داخل المجتمع اي ننظر الى مشاكل وهموم واماني الفرد وفق المفاهيم العصرية ومعالجة مشاكل الفرد وتأمين الحرية له. بالنسبة الى الوضع الداخلي لكردستان العراق والاقتتال الداخلي، كما اوضحه تقرير الاخ السكرتير العام للأتحاد الوطني الكردستاني، فأن المؤتمر اعتبره اقتتالا غير مشروع، وكارثة مليئة بالفواجع فرضت على شعبنا والحقت خسائر انسانية ومادية وسياسية كبيرة بالكردايتي ونضال الشعب الكردي وقواه وسمعته على الصعد الداخلية والاقليمية والدولية لذا اعار المؤتمرالاهمية الكبرى بضرورة تحديد اسباب اندلاع هذا الاقتتال واستمراره ولكي يبادر الى معالجته وعدم تكراره، بل وازالة آثاره .. وفي هذا المجال على الاتحاد الوطني الكردستاني ان يعترف وبشجاعة بنصيبه من الاخطاء التي ادت الى اندلاع الاقتتال، وعدم معالجته بسرعة، لأنه ليس من الصواب والانصاف ان نحمل الحزب الديمقراطي الكردستاني المسؤولية كاملة، او ان يحملنا الحزب الديمقراطي الكردستاني تلك المسؤولية كاملة، بل ان كلا الجانبين كان لهما نصيبهما من الاخطاء والتقصير، وان كليهما لم يبذلا المحاولات اللازمة لمعالجتها بشكل جدي وصحيح. لاشك في انه ومن اجل ان نصل الى الحل الصحيح ينبغي ان نفهم ان حقيقة الخلافات بيننا هي خلافات داخل صفوف الشعب الواحد، ويجب حلها بالحوار الاخوي لأن اي طرف لن يكون منتصراً او خاسراً لوحده، بل ان كلا الطرفين يعتبران خاسرين، لذا يجب عدم اللجوء الى السلاح مطلقاً وتحت اي ظرف كان.
ان الاتحاد الوطني الكردستاني يؤكد على التزامه باتفاقية واشنطن للسلام المعقودة يوم 17-9-1998م ويرى انه من الضروري الاسراع في تفعيل المجلس الانتقالي، بغية تنفيذ الخطوات الاخرى بصورة عادية..
ومن اجل تنمية اوجه التعاون وتلطيف الاجواء السياسية في كردستان العراق، يجب الاهتمام بتطوير العلاقات مع الاحزاب المتحالفة والاصدقاء الآخرين، كي تكون افضل وذات تأثير اكثر ومن جميع الوجوه. بالنسبة للحياة التنظيمية داخل الاتحاد الوطني الكردستاني علينا ان نعمل من اجل تطوير الحياة الديمقراطية في صفوفه، كي يتم تبادل الآراء بكل حرية وتظهر الحقائق بكل وضوح، ونحدد النواقص ونعالجها. وفي عملية تطوير التنظيم وتوسيعه، علينا ان نؤكد على النوعية وليس الكمية، لذا من الضروري ان يشمل جميع المراكز والمؤسسات عملية واسعة للتوعية الفكرية والتنظيمية. وبهذا الصدد فأن المؤتمر قد اعار الاهتمام بمسألة خدمة وتنظيم مواطني النواحي والاحياء الفقيرة داخل المدن، التي كانت دوماً سنداً للبيشمركة وخلايا التنظيمات السرية، وكذلك خدمة الجماهير المكافحة والفقيرة، والمرحلين وعوائل المؤنفلين من ابناء شعبنا، لتحسين ظروفهم المعيشية ومعالجة مشاكلهم.. وشكل الاهتمام بالمعوقين وذوي الشهداء وبمآثرهم وبعوائلهم جزءاً من اهتمامات المؤتمر حيث اصدر في هذا المجال عدة قرارات. كما ان الاهتمام بدور النساء وحل مشاكلهن في المجتمع، كان موضع اهتمام ونقاش ومقررات وتوصيات المؤتمر، كي يكون بأستطاعتهن، ووفق برنامج نسائي متعدد الجوانب ان يلعبن دوراً مؤثراً في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمع.
ان المؤتمر قد اعطى اهتماماً كبيراً بالمنظمات الديمقراطية والجماهيرية والمهنية والنقابات، واصدر العديد
من القرارات والتوصيات بهذا الشأن، واحتضن المؤتمر مسائل تطوير حركتها ودورها في المجتمع، كي تصبح اضافة الى واجباتها الديمقراطية والمهنية، مكاناً لتنشئة الالاف من الكوادر النشيطة والكفوءة في صفوف تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني كما واهتم المؤتمر وبشكل خاص بتنمية مراكز الشبيبة والنوادي الاجتماعية في اغلب كردستان وشكلت البيشمركة والتنظيم الحديث وانواع مراكز التدريب والتربية والتوعية والظروف الحياتية قسماً من برنامج المؤتمر. وتقرر عقد كونفرانس عسكري بأسرع وقت لهذا الغرض. وبعد التحقيق في نتائج اعمال جميع اللجان الاخرى، والنظر في الشكاوى والتقرير المالي، وانتهاء عملية انتخاب اللجنة القيادية للأتحاد الوطني الكردستاني، وفرز الاصوات بشكل قانوني وبأشراف عدد من الحكام الممارسين، والاعلان عن اللجنة القيادية الجديدة للأتحاد الوطني الكردستاني، وبعد ان ادى اعضاء المؤتمر مهامهم كافة بنجاح تام، عادوا الى ممارسة واجباتهم الادارية والنضالية والكفاحية، وبهذا الشكل اصبح المؤتمر الثاني للأتحاد الوطني الكردستاني مهرجاناً اخوياً وسياسياً وثقافياً كبيراً لتطوير الاتحاد الوطني الكردستاني، والتجربة الديمقراطية لشعبنا. جدير بالذكر ان عدد المشاركات في المؤتمر كان ثلاثة وتسعين امرأة، وان اعمار المشاركين كانت وفق الترتيب الآتي:
مواليد 1920 الى 1929، 7 مشاركين
مواليد 1930 الى 1939، 20 مشاركا
مواليد 1940 الى 1949، 134 مشاركا
مواليد 1950 الى 1959، 368 مشاركا
مواليد 1960 الى 1969، 520 مشاركا
مواليد 1970 الى 1979، 191 مشاركا
مواليد 1980 ، 7 مشاركين
فتحية الى الاواح الطاهرة لشهداء الاتحاد الوطني الكردستاني وشعبنا.
