المقدمة
هذه الحلقة برقم 18 كانت بإسم ‘’مخابرات كندا في الميزان’’ التي كتبتها قبل شهرين واحتفظت بعدم نشرها حتى يحين موعدُها في ظروفها الملائمة على أن تكون خاتمة حلقاتي التي لو بقيت أكتب عنها لا يكفيني العام. الآن أعرضُ بعضا مما أريد عرضة للقارىء الكريم وللمؤسسة العراقية المختصة التي تتابع وترعى ظروف أبنائها في الخارج " معقول عندنا حكومة في بغداد لها مؤسسة وباع تدافع به عن مواطنيها في الخارج بعنفوان الدولة والمواطَنة" ؟ والملاحظة التي تكررت في أكثر من حلقة هي أنني دائما لا أفصح ولا أنوِّه عن أي نقطة ضعف في عمل المخابرات الكندية لأهميتها والتستر عليها حتى يحين موعد كشفها لكي لا يستفيد الخصم فيتخذ الإجراء المناسب بتصحيحها وترتيب أوراقه المبعثرة. فالوسيلة الناعمة لا يمكن الرد عليها إلا بالأسلوب الناعم وكل شيىء مكتوب ومحفوظ. إنتهت.
![[[article_title_text]]](/home/assets/images/big/Screenshot_2021_05_24_170510.jpg)
في نوفمبر من عام 1997 تعرضتُ لحادث اصطدام سيارتي المتسؤبيشي موديل 1995 بسيارة أخرى أكبر منها حجما وقديمة، لكن هذا الحادث سبقه قبل يومين حادثٌ آخر عندما كنت في بلازا على شارع "فكتوريا بارك" قبل أن يقطع شارع "فنج" بمدينة تورنتو. كنتُ متوقفا في ممر البلازا، جاءتني سيارة من طرف آخر تمشي حوالي 5 كم بالساعة كان المفروض لها أن تدخل بالممر الذي توقفَت عليه سيارتي أو تمضي بنفس الإتجاه الذي تسير عليه. كان الوفر يتساقط يملىء أرض البلازا. فجأة السيارة هذه اقتربت من سيارتي تماما فتسببت بتماس مع مقدمة سيارتي. نزلتُ ونزل السائق الآخر (شكله ووضعه العام يدل عليه) وهو يعتذر مني كثيرا مع أنه لا توجد أضرار على الإطلاق بسيارتينا نتيجة اللمسة التي تشبه لمسة حُب. مسحتُ أثر اللمسة المُبلَّلة بماء الوفر والمطبوعة على مقدمة المتسوبيشي من جهة اليسار بيدي فلم أجد فيها ضررا يُذكر. بعد اعتذاره غادر السائق وكانت مغادرته مُبرَرة بعدم ورود أية أضرار بالمرّة. كنتُ أتحسس مما حدث ولكن لا أحمل الدليل وليس عندي القدرة أن أبحث وأحقق وأعلق. فالسكوت والصبر هما وسيلتي لا غير. لا ننسى أن الظروف الموضوعية التي مرت بها جميعُ مؤسساتِ المخابرات في كل دول العالم ومنها كندا زمن التسعينات كانت تختلف ولو قليلا بتفكيرها وأدواتها عن الظروف الحالية ما بعد عصر الإنترنيت المتوفر بيد كل إنسان في العالم. كانت عملية إغتيال الضحايا سهلة مع بطأ وصول المعلومة الى المواقع التي يمكن لها أن تحقق أو تُعلِن. في كل الأحوال فإن حركة ذلك الزمن بطيئة وغير متشابهة مع حركة اليوم. في هذه المناخات كنت أعاني جرّاء حالات الإستهداف بأسلوب لا يعلمه غير الله وتلك العصابات السرية المُغلفة بمفهومين رائعين هما: الديمقراطية وحقوق الإنسان.
