مقالات

جسار صالح المفتي

المنافذ الحدودية وحكومة كهرمانة ومصاريف الجيب للاحزاب والفصائل المسلحة و ايران و صم بكم لا يسمعون‎‎

22/02/2023 11:52
المنافذ الحدودية في العراق هي حكاية مالية. والموارد المُحصّلة منها هي موارد غير نفطية. ويجعلها هذا التصنيف ذات إمكانية داعمة لمجموع الأموال القادمة من البراميل السود. تُقسّم المنافذ جغرافياً إلى أربع مناطق: شمالية، وجنوبية، ووسطى، وغربية. وتضمّ هيكلية إدارتها ممثلين من 26 دائرة تعود إلى 11 وزارة، منها الوزارات الأمنية. وتفصيلياً، يمتلك 29 منفذاً حدودياً 4 منافذ بحرية و6 مطارات، وهي منافذ جوية، و15 منفذا برياً. إدارياً، تعود إدارة المنافذ البرية إلى مديرية المنافذ الحدودية في وزارة الداخلية، أما المنافذ الجوية والبحرية فتُديرها وزارة النقل، وبقية المنافذ تديرها حكومة اقليم كردستان. وبداية، تبدو هذه الخرائط المكانية والإدارية ناتجة من وضوح مهام، وأنّ كل شيء هادئ في تلك المنافذ/ الجبهات، من الشمالية إلى الغربية. وإذ وصفنا تلك المنافذ بالجبهات فلم نبتعد عن الواقع، بسبب ما يُعرف في العراق السياسي بـ "المحاصصة"، وهي بلا شك آفة قاتلة تنخر بقية ركائز العراق، سواء عراق اقتصادي، صناعي أو زراعي.. أو غير ذلك من العِراقات!
وتعدّ المنافذ الحدودية دكاناً فاخراً للأحزاب. ففي أكثر من فرصة إعلامية منذ 2003 إلى اليوم يلقي المتخصصون الاقتصاديون، والدوائر الاقتصادية الاستشارية للحكومات المتعاقبة التأوّهات تلو التأوّهات بسبب الجروح المالية العميقة لموارد المنافذ الحدودية، ويتمّ إخبار الملأ العراقي أنّ كل إجراءات الحدّ من الفساد تولد ميتة بسبب وجود جهاتٍ تقاومها وتمارس الابتزاز السياسي دفاعاً عن الفساد والمفسِدين.
المعضلة الداخلية
تعاني المنافذ يوميات المحاصصة الحزبية، وهي تثير إشكالات داخلية ثقيلة وكابحة لأي طموح بشأن الانسيابية واليسر والسهولة، وهذه احتمالات يُفترض أن تتحقق من خلال قانون ناظم لحركة الأموال فيها. وأولى تلك الإشكالات إدارية، وتتحدد في الفوضى الناجمة عن تذبذب العمل بالتعرفة الجمركية. فهناك منافذ ترفض العمل بالتعرفة لأن العمل بها لا يتمّ في جميع المنافذ، وهذا النوع من الإشكال قائم بين منافذ البصرة وإقليم كردستان، فيشار إلى أن "قانون التعرفة لم يُطبق في إقليم كردستان، ما سيؤدي إلى هجرة التجار من المحافظة إلى الإقليم في حال عدم تطبيقه هناك". يُضاف إلى ذلك أن التجار إذا أرادوا عبور مضاحل الروتين، والاستقطاعات الضريبية التي تُفرض وفقا لأهواء موظفي المنافذ، يقومون بالحيلة الآتية: تغيير نوع البضائع من أجل تقليل الاستقطاع الضريبي. وهذه الحيلة تدفع إلى تعقيد الأمور، وبالتالي نكون أمام مشكلة متعالقة أخرى وهي تكدّس البضائع. ومن أجل الحلول، يقوم سماسرة المحاصصة بمضاعفة الروتين والبيروقراطية وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى أن تكون المنافذ جيباً فضفاضاً يخشخش بأموال الرشى وحكايا الابتزاز وأسماء الوسطاء الوهميين.
