أ. د. عبد علي سفيح
المقدمة: هذه الدراسة تجيب على عدة أسئلة وضعتها منذ زمن غير قريب بحكم وجودي في فرنسا منذ ما يقارب الأربعون عاما،ومن خلال اعدادي أطروحتين دكتوراة،واحدة في العلوم في سنة 1983،والأخرى في فلسفة التاريخ في سنة 2000،وبحكم عملي المطول في احدى أهم الوزارات الفرنسية وهي وزارة التربية والتعليم كباحث وكمستشار.كان السؤال الذي يشغلني دائما هو:لماذا لم يقف خوف الغرب من الاسلام عند حد القادة السياسيين والحكام بل أمتد الى المفكرين وعلماء الاجتماع والتاريخ والفلسفة،بالرغم من الضعف والهوان الواضح الذي يعيشه المسلمون؟.هذا الخوف المعلن أشتد منذ بداية القرن العشرين وحتى يومنا هذا. هل هو فعلا خوف من الاسلام ام من شيء آخر أعمق من الاسلام؟
أعلن أحد وزراء الجنرال شارل ديغول وهو الأديب أندريه مالرو بأن القرن الواحد والعشرون سوف يكون قرن روحانيات(1).بعدها في بداية السبعينات أخذ العالم يتحدث عن نظرية صراع أو صدام الحضارات والتي كتب فيها بعض السياسيين والكتاب في أمريكا ومن أبرزهم الرئيس الأميريكي السابق رتشارد نيكسون الذي توقع بحدوث صراع جديد بين الحضارة الاسلامية وبين الحضارة الغربية وسوف يكون هذا الصراع طويلا لكن الغلبة فيه للحضارة الغربية(2).كما أشار بيرنارد لويس في مقال له نشر في مجلة الأطلنطي الشهرية سنة 1990م تحت عنوان –جذور الغضب الاسلامي- الى أن صراعا غير عقلانيا ربما يحصل بين الحضارة الاسلامية والحضارة الغربية(3).وبعده بعامين نشر فوكوياما كتابه الشهير-نهاية التاريخ- وذكر فيه هذا الصراع(4).وبعده جاء صمؤيل هنتنجن بفكرة حتمية الصراع الحضاري بين الاسلام والغرب في كتابه-صراع الحضارات- في سنة 1996(5).يتبين مما ذكرناه أعلاه،حتى عام 1992 أي تاريخ نشر كتاب فوكوياما نهاية التاريخ،جلهم يتكلمون عن احتمال أو توقعات حدوث صدام أو صراع بين الاسلام والغرب،الا أن كتاب صمؤيل هنتنجن في سنة 1996 صراع الحضارات،كتبه بعد تفجير المركز التجاري العالمي في سنة 1993 من قبل القاعدة.تفجير هذا المركز العالمي لانه يمثل رمز العولمة والحضارة الغربية.هنا تأكدت احتمالات وتوقعات الغرب بالصراع بين الاسلام والغرب وظهرت في بداية القرن الواحد والعشرون أشكال مختلفة لهذا الصراع وبأسماء مختلفة ممتدة من الشرق الأقصى(أندنوسيا،الفلبين والصين)،مرورا بالشرق الأوسط والى أوربا(روسيا،بريطانيا،فرنسا،اسبانيا) انتهاءا الى أمريكا.لم يحصل في التاريخ باسم الاسلام تفتح جبهات ضد كل العالم من شمال الكرة الأرضية الى جنوبه.
السؤال الذي يطرح بالحاح هو:هل فعلا هناك توجه حقيقي وواقعي عند المسلمين في تبني مشروع لصراع حضاري مع الغرب؟.وهل فعلا لدى المسلمين والعرب خاصة قوة تكنولوجية وعسكرية ومادية تهدد به الغرب؟اذا كان الجواب بـ لا،اذن من أين يأتي هذا الخوف؟هل هو مصطنع أم حقيقي؟واذا كان حقيقي فأين القوة الخفية غير المرئية؟.
هذه الدراسة سوف تعطي قراءة جديدة لحقيقة خوف الغرب من الاسلام وهو سر اجماع القادة السياسيين والمفكرين والأدباء والباحثين الغربيين على مقاومة الاسلام واستهداف هذه الأمة في وجودها وثقافتها وهويتها لم تواجه به أية أمة أو دين أو عقيدة أخرى. يخاف العالم الغربي من الاسلام كهوية أو كوجود.
لم تتحقق وحدة حقيقية ولا سلما اجتماعيا بدون هذين العنصرين. يخاف الغرب من هوية لم تجعل وحدتها تقوم على أساس عرقي أو سياسي أو اقتصادي أو جغرافي،ولم تكن وحدة مبنية على المكابرة والمغالبة، ولا على الغلو والتطرف.الخوف من هوية وسطية مبنية على الاخوة والعدل والمساواة.
