محطة رقم 8 الفرزة الخامسة عشرة
    الأثنين 13 سبتمبر / أيلول 2021 - 05:26
    عطا يوسف منصور
    ومن الصور عن تصرفات بعض الشيوعيين معي ممن اعرفهم دون ذكر اسائهم كي يَتَبيّن القارئ النموذج الاخلاقي لناسٍ يدّعون المُثل العُليا والمبادئ ومنها هذه الصور وهي محاولة ثني الشاعر المعلم سميع داوود من تقديم مساعدته لي عندما اعرض عليه ما أنظم من شعر مع تقليل شأني بانتقاص قابليتي وقد أخبرني هو بهذا الموضوع في احدى جلساتي معه الا أنّه لم يُخبرني عن اسمائهم. 

    والصورة الثانية: اني قرأتُ قصيدةً نظمتها في هجاء حزب البعث الى مدرس انكليزي كان ينام الى جانبي في قاووش رقم 6 فما كان منه الا أن اخذ قصيدتي وهو مسرع الى قاووش رقم 1 ليقرأها على المخبرين هناك بحجة الاعجاب وكنتُ معه فقرأها عليهم فتجاهلوهُ ولم يُعلّقوا عليها امامي تحاشيًا من كشفهم ومنها قررتُ ألا أقرأ له اشعاري ولا أستبعد أنه مخبرٌ لا يُتقن عمله وفي شباط 1968 عند ذهابي للحج بالسيارة جاء  لزيارتنا ولا أدري كيف عَلِمَ بنا وبوصولنا الى الرياض حيث دعاني واخرين الى الغداء في شقته وفي عام 1986 كان آخر لقاء لي معه في بغداد عند مروري بشارع فرعي للذهاب الى حي العامل فوجدتُهُ في محل له يبيع به حلوى ومرطبات ومواد غذائيّة. 

    ومن انعكاسات قراءة القصيدة ان جاءني بعد ايام صديقي المخبر ناجي زرزور وحمل يطغي الى قاووشه رقم 1 معللاً الموقف بأن قاووشهم أفضل فانتقلتُ من قاووشي رقم 6 لأكون تحت أنظار المخبرين الكبار.

    والصورة الثالثة كانت مع كادر شيوعي انتقل الى بغداد ثم استقدمته لجنة تحقيق الكوت وهو من جماعة أخي نافع وعند دخولي الى قاووشي رقم 1وجدتُهُ جالسًا مع جماعة المخبرين ولكوني اعرفه من زمن طويل ذهبتُ اليه ثم سلمتُ عليه وجلستُ الى جانبه ومن غير مقدمات قطع حديثه معهم وقال تدرون أنّ عطا الى الان عنده اسماء ما معترف عليها / سمع المخبرون الكبار كلامه ولم يُعلقوا كما حصل سابقًا عند سماعهم للقصيدة / أما عن حالي فقد دخلتُ في دوامة لا أدري كيف اخرج منها فانسحبتُ الى يطغي وانطرحتُ عليه لأضع احتمالات القادم وتذكرتُ موقفي ودفاعي عنه مع أحد القوميين صاحب محل لبيع الحبوب مُلاصق الى محل أبيه القمّاش يتهمه بسرقة أموال الحزب عند زواجه بزوجته الأولى . 

    والصورة الرابعة عندما كنتُ في قاووش رقم 6 منطرحًا وقت العصر على يطغي وقد غطيتُ وجهي بالخاولي لتحاشي الذباب فيقف المعلم الذي كان سامرائيّا وأصبح تكريتيًا بعد الانقلاب يقف بالباب ليتهجم ويقول الى الموجودين ظنًا منه بأنني نائمٌ / تدرون هذا النايم ما بقّى واحد ما اعترف عليه / وكان جواب الموجودين هو السكوت ثم ذهب وبعد مضي ساعة يأتي فيطلب مني حبرًا ليملي قلمه فأعطيتُهُ المحبرةَ كأنّي لم أسمع قولَه 
    وفي عام 2004 وفي اثناء سيري مع اخي محمد جواد في سوق رؤوف يستقبلني بحرارة ويُمسك بي للذهاب معه الى بيته ليكون افطاري عنده فاعتذر له من هذه الدعوة وكان ذلك في شهر رمضان. 