المشكلة الثانية فنية أو تقنية. فمعظم تلك المنافذ ما يزال العمل فيه يعتمد على أنظمة فحص قديمة، لا تواكب مفهوم "العراق المنفتح" الذي يتحدث عنه المسؤولون الحكوميون. كما أنه لا وجود لمخرجات "الرقابة الصارمة، وليس هناك من أخبار عن محاسبة المتلاعبين بالمال العام القادم من المنافذ الحدودية. ومن أجل حلّ الإشكالَين، الإداري والتقني في المنافذ، يتمّ الحديث في كل مرّة عن متطلبات النهوض بأحوالها. ومن أهم تلك المقترحات توحيد العمل بالتعرفة الجمركية فيها جميعاً، وتنفيذ فكرة البوابات الضخمة التي ستهتم بمسألتي الفحص الإشعاعي ومراقبة السلع. ولكن أي مشروع نهوض عراقي يصطدم على الدوام بمعضلة "المحاصصة الحزبية" التي تجعل من أي أحلام اقتصادية أو سياسية صرحاً من خيال.
ولأن أمر التخلص من المحاصصة وحكومات "الشراهة" مرهون بحدوث معجزة، يذهب المتخصصون الاقتصاديون إلى وضع طبابة فورية للحدّ من ضياع الموارد غير النفطية الكبيرة للمنافذ الحدودية. وتكمن البداية بأن يُعرض وضع المنافذ للاستثمار من أجل تهشيم حلقة الروتين والفساد، وأن يُسند مشروع الاستثمار بإنتاج ضوابط حيوية وفعالة تسهم في توفير بيئة تجارية تمتاز بالنزاهة والانضباط.
المعضلة الخارجية
ويضاف إلى المشكلة الداخلية (المحاصصة) والفساد والمفسدين، المشكلة الخارجية للمنافذ الحدودية التي تتعلق بالتوترات الأمنية والسياسية بين العراق ودول الجوار، وتأثيرات داعش وما قبله. ومما يتعلق بتلك الإشكالات مثلاً، منفذ "الجِمَيْمَة" الحدودي الذي يقع بين محافظة المثنى (السماوة) والسعودية. ولهذا المنفذ قصة: فبين آونة وأخرى، يبرز وضعه على سطح المباحثات العراقية ـ السعودية.. وفي كل مرة يُعلِن الجانب العراقي إكماله الاستعدادات المطلوبة لفتح المنفذ، وتتأخر الرياض أو تُميت أي بارقة حديث بشأن إعادة المياه إلى مجاريها فيه.. وذلك بسبب محطات توتر وشدّ وجذب بين الطرفين بدأت منذ 2003 وهي مستمرّة إلى يومنا هذا.
هذا النوع من الإشكالات دفع بالمحاصصة إلى الانتقال من معناها الداخلي إلى الإقليمي. ففي أكثر من محطة تشير السعودية إلى التعامل التجاري غير العادل حدودياً من قبل السلطات العراقية مع بضائعها بالمقارنة مع البضائع الإيرانية والتدفق البشري. وهذا الوضع يجعل أمر المنافذ مع السعودية مقيداً بإشكال سياسي يذهب بالعلاقات الحدودية إلى الجمود. وما زال الحديث عن المنافذ يذكِّر بأن زيارة كربلاء العام الماضي (2015) شهدت اقتحام 500 ألف زائر إيراني وأجنبي الحدود العراقية من منفذ "بدرة" (شرق محافظة واسط) دون الحصول على تأشيرة الدخول (ودفع الرسوم). وقد حصل هذا بعد أن حطم الزوار الأبواب والحواجز الموجودة نتيجة الفوضى الإدارية في المنفذ.