اللجنة القيادية للأتحاد الوطني الكردستاني
8/2/2001م
للاتصال :
يرجى الكتابة على العنوان الإلكتروني التالي :
Adelmurad49@yahoo.com
فإلى الحلقة الثانية.
الوثائق المهمة:
1. البيان الاول لأنبثاق الاتحاد الوطني الكردستاني -1/6/1975
2. البلاغ الختامي للمؤتمر الاول للأتحاد الوطني الكردستاني – 16/2/1992
3. البيان الختامي للمؤتمر الثاني للأتحاد الوطني الكردستاني – 8/2/2001
الوثيقة رقم (1)
البيان الأول للأتحاد الوطني الكردستاني
جاءت اتفاقية 6 آذار 1975 الخيانية بين الحكومتين العراقية والايرانية دليلاً جديداً على عجز البرجوازية البيروقراطية العراقية – الشوفينية بطبيعتها – عن حل القضية الكردية حلاً ديمقراطياً عادلاً مثلما اكدت الاحداث التي اعقبتها عجز القيادة العشائرية والبرجوازية اليمينية المساومة وفشلها في قيادة الحركة القومية التحررية للشعب الكردي، واثبتت مجدداً ان الدوائر الاستعمارية وعلى رأسها الامبريالية الامريكية والرجعية الغاصبة لأرض كردستان وفي مقدمتها الحكومة الايرانية ليست الا اعداء الداء للشعب الكردي ولسائر شعوب المنطقة لاتريد لها الا الاستعباد والحرمان من جميع الحقوق القومية والديمقراطية ولا تضمر لها سوى الغدر والشر مهما تفننت في الخداع والتضليل وبرعت في حبك الدسائس وتدبير اللعب الدبلوماسية ومهما تسترت بالبراقع المزركشة.
لقد سطعت من جديد في سماء كردستان – كنجمة هادية – الحقيقة التاريخية التي طالما بشر بها التيار التقدمي الكردستاني حقيقة ان تحرير الشعب الكردي من المظالم الاستعمارية والاضطهاد القومي والاستغلال الطبقي لايتم مطلقاً دون الاستناد الى النضال الجماهيري الثوري المتلاحم مع نضال الجماهير الشعبية العربية في جبهة وطنية متحدة ضد الاستعمار والصهيونية والدكتاتورية. كما برزت من خلال الوقائع والاحداث انه لابد من ان تتكاتف القوى الثورية الكردستانية مع سائر القوى التقدمية والقومية اليسارية في العراق لأنجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية التي يواجهها شعبنا العراقي بقوميته العربية والكردية واقلياته، هذه المهام التي يتصدرها:
أولاً: تحرير العراق الناجز من ربقة قيود الاستعمار الجديد الاقتصادية والسياسية.
ثانياً: انهاء الحكم الدكتاتوري الدموي.
ثالثاً: ايجاد السلطة الوطنية الديمقراطية الائتلافية القادرة على توفير الديمقراطية للشعب العراقي بأسره.
رابعاً: اقرار حق الشعب الكردي في الحكم الذاتي الحقيقي ضمن جمهورية عراقية مستقلة.
خامساً: اجراء الاصلاح الزراعي الجذري لصالح جماهير الفلاحين وتصنيع البلاد واستغلال ثرواتها النفطية والمعدنية لتطوير المجتمع العراقي ومن ثم تهيئة مستلزمات الانتقال الى البناء الاشتراكي.
وتحقيق هذه المهام الخمسة قادر على وضع العراق على درب النضال العربي – الكردي العادل ضد الامبريالية والصهيونية والرجعية وتعبئة طاقات العراق الهائلة وزجها في معركة المصير التي تخوضها الأمة العربية ضد الصهيونية والامبريالية.