سؤال الهوية والوجود هو أكثر الأسئلة المطروحة اليوم وعلى مستويات عدة. ان الحديث عن الهوية والوجود أصبح من الأساسيات التي ينبغي أن يتوفر عليه جهد النخبة الواعية المثقفة من أبناء الأمة الاسلامية، وذلك لأن الأمم لا تحيى بدون هوية، اذ أنها بمثابة البصمة التي تميزها عن غيرها، وهي أيضا الثوابت التي تتجدد، ولكنها لا تتغير، ولا يمكن لأمة تريد لنفسها البقاء والوجود أن تتخلى عن هويتها،فاذا حدث ذلك فمعناه أن الأمة فقدت استقلالها وتميزها، وأصبحت بدون محتوى فكري، أو رصيد حضاري. والنتيجة المحتمة هي السقوط الحضاري المدوي، بل وتداعي الأمم عليها كما تداعى الأكلة الى قصعتها، فتأكل خيرها، وتغزو فكرها،وتطمس معالم وجودها. ولما كانت الهوية بهذه المكانة في حياة الأمم، فقد أولاها الاسلام اهتماما كبيرا، شمل هذا الاهتمام جوهر الهوية ومظهرها(وجودها).
الهدف من هذه الدراسة هو، معرفة أسباب وجذور الخوف من الاسلام لدى الغرب، وكذلك دفع المسلمين بأتباع سلوك علمي دقيق لطمأنة الغرب وبناء جسور حضرية حقيقية بين الشرق والغرب.
تعريف الهوية: تنشغل الشعوب بسؤال الهوية كلما دخلت في ازمة عميقة لا يلوح لها مخرج قريب فتسأل من أنا؟ وما خصوصيتي؟ أي هويتي. أين أنا من الآخر؟ وأين هو مني؟ وما أضيف للآخرين؟ وما الذي آخذه منهم؟ وما أضفت لهم عبر التاريخ وما أخذت منهم؟ وما هو الأصيل في تجربتي وما هو الدخيل؟ وأين هو موقعي في هذا العالم؟ وهل أنا تابع أم ند؟ وكيف تلعب هويتي دورها في تحديد وجودي وموقعي؟
كلمة الهوية أصلها من كلمة هو،وهو ضمير منفصل يعود على شخص ما،ولهذا من الخطأ أن ننطق كلمة الهوية بفتح الهاء بل بضمها.فالهوية هي المرجعية أو الخلفية التي تتشكل منها الشخصية الانسانية.وتستعمل كلمة الهوية في الأدبيات المعاصرة التي تعبر عن خاصية المطابقة.مطابقة الشخص لنفسه،أو مطابقة لمثيله.وفي المعاجم الحديثة فانها لا تخرج عن هذا المضمون.فالهوية هي حقيقة الشيء أو الشخص،والتي تميزه عن غيره ،وتسمى أيضا بوحدة الذات(6).قريب من هذا التعريف عرف المعجم الوسيط الصادر عن مجمع اللغة العربية الحديثة عفرفها بانها حقيقة الشيء أو الشخص التي تميزه غن غيره.
صنع الهوية: تكونت الهوية الفردية والجماعية على امتداد التاريخ البشري ومنذ خلق الانسان وبعد أن أستوى ونضج انسانا متميزا عن سائر الكائنات جماعات وقبائل وعشائر وأسرا،فتكونت لديه هوية مميزة تميزه حسب بيئته ونشأته.يقول بن خلدون في مقدمته أن الجغرافيا تصنع الانسان(7)،ويؤيد هذا القول علي الوردي بقوله أن قيم بن الصحراء تختلف عن قيم بن المدينة(8).
لكي نفهم لماذا يطغي مفهوم الصراع والتصادم على الفكر الغربي وليس على الفكر الشرقي أو الاسلامي،يترتب علينا البحث في الجذور العميقة لتكوين وصنع الهوية الغربية.تعرف الهوية عند الغرب بمفهومين متعاكسين ومتضادين(9).
الأول،تعني من أنا؟وهذا الأنا أعرفه بالمقارنة مع الآخر.أي تتكون وتبنى الهوية الغربية على اعتبار الآخر هو ليس أنا.أي معاكس لي.
الثاني،،الهوية تعطي تعريف كأنه عامل الوحدة.أي هي اطار للعيش الجاعي.هويتي هي كل ما يجمعني مع الآخرين.اما جيل كابيل الباحث الاجتماعي الفرنسي يقول:أن الهوية الغربية صنعت بالتعريف الأول وليس الثاني(10).بينما ألان تورين الفرنسي يقول أن المشكلة في صنع الهوية هي التوازن بين التعريف الأول والتعريف الثاني.أي أن التعريفان يشتركان في صنع الهوية الغربية ويجب أن لا يطغي أحدهما على الآخر(11).اذا رجعنا للسؤال وهو لماذا الهوية الغربية يطغي عليها فكرة الصراع والصدام،وفكرة المغالبة والمنافسة والبقاء للأحسن، فالجواب نجده في قول جيل كابيل وذلك بسبب تغليب التعريف الأول للهوية الغربية على التعريف الثاني.أي تغليب الفرد على الجماعة.ولذلك وضعت جل القوانين لحماية الفرد،لأنه هو الذي يبني المجتمع.وهذه الفكرة نجد جذورها في أعماق التاريخ الأوربي والتي تمتد جذوره الى القرن الثامن قبل الميلاد،حيث أنشأت الألعاب الأولمبية في القرن الثامن قبل الميلاد واستمرت حتى القرن الخامس الميلادي.أي استمرت 13 قرن.بنيت فكرة هذه الألعاب على مبدأ المنافسة الفردية والغلبة.جل الألعاب الأولمبية ألعاب فردية وليست جماعية مثل،المصارعة،رمي الرمح والثقل،القفز،ركض السريع والكلادياتور أو المبارزة بالسيف أو صراع الأسود(13).