يعكس تردي واقع المنافذ الحدودية في العراق ارتباك العمل السياسي. فالمجالان الاقتصادي والسياسي يتبادلان التأثر والتأثير. وينجم عن ذلك نزول الأموال الطائلة من واردات المنافذ في جيوب الفاسدين. وبالنتيجة، فإن حرب الفساد مشتعلة بين المتنفذين. أمّا الحرب على "حرب الفساد" فما زالت نتائجها بطيئة أو هي غير فاعلة، لكونها تتقدم على شكل "مقامة وعظية" لم تضع فاسداً واحداً وراء القضبان
  إيرادات المنافذ الحدودية للحكومة الاتحادية و حكومة إقليم كوردستان بين أعوام ( 2016- 2021)
يبلغ عدد المنافذ الحدودية في الحكومة الآتحادية(19) منفذ حدودي، ويبلغ عدد المنافذ الحدودية في إقليم كوردستان( 6) منافذ رسمية.
    بلغت الإيرادات الكمركية للمنافذ الحدودية في إقليم كوردستان نحو( 510 مليار) دينار في عام 2019، بزيادة تقدر بـ( 48%)  مقارنة مع الإيرادات  الكمركية المتحققة في المنافذ الحدودية التابعة للحكومة الاتحادية.
    وفي عام 2020، بلغت الإيرادات الكمركية للمنافذ الحدودية في إقليم كوردستان نحو(544 ملیار و 838 ملیون و 608 الف) دینار، بزيادة تقدر بـ(63%)  بالمقارنة  مع الايرادات  الكمركية في المنافذ الحدودية للحكومة  الاتحادية
    بلغت الايرادات الكمركية للمنافذ الحدودية لإقليم كوردستان في عام 2021،  (689 ملیار و 586 ملیون و 141 الف ) دینار بزيادة تقدر بنسبة (69%)   مقارنة بالإيرادات الكمركية المتحققة في الحكومة الاتحادية.
للضريبة الكمركية والضرائب بشكل عام دوركبير في تمويل كل القطاعات التي تصرف عليها الدولة كالجيش، والشرطة، والتعليم. أو نفقاتها تبعا للسياسات الاقتصادية؛ كدعم سلع وقطاعات معينة، أو الصرف على البنية التحتية؛ كبناء الطرقات والسدود، أو التأمين على البطالة. في الأنظمة الديمقراطية تحدد قيمة الضريبة بقوانين يصادق عليها من ممثلي الشعب. عادة ما تعهد وظيفة جمع الضرائب وتوزيعها على القطاعات المختلفة إلى وزارة المالية بعد تحديد الميزانيات.
المنافذ الحدودية في الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان
يملك العراق( 25)منفذ حدودي( بري ،بحري و جوي) رسمي، يشرف هيئة المنافذ الحدودية على(19) منفذ(13) منها منافذ برية و( 6) منها منافذ بحرية وجوية، تشرف حكومة إقليم كوردستان على ( 6) منافذ حدودية رسمية ( 4) منافذ منها برية و(2) جوية، بالاضافة إلى ذلك يملك الإقليم ( 4) منافذ حدودية برية أخرى غيررسمية مع إيران.
 أولا- المنافذ الحدودية البرية التي تدار من قبل الحكومة الاتحادية.
    منفذ سفوان الحدودي مع دولة الكويت
    منفذ شلامجة مع إيران
    منفذ شيب مع إيران
    منفذ الوليد مع سوريا
    منفذ مندلي مع إيران
    منفذ طربيل مع الاردن
    منفذ زرباطية مع إيران
    منفذ المنذرية مع إيران
    منفذ عرعر مع السعودية
    منفذ جميمة مع السعودية
    منفذ القائم مع سوريا
    منفذ ربيعة مع سوريا
     منفذ جريشان مع الكويت.