ان تنازل الدكتاتورية الحاكمة في بغداد عن حقوق العراق المشروعة في شط العرب وتسليمها بأحتلال النظام الشاهنشاهي الرجعي المتحالف مع الامبريالية لعربستان والجزر العربية الخليجية، وبعدوانه على الشعب العربي في الخليج وتآمره لأجهاض النظام التقدمي في اليمن الديمقراطية الشعبية وقبولها السير في موكب الدول الرجعية الضالعة في ركب الامبريالية واستعدادها لتوقيع معاهدة استعمارية عسكرية جديدة تحت ستار (أمن الخليج) خلافاً لأرادة الشعب العراقي والمصالح الحيوية للأمة العربية – ان ذلك يثبت ان البرجوازية والبيروقراطية العراقية – عاجزة تاريخياً عن حماية الاستقلال الوطني – قد اختارت طريق نوري السعيد لقمع الحركة القومية الكردية وتنصلت نهائياً عن التزاماتها للشعب العراقي والقومية الكردية بإيجاد الحل الديمقراطي للقضية الكردية. والثمن الباهظ الذي دفعته دكتاتورية بغداد للرجعية الايرانية وحليفتها الامبريالية الامريكية لقاء استحصال موافقتها على اخضاع القيادة العشائرية للمخطط الامبريالي الشاهنشاهي – الشوفيني وانهاء الثورة الكردية كان: سيادة العراق والمصالح الحيوية للأمة العربية.
ولم يكن لحكام العراق هدف من وراء ذلك سوى البقاء على دست الحكم واستغلاله لصالحهم مهما كلف غالياً.
لقد فضحت الوقائع التي اعقبت تحالف (الحكم الثوري التقدمي جداً) مع النظام الشاهنشاهي الرجعي طبيعة الدكتاتورية اليمينية المتسلطة في العراق جوهر سياستها الشوفينية تجاه القضية الكردية الذي يتمثل في تهجير مئات الالوف من العمال والفلاحين والمثقفين الاكراد في مناطق مندلي – خانقين – كركوك – شيخان- عين زالة – وسنجار أولاً وتفريغ الحكم الذاتي من محتواه ومضمونه الحقيقي ثانياً ومنع الشعب الكردي عن المساهمة في الحكم المركزي والمحلي ثالثاً وتفتيت الحركة القومية الكردية وسحق قواتها المسلحة رابعاً.
ولم يكن الاعتراف اللفظي بالحكم الذاتي الذي جاء تحت ضغط الاحداث ونضالات شعبنا في آذار 1970 الا ستاراً لتغطية الجوهر الرخيص للسياسة الشوفينية حيال القضية الكردية كما لم يكن اصدار قانون الحكم الذاتي الممسوخ في آذار 1974 الا ستار لتغطية حرب الابادة الوحشية التي شنتها الطغمة الحاكمة ضد شعب كردستان العراق والتي ازيلت فيها المئات من القرى وأبيد الالوف من السكان الآمنين.
ان مواصلة الحكم الدكتاتوري في العراق لسياسة التحالف مع النظام الشاهنشاهي والتودد والتقرب من الامبريالية والتعاون مع الرجعيات العربية وسكوته المطبق عن المؤامرات الاستعمارية والتصفوية التي تدبر ضد الخليج العربي والثورة الفلسطينية ومواصلة الارهاب والاغتيال ضد الحركة الوطنية والديمقراطية والقومية في العراق ومواصلة السياسة الشوفينية ضد القومية الكردية. ان ذلك كله يشكل المؤشرات الحقيقية على اتجاه سيره الحثيث نحو الارتماء التام في احضان المخطط الامبريالي/ الرجعي المعادي للأمة العربية وللشعب الكردي ولسائر شعوب المنطقة وهذا مما يكشف جوهره الحقيقي ويظهر هويته الحقيقية ويحدد نهجه الرجعي وبالتالي فإن النضال ضد الدكتاتورية التي تعيد العراق الى عهد حلف بغداد متسترة خلف شعارات براقة ومتخفية وراء لافتات خداعة واجب وطني وقومي مفروض على جميع القوى المحبة للوطن والحريصة على تقدم الشعب العراقي واستقلاله الوطني وحقه في الديمقراطية وفي مقدمتها العناصر والتيارات التقدمية الكردستانية التي يتعرض شعبها الى سياسة شوفينية رعناء تهدد بالقضاء على القومية الكردية، خاصة وان الدكتاتورية قد اعادت احكام الطوق الاستعماري/ السعيدي المثلث القديم في اعناق الشعب الكردي بتحالفها مع الرجعية الشاهنشاهية والفاشية الطورانية ضد حركته التحررية والديمقراطية.
واذا كانت القيادة العشائرية والبرجواوزية اليمينية للحركة القومية الكردية قد رضخت لمشيئة الامبريالية والرجعية الشاهنشاهية في انهاء الثورة الكردية وفضلت عار الانهزامية ومذلة الهروب من كردستان على شرف الاستبسال ومجد المقاومة في ارض الوطن ان شعبنا مصمم على مواصلة النضال الثوري حتى يتحقق الهدف الاساسي المتبلور في الشعار المعروف "الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان" رغم الصعوبات والتعقيدات التي تواجه مناضليه البواسل ومهما كانت الظروف والاحوال سيئة.
واننا اذا نتشرف بالاعلان عن تصميم مناضلي شعبنا على مواصلة النضال الثوري المنظم في صفوف الجماهير الشعبية ضمن اتحاد وطني كردستاني نؤكد من جديد على النهج الجماهيري الثوري الذي نسير عليه في كفاحنا المشترك مع القوى القومية والتقدمية في العراق ضد الامبريالية والصهيونية والدكتاتورية وعلى رفضنا القاطع للأتجاهات الانعزالية القومية واليمينية والاتكالية مع شجبنا الشديد للأساليب العشائرية والبرجوازية اليمينية والرجعية في النضال ولدعوات التعاون والتودد من الاوساط الرجعية والمشبوهة.
