الأنبياء صفوة البشر
من المعلوم أن عقيدة المسلمين في الأنبياء والرسل في أنهم صفوة البشر وأنهم معصومين من الدنس والكفر والمعصية ، وأن الله اختارهم من بين كل الناس ليكونوا سفراء بينه وبين خلقه ، فهم خيرة خلق الله ، وأن الله اختارهم وصنعهم على عينه ، وعصمهم من الدنايا والكبائر والنقائص، ونزههم عن كل شين وعيب ، ليصبحوا عبيداً لله مخلصين ومطيعين كما أخبر الله سبحانه وتعالى عنهم في سورة مريم فقال : { أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا ۚ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا }(1). وقال عنهم في السورة المسماة باسمهم سورة الأنبياء مادحا إياهم: { إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ }(2)
فالله تبارك وتعالى هو الحكيم الخبير، وهو أعلم حيث يجعل رسالته، فلا يختار للنبوة إلا أصلح الناس لها، وأليقهم بها، قال السعدي في تفسير قوله تعالى: { اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }(3).
أي: يختار ويجتبي من الملائكة رسلًا، ومن الناس رسلًا، يكونون أزكى ذلك النوع، وأجمعه لصفات المجد، وأحقه بالاصطفاء، فالرسل لا يكونون إلا صفوة الخلق على الإطلاق، والذي اختارهم واصطفاهم ليس جاهلًا بحقائق الأشياء، أو يعلم شيئًا دون شيء، وإنما المصطفى لهم، السميع البصير، الذي قد أحاط علمه وسمعه وبصره بجميع الأشياء، فاختياره إياهم عن علم منه أنهم أهل لذلك، وأن الوحي يصلح فيهم، كما قال تعالى: { اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} (4) ، (5).
أما اليهود فلهم نظرة أخرى.. ومن يقرأ التوراة اليهودية أو التلمود يجد أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام موصوفون عندهم بصفات الضعف والخيانة، والجشع والخسة والنذالة والتهتك، بل نسب إليهم هؤلاء اليهود المجرمون جرائم الزنا وشرب الخمور والقتل.. وكأن الله عندما اختارهم لم يكن يعلم عنهم شيئا، وإنما خبط عشواء، فجاءوا على خلاف ما يرجو وما يهوى.
وعندهم نوح يسكر ويتعرى(6) ، لوط يسكر ويزني بابنتيه(7) ، وداود وسليمان ، الأول يزني بامرأة قائدة ويصفوه بالساحر ، وقالوا عن سليمان إنه ساحر، وأنه تزوج بنساء مشركات، وأنه عبد الأصنام معهم، ثم بنى للأصنام بيتا للعبادة(8) ، وزعموا أن هارون عليه السلام هو الذي صنع لهم العجل ودعاهم إلى عبادته(9).
ليصل المسلسل الى نبي الله عيسى(ع)والذي يتم صلبه وبأبشع صورة وليتم دق يديه بالمسامير والذي قام بذلك هم بنو إسرائيل والذي كانوا يقتلون ويمثلون في ظهور ونشوء الفكر المتطرف والإرهاب منذ ذلك وعند اليهود وهذا ما ذكره الله في محكم كتابه بقوله عن اليهود :{ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}(10).
ولهذا فأن نواة الإرهاب نشأت عند بني إسرائيل لتمتد ولتنشأ منظمات إرهابية عند احتلال فلسطين من قبل الصهاينة من أمثال الهاغانا وشتيرن وكاخ. وقد كان " «إرهاب الدولة» هو السمة المميزة للكيان الصهيوني، وقد برع فيه زعماء هذا الكيان بما لهم من خبرة «جيدة» في هذا المجال؛ فمنهم من كانوا زعماء عصابات ثم أصبحوا رؤساء وزارات كـابن غـوريون وإسـحاق شـامير ومناحيم بيغين وأرئيل شارون... وبجانب «الإرهاب الرسمي» نشأ ما يمكن أن نطلق عليه: «الإرهاب شبه الرسمي»؛ وهي الظاهرة التي برزت في أعقاب حرب يونيو 1967م والاحتلال الصهيوني لمزيد من الأراضي العربية، وإعلان المدينة المقدسة بكاملها (عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل). تبلورت وتنامت هذه الظاهرة في مطلع السبعينيات من القرن الماضي متمثلة في تنظيمات صهيونية عنصرية إرهابية ترفع شعار «أرض إسرائيل الكاملة» وتدعو إلى طرد العرب من فلسطين المحتلة والاستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم وضم الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وشرق سيناء إلى ما يسمى «الحدود التوراتية».
التي يروَّج لها الآن بدعم من بعض الأنظمة العربية، في ما عرف بـ «صفقة القرن». فمثلاً
منظمة ترفع شعار «يد تمسك بالتوراة ويد تمسك بالسلاح»، ومؤسس هذه الحركة ومفكرها
هو الحاخام «مائير كاهانا» الذي اشتهر بـ «مايكل الملك» و «دافيد سيناء». كان عميلاً لـ(CIA)، انتخـب عضواً بالكنيست عام 1984م، وفي عام 1969م(11).
ولنا وقفات أخرى إن شاء الله مع تاريخ اليهود ومسلسل العنف والدماء في تاريخهم في جزئنا القادم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصادر :
1 ـ [ مريم:58 ].
2 ـ [ الأنبياء:90 ].
3 ـ [ الحج : 75 ].
4 ـ القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة الحج - الآية 75 . راجع الرابط : https://quran.ksu.edu.sa/tafseer/saadi/sura22-aya75.html
5 ـ [ الأنعام : 124 ].
6 ـ راجع سفر التكوين جاء في وصف نوح عليه السلام.
7 ـ وقد ذكروا في (سفر التكوين 19: 30 ـ 38) عنه أفحش ما يوصف به إنسان.
8 ـ جاء في الملوك الأول (11: 3 ): " كانت له سبع مئة من النساء السيدات و ثلاث مئة من السراري فامالت نساؤه قلبه 11: 4 و كان في زمان شيخوخة سليمان أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة اخرى ولم يكن قلبه كاملا مع الرب إلاهه كقلب داود أبيه".
9 ـ راجع (سفر الخروج) (32/1).
10 ـ [النساء : 155].
11 ـ مأخوذ من مقال بعنوان(يد تمسك التوراة ويد تمسك السلاح... الإرهاب الصهيوني «قبضة مطوية في درع داود ». الكاتب عرفه عبده علي. موقع البيان. منشور بتاريخ 20/1/2020. الرابط :
https://www.albayan.co.uk/MGZarticle2.aspx?id=8980