    أمّا الصورة الخامسة فهي نفس ما حصل في سابقتها ولكن مع صاحب مقهى كانت مرتادًا لكوادر الشيوعيين في ساحة سيد حسين وكنتُ واحدًا من مرتاديها ولا استبعد كونه مخبرًا يُريدُ استفزازي بهذا الاسلوب عسى  أن يحصلوا مني بهذا الاستفزاز ردّ فعلٍ بكشف بعض الاسماء ممن لم اعترف عليهم والى هنا اترك الموضوع وسأذكر مَنْ اتذكرهم ممن لم أعترف عليهم وقد عملتُ معهم وهم من كوادر الشيوعيين : عباس علي وهو من اقدم الأصدقاء لنا وقد كان مسجونًا قبل انقلاب 8 شباط في نقرة السلمان وظهر لي انه مخبر بعد ذلك / وعاصم محمد مطير الملقب بستالين وأبوه شرطي متقاعد كان مسجونًا في نقرة السلمان قبل الانقلاب وظهر لي أنه مخبر بعد ذلك. 

    ومن الكوادر الذين كانوا معي بالتوقيف المدرس فاضل ثامر الذي صار رئيس اتحاد الشعراء والادباء في العراق زمن حكومة البعث الثانية / والمعلم جليل عبادة او عبد الخالق/ وموسى محمد عباس الذي سألني عنه خالد العاني اثناء التحقيق/ وعلي ملا عيسى الذي كان مسؤول الطلبة/ ولم أسألهم عَمَنْ اعترفوا . 

    أمّا عن الذين رشحـتُهُم للحزب وصعد الى اللجنة التي انا فيها وكان اسمه الحـزبي فــولاذ المعـلم محمـد كـريم حسن الكرّادي وهو من سكنة الشرقية وكان لي لقاءٌ معه بالمصادفة  في محل عمي الحاج نوري منصور في المشروع عام 1989 ومعه مرافق وهو بدرجة عضو شعبه في حزب البعث. 

    ومن الذين عمل معي سعيد سيد داخل وهو من سكنة الشرقية وبعد خروجي من الحزب لم أعرف عنه شيءً. ومن الذين كانوا ضمن مسؤوليتي وهم خارج التوقيف وبدرجة مُرشح وأنّ درجات الحزب الشيوعي تبدأ من صديق ثم مُؤيِّد ثم مرشح ثم عضو وهذا العضو يصعد الى اللجان الحزبية الى أن يصل الى عضو محلية والى آخر ما عندهم وهو عضو المكتب السياسي وهي أعلى درجة.

    وهؤلاء هم/ ابن خالي محسن عبد الامير/ وحميد جيجان الذي أُطلاقَ سراحه في الوجبة الاولى للموقوفين وتفاهمتُ معه من شباك الموقف/ وضياء عبد الامير الحكيم اخو البعثيين المعلم سيد لفته والمعلم سيد عطا وقد أكمل دراسته الجامعية في فرع الاعلام ولم اعرف عنه شيءً ومنهم أيضًا قاسم سيد يوسف الغربان/ وماجد رجب الذي أصبح موظفًا في مصرف الرافدين / وقيس عبد الكريم جوحي الذي أصبح معلمًا وقد اتهمني بالاعتراف عليه حيث جاءت ابنة خاله احمد فروجي الى اختي تعاتبها وتتهمني بالاعتراف عليه فقلتُ لأُختي واقولها الان اني لم اذكر اسمه ولا اسم الذين كانوا معه الا هذه الساعة وقولي هذا للتأريخ وقد كشف لي هذا الاتهام بأن قيس باعترفه قد تخلص من التوقيف وان حصل اعتراف عليه كما فعل / دفار اعرير/ وما اتهامي إلّا تبرير لخطيئته وتخلصه/ ومنهم أيضًا عبد الخالق الدعج الذي اصبح مدرسًا / وعلي سكران الذي أصبح 
    مفوض شرطة / وعبد الامير يسكن في أم حلانة/ الفلاحية كان مسؤولي في بدايات انتمائي وقـد اختفى بعـد انقلاب 8 شباط الا أني تفجأتُ بوجوده في توقيفي الثاني في آذار 1971 ووجود أخر معه يعمل في النسيج اسمه حامد وسأذكر ذلك عند وصولي الى تلك المحطة واخرهم هو طاهر حسين الجصاني صهر الفاكهاني كطي والد زميلي المدرس ماجد والدكتورعطا وقد اصبح مفوض امن تخته في الدورات الأولى التي استحدثها 
    حزب البعث عام 1969 لتخريج عسكريين وشرطة ممن انضموا للحزب وليس عليهم شبهة سياسية سابقًا وذلك لتعزيز قواعده في المؤسستين / الجيش والشرطة / هؤلاء مَنْ أتذكرتُهم وغاب عن ذاكرتي آخرون . 

