مقتل عثمان وصلة معاوية بذلك
حيث تشير الروايات أنه " وعندما اشتد الأمر على عثمان كان يرى معاوية أن قتل عثمان هو الطريق الوحيد في ذلك، فلم يقدم أي مساعدة له، حتى أنّ عثمان بعث إليه برسالة عتاب، عندما وصلت المضايقات وقيام الناس عليه في ذروتها " (1).
ومن جهة أخرى وبعد مقتل عثمان اعتبر معاوية نفسه والأمويين هم الورثة بذريعة الأخذ بثأره قام على الإمام علي عليه السلام، كما أن معاوية قام بخطبة زوجة عثمان عندما فرت بعد مقتله إلى الشام، لكنها رفضت الزواج (2).
ومن الدلائل على هذا الأمر هو :
1 ـ كتب علي أمير المؤمنين « عليه السلام » إليه : « ولعمري ، ما قتله غيرك ، ولا خَذَلَهُ سواك ، ولقد تربصت به الدوائر ، وتمنيت له الأماني » (3) .
2 ـ عنه « عليه السلام » فيما كتبه له : « إنك إنما نصرت عثمان حينما كان النصر لك ، وخذلته حينما كان النصر له » (4) .
3 ـ كتب أبو أيوب الأنصاري لمعاوية : « فما نحن وقتلة عثمان ؟! إن الذي تربص بعثمان ، وثبط أهل الشام عن نصرته لأنت الخ . . » (5) .
4 ـ كتب إليه شبث بن ربعي : « إنك لا تجد شيئاً تستغوي به الناس ، وتستميل له أهواءهم ، وتستخلص به طاعتهم ، إلا أن قلت لهم : قتل إمامكم مظلوماً ، فهلموا نطلب بدمه ، فاستجاب لك سفهاء طغام رذال ، وقد علمنا أنك قد أبطأت عنه بالنصر ، وأحببت له القتل بهذه المنزلة التي تطلب » (6).
فلمّا كان في حصره الآخر ، بعث المسور ثانياً إلى معاوية لينجده فقال : « إنّ عثمان أحسن الله به ، ثمّ غيّر فغيّر الله به ، فشددتُ عليه ، فقال : تركتم عثمان حتى إذا كانت نفسه في حُنجرته قلتم : اذهب فادفع عنه الموت ، وليس ذلك بيدي ، ثمّ أنزلني في مشربة على رأسه ، فما دخل عليّ داخل حتى قتل عثمان » (7).
5 ـ وروى أيضاً عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال : « أقام عبد الله بن سعد ـ وهو ابن أبي سرح أخو عثمان لأمه ـ بعسقلان بعد قتل عثمان ، وكره ان يكون مع معاوية وقال : لم أكن لأجامع رجلاً قد عرفته إن كان ليهوى قتل عثمان » (8).
6 ـ كتب إليه ابن عباس : « . .فأقسم بالله ، لأنت المتربص بقتله ، والمحب لهلاكه ، والحابس الناس قِبَلك عنه على بصيرة من أمره . .
ولقد أتاك كتابه وصريخه ، يستغيث بك ويستصرخ ، فما حفلت به . . فقتل كما كنت أردت . . فإن يك قتل مظلوماً فأنت أظلم الظالمين » (9).
7 ـ ولابن عباس كتاب آخر يذكر له فيه ذلك أيضاً (10).
قال ابن عباس لمعاوية في المدينة ، حينما اتهم بني هاشم بقتل عثمان : « أنت قتلت عثمان ، ثم قمت تغمص على الناس أنك تطلب بدمه ، فانكسر معاوية » (11) .
8 ـ كتب محمد بن مسلمة لمعاوية : « . .ولعمري يا معاوية ، ما طلبت إلا الدنيا ، ولا اتبعت إلا الهوى ، ولئن كنت نصرت عثمان ميتاً ، خذلته حياً » (12).
9 ـ من كتاب لأمير المؤمنين « عليه السلام » إليه : « أما بعد ، فوالله ما قتل ابن عمك غيرك ، وإني لأرجو أن ألحقك به على مثل ذنبه ، وأعظم من خطيئته » (13).
10 ـ في البداية والنهاية " فانتقل عمرو بن العاص إلى المدينة وفي نفسه من عثمان أمر عظيم وشر كبير فكلمه فيما كان من أمره بنفس، وتقاولا في ذلك، وافتخر عمرو بن العاص بأبيه على عثمان، وأنه كان أعز منه. فقال له عثمان: دع هذا فإنه من أمر الجاهلية. وجعل عمرو بن العاص يؤلب " (14).
كتب عثمان إلى معاوية وهو تحت الحصار يسأله تعجيل القدوم عليه ومساعدته، فأرسل إليه جيشاً بلغ عدده اثنا عشر ألفا، ثم أمرهم بالبقاء داخل حدود الشام حتى يصدر لهم الأمر التالي (15). ولم يصل هذا الجيش إلى المدينة ومساعدة الخليفة، وذهب معاوية إلى عثمان لمعرفة أمره، وقال له الخليفة إنك تنتظر قتلي حتى تقول أنا ولي الدم (16).