![[[article_title_text]]](/home/assets/images/big/Screenshot_2021_05_24_170449_1.jpg)
غادرتُ المكان متوجسا ورجعتُ الى مدينة "هملتون" حيث أقيم فيها. في نفس الأسبوع علمتُ أن هذا السائق قدَّم شكوى ضدي لدى قسم الشرطة المختص بالحوادث وتقريرا الى شركة التأمين التي منحته تأمينا على سيارته. صارت القضية ضدي لأني لم افتح ملف بحادث غير موجود كما فعل الآخر، كنتُ أحسبه حالة معيبة بحسب تربيتي وثقافتي"فلسفة لا تقدم الخبر الى جائع في كندا"، لكنها ذا أهمية لدى الجهات التي دفعت لعمل هذا الحادث كمقدمة لحادث آخر أكبر منه وأكثر قسوة. في كل الأحوال تبقى قضية تفقير الضحايا التي تحدثنا عنها في حلقاتنا "دروبُ الموت" من أولويات سلوك جهاز المخابرات الكندية. هذا الحادث الذي ليس له أثر في الحقيقة قد فرض عليَّ دفع زيادة شهرية لمدة ثلاثة سنوات لشركة التأمين المُسَجَلة عليها سيارتي، أيضا يمكن أن نحللها على أنها أسلوب ناعم يزيد عدد الحوادث المسجلة على صفحتي في سجلات الحوادث ما يسهل تمرير أية حادثة تأتي بعدها لو كانت مدبرة فتصبح حالة طبيعية عند العامة وفي السجلات الرسمية accident record. نعود على ذكر الحادث الذي أريد هنا توضيحه وكشف الدوافع الحقيقية له مع أني تناولته عام 2006 في حلقة من حلقات "عالم المخابرات" في صباح يوم 22 نوفمبر كما أتذكر من عام 1997 غادرت بيتي في مدينة هملتون متوجها الى تورنتو ثم عدت منها مساء قاصدا بيتي الواقع على شارع "والنكتن". سرت على شارع upper james وكانت النية الإستدارة على جهة اليسار في شارع Mohawk أتمنى أن أكون دقيقا. صدمتني سيارة جائت مسرعة فوق السرعة المحَدَّدَه بالضعف، ليس فيها ضوء أبدا وكان الوقت ليلا فانحرف مقدم سيارتي الصغيرة الى جهة الجنوب تماما بدل الشمال (صور الحادث والإصابة مرفقة مع هذه الحلقة وقج تمت عملية التصوير بعد شهر من الحادث تقريبا وكان المطر ينزل على سيارتي لأكثر من مرة). جرّاء الضربة المروعة ارتطم رأسي بالزجاجة الأمامية لسيارتي فاحدثتُ فيها فجوة. نزلتُ منها بصعوبة وأنا مشدوه أرى كلَّ شيءٍ قد تغير بسيارتي وقد تحطم مُقدمُها تماما، والأرضُ تدور بي، والناسُ تمشي على رؤوسها وكلُّ الأبنية التي أراه مقلوبة. الدم أخذ ينزف من جبهتي لا تقدر الناس التي تجمعت عليَّ على إيقافه، وأتذكر تلك الفتاة الكندية الرائعة قد خرجت من كافيه Tim Hortonsالتي حاولت ولم تفلح بوقف النزيف وساعدتني بوضعها قميصا على جبهتي فتبلل. هي نفسُها مسكت بي عندما شعرتُ بالإغماء فالقت بي على الأرض. إتصل العامة فورا بالإسعاف فكان المفروض حضورها بعشرة دقائق أو أقل تأخرت ثلاثة أرباع الساعة تقريبا وأنا أصارع النزيف والموت. مرة أشعر بالغيبوبة وأفيق عندما أستشعر الخطر الحقيقي لو استغلت فرق الموت االتابعة للمخابرات حالتي، قد يقتلوني بحجة الوفاة أثر الضربة، مع أني أتظاهر أمام الناس بأني بخير كي لا أكون ضحية حقيقية لمن دبّر الحادث مع معرفتي بأن عناصرهم متواجدة ما قبل وقوع الحادص وأعتقد تصويره بالفديو(هذه حقيقة أساليبهم). هذا التحليل جاء إستنتاجا لواقعي المرير الذي عشته تلك السنين المرَّة، وحين تذكرتُ الحادثة التي مرّت قبل يومين، وكذلك تعرضي ليلا لمحاولتين من هذا القبيل بسيارات ليس فيها ضوء تحاول التصادم بسيارتي وأفلت منها بإعجوبة، كان هذا خلال ستة أشهر تقريبا. واحد من هذه المحاولات على شارع Brant في stony creek وليتني ما نسيت.