اننا عاقدون العزم على مواصلة النضال الثوري الطويل الامد بالاعتماد على قوى جماهير شعبنا الخلاقة اساساً وبالتعاون الوثيق والتلاحم الكفاحي الجاد مع القوى التقدمية العربية وبرؤيا واضحة وادراك عميق لحقيقة ان الامبريالية والصهيونية والرجعيات الشاهنشاهية والطورانية والعربية الشوفينية والرجعية الكردية العميلة تعتبر العدوة الرئيسية الاولى لحركة شعبنا الكردي التحررية، نشن ضدها النضال المتواصل والدؤوب دون مساومة او تهاون او تأجيل. بينما تعتبر قوى الثورة العربية وحركات التحرر الوطني في العالم الثالث والقوى الاشتراكية والعمالية والثورية في العالم حليفتنا الرئيسية، لذلك نسعى لأقامة أمتن علاقات التضامن والتعاون وتعزيز تلاحمنا الكفاحي معها.
اننا نؤكد تضامننا الكفاحي ودعمنا المطلق للأمة العربية في نضالها المجيد الذي يمتاز بأهمية تاريخية عظمى في الثورة العالمية المعاصرة من اجل تحرر وتوحيد الأمة العربية على اسس تقدمية وديمقراطية وفي نضالها المشروع لتحرير فلسطين من الاستعمار الاستيطان الصهيوني واقامة الدولة الديمقراطية الفلسطينية. ونؤكد تضامننا النضالي ومساندتنا التامة لنضال الشعب الكردي في كردستان تركيا وكردستان ايران ضد الطورانية والرجعية الشاهنشاهية ومن اجل تحقيق التحرر الوطني والديمقراطي الناجز في هذين البلدين واستحصال حق شعبنا الكردي في تقرير المصير بالشكل الذي ترغب فيه جماهيره. ان الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يسعى لتنظيم قوى الثورة الكردية الوطنية والديمقراطية بشكل اتحاد وطني ديمقراطي يسمح بتعايش التيارات التقدمية واتحادها النضالي المتين تحت قيادة الطليعة الثورية الكردستانية – التي ستتولد حتماً- يبعث بتحياته النضالية الحارة الى الثورة الفلسطينية المجيدة ويشد من ازرها والى الثورة الشعبية في ظفار واريتريا والى مناضلي شعبنا الكردي في كردستان تركيا وايران وسائر انحاء كردستان والى القوى التقدمية والثورية في ايران وتركيا للأعراب عن تضامننا النضالي معها.
ان الاتحاد الوطني الكردستاني المؤمن بأن الحركة القومية للشعب الكردي حركة تاريخية موضوعية لاينتهي نضالها التحرري الا بتحقيق جميع اهدافها القومية والديمقراطية، سيواصل الكفاح لتنظيم جميع العناصر والهيئات التقدمية والثورية الكردستانية ولأستنهاض وتعبئة جماهير شعبنا لمواصلة المسيرة الثورية التي بدأتها جماهير شعبنا الكردي لتحقيق الديمقراطية في العراق والحكم الذاتي الحقيقي لكردستان ولمساندة نضالات جماهير امتنا الكردية في سائر انحاء كردستان من اجل استحصال حقوقها القومية والديمقراطية.
ياجماهير شعبنا الكردي، ايها المناضلون والتقدميون الواعون: ان التفافكم حول الاتحاد الوطني الكردستاني وانتظامكم في صفوفه لمواصلة النضال الثوري المنظم هو الرد الحاسم على المؤامرة الاستعمارية – الشاهنشاهية – الشوفينية العراقية للقضاء على الثورة الكردية خصوصاً وحركة شعبنا الكردي عموماً، كما هو التعبير المنطقي المطلوب عن غضبكم واستنكاركم لأنهزامية القيادة العشائرية وافلاسها السياسي والعسكري والفكري ورضوخها لمشيئة الامبريالية الرجعية الايرانية في انهاء الثورة الكردية التي قدمت جماهير شعبنا في سبيل انتصارها بكرم وسخاء ما لا يحصى ولا يعد من التضحيات والفداء.
1/6/1975
الهيئة المؤسسة
للأتحاد الوطني الكردستاني
الوثيقة رقم (2)
البلاغ الختامي للمؤتمر الأول للأتحاد الوطني الكردستاني
تحت شعار لنصن وحدة صفوفنا ونقوي الجبهة الكردستانية، نناضل من اجل حق تقرير المصير للشعب الكردي والمساواة واحترام حقوق الانسان في عراق ديمقراطي.
عقد المؤتمر الاول العام للأتحاد الوطني الكردستاني بتاريخ 27/1/1992م في قاعة الثقافة الجماهيرية بمدينة السليمانية، وبدأت مراسم افتتاح المؤتمر بالوقوف دقيقة واحدة اجلالاً لأرواح شهداء كردستان وشهداء درب الحرية والديمقراطية والمساواة واحترام حقوق الانسان في كل ارجاء العالم.
بعد ذلك رحبت اللجنة التحضيرية للمؤتمر بالضيوف والوفود المشاركة واعضاء المؤتمر من ممثلي تنظيمات الاتحاد الوطني في كردستان والشرق الاوسط واوربا وامريكا الشمالية وكندا وكان عددهم (793) عضواً و (72) مشاركا بصفة مراقب.