يقول أرثر شليسنجر المستشار السياسي للرئيس كندي،أن المجتمع الأمريكي يأكل بعضه بعضا من الداخل بسبب الجنسيات المختلفة،والديانات المتعددة،وهو يحاول أن يثبت وجوده ويؤكد هويته بافتعال العداء للآخرين(14).هذا قد يفسر باعتقادي لماذا ارتبطت الهوية الغربية بالقوة والتفوق والتنافس واقصاء الآخر،وهذه الثقافة انعكست على كل الأصعدة سواءا أكانت سياسية أو اقتصادية أو علمية مما ادت الى تجذير روح التفوق للحضارة الغربية على بقية البشر حسب قول ادوارد سعيد(15).
اما الهوية الاسلامية الشرقية،تكونت بطريقة تختلف كليا عن طريقة تكوين الهوية الغربية.لا يخفى على أحد أن العرب في جاهليتهم كانوا بحال لا يغبطون عليها،فقد توزعتهم الأديان المختلفة،والقبائل المتناثرة،يتربص بعضها لبعض الدوائر.واما العلم والتعليم عند العرب كان شيئا غير مألوف،فكانوا أمة لا تقرأ ولا تكتب.فالاسلام كان الاطار الوحيد الذي جد على العرب فقوم أخلاقهم،وهذب نفوسهم،ووحد كلمتهم،فأصبحوا بهذا الدين أمة عالمة بعد جهالة.أمة تقدس العلم والمعرفة.يمكن القول بأن الهوية الاسلامية تكونت من قيمتين أساسيتين هما،الأخوة والعلم.أن مفهوم الأخوة كان وما زال مبنيا على القرابة في النسل.أي على علاقة الدم.وحتى القوانين السابقة والاحقة تعطي أحقية الارث على أساس علاقة الدم.لكن الاسلام أعطى مفهوما أوسع من علاقة الدم أو الوطن،وهو مفهوم انساني شامل.الأحداث التاريخية والأقوال تثبت ذلك.ولقد عزز الرسول محمد(ص)هذه القيمة كعنصر أساسي في تكوين الهوية الاسلامية.لقد آخى الرسول بين المسلمين مرتين،مرة في مكة قبل الهجرة حيث آخا بين مسلمي قريش(بين أبي بكر وعمر،وبين الزبير وبن مسعود،وبين أبي عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة،وبين عبيدة بن الحارث وبلال،ومصعب بن عمير وسعد بن أبي وقاص).ومرة ثانية في المدينة بعد الهجرة،فآخى بين المهاجرين والأنصار(16).هذا المفهوم وهذا المبدأ تعزز في عدة آيات وأحاديث.(وأصبحتم بنعمته اخوانا)آل عمران 103،(والى عاد أخاهم هودا)الأعراف 65،(والى ثمود أخاهم صالحا)الأعراف 73.(واذا حضر القسمة أولوا القربى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا) الأعراف 8 .هذه الاية تدل على أن الميراث يتعدى علاقة الدم،لأنه يعتبر البشرية واحدة،صدرت من ارادة واحدة وتتصل برحم واحدة،وتلتقي في وشيجة واحدة،وتنبثق من أصل واحد،وتنتسب الى نسب واحد.فا لاسلام بنى هوية انسان كوني وليس انسان قبلي أو مذهبي.ومن قول الامام علي بدرك عمق هذه الهوية حيث يقول(اما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق).اما العلم،فأول كلمة ظهرت في القرآن هي في سورة العلق( اقرأ باسم ربك الذي خلق)،ومباشرة في السورة الثانية القلم( ن والقلم وما يسطرون)، ثم تلتها آية أخرى(أم لكم كتاب فيه تدرسون)،(أم عندهم الغيب فهم يكتبون).وهذا يفسر سر ثبات الهوية الاسلامية لمدة 13 قرنا متواصلا برايات عربية وفارسية ومغولية وتركية وكردية أيوبية لأنها بنيت على عمودين متوازين هما الأخوة والعلم.
أرجع الى السؤال الأساسي وهو لماذا كل هذا الخوف من الاسلام اذا كانت هويته مبنية على الأخوة والعلم وانتمى اليها أكثر من نصف المسلمين طوعا لا كرها؟
الجواب:الذي يخيف الغرب هو الشرق وليس الاسلام. الاسلام هو صورة من صور الشرق. وخوفهم من صورة الاسلام هي ليست التجربة الاسلامية في الشرق بل التجربة الاسلامية في الغرب،اي الأولى في الأندلس خلال الخلافة الأموية،و الثانية في جنوب وشرق أوربا خلال السلطنة العثمانية.هذه التجربتين الاسلاميتين في أوربا تحتاج الى توضيح لكي نجد الخيوط الاساسية التي تجيب على سبب خوف الغرب من الاسلام.نتيجة الحروب التي دارت بين الشرق والغرب، فانتشرت الأديان والثقافات الشرقية واستوطنت في بقاع عدة من الغرب. الشرق ترك أثرا دينيا وروحيا عند الغرب، والغرب ترك أثرا تقنيا بتطوير وسائل العيش في الشرق. ممكن القول بأن هذه الفكرة ما هي الا فرضية تحتاج لاثباتها علميا.
