مقالات

علي آل غراش

الكرامة الإنسانية والدولة الكريمة..24/رمضان... ضاءات في رحاب شهر رمضان المبارك... ح/ 25

15/04/2023 07:57
الكرامة حق أصيل لكل إنسان، وهي هبة من الخالق -عز وجل- لعباده، فالله خلق الإنسان في أحسن صورة، وكرمه عن بقية مخلوقاته -سبحانه وتعالى-، وسخر له بقية مخلوقاته، وجعل له قيمة ومكانة، وهذه القيمة والمكانة تعني الكرامة، ومن أهداف شهر رمضان الكريم، هو نيل الكرامة الالهية، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في خطبته في استقبال شهر رمضان المبارك: "هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجُعلتم فيه من أهل كرامة الله". 
الكرامة هبة إلهية وحق لكل إنسان، فهي أغلى ما يملكه فهي روح وجوهر وجوده، وبدون ذلك الإنسان يفقد قيمته الإنسانية، فهي شعور فطري مقدس في الشريعة الإسلامية السمحاء، الله -سبحانه وتعالى- قال في كتابه الكريم: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا). فالكرامة هي تشريف من الخالق -عز وجل- لعباده، ليشعر بوجوده وكيانه وإنسانيته، كي يصبح قادرا على التفكير والحصول على حقوقه  والمشاركة في اتخاذ القرارات واعمار الأرض، ولقد أرسل الله الانبياء والرسل لترسيخ قيم ومبادئ الكرامة، ومن أهداف شهر رمضان الكريم، التأكيد على الكرامة وحمايتها وتأصيلها في وجدان الناس.  والكرامة ليست مجرد مفردة ومفهوم فقط، بل ينبغي أن تكون ممارسة ليعيش الإنسان حرا عزيزا في كل مفاصل الحياة. الله -سبحانه وتعالى- كريم وفي شهر رمضان الكريم، يريد بناء الإنسان الكريم الحريص على كرامته، وتنمية الكرامة.. والتعامل من منطلق الكرامة التي تعني الحياة الكريمة.
وفي العصر الحديث، وضعت الأمم المتحدة عبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ وثيقة تاريخية لحقوق الإنسان، وعلى كل حكومات دول العالم الالتزام به، وأول بنود الوثيقة هو: "الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم".
الكرامة نعمة إلهية
الكرامة أمر فطري ونعمة من الخالق -عز وجل- ومتأصلة، فهي حق شخصي لكل إنسان، ولهذا وليس من حق اي كان أن يسلب هذا الحق "الكرامة" منه مهما كان، عبر حرمانه من العدالة والحرية والعيش الكريم السكن والعمل في ظل الأمن والامان والسلام.. فهذه الأمور وغيرها، ومن يفعل ذلك اي يعتدي على الكرامة فهو معتدي ومجرم بحق أحكام شريعة السماء والدساتير والقوانين والأنظمة الوضعية في عالم اليوم. 
ما هي الكرامة؟. 
الكرامة تعني العزة والعيش الكريم في ظل العدالة والحق والحصول على الحقوق، كحق الحصول على الاوراق الثبوتية كالجنسية، والسكن والعمل وحق السفر والتنقل والعلاج والدراسة- والتعبير عن الرأي وحق المشاركة في إدارة الوطن، والشعور بالأمن والامان والسلام والراحة،  بلا ظلم ولا جور ولا استبداد ولا فساد، ولا ذل ولا هوان، ورفض كل ما يسلب الإنسان من حقوقه، في فكره وعقيدته، ونصرة الحق والمظلومين والمستضعفين وأهل الكرامة في كل مكان وزمان، ورفض كل ما يخالف العقل والأخلاق والقيم السماوية، فالذل والهوان وقطع الرحم والكذب والخيانة والإساءة للآخرين، والسكوت عن الظلم والظالمين والمستبدين والمعتدين والمجرمين .. ، ليست من صفات أهل الكرامة، التي تتطلب العزة والصبر والصمود والتحمل والتضحية في سبيل الكرامة، لأن البديل العيش في الذل والهوان والضعف وضياع الحقوق..، يقول شهيد ليلة القدر أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام): "من لم تقومه الكرامة قومته الإهانة". و عنه (عليه السلام): "من لم تصلحه الكرامة أصلحته الإهانة". فالكرامة تجعل من يتحلى بها قويا شجاعا مهابا..، يخاف منه الظالم والمستبد والمفسد واللئيم. حول ذلك يقول (عليه السلام): "الكرامة تفسد من اللئيم بقدر ما تصلح من الكريم".
الدولة الكريمة 
في شهر رمضان المبارك من المستحبات في مدرسة أهل البيت -عليهم السلام-، قراءة الأدعية الخاصة بشهر رمضان الفضيل ومنها دعاء الافتتاح حيث يحرص اتباع مدرسة اهل البيت (ع) على قراءته بشكل يومي طوال شهر رمضان المبارك، فهو دعاء منقول عن الإمام الحجة المهدي المنتظر (عج)، فهو يبدأ بالحمد والتسبيح والشكر لله، وبعد ذلك الدعاء بالرغبة بالعيش في دولة الكرامة والعزة في دول الكريم الإمام المهدي الموعود (عج) الذي سيملأ الارض عدلا وقسطا بعدما ملئت ظلما وجورا، حيث يعم العدل والخير والأمن والأمان والسلام والاستقرار والرخاء على جميع البشر في ظل وجوده الكريم المبارك، وسيحصل الناس في دولته الكريمة على العزة، والكرامة الحقيقية في الدنيا والآخرة، ففي الدعاء يقرأ أهل الكرامة عشاق الإمام المهدي (عج) المقطع التالي ضمن الدعاء: "اللّهُمَّ إِنّا نَرْغَبُ إِلَيْكَ في دَوْلَة كَريمَة تُعِزُّ بِهَا الإسْلامَ وَأَهْلَهُ، وَتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وَأَهْلَهُ، وَتَجْعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ إِلى طاعَتِكَ، وَالْقادَةِ إِلى سَبيلِكَ، وَتَرْزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ". 
في شهر رمضان الكريم، جميع العباد في ضيافة الله، والله -سبحانه وتعالى- كريم يستجيب لدعاء ضيوفه الذي جعلهم في هذا الشهر أهل كرامته، وكل من يتطلع للعيش في حياة كريمة أن يدعو الله أن يعجل ظهور الإمام المهدي الهادي المنتظر (عج) لينعم كافة الناس بدولته الكريمة لانها قائمة على العدل والقسط والرحمة والكرم، الكل سيعيش حياة كريمة وينعم بالكرم والعزة، ان الإمام المهدي (ع) كريم ابن كرماء، ورحمة من الخالق -عز وجل- الكريم. 
شهيد الكرامة 
وفي النهاية أحببت أذكر في كلمات صاحب الشخصية العظيمة الذي قدم وضحى بكل شيء بروحه لأجل الكرامة فأصبح شهيد الكرامة، انه الشهيد الشيخ نمر باقر النمر -رضوان الله عليه-. الرحمة على روح الشهداء الأبرار.
دعاء اليوم الرابع والعشرين : اَللّـهُمَّ اِنّي اَسْأَلُكَ فيهِ ما يُرْضيكَ، وَاَعُوذُبِكَ مِمّا يُؤْذيكَ، وَاَسْأَلُكَ التَّوْفيقَ فيهِ لاِنْ اُطيعَكَ وَلا اَعْصيْكَ، يا جَوادَ السّائِلينَ.

وإلى الحلقة السادسة والعشرين.. ⬇️ علي سلمان ال غراش

مشاهدة الموقع بالنسخة العادية