وحضرت مراسم افتتاح المؤتمر وفود تمثل عشرات الاحزاب والجمعيات والمؤسسات الكردية والكردستتانية والعراقية والعربية والعمالية من الشرق الاوسط واوربا وامريكا الشمالية وكندا، والقى كل وفد خطابات التهنئة للمؤتمر عبروا فيه عن تضامنهم مع المطاليب المشروعة للشعب الكردي ونضال الاتحاد الوطني الكردستاني. وبعد انتهاء مراسم افتتاح المؤتمر ومغادرة الضيوف والوفود الرسمية باشر المؤتمر اعماله في جلسات مغلقة، حيث استمع المؤتمرون في الجلسة الاولى الى تقرير الامين العام للأتحاد الوطني الكردستاني الذي قوبل بترحيب المؤتمرين. تضمن تقرير الامين العام للأتحاد الوطني الكردستاني تقييماً شاملاً ودقيقاً للأوضاع الراهنة في كردستان والمنطقة والعالم، وحدد المبدأ النضالي والواجبات الحالية للمؤتمر، بعدها قدم كل من مكاتب التنظيم والادارة والمالية والمكتب العسكري والاعلام والعلاقات الخارجية تقاريره الى المؤتمر.
وبتاريخ 29/1/1992 ارجأ المؤتمر اعماله بسبب الرحيل المفاجيء للأخ المناضل عمر مصطفى الذي وافته المنية بالسكتة القلبية في قاعة المؤتمر. ثم استأنف المؤتمر اعماله بعد ظهر يوم الثاني من شهر شباط عام1992 في قاعة ميديا بمدينة اربيل. حيث تم انتخاب لجنة لأدارة اعمال المؤتمر، وانبثقت عن المؤتمر لجان فرعية انيطت بها مهمة اعادة التقارير الخاصة لمناقشات ومداولات هيئات ومكاتب: التقرير السياسي، التنظيم والمنهاج الداخلي، برنامج انتخابات المجلس الوطني، الاعلام العلاقات الخارجية، الادارة والمالية، الشكاوي والمتابعة، الشؤون العسكرية (بشمه ركايه تي). وناقشت اللجان الفرعية للمؤتمر تقارير المكاتب بصورة مفصلة ودقيقة، واضافت اليها مجموعة من المقترحات، وعرضتها على المؤتمرين في الجلسات العامة. حيث تم اقرارها من قبل اعضاء المؤتمر بعد اجراء التعديلات عليها. واتخذ المؤتمر الاول العام للأتحاد الوطني الكردستاني عدداً من القرارات، ومن أهم تلك القرارات قرار بتوحيد تنظيمات عصبة كادحي كردستان واتحاد الثوريين الكردستانيين والخط العام. وبهذه الخطوة الهامة تحققت الآمال العريضة التي ظلت تعاود القطاعات الواسعة داخل الاتحاد الوطني الكردستاني بتوحيد اتحادهم المناضل ضمن تنظيم واحد وقيادة واحدة وبرنامج ومنهاج داخلي موحد.
كا وأقر المؤتمر مبدأ ارساء القاعدة الديمقراطية داخل تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني، وتم ادارج هذا القرار في المنهاج الداخلي للأتحاد، بحيث يتم من الآن فصاعداً الأبجدة التنظيمية في الفروع والى اللجنة القيادية، من خلال انتخابات حرة ومباشرة. كما وأولى المؤتمر اهتماماً خاصاً بانتخابات المجلس الوطني المرتقب لكردستان.
وأوصى تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني ببذل قصارى جهدها وبمساعدة ومشاركة كافة اطراف الجبهة الكردستانية من اجل التوصل الى اجراء انتخابات حرة ديمقراطية ناجحة لقيادة كفوءة وقادرة على حفظ الأمن والاستقرار في المناطق المحررة من كردستان تأخذ على عاتقها مهمة تلبية احتياجات الحياة اليومية لأفراد المجتمع.
كما وأقر المؤتمر مبدأ مواصلة النضال الدؤوب من اجل تحقيق الحقوق الديمقراطية والثقافية للأقليات القومية الموجودة في كردستان، وحفظ اللغة والآداب والثقافة والتقاليد الاجتماعية للتركمان والآشوريين والعرب، والاهتمام بها وتطويرها.
وبالنسبة للعلاقات الخارجية، قرر المؤتمر تجسيد نهج التضامن وتوحيد النضال مع القوى الديمقراطية والتقدمية في كردستان والمنطقة، وخاصة قوى المعارضة العراقية والصديقة للشعب الكردي في كل ارجاء العالم. من اجل تحقيق الديمقراطية والسلام واحترام حقوق الانسان ومناهظة الدكتاتورية والشوفينية، والرجعية والارهاب، ومن اجل حق تقرير المصير والمساواة والتعايش مع الشعوب بسلام، ومقارعة الاضطهاد القومي والطبقي والديني.
كما واتخذ المؤتمر قرار ينص على تثبيت مبدأ الاشتراكية الديمقراطية، في البرنامج والمنهاج الداخلي للأتحاد، فالاتحاد الوطني الكردستاني يناضل من اجل المساواة والعدالة الاجتماعية والقضاء على الاضطهاد القومي وازالة كل ظواهر استغلال الانسان لأخيه الانسان، كما يسعى الاتحاد الى ايجاد حلول للمشاكل الاجتماعية التي تواجه الشعب الكردي وسد احتياجات المواطنين الحياتية. وقرر المؤتمر الاول للأتحاد الوطني الكردستاني تشكيل اجهزة ومكاتب خاصة في امور وشؤون الادارة والمالية والاعلام والعلاقات الخارجية والتنظيمات والشؤون العسكرية (البيشمركايتي) وان تكون نشاطاتها ضمن نطاق الاعمال والمهام المناطة بها وبالتعاون معاً لتطوير وتيسير تلك الأعمال والمهام وتنفيذها.