أولا: تأثير الديانة الميثروية القديمة ( عبادة ميثرا ) على الغرب
ميثرا أو ميهرا والذي أشتق من اسمه بالفارسية لفظة مهرجان، ظهر اسمه في التاريخ لأول مرة في القرن 16 ق.م. في مناطق فارس القديمة. ومع الحروب التي دارت بين الشرق والغرب، انتشرت هذه الديانة الى اوربا.هذه الديانة قديما جلبت بشكل خاص من قبل جنود الرومان لأن ميثرا يمثل اله الحرب والنصر والعدل. وصلت هذه الديانة الى روما وجعلها الامبراطور الروماني نيرون الدين الرسمي للجيش الروماني في 37م. وفي عام ( 182-192 ) اعتبرها الامبراطور كومودوس الديانة الرسمية للأمبراطورية الرومانية. اما دائرة المعارف البريطانية تقول: ميثرا في الاسطورة الهندو اوربية القديمة اله النور التي انتشرت عبادته من الهند في الشرق وحتى اسبانيا في الغرب، وبريطانيا والمانيا. 25 ديسمبر هو اليوم الذي يحتفل اتباع ميثرا بمولده كل عام. ومن الغريب أن تجد كننيسة الفاتيكان بنيت على معبد الاله ميثرا. كذلك انتشار تلك الديانة حاليا في اوربا وبالأخص امريكا التي بها تابعين كثيرين واعدادهم في ازدياد بشكل مريب خاصة من الطبقة الحاكمة والمتنورة واتباع الماسونية ( 17 ). اثاره في روما حاليا بصورة تمثال الاله ميثرا يذبح ثورا وعلى رأسه قلنسوة حمراء تمثل رمز الحرية. وهذه القلنسوة الحمراء اخذت رمزا في الثورة الفرنسية، حيث نشاهد الثائرة جان دارك وهي تلبس القلنسوة الحمراء على رأسها. اما اليوم نرى تمثال ماريان التي تمثل فتاة الجمهورية الفرنسية موجود في كل مكان من المؤسسات الحكومية الفرنسية وهي واضعة على رأسها القلنسوة والتي تمثل رمزا للحرية والثورة.
ثانيا: تأثير الديانة المسيحية على الغرب
انتقلت المسيحية من الشرق وبالتحديد من فلسطين الى اوربا في القرنين الأول والثاني عن يد الرسل، وبدأت الطبقة الشعبية تتبناه ولاقت اضطهادا شديدا من الطبقة الحاكمة حتى عام 313م حيث أصبحت الديانة المسيحية مرخص بها على قدم ومساواة مع الديانلت الأخرى. وفي عام 380م أعلن الامبراطور الروماني ثيودوسيوس الدين المسيحي دين الدولة الرسمي ( 18 ). اما اليوم، المسيحية تعد الديانة المهيمنة والرئيسية في اوربا حيث تشكل اكثر من 75بالمائة من سكان اوربا.
لعبت المسيحية دورا كبيرا بتحويل اوربا من النظام الارستقراطي المبني على قيمة الانسان على حسبه ونسبه الوراثي وكان المجتمع مقسم الى نبلاء واسياد وملوك وامراء وخدم وعبيد، الى نظام مبني على قيمة ما يفعله المرء ومساواتهم ودرجة قربه وبعده من الله والمسيح. وهذا التحويل هو الذي ساعد اوربا اخيرا الى تبني الجمهورية والديمقراطية.
ثالثا: تأثير الديانة الاسلامية على الغرب
التجربة الأولى في الأندلس من عام 711م الى عام 1492م أي حوالي 8 قرون في اسبانيا جنوب أوربا الغربية وعلى حدود فرنسا.أصبحت قرطبة مركزا للعلوم والآداب والتعايش السمي بين الملل المختلفة من اليهودية والمسيحية والاسلام،حيث بلغ عدد الكتب حوالي 400000 كتاب في مكتبة الحكمة.وبلغ عدد المكتبات حوالي 70 مكتبة.فغدى اليهود والنصارى مساوين للمسلمين قادرين مثلهم على تقلد مناصب الدولة.وفي مثل هذا الجو من التسامح أصاب البلاد الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي.بحيث أصبحت الأندلس أكبر قوة سياسية في جنوب أوربا،وليس عجبا أن يظهر شخصية مثل موسى بن ميمون الذي يعتبر أهم شخصية يهودية بعد النبي موسى ومن أشهر كتبه كتاب دلالة الحائرين طبع في باريس عام 1865م ( 19 ).وكذلك ظهر في الأندلس الفيلسوف بن رشد الذي بفضله عرفت أوربا الفلاسفة اليونان أمثال سقراط وافلاطون وأرسطو.
