محطة رقم 8 الفرزة السادسة عشرة
    الأربعاء 22 سبتمبر / أيلول 2021 - 19:01
    عطا يوسف منصور
    أمّاعن لُعبةِ الاستخبارات والامن في موضوع الامتحانات للطلاب الموقوفين واهمها هي الصفوف المنتهية / البكلوريا فقد تجاهلوها في الدور الاول واعتبرتُها أنّها سنةً ضائعةً من عمري إلّا أنهم أبلغونا وبصورة غير متوقعة قَبلَ اسبوع من امتحانات الدور الثاني بإمكاننا أداء الامتحان وفي هذا أمرٌ مقصود من الحكومة البعثية لإفساح الطريق الى المخبرين المندسين لأداء الامتحان وذلك بخلط الاوراق على الاخرين وسأوضح ذلك.

    ففي يوم الامتحان المقرر للدور الثاني حملتنا سيارة بيكب للشرطة ودخلنا نحن المجموعة التي تتراوح بعشرة طلاب الى مدرستي/ ثانوية الكوت او الاعدادية كما كانت تُسمّى ووقفنا في مدخل المدرسة وكنتُ اتوقع أنهم سيجمعوننا بصف واحد باعتبارنا موقوفين وهذا هو الشيء المفروض إلا ان توقعي لم يتطابق مع ما حصل فقد تم توزيعنا على الصفوف وقد أفرزوا اثنين من المجموعة لا أتذكر اسميهما ارسلوهما الى حجرة الكُتّاب أو الى حجرة استراحة المدرسين والحجرتان تمتدّان مع حجرة المدير وقد جلب هذا التوزيع انتباهي فحاولتُ أن أجد لهذا التوزيع تفسيرًا فلم أتوصل له الا بعد ما تكشفت لي خيوط المندسين في الحزب ففي هذا التوزيع تتحقق امكانية مساعدة المندسين دون اي شبهة وتحقيق نجاحهم بإعطائهم الأجوبة وهو المطلوب . 

    اما مكاني فكان في القاعة الكبيرة الواقعة امام الباب الرئيسي ولا أنسي موقف المدرس يعقوب نازو الذي كان يراني اتفصد عرقًا من شدة الحر فيأخذ بالدفاتر التي بيده ليجعل منها مروحةً لي وله بتحريكها الى الاعلى والى الاسفل وهي طريقة ذكية لا تجلب الشك وبعد ان أنهينا الامتحانات كانت نتيجتي مُكمِلاً في دَرسَيّن هما الإنجليزي والرياضيات وضاعت من عمري هذه السنة / فأقول: 
                     وكم ضاعَ من عمرٍ وضاعت عوائلٌ .....  بتوريطها باسم النضال المزيفِ 
    ومن وراء هذا الحزب توجد يدان تُديرانه لمؤسـستين قذرتين في جهاز الدولة هما الامن والمخابرات. 