واتخذ المؤتمر الأول للأتحاد الوطني الكردستاني قراراً بخصوص مشردي كردستان الذين ارغموا على ترك ديارهم ومناطق سكناهم، وابعدوا وهجروا، وشردوا من ارض آبائهم، واماكن عملهم، وخاصة الاخوة الكردستانيين، حيث قرر المؤتمر ان تولي تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني اهتماماً خاصاً وجدياً بضحايا هذه المحنة والسعي لأعادتهم الى مناطق سكناهم وتعويضهم تعويضاً عادلاً ومشرفاً.
وتقدم المؤتمرون بالشكر والامتنان الى الدول والحكومات والمنظمات الانسانية التي مدت يد العون الى الشعب الكردي اثناء المحن والمصائب التي ألمت به ومحاولة ابادته.
وشكروا على وجه الخصوص ايران وتركيا وسوربا، عندما فتحت حدودها لأيواء مشردي كردستان. لقد تميزت اعمال ومناقشات المؤتمر الاول العام للأتحاد الوطني الكردستاني بطابعها الديمقراطي، حيث تدارك المؤتمرون وناقشوا المواضيع المطروحة امام المؤتمر بكل صراحة وحرية، وتم الاتفاق وبالاجماع على ضرورة صيانة حقوق الاتحاد ومواصلة النضال الدؤوب من اجل تنفيذ قرارات المؤتمر.
وفي يوم 14/2/1992 انهى المؤتمر الاول العام للأتحاد الوطني الكردستاني اعماله بأنتخاب قيادة جديدة مكونة من (17) عضواً و (6) اعضاء احتياط. وغادر المشاركون قاعة المؤتمر الى مناطق نضالهم ببرنامج ومناهج جديدين ومقررات هامة منسجمة مع الاوضاع الراهنة، وبروحية الاحساس العالي بالمسؤولية والاقرار على ادامة النضال من اجل قضية الشعب والوطن.
اللجنة القيادية للأتحاد الوطني الكردستاني
16 شباط 1992
الوثيقة رقم (3)
البيان الختامي للمؤتمر الثاني للاتحاد الوطني الكردستاني
عقد الاتحاد الوطني الكردستاني خلال الفترة من 30/1/2001 الى 5/2/2001 مؤتمره الثاني بنجاح في اجواء سادتها الحرية والديمقراطية، ناقش المؤتمرون البالغ عددهم (1247) عضواً مثلوا تنظيمات ومؤسسات الاتحاد الوطني الكردستاني جميع البرامج والمواضيع المطروحة في المؤتمر واتخذوا بصددها القرارات والتوصيات الملائمة.
افتتح المؤتمر بنشيد المشاعل ثم الوقوف دقيقة صمت اجلالاً وتقديراً لارواح شهداء الاتحاد الوطني الكردستاني وبعد انتخاب هيئة رئاسة المؤتمر وسط استقبال حماسي وتصفيق متواصل انتخب المؤتمرون مام جلال رئيساً للمؤتمر وفي مستهل الجلسة تلا مام جلال السكرتير العام للاتحاد الوطني الكردستاني النص الكامل للتقرير الذي كان شاملا ووافيا، سلط الضوء على جميع الاحداث الهامة التي مرت بكردستان العراق والمنطقة، وحدد فيه ملامح الاحداث بسلبياتها وايجابياتها. اعقب ذلك اعادة انتخاب مام جلال وسط جو مفعم بالحب والامل سكرتيراً عاما للحزب جرى ذلك بشعور عال بالمسؤولية وبحب للمؤتمرين لشخص السكرتير العام وتم الانتخاب بالاجماع، ومن ثم شكلت هيئة الرئاسة عددا من اللجان التي توزع الاعضاء عليها حسب الرغبة والاختصاص، وكانت اللجان هي: لجنة تقييم تقرير السكرتير العام، ولجنة برنامج الحزب ونظامه الداخلي، ولجنة شؤون البيشمركة، ولجنة القرارات والتوصيات،ولجنة الشكاوى، واللجنة المالية، وخلال يومين متتاليين، وفي اربع جلسات مطولة، جرى مناقشة تقارير اللجان مناقشة مستفيضة من جميع جوانبها وموضوعاتها، وكانت مشاركة اعضاء المؤتمر في اللجان المنبثقة عن المؤتمر فاعلة ولافتة للنظر، دلت على حرصهم الشديد في ابداء وجهات نظرهم واجراء التعديلات التي يرتأونها وباعداد جيد قدمت مسودة المشاريع الى المؤتمر واستمرت النقاشات وتبادل الآراء والتوصيات ليومين آخرين، ومن ثم اصدرت القرارات اللازمة بشأنها .