السيارة التي فعلت الحادث سائقها شاب منظره يدل على تهوره وشقاوته ونزيل سجون ( في يوم وعلى موعد حضرتُ وحضر هو مرافعة المحكمة حين وبَّختهُ القاضية التي دارت الجلسة وحذَّرته بأن هذه الحادثة ليست الأولى التي سببها وكانت تنظر إليَّ بريبة، هذا الكلام له تحليلاته وكان زلة لسان). نزل من سيارته سالما ومعه بنات صبايا أكثر من إثنين كما أتذكر. قضية الصبايا في السيارة، أو وضع طفل على الكرسي الخلفي للسيارة التي يُراد بها تنفيذ محاولة اغتيال الضحية هو من وسائل ونهج المخابرات الكندية كأسلوب ناعم خطير يَذَر فيه الرماد على العيون، فهو عمل ناجح يمضي على أكثر سكان الأرض على أن الحادث قضاء وقدر، بدليل وجود الطفل داخل السيارة أو مجموعة صبايا مغفلات.
حضَرَت سيارة الإسعاف ببطأ شديد وكان طاقمها عبارة عن شياطين في تعاملهم معي أظهروا ما هو مبيت في صدرورهم عني ( سيارات الإسعاف وطاقمها في كل كندا لها حديث آخر كونه عالم آخر غير مفهوم لدى الناس). أصعدوني على العربة المخصَّصة وأوثقوني عليها. تحركت الإسعاف، سألني أحدُهم ، أين أنت الآن أجبته والشاش الأبيض على جبهتي يقطر دما..لا أدري. فردّ علي بحقدٍ دفين وبمعلومة إمتلكها هو قبل وصوله لموقع الحادث..قال ما معناه.. "يعني بس تدري ماسك حقيبتك اللي في إيدك من نزولك من السيارة وحتى نقلك في الإسعاف. ضحك بحقده الدفين والإسعاف تسير ببطأ، وكنت أشعر أنها أخذت طريقا آخر في المدينة غير الطريق المؤدي الى مستشفى فكتوريا الذي يَبعُد عن موقع الحادث 4 الى 5 دقائق فقط. كل الإسعافات في العالم لما تنقل مريض تفتح "الزمور" أما الإسعاف التي أقلتني فلم أسمع منها سوى مرتين خجولتين وقصيرتين جدا، وكنت أشعر أنها تلتف على اليمين وعلى اليسار بطرق ملتوية لا داعي لها أبدا لأني أعرف مسارها المؤدي للطوارىء، حينها سألت أحدَهم: هل أنتم ذاهبون الى مستشفى القديس جان؟ نظر إليَّ ولم يجبني حتى عرفت بعد دقائق أننا قد وصلنا الى مستشفى فكتوريا فاستغرقت رحلتنا العظيمة على طريق الحرير حوالي عشرين دقيقة بدل أربعة دقائق أو خمسة. التأخير له دوافعه الشريرة والتحليلات معقدة ما دامت تتصل بالأسلوب الناعم. أدخلوني على الفور الى صالة الطوارىء ولما كشف عليَّ الطبيب الخفر رأيته يقشعر بدنه وتغيرت تقاسيم وجهه من هول الضربة. على الفور أدخلوني في جهاز يشبه جهاز MRi وبعد الإنتهاء منه وكنت في تلك الصالة وحدي جائت إمرإة ممرضة مسرعة (حسبتها شريرة)باتجاهي زرقتني إبرة ورجعت أيضا مسرعة، مرعوبة تماما، ثم عادت بعد دقيقتين بنفس المشهد ونفس المُهمة وكأنني هدف لتمرير التجارب(قد يعترض البعض أنني لا أشكر وأن الممرضة هي تفعل ما هو خير..لا يا سادة دعو التحليلات تتصارع والضحية له الحق الطبيعي بوضع النتائج). أخرجوني من تلك الصالة الى صالة العمليات فاجتمع عليَّ أكثر من طبيب، وحضرا ضابطا شرطة يراقبان كل شيىء (الحديث عنهما طويل، ومُهمٌ، وخفي). دامت عملية تنظيف جبهتي وأنفي ما بين العينين من الزجاج وحتى الخياط بإحدى عشر زرار واحد منها في منطقة الأنف. كنتُ محظوظا بفضل الله في تلك الساعة، هكذا حللتُ ظرفي حين حدثني طبيب من الإمارات كان يمارس مهنته كتلميذ في المسيشفى. سألني عن جنسيتي وأجبته...