ثقافة وأدب

جمعة عبد الله

وقفة مع المجموعة الشعرية (ارتطامات .... وغبار الازمنة) للكاتب مهدي قاسم

06/03/2022 07:40
يتميز الكاتب والاديب الاستاذ (مهدي قاسم) بالنشاطات المتنوعة والمتعددة .   بالجهد المثابر الدؤوب  . فهو الكاتب المقال السياسي الوطني ,  بشكل يومي في موقع (صوت العراق)  وهو الشاعر في القصيدة النثرية , والسارد في القصة القصيرة , والمترجم للنصوص الشعرية للشعراء من هنغاريا  (المجر). وهذه المجموعة الشعرية في القصيدة النثر , تنفض غبار الأزمنة  عن احلك فترة في تاريخ العراق . القصائد  كتبت في فترة 1985 - 1990 , أي أنها خرجت من جمهورية الخوف ,  والغبار الخانق آنذاك , وهي  تحمل روح شبابية متمردة على الواقع آنذاك , في لغتها الحادة في التناول والطرح في مواضيع رئيسية ساخنة مثل :  السياسية والجنس والحب  . نجده يطرحها بقوة , وخاصة أنه عاش تجربة حياتية بالمعاناة في بلدان عربية مختلفة بعد هروبه من جمهورية الخوف والرعب , فذهب الى لبنان واليمن حتى بعد ذلك استقر في هنغاريا ,  ووجد الحياة مختلفة. ولكن غبار الماضي وكوابيسه ظل حاملها كظله , غبار السنوات العجاف من الدمار والخراب . ومن هذا المفهوم نفهم  الغضب الشديد الذي يحمله ضد  الانظمة الطاغية والدكتاتورية ,  واولها النظام الدكتاتوري الساقط , الذي دمر العراق في حروبه العبثية و الصبيانية , اضافة الى سوط الإرهاب القاسي والشديد على المواطن  .  قصائده تحمل روح الشباب الذي خرج من عنق الازمات الحياتية المدمرة , ليدخل في طور حياتي جديد , لكن يبقى هاجس  الخوف والقلق  راسخاً في أعماقه, ولا يمكن أن تفتتها الحياة الجديدة في ملذاتها وشهواتها في الحب  الايروتيكي . ويبقى هاجس الوطن يحتل الموقع الأول في عقله وروحه في قصائده النثرية  , ويهزه الشوق والحنين , ويصب نار غضبه في  الحارق  على كل طغاة العالم . وهذه المجموعة الشعرية تحمل اللغة الحادة في الشطرين الحب ( الايروتيكي ) والجانب السياسة : 1 - جانب الحب الايروتيكي : بكل تأكيد متأثراً  في المناخ الجديد في رحلة الحياة ,  وهو يضع أمتعته في هنغاريا ومؤثرات الحياة المفتوحة في العالم الجديد .  الجسد والمتعة والسرير  للغزلان على ضوء الفجر ,   ليتذوق نبيذ الغزلان فيصبح الفم ساقية النبيذ , في نشوة الاشتهاء  .  تشرقين فيَّ عارية كجسد فجر يعلو سريري ببرار وينابيع كأن عريكِ مظلة ضوء تتفتح بجزر بغزلان بطواويس . ----------- أثقب فخار النبيذ بين هضاب نهديكِ فيستحيل فمي ساقية وتخطفني السكرة إلى أبراج الأبدية ليخضر جسدكِ بالزنابق وأنا  بالطفولات ...... ------------------- المرأة في إشراقتها الأولى كشمس  ربيع  وأول نجوم  فجر المرأة في انطفائها الدائم كمساء طول , متشحاً بالكآبة .   × التناقض الصارخ بين كرنفالات  المدن , تلك التي  زاهية بالجمال والعشاق والحب والجسد في الاشتهاء  والرغبة في صالوناتها برماح الرعشة . تلك المدن التي كانت مثل كرنافالات تمنح نفسها لعشاقها مثل عاهرات بابليات ؟ النساء الحنونات اللواتي كن يرفعن الجسد برماح الرعشة ؟ الأوقات الطيبة التي كانت مثل كونتيسة ترفع أنخاب البهجة في صالونات الرغبات ؟  × وبين كرنافالات المدن في جنرالات الكوارث في حروبهم , التي تدفع مدنهم الى الخراب والدمار . وتكون مدن المجاعة والتوابيت .  تكون مدن المقابر .  لكن ثمة مدن تعلن عصيانها ضد الموت ,  ولا تريد أن يكون  مطافها الأخير المقبرة . جنرال الكوارث حزين هذا المساء لأن حربه قد أنتهت اليوم, وهذا الأمر يضجره كثيراً , ففي ذاكرته مازالت ثمة مدن تحن الى دمارها ...... بينما على مشارف قرى تلتهمها الجراثيم والمجاعة تصطدم قطارات محملة بتوابيت تعلن عصيانها , لأنها حتماً لن تذهب  الى المقبرة 2 - الجانب السياسي : هاجس الخوف والقلق يدق بقوة ,  بل يصهل بشدة داخل ذاته , حتى وهو في عرين الغربة ,  هاجس التوتر يرن بشدة وفي موته اليومي . وكل فجر هو ولادة جديدة . بسياط من البروق تقودين جياد الرعود في حقول جسدي لأستيقظ على حمحمات . وصهيل, لأن موتي اليومي , هو قيامات دائمة لابتهالات الفجر لولادة اليوم , في أسفاره الغامضة لختام المساء وهو يجمع في سلته المثقوبة كالآمال  والخيبات ,  ليرميه   لشحاذي القبور , لليل المتوتر  × وكذلك هاجس الخوف من الغد , أن يعيد الخوف كوابيس الماضي ,  الخوف  من لا شيء ربما من المجهول .  الخوف من الماضي بكوابسه  المندفعة , ومن المستقبل , لأنه غامض , وعديم الجدوى ,  الخوف ممن لا شيء , ومن شيء  مجهول لأنه سيباغتك مثل أفعى أثناء سهومك في الاستغراق , الخوف من إمرأة , لأنك ستكون  محكوماً بعبأها , وخوف من أنك ستبقى بلا إمرأة , × هاجس الشوق والحنين على فجيعة العراق القائمة , وهو يتدلى من صنارة الألم , لا يصرخ ولا يستفيق , ماذا حدث للعراق ؟ يتساءل  بالدهشة .  على مشارف لفجيعة مقيمة , تطلعت الدهشة الى العراق , وهو يتدلى من صنارة الألم , دهشت الدهشة مندهشة , وقالت : ما لهذا العراق لا يصرخ , لا يستفيق , × الحالة المرعبة  في العراق , اصبحت  كالمطرقة تضرب الرأس للفجيعة , واصبحت الحياة مغلفة بالخوف حتى من النوم , خشية من مجيء  زوار الفجر .  انعدم الفرح من الحياة ,  واصبح الانسان كأنه مفطوم على الحزن المقيم , فالخوف والموت أصبح سمة الحياة ترافق الانسان منذ الطفولة كأنه مرمي  في زاوية الزمن المفقود , لذلك تصهل خيول الرحيل . الخوف من الخوف , لأنه يجتاح دمك  قبل قهوة الصباح ,  ويطن في رأسك قبل كأس المساء , الخوف من النوم , لأنه يستحيل الى مشانق للنعاس : الخوف من الحزن , لأنه طويل مثل ألم راسخ , الخوف من الفرح , لأنك مفطوم على الحزن المقيم , وحدة الموت لايثير الخوف , لأنه نديمنا المترصد منذ الطفولة , وضيفنا المباغت , بدناميت  الوقت وخيول الرحيل .
       جمعة عبدالله

مشاهدة الموقع بالنسخة العادية