كان تقرير السكرتير العام الذي تمت المصادقة عليه بالاجماع بعد مناقشات مطولة استمرت ساعات، قد اعتمد كأساس ومنهاج لقرارات المؤتمر والساسة المستقبلية للاتحاد الوطني الكردستاني. ان الظروف الراهنة لعالمنا اليوم والمتغيرات الدولية في جميع مجالات الحياة، قد هيأت لنا فرصة مناسبة لمواصلة السعي جنبا الى جنب المساعي العالمية لتعزيز وترسيخ مفاهيم حقوق الانسان والديمقراطية والتسامح، سواء لنشر أماني ومطاليب شعبنا المشروعة، ام لتثبيتها، كما يجب ان نستفيد من العولمة التي اصبحت موضوع العصر، لأنه من الافضل لشعبنا وقضيته ان يتحرر من قيود الظروف الجيوسياسية السيئة، بشرط ان توجه المساعي من اجل ان لاتقع كردستان في معترك وزحمة الجغرافيا الاقتصادية والصناعية والثقافية لهذه الظاهرة. بالنسبة للمنطقة وكونها مليئة بالمشاكل والخلافات، وخاصة القضية الفلسطينية، القضية العراقية والقضية الكردية، اضافة الى القضايا المزمنة بين الدول المجاورة والتي بقيت على حالها بشكل من الاشكال وافرزت ظروفاً معقدة، لذا علينا ان لانفسح المجال كي تصبح كردستان العراق جزءاً من الصراعات الموجودة بين هذه الدول، وان نسعى لتنمية علاقاتنا مع دول الجوار بشكل طبيعي، وان تكون علاقاتنا مع بقية دول المنطقة والبلدان البعيدة، في نمو مستمر وموجهة نحو تطوير الاخوة الكردية – العربية ووحدة النضال، وان نولي اهمية خاصة بتعزيز العلاقات مع البلدان والاحزاب والحكومات العربية، على اساس من الاخوة ووحدة النضال المشترك. وفي العراق فأن الاتحاد الوطني الكردستاني يناضل مع جماهير الشعب العراقي كافة كرد وعرب وتركمان وآشوريين، لبناء عراق ديمقراطي برلماني فيدرالي وتعددي وان الاتحاد الوطني الكردستاني ليس مع تجزئة وتقسيم العراق والانفصال بأي شكل من الاشكال، بل ينشد وحدة اراضي العراقية وحمايتها، ولن يشارك في اية مخططات اجنبية تحاك ضد العراق، وانما يناضل الى جانب الجماهير والقوى السياسية العراقية لتحقيق اماني واهداف الشعب العراقي في سبيل الحرية والديمقراطية.
ان الاتحاد الوطني الكردستاني يدعو الى السلام مع الجميع، وعدم اثارة المشاكل والفتن بأي شكل من الاشكال في العراق، لكنه يساند النضال الجماهيري المنظم، وفي الوقت نفسه يقف ضد سياسة التطهير العرقي والسياسة العنصرية والدكتاتورية التي تمارسها السلطات العراقية، والتي بأستمرار تقوم بأبعاد وتهجير عشرات الالوف من العوائل والاسر الكردية، من على ارض آبائهم واجدادهم، قسراً في محافظات كركوك وديالى وصلاح الدين والموصل واربيل. كما يقف ضد الجرائم والاعمال غير المشروعة التي ارتكبت بحق الكرد الفييلين. كما يسعى الاتحاد الوطني الكردستاني وبكل الطرق لفضح الجرائم والممارسات الشائنة التي تنفذ ضد المدنيين الابرياء من ابناء شعبنا ومناطقهم، وحماية البيئة عبر المحافظة على نقاء الطبيعة، وابعاد المنطقة عن شبح التلوث البيئي والحروب.
وعلى مستوى كردستان العراق والفرصة التي تهيأت لشعبنا، تم التاكيد على ان تسخر جميع المساعي والجهود من اجل إنجاح تجربتنا الديمقراطية وحماية كردستان، والسعي العقلاني من اجل الاستفادة من قرار الامم المتحدة المرقم 986 لخدمة كردستان وشعبنا، بترميم البنى التحتية، مثل تطوير الزراعة والمشاريع الاروائية والمؤسسات الصناعية واعادة تشغيل المصانع المعطلة، والاهتمام بالصحة والتعليم العالي، والخدمات التي تحسن حياة السكان، والاهتمام بالثقافة والفنون والصحافة والطباعة والنشر، واعتماد سياسة الاقتصاد الحر والتجارة الحرة.
نحن حينما نطالب بالديمقراطية للعراق، علينا ضمان افضل صيغ الديمقراطية وتأمين حرية الفرد داخل المجتمع اي ننظر الى مشاكل وهموم واماني الفرد وفق المفاهيم العصرية ومعالجة مشاكل الفرد وتأمين الحرية له. بالنسبة الى الوضع الداخلي لكردستان العراق والاقتتال الداخلي، كما اوضحه تقرير الاخ السكرتير العام للأتحاد الوطني الكردستاني، فأن المؤتمر اعتبره اقتتالا غير مشروع، وكارثة مليئة بالفواجع فرضت على شعبنا والحقت خسائر انسانية ومادية وسياسية كبيرة بالكردايتي ونضال الشعب الكردي وقواه وسمعته على الصعد الداخلية والاقليمية والدولية لذا اعار المؤتمرالاهمية الكبرى بضرورة تحديد اسباب اندلاع هذا الاقتتال واستمراره ولكي يبادر الى معالجته وعدم تكراره، بل وازالة آثاره .. وفي هذا المجال على الاتحاد الوطني الكردستاني ان يعترف وبشجاعة بنصيبه من الاخطاء التي ادت الى اندلاع الاقتتال، وعدم معالجته بسرعة، لأنه ليس من الصواب والانصاف ان نحمل الحزب الديمقراطي الكردستاني المسؤولية كاملة، او ان يحملنا الحزب الديمقراطي الكردستاني تلك المسؤولية كاملة، بل ان كلا الجانبين كان لهما نصيبهما من الاخطاء والتقصير، وان كليهما لم يبذلا المحاولات اللازمة لمعالجتها بشكل جدي وصحيح. لاشك في انه ومن اجل ان نصل الى الحل الصحيح ينبغي ان نفهم ان حقيقة الخلافات بيننا هي خلافات داخل صفوف الشعب الواحد، ويجب حلها بالحوار الاخوي لأن اي طرف لن يكون منتصراً او خاسراً لوحده، بل ان كلا الطرفين يعتبران خاسرين، لذا يجب عدم اللجوء الى السلاح مطلقاً وتحت اي ظرف كان.