وهناك الكثير من الدلائل التي تشير الى صلة معاوية المجرمة بقتل عثمان ، وهي تمثل قمة الإرهاب والغدر وتحريف الحقائق وهي تمثل البداية التي بدأ بها أجداد الإرهابيين ومن ذلك التاريخ في هذا الأمور الإجرامية والإرهابية ممثلة بمعاوية وعمر بن العاص وأم المؤمنين ومن لف لفهم. ولكن لأجل عدم الإطالة ارتأينا أن نأخذ هذه الزبدة ، وما خفي كان أعظم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصادر :
1 ـ الذهبي، تاريخ الإسلام، ص 450- 451.
2 ـ الرازي، نثر الدر، ج 4، ص 62.؛ ابن طيفور، بلاغات النساء، صص 138 - 139.
3 ـ شرح نهج البلاغة للمعتزلي (ط قديم) ج3 ص411 و (ط دار إحياء الكتب العربية) ج15 ص84 والغدير ج9 ص150 والنصائح الكافية ص20 عن الكامل ، والبيهقي في المحاسن والمساوي ، والإمام علي بن أبي طالب « عليه السلام » سيرة وتاريخ ص167 عن المعتزلي ، ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج4 ص56 وبحار الأنوار ج33 ص125 .
4 ـ راجع : نهج البلاغة (بشرح عبده) ج3 ص62 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج4 ص55 والإحتجاج للطبرسي ج1 ص265 وبحار الأنوار ج33 ص98 والغدير ج9 ص149 ونهج السعادة ج4 ص168 والنصائح الكافية ص20 و (ط دار الثقافة ـ قم) ص40 وشرح نهج البلاغة لابن ميثم ج5 ص81 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص153 .
4 ـ الإمامة والسياسة ج1 ص109 و 110 و (تحقيق الزيني) ج1 ص97 و (تحقيق الشيري) ج1 ص130 والغدير ج9 ص151 عنه ، وعن شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص281 وج8 ص44 وبحار الأنوار ج32 ص502 والدرجات الرفيعة ص319 وأعيان الشيعة ج6 ص286 وصفين للمنقري ص368 .
6 ـ صفين للمنقري ص187 و 188 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص570 والغدير ج9 ص150 وج10 ص307 عنهما ، والكامل لابن الأثير ج3 ص286 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص15 وبحار الأنوار ج32 ص449 والنصائح الكافية ص42 ومواقف الشيعة ج2 ص427 وأعيان الشيعة ج1 ص482 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص335 .
7 ـ تاريخ الإسلام 2 / 133 ط القدسي ، وسير أعلام النبلاء 2 / 606.
8 ـ سير أعلام النبلاء ٤ / ٢٢٧ ط دار الفكر ، وقارن المعرفة والتاريخ للفسوي ١ / ٢٥٤ ، ومختصر تاريخ دمشق ١١ / ٢٣١.
9 ـ شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص154 و 155 وبحار الأنوار ج33 ص99 والإمام علي بن أبي طالب ، سيرة وتاريخ ص167 عنه ، و الغدير ج9 ص134 و 150 .
10 ـ الفتوح لابن أعثم ج3 ص256 والمناقب للخوارزمي ص181 و (ط مركز النشر الإسلامي) ص257 والإمامة والسياسة ج1 ص113 و (تحقيق الزيني) ج1 ص100 و (تحقيق الشيري) ج1 ص133 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج8 ص66 والغدير ج9 ص150 وج10 ص325 وأعيان الشيعة ج1 ص504 وج8 ص55 وصفين للمنقري ص415 والدرجات الرفيعة ص113 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج31 ص372.
11 ـ تاريخ اليعقوبي ج2 ص222 و 223 .
12 ـ الإمامة والسياسة (تحقيق الزيني) ج1 ص91 و (تحقيق الشيري) ج1 ص121 والغدير ج9 ص151 وج10 ص333 وكتاب الفتوح لابن أعثم ج2 ص531 .
13 ـ الغدير ج9 ص76 ونهج السعادة ج4 ص79 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج1 ص371 والعقد الفريد ج4 ص334 و (ط 2) ج3 ص107 وفي (ط أخرى) ج2 ص223 وفي (ط غيرها) ج5 ص77 ، ورواه عنه تحت الرقم (429) من جمهرة رسائل العرب ج1 ص417 .
14 ـ البداية والنهاية للامام الحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي المتوفى سنة 774 ه حققه ودقق أصوله وعلق حواشيه علي شيري الجزء السابع دار إحياء التراث العربي. منشورات المكتبة الشيعية.
15 ـ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 175.
16 ـ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 175.