د. صادق السامرائي
أنُّ: من الأنين
"ملأنا البحر حتى ضاق عنّا...وظهر البحر نملأه سفينا"
"إن الذي سمك السماء بنى لنا...بيتا دعائمه أعز وأطول"
"أنام ملئ جفوني عن شواردها...ويسهر الخلق جراها ويختصم"
"إذا اعتاد الفتى خوض المنايا...فأهون ما يمر به الوحول"
"تعدو الكلاب على من لا أسود له...وتتقي صولة المستأسد الضاري"
أجدادنا من الجنسين كانوا يكتبون بأنفة وكبرياء وتحدي وجرأة , وقابلية على مقارعة الخطوب ولوي أعناق التداعيات , في كلامهم إخبار عن عمل وقدرات لا محدودة على التوثب والإقدام.
والشعر ديوان العرب ويزدحم بالملاحم والبطولات , والتعبيرات الإنسانية المقدامة العلياء بقيمها ومعايرها السلوكية الصادقة.
وما تقدم مقتطفات كقطرة من يمٍّ عظيم , وما قلناه بكائيات وندب وجلد للذات , وهرب من مواجهة واقع يتألب علينا.
ربما سيقول البعض أنها أفكار في شعر , وليست شعرا , وفي ذلك نظر , لكنها تعكس واقعا نفسيا وحالة سلوكية قائمة في ربوع الأمة.
وماذا قلنا؟
يمكننا أن نقرأ ما تعج به المواقع والصحف , وسنعرف الفرق الشاسع بين ما كنا عليه وما نحن فيه , وتلك علامة دامغة على تردي واقعنا بصورة عامة , لأن الشعر مرآة الأمة وأحوالها تنعكس فيه , وبما أن واقع مجتمعاتنا مترهل , فمن أين نأتي بالشعر القويم؟
لا تغضب يا أخي!!
إنها ظاهرة تقدنا قدا , وتسحقنا برحى التبعية والخنوع والركض المتهافت وراء الآخرين , فنتوهم ما عندهم يصلح لنا , وكأننا نريد تجرع السم بالعسل , فهل لنا أن نكتب بمداد ما فينا , إبداعا أصيلا يغنيتا؟!!
د-صادق السامرائي