ان الاتحاد الوطني الكردستاني يؤكد على التزامه باتفاقية واشنطن للسلام المعقودة يوم 17-9-1998م ويرى انه من الضروري الاسراع في تفعيل المجلس الانتقالي، بغية تنفيذ الخطوات الاخرى بصورة عادية..
ومن اجل تنمية اوجه التعاون وتلطيف الاجواء السياسية في كردستان العراق، يجب الاهتمام بتطوير العلاقات مع الاحزاب المتحالفة والاصدقاء الآخرين، كي تكون افضل وذات تأثير اكثر ومن جميع الوجوه. بالنسبة للحياة التنظيمية داخل الاتحاد الوطني الكردستاني علينا ان نعمل من اجل تطوير الحياة الديمقراطية في صفوفه، كي يتم تبادل الآراء بكل حرية وتظهر الحقائق بكل وضوح، ونحدد النواقص ونعالجها. وفي عملية تطوير التنظيم وتوسيعه، علينا ان نؤكد على النوعية وليس الكمية، لذا من الضروري ان يشمل جميع المراكز والمؤسسات عملية واسعة للتوعية الفكرية والتنظيمية. وبهذا الصدد فأن المؤتمر قد اعار الاهتمام بمسألة خدمة وتنظيم مواطني النواحي والاحياء الفقيرة داخل المدن، التي كانت دوماً سنداً للبيشمركة وخلايا التنظيمات السرية، وكذلك خدمة الجماهير المكافحة والفقيرة، والمرحلين وعوائل المؤنفلين من ابناء شعبنا، لتحسين ظروفهم المعيشية ومعالجة مشاكلهم.. وشكل الاهتمام بالمعوقين وذوي الشهداء وبمآثرهم وبعوائلهم جزءاً من اهتمامات المؤتمر حيث اصدر في هذا المجال عدة قرارات. كما ان الاهتمام بدور النساء وحل مشاكلهن في المجتمع، كان موضع اهتمام ونقاش ومقررات وتوصيات المؤتمر، كي
يكون بأستطاعتهن، ووفق برنامج نسائي متعدد الجوانب ان يلعبن دوراً مؤثراً في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمع.
ان المؤتمر قد اعطى اهتماماً كبيراً بالمنظمات الديمقراطية والجماهيرية والمهنية والنقابات، واصدر العديد
من القرارات والتوصيات بهذا الشأن، واحتضن المؤتمر مسائل تطوير حركتها ودورها في المجتمع، كي تصبح اضافة الى واجباتها الديمقراطية والمهنية، مكاناً لتنشئة الالاف من الكوادر النشيطة والكفوءة في صفوف تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني كما واهتم المؤتمر وبشكل خاص بتنمية مراكز الشبيبة والنوادي الاجتماعية في اغلب كردستان وشكلت البيشمركة والتنظيم الحديث وانواع مراكز التدريب والتربية والتوعية والظروف الحياتية قسماً من برنامج المؤتمر. وتقرر عقد كونفرانس عسكري بأسرع وقت لهذا الغرض. وبعد التحقيق في نتائج اعمال جميع اللجان الاخرى، والنظر في الشكاوى والتقرير المالي، وانتهاء عملية انتخاب اللجنة القيادية للأتحاد الوطني الكردستاني، وفرز الاصوات بشكل قانوني وبأشراف عدد من الحكام الممارسين، والاعلان عن اللجنة القيادية الجديدة للأتحاد الوطني الكردستاني، وبعد ان ادى اعضاء المؤتمر مهامهم كافة بنجاح تام، عادوا الى ممارسة واجباتهم الادارية والنضالية والكفاحية، وبهذا الشكل اصبح المؤتمر الثاني للأتحاد الوطني الكردستاني مهرجاناً اخوياً وسياسياً وثقافياً كبيراً لتطوير الاتحاد الوطني الكردستاني، والتجربة الديمقراطية لشعبنا. جدير بالذكر ان عدد المشاركات في المؤتمر كان ثلاثة وتسعين امرأة، وان اعمار المشاركين كانت وفق الترتيب الآتي:
مواليد 1920 الى 1929، 7 مشاركين
مواليد 1930 الى 1939، 20 مشاركا
مواليد 1940 الى 1949، 134 مشاركا
مواليد 1950 الى 1959، 368 مشاركا
مواليد 1960 الى 1969، 520 مشاركا
مواليد 1970 الى 1979، 191 مشاركا
مواليد 1980 ، 7 مشاركين
فتحية الى الاواح الطاهرة لشهداء الاتحاد الوطني الكردستاني وشعبنا.
اللجنة القيادية للأتحاد الوطني الكردستاني
8/2/2001م
للاتصال :
يرجى الكتابة على العنوان الإلكتروني التالي :
Adelmurad49@yahoo.com