أما التجربة الثانية،وهي الخلافة العثمانية في جنوب وشرق أورب من عام 1300 حتى عام 1923م.وصلت الامبراطورية العثمانية الى صوفيا وبلغاريا وأثينا ( 20 ) .في تلك الفترة لاقى يهود أوربا معاناة كبيرة من الكنيسة الشرقية والغربية.فعندما طرق العثمانيون أبواب أوربا،أستقبلهم اليهود كمحررين وخاصة في زمن الخليفة سليمان القانوني الذي كان صديقا للكلك فرانسوا الأول فقبل سليمان القانوني استقبال اليهود المبعدين والمضطهدين من اسبانيا والبرتغال ونابلس ومالطا وسقليا.في هذه الفترة عملت تركيا حلفا ستراتيجيا مع القوى الكبرى الثلاثة ضد اسبانيا وهي:انكلترى ألزبيث الأولى،وفرنسا هنري الثالث والرابع،وهولندا كيوم دو أورنج،ثم عملت شبكة تجارية تربط بين التجار المتمركزين في لندن،أمستردام وبوردو في فرنسا.ثقافة العثمانيون كانت ضد العنصرية وتهدف الى التسامح والمساواة بين الناس.
التجربتين الاسلاميتين الأولى الأموية في جنوب أوربا والثانية العثمانية في شرقها مارست الهوية الاسلامية الوسطية والمتسامحة و جامعة لكل الأجناس والملل مهما كان لونها ومعتقدها.أوربا منذ زمن قديم لم تتعود على التنوع ولا على التسامح،وكانت تجربة الأندلس أول تجربة تحمل خطابا عالميا عابرا للانتماء الديني والعنصري وهذا الخطاب وصل حتى الى فرنسا مدينة بواتية.حرية التعبد والمعتقد،والمساواة بين الناس في الحكم وفرص العمل،وجعلهم أمة واحدة رابط الأخوة تربط هذه الأمة.هذه التجربة وصلت الى مدينة بوردو الفرنسية التي تقع على حدود اسبانيا وقد وصلتها الجيوش الاسلامية سابقا. أهل بوردو يسموهم الجيروندا وهم أول من أعلنوا الثورة الفرنسية وان تكون جمهورية تعطي الشرعية الى الشعب على عكس الشمال الفرنسي من أهل باريس كانوا يريدون أن يحتفظوا بنظام شبه ملكي .أهل بوردو أصبحوا الأكثرية في البرلمان وهم أطلقوا مباديء الجمهورية بالحرية والمساواة،أما الأخوة أضيفت بعد سنين الى مباديء الجمهورية الفرنسية.الثورة الفرنسية غيرت كل سياسة أوربا وهزت عوشها وأنهت حكم السلالات والطبقات وأنهت هيمنة الدين وفصلها عن السياسة والادارة للبلد.الخوف من الاسلام هو الخوف من يأتي بأسلوب جديد يغير أوربا والعالم ىالى نظرة جديدة للعالم كما غيرتها قبل ثلاثة قرون.وقد يكون اختيار اليهود في وعد بلفور فلسطين أرض الميعاد لهم هو لاطمئنانهم للمسلمين لأن اليهود لا يشعرون بالاطمئنان والحرية في أوربا الا من خلال الأندلس والعثمانيون.هذا الرأي يجب دراسته بأكثر تفصيلا.
أرجع مرة أخرى الى السؤال:اذن لماذا هذا العداء والخوف من الاسلام؟
في القرن العشرين ومع التطور العلمي الدقيق اشتدت روح العداء والمنافسة والتحدي بين الأوربيين مما أدى الى اشعال حربين كونيتين لأول مرة في حياة البشرية ومما أدت الى دمار وهدم للقيم والممتلكات،من هنا بدأ خوف الأوربيين أن يرجع الناس الى الاسلام لأن أوربا عندها تجربتين مع الاسلام وقد تجد الاسلام هو الطريق الوحيد الذي يمنع البشرية من الانقراض في حرب كونية ثالثة.هنا بدأت عملية الاستعداد لمنع ذلك.وما أقوال رجال الفكر الغربي والقادة السياسيين هو خير دليل على ذلك.
1.وثيقة عن تقرير وزير المستعمرات البريطانية ويليم أورنسبي كور لرئيس حكومته في 01/09/1938 يقول التقرير:أن الحرب علمتنا أن الوحدة الاسلامية هي الخطر الأعظم الذي ينبغي على الأمبراطورية أن تحذره وتحاربه.وليست انكلترى وحدها التي تلتزم بذلك،بل فرنسا أيضا حيث أن نمو القوميات المحلية في أفريقيا وآسيا هي أقل خطرا من الوحدة الاسلامية أو التضامن الاسلامية....ومن أسباب سعادتنا أن كمال أتاتورك لم يضع تركيا في مسار قومي علماني فقط،بل أدخل اصلاحات بعيدة الأثر أدت الى نقض المعالم الاسلامية لتركيا وفي ايران أيضا رضا شاه بتحديده ارادة ومقدرة المؤسسات الدينية ( 21 ) .
2.وزير خارجية اسرائيل أبا ايبان في محاضرة له في سنة 1967 في جامعة بريستون الأميركية يقول،يحاول بعض زعماء العرب أن يتعرف على نسبه الاسلامي بعد الهزيمة وفي ذلك الخطر الحقيقي على اسرائيل،ولذا كان من أول واجباتنا أن نبقي العرب على يقين راسخ بنسبهم القومي وليس الاسلامي ( 22 ).