المنافذ الحدودية الرسمية التي تدار من قبل حكومة إقليم كوردستان
     منفذ أبراهيم خليل الحدودي مع تركيا
    منفذ باشماخ مع إيران
    منفذ برويزخان مع إيران
     منفذ حاجي عمران مع تركيا
المنافذ الحدودية شبه الرسمية في إقليم كوردستان جميعها مع إيران.
    منفذ كيلي في قلعة دزة
    منفذ سيرانبن في كرمك
    منفذ طويلة في شوشمي
    منفذ بشتة في ناحية بمو التابعة لمحافظة حلبجة.
ثانيا – المنافذ الحدودية البحرية
    ميناء أم قصر
    ميناء أبو فلوس
    ميناء خور الزبير
 ثالثا- المنافذ الجوية
    مطار بغداد الدولي
    مطار البصرة الدولي
    مطار النجف الدولي
    مطار أربيل الدولي-  حكومة إقليم كوردستان
    مطار السليمانية الدولي – حكومة إقليم كوردستان
 إيرادات المنافذ الحدودية العراقية( 2005- 2021)
وفق أرقام وبيانات هيئة المنافذ الحدودية والتقريرالسنوي للبنك المركزي العراقي، بلغ إجمالي الإيرادات الكمركية المتحققة بين أعوام ( 2005- 2021) نحو (10 ترلیون و 605 ملیار و 748 ملیون و 251 الف) دینار، بمعدل سنوي بلغ (623 ملیارو 867 ملیون و 544 الف و 176) دینار. أعلى معدل  للايرادات الكمركية في العراق سجل في عام 2018 حيث بلغ (1 ترلیون و 691 ملیار و 738 ملیون) دینار. في حين سجل أدنى معدل للايرادات الكمركية في عام 2005 حيث بلغ نحو (102 ملیار و 172 ملیون) دینار.  الإيرادات الكمركية للمنافذ الحدودية في إقليم كوردستان( 2016- 2021)
 بحسب أرقام وبيانات حكومة إقليم كوردستان بلغ الإيرادات الكمركية المتحققة في المنافذ الحدودية بين أعوام ( 2016- 2021) نحو (6 ترلیون و 930 ملیار)، بلغ المعدل السنوي للايرادت خلال هذه الفترة نحو دینار(1 ترلیون و 155 ملیار) دینار .وتم تسجيل أعلى معدل إيرادت في عام 2021، حيث بلغ نحو(1 ترلیون و 930 ملیار) دینار. وبلغ أدنى معدل للايرادات الكمركية في عام 2016 حيث بلغ (563 ملیار) دینار.
الفرق بين إيرادات المنافذ الحدودية الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان( 2016- 2021)
    بلغت الإيرادات الكمركية للإقليم كوردستان نحو( 510 مليار) دينار في عام 2019، بزيادة تقدر بـ( 48%) من الإيرادات المتحققة في المنافذ الحدودية التابعة للحكومة الاتحادية.
    وفي عام 2020، بلغت الإيرادات الكمركية في إقليم كوردستان نحو(544 ملیار و 838 ملیون و 608 الف) دینار، بزيادة  تقدر بـ(63%) من  الايرادات  الكمركية  في المنافذ الحدودية  في الحكومة الاتحادية
    بلغت الايرادات الكمركية للمنافذ الحدودية لإقليم كوردستان في عام 2021،  (689 ملیار و 586 ملیون و 141 الف ) دینار بزيادة  تقدر بنسبة (69%)   مقارنة بالإيرادات الكمركية المتحققة في الحكومة الاتحادية.
    هذا الفرق الكبير في العائدات الكمركية  بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان يعود إلى الاسباب التالية.
     تفشي الفساد وبشكل كبير في المنافذ الحدودية العراقية
     تزايد الحركة التجارية في المنافذ الحدودية التابعة لحكومة إقليم كوردستان
     رفع معدل الضرائب الكمركية من قبل حكومة إلإقليم في المنافذ الحدودية  التابعة لها.

مشاهدة الموقع بالنسخة العادية