    وللوفاء توجد صورةٌ أخرى لصديقي ابن محلتي حسين جبر الساكن قرب بيت عليوي الراعي فقد كان هذا الانسان مثالاً للطيبة والوفاء فمنذ ان سمع بتوقيفي ترك دوامه في المدرسة ونقل دوامه الى باب السجن وكان يرسل لي الفطور صباحًا الى أن مُنِعَ دخول الأكل من الخارج وكان ينتظر امام باب السجن عسى يراني وصادف ان خرجتُ لمراجعة عيادة السجن وهي في البناء الخارجي ويشرف عليها المضمد صعصع والد المصور البعثي المعلم عبد الامير والشيوعي الموقوف معي نزار وكان خروجي مرتين عند الظهيرة فأراه مفترشًا الارض في الجانب الاخر من الشارع مقابلاً باب السجن حتى خفتُ عليه من ان يُتّهم بسببي وكان يُراسلني باستمرار وبلغ عدد الرسائل المائة وكنتُ محتفظًا بها زمنًا وقد علمتُ أنه صاهر حسين ملا ابراهيم بزواجه من كُبرى بناته وله منها ابن وبنت وقد التقيتُهُ مصادفةً في بغداد عند ساحة النصر عام 1984 وبعد العناق سألتُهُ عن احواله ووضعه العام فأخبرني بحالته المأساوية التي يعيشها بعد مقتل زوجته على يد احد اقاربها وتحمله هو مسؤولية ولديه اللذين يبيعان في بسطة بالشارع ولطيبة هذا الانسان انه اخرج من جيبه مبلغًا من المال وقال لي/هذي ألفين دينار خليها مصاريف لبيتك/ ولا أشك أن هذا المبلغ هو كل ما يملكه من نقود وهي حصيلة اتعاب ولديه فشكرتُهُ وقلتُ له أنتَ أحوج مني اليه، ولكني طلبتُ أن ارى ابنه فذهبنا اليه وكان قرب مطعم تاجريان في الباب الشرقي فاشتريتُ كل ما عنده من حاجات وليتني اعرف الان عنه شيءً وحسب علمي أن له أخًا معلمًا أكبر منه اسمه حسن جبر. 

    ومثل هذه السجية النبيلة أجدها في انسان آخر حين طلبتُ شراء بعض دواوين الشعر من اهلي وسمع بطلبي ابن خالة والدي واسمه صاحب كوّه وهو رجل مريض يعيش على بيع السجائر بالمفرد فقام بشرائها وحسب تقديري ان مبلغها كان مُكلِفًا مقارنةً بوضعه المالي / فأقول: 
    إن رُمتَ تمييزَ الخِصالِ واهلِها ...... فجربْهمُ بالمال يا صاحِ تَعرفُ 

    وقد تسلمتُها أثناء زيارة والدتي لي مع ابن خالتي وصهري الحاج علي الناصر في موقف رقم 6 / الموقف العام في بابا المعظم ببغداد بعد انقلاب 18 تشرين الذي قام به عبد السلام على اعوانه البعثيين .   


    الدنمارك / كوبنهاجن                                                          السبت في 11 أيلول 2021 

    الحاج عطا الحاج يوسف منصور   

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media