3.يوجن روستو رئيس قسم التخطيط بوزارة الخارجية الأميركية في 1967 يقول،أن الظروف التاريخية تؤكد أن أمريكا هي جزء مكمل للعالم الغربي بفلسفته اليونانية وعقيدته المسيحية ولذا أمريكا تقف موقف المعادي للاسلام والا فانها تنكر لغتها وثقافتها وفلسفته ( 23 )ا.
4.الرئيس الأميريكي السابق ريتشارد نيكسون في 1975 في مذكراته يقول،ليس أمامنا بالنسبة للمسلمين الا أحد الحلين:الأول تقتيلهم والقضاء عليهم،والثاني تذويبهم في المجتمعات الأخرى المدنية العلمانية.ثم قال أيضا،اننا لا نخشى الضربة النووية،ولكن نخشى الاسلام والحرب العقائدية التي تقضي على الهوية الذاتية للغرب....وأن العالم الاسلامي يشكل واحدا من أكبر التحديات السياسية لأمريكا وسياستها الخارجية في القرن الحادي والعشرين ( 24 ).
5.صمويل هانتنجن في كتابه صراع الحضارات في 1996 يقول،أن الصراع على طول خط الخلل بين الحضارتين الغربية والاسلامية ومنذ 13 قرن ( 25 ).
هؤلاء الغربيون عبروا عن خوفهم من الاسلام بطرق وتعابير مختلفة الا أن أساس الخوف هو على هويتهم الغربية لأنها هوية ضعيفة أمام الهوية الاسلامية.نعرف جيدا أن في بداية القرن العشرين فرنسا استعمرت شمال أفريقيا العربي الاسلامي وبريطانيا استعمرت الشرق الاوسط وأصبحت المنطقة الاسلامية تحت نفوذهم وآمنة وكذلك تركيا لم تشكل أي تهديد لهم فأصبحت جمهورية وعلمانية غربية فمن من يخاف الغرب؟صحيح أن الاسلام كهوية أخذت أمم مختلفة على طول 13 قرن مرة رفع رايتها العرب ثم الفرس والمغول ثم الأتراك والأكراد ،وهل توجد أمة غير هذه الأمم يخاف منها الغرب من أن تحمل راية الاسلام؟لقد عرضت راية الاسلام على الملك فؤاد ملك مصر لحملها بعد أن تنازل عنها أتاتورك تركيا الا أن مستشارين الملك فؤاد لم ينصحوه بحملها لأنها احتمال تشغل حرب أهلية في مصر بين الأقباط وبين المسلمين.ثم عرضت راية الاسلام وباسم الخلافة على بن سعود،الا أن المسلمين تفاجئوا باعلان بن سعود السعودية مملكة عربية أي اعطاها الهوية القومية وليست الاسلامية.النطقة أصبحت مؤهلة لاعادة الهوية الاسلامية بوجود وأمة أخرى هو الهندي والفارسي.فاعدت العدة الغربية للحيلولة دون حصول ذلك كبديل للخلافة العثمانية.الهند تعتبر أكبر مستودع عالمي للمسلمين السنة حتى 1947م،وايران تعتبر ولا تزال أكبر مستودع عالمي للمسلمين الشيعة.اتحاد الأثنين هو اتحاد العالم الاسلامي بطوائفه وليس كما كان في زمن الخلافة العثمانية التي كانت تمثل الاسلام السني فقط.كذلك هناك تزاوج تاريخي بين الهند وايران.الدولة الهندية الحديثة أسسها الأمبراطور المغولي المسلم أكبر عام 1542-1605م وخلال هذه الفترة وقبلها بقليل وبعدها تكونت اللغة الأوردية وهي التزاوج بين اللغة الهندية واللغة الفارسية.وكذلك تكوين دين جديد هو السيخ وهو مزيج من الديانة الهندوسية والديانة الاسلامية.ومن هذا التزاوج عمت الثقافة الاسلامية بمعالمها الحضرية في الهند ومنها تاج محل.هيمنة أية امبراطورية تستمدها من عاملين هما القوة العسكرية وعدد السكان.حتى القرن السادس عشر كانت الهند والصين تمثلان أكثر من نصف سكان العالم ( 26 ).المسلمون في الهند كانوا يمثلون أكثر من ربع السكان في 1947 قبل الاستقلال.هذه النسبة ضعفت بعد عام 1947 عندما أعطت بريطانيا استقلال الهند ثم تقسيمها الى دولتين هي الهند ثم باكستان.لقد أنشغلت باكستان الدولة الفتية ببناء دولة وطنية وبهذا التقسيم أبعد الخطر الهندي من اعادة بناء الهوية الاسلامية وبها ضمن العالم الغربي بعدم اعادة تكوين الهوية الاسلامية تحت راية دولة اسلامية شاملة بابعادها الفكرية والثقافية والجغرافية ابتداء بتركيا ومرورا بايران وانتهاء بالهند.أما في المنطقة العربية ،أبعد هذا الخطر بقيام اسرائيل سنة 1948م.لكن بقت ايران هي أكثر المناطق مرشحة لاعادة الهوية الاسلامية،ومنه أصبح العمق العراقي الشيعي هو من العوامل التي تساعد على اعادة هذه الهوية.لقد أحس العالم الغربي وشاه ايران بذلك مما دفع الشاه الى اعلان الثورة البيضاء في عام 1962.هذه الثورة لاقت مقاومة في عام 1963م ومنه أشتد التحرك والشعور الاسلامي في ايران مما بادر شاه ايران بتعزيز علمانية الدولة الايرانية وبفصل شيعة ايران عن شيعة العراق في انقلاب شباط 1963 في العراق وابعاد الامام الخميني عن ايران(27).