    واتذكر موضوعًا قد يكاد يكون نُكتةً مؤلمةً عن حياة انسان اسمه محمد شيخ أحمد وابنه البِكر اسمه باسم وهو معلم كان في قضاء الحي ثم انتقل الى الكوت وهو كادر شيوعي له أعمال لا اعرفها أثناء المد الشيوعي وبعد انحسار المد تم سجنه وقد التقيتُه مرّتان الأولى في مقهى شيخ علي/ مقهى باقر سابقًا وهي في محلتنا والمَرّة الأخرى في نقابة المعلمين بعد الجبهة التي ولدت بلا جبهة بين البعثيين والشيوعيين وفي المرتين كان يُصادف معي المعلم المخبر جواد كاظم ولأني لم أعرف عنه وعن عائلته فقد استفسرتُ من المعلم جواد فأخبرني أن زوجته / ابنة علي مطير وهي أخت حسين علي مطير قارئ المقاييس للماء والكهرباء في البلدية [وقد تبين لي أنه ضابط بالمخابرات] بعد ذلك وكانت أم حسين تجمع مساعدة من بعض المتعاطفين معها على أساس انها الى أولاد صهرها المعلم محمد شيخ أحمد وكنتُ من بين المتعاطفين الى ان حصل وبالمصادفة أن خرجتُ للسفر مُبَكّرًا الى كراج الكوت / بغداد فصعدتُ في سيارة الركاب ذات 18 راكبًا وهي سيارة مرسيدس لها اسم العنجة وهو مصطلح عراقي فجلستُ في المقعد الأخير لكونه اكثر راحة لي وما ان كادت السيارة تمتلئ بالركاب وصلت وصعدتْ طليقة المعلم محمد ابو باسم ومعها شرطي الامن فرهود وهو شاب وسيم فحملتُ الموضوع على حسن النية الى أن وصلنا الى شارع النضال وهو الطريق المعهود لكل السيارات القادمة من الوسط والجنوب لنهر دجلة وعند وصول السيارة الى فرع الشارع المؤدي الى مديرية الامن العامة وهو يُقابل القصر الأبيض/ وهنا نادى شرطي الامن فرهود بالتوقف فترجّل هو وام باسم طليقة المعلم الشيوعي محمد ودخلا فرع المديرية عندها قلتُ الان ذاب الثلج وبان المَرج وعلى إثرها قطعتُ المساعدة عن ام حسين فإلى أي مدى من البؤس وصل حال الشيوعي الواثق بمصداقية حزبه؟!   

    ومن وسائل الامن والمخابرات لاستكشاف نشاطات الشيوعيين الأدبية وقراءاتهم للكتب الماركسية فيكون بطريقة تبليغ للقياديين المندسين بإجراء مسابقة أدبية ووضع جائزة لها الى مَنْ يستطيع قراءة أكثر عدد ممكن من الكتب الماركسية خلال موعد محدد وبعد انتهاء المدّة يقوم كل واحد بتسليم قائمة بأسماء الكتب ومؤلفيها وعددها وهذا ما حصل معي حين سلّمتُ قائمةً بالكتب التي قرأتُها فتسلمها مني مسؤولي ولم أحصل على جوابٍ بعدها وبقي الامر في علم الغيب وأجهزة الدولة القذرة. 

    وأختم هذه المحطة بذكر ما حصل معي قبل أيام من هذا الشهر حيث اتصل بي أحد أصدقائي على الفيسبوك ومن الموقوفين معي عام 1963 المعلم محمد موزان وبعد السلام / طلب مني الاستماع اليه والى ملاحظاته حول ما اكتب وان لا انفعل ويتسع لها صدري/ وكانت ملاحظته الاولى ان لا أتكلم عن الشيوعية والشيوعيين/ وألا أتطرق الى ذكر أسماء بعض المخبرين المندسين في الحزب الشيوعي/ وأن لدى الحزب قوائمًا بأسماء الجواسيس قد حصلوا عليها بعد السقوط / وفي بداية ردي على كلامه / سألته عن العميد الاستخباراتي بياع النفط الاعرج عجيرش/ فأجابني بأنه مناضل وشيوعي له دور مشرف بالحزب وقبل أن يسمع جوابي ظهر لي أن أحدًا كان بجانبه فقال له/ بأني مُصرٌ على رأيي وأغلق الهاتف/ وحسب توقعي أن الذي كلفه أحد المخبرين الشيوعيين واستكمالًا لقولي الذي لم يسمعه صديقي محمد موزان أقول/ إذا كان عميد الاستخبارات عجيرش مناضلًا فما هو قولك يا أبا مازن وقول صاحبك عن تعيين عجيرش لابنه مخبرًا سريًّا في جهاز الامن؟! 

    كما أطرح سؤالي عن سبب إخفاء أسماء الشيوعيين المندسين في الحزب؟! وكيف تم الحصول عليها بعد سقوط البعث؟ انها أسئلة تتطلب الإجابة ثم ما هي الغاية من التستر على أسماء المندسين أليس من الواجب من الواجب الأخلاقي والإنساني تعريتهم وكشف أسمائهم لبناء جسور الثقة بين الحزب والجماهير؟! 

    الدنمارك / كوبنهاجن                                                           الثلاثاء في 21 / أيلول / 2021 
    الحاج عطا الحاج يوسف منصور 

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media