وأخبرته مضطرا وكنتُ أتوقع قتلي. بأن الحادث مدبر وغير طبيعي.. أشار إلي بيده أن أهدأ (ما معناه)، لكن الأنظار خصوصا ضابطا الشرطة ظلت تراقب وتتمنا لو عرفوا ما أخبرتُ به ذلك الشاب الهادىء. نقلوني بعدها الى سرير في صالة المرضى وكنتُ مرتبكا أراقب كل حركة يقومون بها مع أني تجاوزتُ مرحلة الخطر بفشل عملية قتلي في موقع الجريمة نفسة. في صبيحة اليوم الثاني وقَّعتُ على الأوراق الطبية التي على سريري للخروج على مسؤوليتي، إعترضني الموظفون والطبيب ونصحوني بالبقاء يوما آخر أو يومين فرفضت تماما. جاء دور شركة التأمين التي هي الوسيلة الضاربة لجهاز المخابرات ضد ضحاياه. نصحتني ليلى بندقجي مديرة مركز الجالية العربية بتوكيل محام إسمه وعنوانه كذا. ذهبت اليه ووكلته. خلال أربعة أشهر أو أكثر لم يتقدم لي بأية خطوة إطلاقا في الملف، تبين أنه يهودي صهيوني مرتبط بجهاز المخابرات بلا تكلف وكل ما ظهر منه يشير الى التنسيق المباشر معهم ضدي. حين مراجعاتي له يحدثني عن المفاعل النووي الإسرائيلي "ديمونه"بأنه فاشل وغير مجدي ويحتاج الى مبالغ طائلة إسرائيل غير قادرة عليها، ويتمنى على إيران أن لا ترتكب نفس الخطأ. في آخر الحديث لآخر يوم التقي به قلت له يا صديقي تحدث مع رفسنجاني بهذا الأمر وليست معي.
حين ذهبت الى محام آخر يتحدث الإسبانية david على شارع دانداس يقطع شارع هورنتاريو في مدينة مسيساغا طلب إستقدام الأوراق من المحامي الأول ولما وصلته واطلع عليها تعجب وقال هذا المحامي لم يفعل لك شيئا أبدا وحين تعمقنا بالحديث طلب مني إقامة الشكوى ضده.دافع عني david بصدق أمام شركة التأمين التي جاء موعد مناقشة الملف معها على التلفون بحضوري. حين شرعنا بمناقشة الملف رفض موظف شركة التأمين ALLSATTE تعويضي عن الحادث. بهتَ المحامي ورد عليه بأن السيد قاسم تعرض لموت حقيقي وما زال يعاني جرّاء الضربة برأسه الى آخره. رفض كل الرفض بحجة أني أشتغل في مدينة Ockvile. صحيح إشتغلت ولكن شغلي كان سهلا بينما رأسي عليه الضماد فكنتُ مضطرا بسبب مغادرة أولادي من العراق ووصولهم للتو الى مدينة عمان إعتمدوا فيها عليّ بدفع كل مصاريف العيش والسكن والخدمات الأخرى. تم تصويري ليلا من قبل رجل المخابرات من داخل سيارته، ذهبت اليه وسألته لماذا تصورني أنكرَ عليَّ ودار سيارته هاربا (هو نفسه في عام 2006 كان يراقب وضعي في Eatons MaLL في مركز مدينة تورونتو رجل وجهه يدل على يهوديته ويبدو أنه ذو موقع مرموق ومسؤولية). أوعدَ موظف الشركة المحامي بإرسال أجوره وثمن سيارتي المتضررة التي تحولت الى أنقاض...المتحدث على الهاتف عنصر مخابرات طبعا. المحامي تحدث معي بطريقة المرشد فطلب مني أن أذهب الى محام متخصص آخر لإقامة الشكوى ضد تلك الشركة إلا إنني رفضت كون وضعي لا يسمح، تعجب وقال هو حقك الطبيعي، وإني لا أستطيع حل هذا اللغز. أجبته حاول أن تحله فإنني ضحية وكل ما تراه محسوب يا سيد David. غادرتُ مكتبه وأملي بالله أكبر أنتظر اليوم الذي يحين لكشف حقيقة هذه الشبكة السرية التي تفعل بالضحايا الغدر والتفقير وكل ما يؤذيهم بحياتهم ومستقبلهم. لن أنسى مطالبتي بحقوقي ومعرفة الحقيقة مهما طال الزمن. إلى حلقة تسعة عشر قادمة.
قاسم محمد الكفائي Twitter……Qasim.ALkefaee.canada