حرب الأيام الستة في سنة 1967م مع اسرائيل واحتلال القدس هو الذي أشعل شرارة النهوض الاسلامي لأن الوجود الاسلامي قد دمره الغرب في تركيا وايران والهند والشرق الأوسط،لكن لأول مرة في التاريخ ينهي الغرب الهوية الاسلامية لأن القدس هي هوية كل مسلمي العالم مثل مكة المكرمة.أستيقظ العالم الاسلامي وأحس بالخطر الذي يلف حوله نتيجة ضعفه وهوانه، منها نما الشعور الديني وخاصة في العراق وايران ، وفي عام 1968 حصل انقلابا عسكريا في العراق يقوده حزب البعث العلماني لبناء جدارا قوي بين ايران والعراق لفصل الشيعة(28).بقت ايران وحدها وبدأ الشعور الديني يكبر يوما بعد يوم وأحس شاه ايران والعالم الغربي أن ايران يصعب عليها المقاومة لهذا الشعور.ففي سنة 1971م أحتفل شاه ايران بالذكرى الخمسة والعشرون قرنا من النظام الملكي وذلك لتعزيز الهوية الآرية مقابل الهوية الاسلامية،فعمل احتفالا بجانب الآثار القديمة برسي بوليس(29).
أنتصرت الثورة الاسلامية في ايران في عام 1979م مما أدى الى تنمية الشعور باعادة الهوية الاسلامية مرة أخرى في المنطقة،بدأ الشعور ينمو في تركيا مما أسرع الجيش بقيام انقلاب عسكري بحجة تعزيز العلمانية للدولة التركية وكهوية بديلة عن الهوية الاسلامية،بينما في نفس الوقت شن العالم الغربي والعربي حربا ضد ايران ومن العراق وذلك لتقوية الجدار الفاصل بين شيعة العراق وشيعة ايران ومن ثم احباط الهوية الاسلامية لايران.وفي عام 2003م سقط الجدار الفاصل بين ايران والعراق،وفي نفس السنة استلم في تركيا أوردغان رئاسة الوزارة بهوية اسلامية.هنا سؤال آخر يطرح،لو كانت الهوية الاسلامية تخيف الغرب،فلماذا هذا العداء السافر لايران وليس لتركيا أو باكستان؟علما أن باكستان تعتبر أول جمهورية اسلامية تأسست في عام 1956م وتمتلك قنبلة نووية منذ عدة عقود ،وهي التي دعمت حكم الطالبان في أفغانستان والذي يعتبره الغرب حكما ارهابيا والأكثر تطرفا عالميا واسلاميا.
الجواب على هذا السؤال والذي يلخص كل هذه الدراسة يأتي من الثورة الفرنسية في عام 1789م.يعتبر المؤرخون على نطاق واسع بأن الثورة الفرنسية هي واحدة من أهم الأحداث في تاريخ البشرية،حيث كانت لها تأثيرات عميقة على أوربا والعالم الغربي عموما.هذه الثورة أسقطت القيم القديمة من حكم السلالات الملكية وامتيازات طبقة النبلاء والاقطاع وكذلك من تأثير الكنيسة على سياسة الدولة،ووضعت قيم المساواة والحرية والاخاء والتسامح بدل القيم القديمة.هذه القيم استوحيت من سبينوزا (ت 1677م) ومن فولتير(ت1778م) وجان جاك روسو(ت1778م).هؤلاء ماتوا قبل الثورة الفرنسية.سبينوزا أصله يهودي من اسبانيا،طردوا من الأندلس وأجبروا على تبني الدين المسيحي بالقوة،لكن لما ذهبوا الى هولندا رجعوا الى دينهم،بعدها أصبحوا مباشرة مسلمين عننند قدوم العثمانيون حيث اعتبروهم الفاتحين وسموهم السبتيين.كان سبينوزا يلقب ب محمد أمستردام.حاول بن غوريون عام 1984م رد الاعتبار له لكن حاخامات اسرائيل رفضت ذلك.اما فولتير،فقد كتب رسالة الى فردريك الثاني ملك بروسيا يقول فيها،أن الدين المسيحي دموي غير قادر على العدل بينما الدين الاسلامي تميز بالفلسفة والمساواة(الأخوة) والتسامح.ويجب أن ننظر للاسلام كعجلة في ماكنة العالم حيث يحتوي على قيم عالية.واما جان جاك روسو يقول،محمد كانت له نظرة ثاقبة وصحيحة وأسس دولة ومن بعده الخلفاء الأربعة وأصبح العرب أكثر تسامحا وأدبا وأخلاقا وثقافة،بينما المسيحية فشلت في بناء دولة مدنية وأصبح الناس لا يعرفون يتبعون من؟هل السلطة أم سلطة البابا؟واذا كانت الأمة الاسلامية استبدادية في الحكم الا أنها كانت ديمقراطية في التساوي(30).
العالم اليوم يشبه الفترة التي سبقت الثورة الفرنسية،المال أصبح اله يعبد، وانبياءه هم الأثرياء والذين يمثلون واحد بالمئة من البشرية جمعاء،ودور العبادة هي الشركات العالمية،وقرابين هذه الدور المقدسة هم العمال والنساء والأطفال حيث يموت كل سنة نتيجة الظروف السيئة للعمل أكثر من مليونين شخص سنويا.عالم غربي فارغ من الروح والقدسية.جائت الثورة الاسلامية في ايران واعتقد العالم انه الاسلام غير العربي المصبوغ بالهوية الفارسية،الا ان العالم تفاجيء بدستورها الفقرة 15و16 والتي تقول فيها المادة الثالثة،توسيع وتقوية الأخوة الاسلامية والتعاون بين الناس كافة والسعي لبناء الأمة الاسلامية الواحدة.ورغم أن فكرة الوحدة الاسلامية كانت منذ أمد طويل على رأس قائمة المشاريع الاسلامية أينما كانت،الا أن الامام الخميني تميز بجعل الهوية الاسلامية هي هوية عالمية تضم جميعا الشعوب المستضعفة والمظلومين في العالم بقوله(نحن ندعم المظلوم أينما كان)،وكذلك قوله(أن الثورة الاسلامية هي امتداد لثورات الأنبياء التي لم تكن محدودة بحدود بل كانت لكل العالم).لقد شعر العالم بوضوح أن الثورة الاسلامية في ايران فتحت مسارا جديدا في بناء الهوية الجديدة العالمية القائمة على روح الدين وقيم العدل والمساواة وهذه الهوية بديلة عن الهوية القومية وشكلت هذه الثورة منطلقا عالميا جديدا وما تعاطف المفكرين الفرنسيين مع الامام الخميني عند وجوده في باريس هو لانه طالب المساوات والحرية والعدل وشرعية الحاكم تأتي من الشعب.والفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو(31) تبع الامام الخميني الى طهران ودرس عن قرب نظرية الهدم وبناء قيم جديدة،وكذلك العالم الاجتماعي الفرنسي الكبير ريموند آرون(ت1983)،قال نحن ندرس في الجامعات بأن الدين هو يمثل المحافظين أي ضد الاصلاحيين،لكن الامام الخميني قلب المعادلة فمن الآن سوف أدرس بأن الدين عامل ثورة على التقاليد واصلاح.من كل ما تقدم يبين خوف العالم الغربي من أن يرجع الاسلام مرة أخرى مثل الأندلس ويقلب المعادلة الدولية لأن الغرب لا يسمح بأن تأتي الحداثة من خارجها.
المصادر
1.André MALRAUX : 1960.Discours à l’UNESCO.
2.Richard NIXON : 1979. Mémoire Ricard NIXON.
3.Bernard LOUIS : 1990.The Roots of Muslime Rage-Atlantic 1990/09.
4.Francis FUKUYAMA : 1992. La fih de l’Histoire.
5.Samuel HUNTIGTON : 1996. The clash of civilizations.
6.Nakash FARIDAH: 2004.Les arabes et leurs identité.
7.د. علي الوردي: 1962. منطق بن خلدون في ضوء حضارته وشخصيته 8.د. علي الوردي: 1965. دراسة في طبيعة المجتمع العراقي 9.Marc LIPINNSKY : 2005. Psycologie de l’identité.
10.Gilles KAPEL : 1988. Les musulmans dans la société française.
11.Alain TOURAINE : 1985. La Recherche de soi.
12.Violaine CHERRIER : 1952. Les Olympiades.
13.Eric TISSIER : 1994. Qu’est ce que les Gladiateurs.
14.Arthur SCHLESINGER : 2007. Kennedy or Nixon does it make any difference ?
15.Edward SAID: 1998. Le monde diplomatique.
16.محمد فريد وجدي،السيرة النبوية. الدار المصرية اللبنانية، ص143-148. 1413ه.
17. Edith Hamilto : La mythologie, ses dieux, ses héros, ses légendes. Paris 2013.
18. Hervé Inglebert : Les Romains chrétiens face à l’Histoire de Rome. Pp.508-510, paris 1998.
19. Philipe Cohen : Encyclopédie philosophique universselle III. Maimonide de Moise. P.690. paris 1985.
20.Yves TOMON : 1984. Empire Ottoman.
21. Richard K. : British Colonialisme Middle East.1853.
22. Abba Eban: Truman Research Institute.
23.أحمد حمروش:قصة ثورة 23 يوليو. خريف عبد الناصر. مكتبة مدبولي القاهرة 1984.
24. Richard Nixon : Mémoire, paris 1978.
25. Samuel P. Huntington : Le choc des Civilisation. Paris 2000.
26.Jacqus ATALI : 2011. Qui va gouverner le monde.
27.Pierre LUIZAR : 2004. La question Irakienne.
28. Pierre LUIZAR : 2004. La question Irakienne.
29.New York Times : 1971. October 12.
30.Philippe de l’IRIBANE : 2013. L’Islam devant la démocratie.
31.Michel FOUCAULT : 2004. La spiritualité politique, Michel Foucault et l’Iran. Revue projet.